الفصل التاسع عشر

70.1K 2.7K 267
                                    


أحاول دوماً ترميم ما تصنعه من شروخ في جدران صرحنا، و ما ألبث أن أتعافى من إحداها حتى تأتيني بنيران تهاونك بي، فتحرق الجدار بأكمله .

انها اللحظـة الحاسمة ، مجرد لقاء او انفجار لا تعلم اي منهما سيحدث لكن بلا شك أنه سيكون فتح جرح اخر ، تصميم والدها علي محادثته وجهًا لوجه جعلها توافق علي مضض وهي ترتدي ثيابها ثم حجابها رغم انها زوجته !! هل بدأت تشعر بالخوف منه؟! .. قليلا .

دلفت إلى الحجرة المعبأة برائحة عطره النفاذة بقوة جعلتها على وشك الاختناق .. مختنقة من حصاره .. مختنفة من جيوشه الضارية ..

حيت العم زيدان مع إيماءة رأسها ثم نظرت الى والدها اما عنه متحاشية النظر اليه كليًا وكأنه غير موجود او مجرد شيء لا اهمية له ، حديث وهمهمات بين الأب والعم ونظرها مثبت في السجادة الأرضية لا تعلم كيف تتداخل الألوان الصارخة في مزيج العجيب الأحمر والأخضر يحتلان معظم المساحة في السجاد ، استفاقت على تربيت والدها على ظهرها لترفع نظرها إليه تستعطفه بل بالكاد تترجاه عدم تركها هنا معه .. نظرة قوية ثم ابتسامة دافئة منه ويده تمد بالحماية ثم ترك يدها ببطء تحت أنظار الآخر الذي ينظر الي كل ما يحدث بألم ، غادر الجميع ثم تبقت هي معه مع إغلاق باب الغرفة أغمضت جفنيها بيأس مع سقوط دمعة حارة من مقلتيها .

قام من مجلسه وجلس على ركبتيه ويداه تحتضن كفيها بدفء هامسًا بصوت ناعم

- ليـان

يتفرد في نطق اسمها ببراعة .. تلك اللام المكسورة والياء المفتوحة ثم إهماله للألف والنون التي تشدد من شفتيه " لِـيَـنّ" ، أنامله تداعب باطن كفيها ثم يعود لأحتضان كفيها مرة أخرى بأمل ... يقبل كل اصبع وكل أنملة بأشتياق ولهفة وهي تكاد تختنق من رغبتها في صفعه والآن .. ليس في كل مرة يعتذر تسامحه .. ليست تلك المرة تحديدًا .

نفضت بكفيها عنه وهي تمسح دموعها الخائنة بأناملها لتصيح بقوة

- ماذا تريد ؟ .. اعتقد انك حصلت علي كل شيء زين ، لم يعد لدي شيء لأعطيك إياه

وهو لم ييأس بل مُصر علي انجاز مهمته كما تدّعي .. استقام وجلس بجوارها ملتصقًا بها ليدير برأسها ناحيته هامسًا بأسف

- لياني حبيبتي اسمعيني رجاءًا

لحظة تقابل العيون التي تبوح بالكثير تتأمل ملامحه مليًا هل نقص وزنه ام هي تتوهم !!! هل عيناه التي كانت تلمعان بوهج قد حل محلهما لون رمادي كئيب .. ولحيته وشاربه اللذان استطالا و ازداد جاذبية بهما ، اخفضت عيناها بسبب نظرته المتفحصة لتستقيم من جلستها وهي تقول بسخرية

- مثل كل مرة أحاديث كثيرة ووعود مزيفة ثم ماذا زين ؟ ، تحطمني وتكسرني وتخذلني

قام من مجلسه علي الفور وهو يقبض علي ذراعها يحتضن خصرها بقوة مستندًا جبينه على جبينها وتكاد ارنبة انفها تلمس ارنبة انفه .. همس بصوت صادق

شرقية غزت قلبىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن