الفصل الثالث والثلاثون

78.6K 2.6K 221
                                    

شخص عزيز .. شخص قريب منك بشكل غير طبيعي ، يستطيع ان يتفهمك .. أن يهدئ من روعك .. يتفهمك من غضبك وسخطك بل يستطيع أن يخترق غلافك العازل عن الجميع..

ماذا ان شعرت انه مهددًا بالرحيل عن حياتك فجأة ؟! ، بل يبعث لك باقة ضخمة من الزهور ورسالة تخبرك عن انتهاء مهمته التي نفذها علي اكمل وجهه .. بالله كيف يستطيع ان يجمع احباؤه جميعًا دون ان يفقدهم ، يضمهم اليه كـ أم تحتضن ابناءها بقوة خشية ان يضلو الطريق للعوده للمنزل .

استند بتراخي على مقدمة الباب يحاول استيعاب تلك الكارثة التي سقطت علي سماءه .. لطالما خلال أشهر السابقة يشعر بوجود كارثة ستحدث لا محالة ستحرق الأخضر واليابس .. كان يتوقع انه من سيخرج من حياة الجميع .. اقتنع بتلك الخاطرة التي طرأت عقله وسعي علي أن يتكيف معها لكن جدته !!
بالكاد تخطي الان وفاة عائلته .. عض على نواجذه وهو يخرج بدون كلمة إلى الخارج .. يخرج فارًا من الوضع الصعب الذي يختبر الآن ..

راقبته بألم وهي تتفهم رأيه وتمنت انه لو جاء إليها .. أن يعانقها بقوة وتخبره أن كل شيء سيسير علي ما يرام .. لا تعلم كيف حدث ذلك خلال الساعات السابقة كانت تتحدث معها بأريحية شديدة عن طفلتها القادمة ثم فجأة ودون سابق إنذار وضعت الجدة يدها على قلبها لم تفعل سوى الصراخ بـ زين وياليتها لم تفعل .. ياليتها لم تضعه بنفسها بتلك النيران مرة اخري ، وما استمعته من الطبيب أنها لم تكن اول مرة لها بل يخشى الطبيب أن تحدث تلك النوبة وربما تصبح أشد من المرات السابقة ، أغمضت جفنيها وهي تراقب شبح زوجها لترى فجأة خالد وسارة علي اعتاب غرفة الجدة .. ازدردت ريقها بتوتر وهي تعلم ان زين من هاتفه فالسيد زيدان قد غادر لندن باكرًا وعلياء قد انزوت جانبًا بعد ما علمت ما حل للجدة
- كيف هي ؟

هتف بها خالد بنبرة مختنقة ليظهر شبح ابتسامه على ليان وهمست بتحشرج
- مريضة .. انها ترغب برؤيتك

اسرع خالد بفتح باب الغرفة وخلفه سارة .. اقترب خالد من جدته الراقدة علي الفراش وملامح وجهها الندية اختفت وظهر شبح عجوز كهيلة .. شعر بنغزة على قلبه وهو يهتف بلهفة
- جدتي

ابتسمت الجدة بشحوب مما جعل وجهها يكسر تلك الهيئة المخيفة ربتت بيدها على الفراش لتهمس بضعف
- حبيبي تعال اجلس بني

يا إلهي كيف حدث ..لقد كانت في صحة جيدة ليلة أمس ..كانت في أشد توهجها وتألقها .. ألهذا رغبت بحضورهم .. رغبت بأن تراهم لآخر مرة ؟!!

راقبت سارة ملامح الحفيد والجده ونظراتهما تحمل رسالة لا يستطيع اللسان على نطقها .. بهدوء اغلقت الباب خلفها وقررت ترك مساحة لكلاهما .

ربتت الجدة علي يده وهي تداعب خصلات شعره البندقية بحنان .. نظرت الى عيناه المنكسرة والخاوية مثل عين حفيدها الاخر ابتلعت غصة مؤلمة في حلقها وهي لا تعلم كيف تطمئن احفادها بل وعلياء التي هربت من لقاءها ومتأكدة انها تبكي في غرفتها.. لمعت زرقاوة عيناها وهي تنظر الى زمرد عيناه

شرقية غزت قلبىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن