14_ أسميتك المتعجرف

2.5K 141 37
                                    

" اللهم إني أسألك الهدى والسداد"
_______________________________

عاد هارون متأخرا إلى المنزل. متأخرا لدرجة أنه استغرب وجود والدته في ساعة كهاته في الصالون.

- أمي؟ هل كل شيء بخير؟ سأل وهو يزيل سترته ويضعها على الكنبة.

جلس هارون بجانبها واضعا يده فوق ركبتها وهو يقبل رأسها.

لم تجب أمه يبدو أن هنالك شيئا ما يقلقها.

- ما الذي تقوم به يا بني ؟

- ما الذي أقوم به؟ سأل هارون وهو يعقد حاجبيه.

- لا أراك يا بني. أقضي وقتي لوحدي في هذا البيت الكبير. ما هاته الأشغال التي تشغلك لدرجة عدم إيجاد وقت لأمك؟

ضغط هارون على أسنانه وهو ينظر إليها. 

- اتخفي شيئا عني يا بني؟

- لا أخفي. أعدك أنني حالما سأنهي هذا المشروع سأقضي وقتا أطول معك.

ومع ان كلماته كانت إيجابية الا أن أمه لم تستطع تصديقه. فالام تحس بحال أولادها. ترى ما بقلوبهم حتى وإن لم يتحدثوا.

كان هارون تعيسا و وحيدا. لسبب لا تعرفه كانت السيدة صليحة خائفة، لانها تظن ان ابنها يخطط لشيئ ما. شيئ سيئ.

 كان قلبها لا يرتاح.

- إبني.. ابتدات السيدة صليحة. "أعلم أنك لم تعش حياتا سهلة. بسببي لم...."

- لا تقولي هذا! أنت لم تفعلي شيئا . قال وهو يأخذ يديها بين يديه ليقبلهما. "ليس بسببك بل بسببهم. بسببهم لم نستطع التنفس في هاته الدنيا."

- أنا سامحتهم. سامحتهم. أعادت مرة اخرى. "أنظر. كل شيء قد مضى ! لا يوجد شخص آخر غيرنا. أنا وأنت"

حاول هارون النهوض لكن أمه منعته.

- أصبحت رجلا جميلا، شجاعا و ناجحا.

ابتسمت السيدة صليحة وهي تنظر إلى إبنها الشاب. لقد أصبح رجلا يخاف منه. رجلا بكل ما للكلمة من معنى.

- هذا من فضل الله. أخذ من جهة وأعطانا من جهة. هو من يعوض. هو من يحاسب ونحن ننتظر لنرى. إن لم يكن هنا فسيكون بالآخرة. لكن مهما حدث نحن لا نتدخل إلا بخير. إن لم يكن بخير فلا نتدخل أبدا في قدره.

نظر هارون إلى الارض. لم يكن يريد إحزان والدته. لم يكن يريد إدخالها في هاته المواضيع. ان تحدث يكسر قلبها. يأذيها. وهما يعرفان هذا.

- قلتَ لنرحل من ذالك البيت رحلنا. قلتَ سنبقى في المدينة، بقينا. قلتَ أريد ان أعرف من هو. عرفت. أيا كان ما تفكر به. أتركه..

- أمي... قال بصوت غاضب. "لا تجبريني على الحديث وإلا احزنتك"

- وأنا لا أريدك أن تحزن.

طريق الانتقام  ( الجزء الأول )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن