الفصل التاسع عشر

3.7K 168 38
                                    

استيقظت من نومها باكرا ذلك اليوم .. لا تدرى معنى تلك الاحلام او الكوابيس التى تراودها منذ عده ايام .. فهو نفس الحلم لثالث يوم على التوالى ..
ترى نفسها وقد تحولت الى عصفور جميل يقف فوق احدى غصون شجره قويه واسفل تلك الشجره هناك افعى كبيره يصدر منها فحيح مرعب تحاول تسلق تلك الشجره لكن سرعان ما يتضائل حجم تلك الافعى لتتحول الى مجرد ثعبان صغير ويخفت فحيحها حتى تصبح غير قادره على اصدار اى صوت .. فقط تُخرِج لسانها للخارج بوهن .. وقف ذلك العصفور يراقبها بفضول قبل ان تهتز الشجره بعنف وغضب ليسقط العصفور امام ذلك الثعبان الصغير يملأ وجهه ملامح الذعر خوفا من ذلك الذى سرعان ماأختفى قبل ان يقترب منه واتجه رغما عنه اسفل جذوع تلك الشجره الغاضبه وكأنها تحولت الى كتله من الرمال المتحركه لتبتلع ذلك الثعبان الصغير والذى كان منذ دقائق افعى سامه ..
تراجع العصفور بذهول وحاول التحليق بعيدا لكنه اصطدم باحدى جذوع الشجره الغاضبه ليتحول ذلك الجذع الى يد تمسك جناحه باحكام فيعجز عن التحليق ..
لكن بدون اى مقدمات تهدأ الشجره بعد ان تحولت الى رجل وسيم ذو بذله انيقه وتحول ذلك العصفور اليها هى .. فترى نفسها بين ايدى ذلك الوسيم مجهول الملامح بينما تبدو كالاميرات بين ذراعيه ليأخذها فى رقصه طويله لاتنتهى ابدا ..
خلال الايام الماضيه كانت تستيقظ عند وقوع الطير من اعلى الشجره وتلك الافعى تقترب منه ببطىء لكن اليوم اكتمل ذلك الكابوس ليتحول الى حلم جميل وهى ترى نفسها كسندريلا ترقص فى احضان الامير ..
حسنا هى اليوم اكثر تفاؤلا من الايام السابقه لكن رغم ذلك استيقظت باكرا عن موعدها المعتاد ..
تحركت من فراشها بكسل بعد ان قبلت صوره والدتها التى تعتلى الكمود بجوارها ومن ثم توجهت الى حمامها كى تأخذ حماما دافئا قبل مغادرتها ..
تأملت ملامحها فى مرآه حمامها وهى سعيده فوجهها اليوم مشرق واكثر جمالا من المعتاد .. ابتسمت امام صورتها المنعكسه قبل ان تغادر حمامها .. لو كانت تعلم بأن تلك المره الاخيره التى سترى فيها وجهها بملامحه البريئه لأطالت النظر تلك المره لكنها لم تكن تعلم ما الذى ينتظرها فى طريقها الى عملها ..
كعادتها ترجلت من ذلك الاتوبيس العام استعدادا لعبور الطريق للوصول الى المتجر .. مكان عملها ..
نظرت حولها يمينا ويسارا قبل عبورها بعد ان امسكت حقيبتها باحكام وثبتتها اعلى كتفها لتعبر الحاره الاولى من الطريق بسلام .. وفى الحاره الثانيه كانت حركه السيارات بطيئه واقرب سياره تبعد عنها الكثير من الامتار لذا عبرت باطمئنان .. لكن فجأه سمعت صرير فرامل سياره تحاول التوقف بعنف .. نظرت فى اتجاهها حيث تقترب منها بسرعه مما جعلها تتسمر فى مكانها لاتقوى على الحراك .. انها تقترب تقترب تقترب ..وفجأه تشعر بجسدها يسقط بدون اى مقدمات ...
هى لا تتذكر ماحدث وقتها .. لا تدرك المكان ولا الزمان .. اين هى !! فتحت عينيها ببطىء كأنها كانت فى حلم طويل نظرت حولها متأمله تلك الغرفه البيضاء الانيقه باساسها البسيط من جميع النواحى .. حسنا هى لازالت فى الحلم ولم تستيقظ بعد !!
لكن ذلك الصوت مستمر فى التردد لم ينقطع .. صافره صغيره ذات رتم هادىء انها تشبه تشبه .. نعم لقد سمعت ذلك الصوت من قبل عند دخول والدتها غرفه العنايه المركزه ..
بدأت حواسها بالادراك ونظرت بجانبها لتجد جهاز رسم القلب متصل بها وتلك الخراطيم تخرج من جسدها ..
وهناك ظل اسود يقترب منها .. ضيقت عيناها علها تراه بوضوح الى ان برز امامها !! انه هو !!
نعم انه حلم .. هى تحلم بالتأكيد حسنا فلتغمض عينيها وتكمل ذلك الحلم اللذيذ بوجود فتى احلامها ..
لكن هو يحدثها .. اذا فلتجيبه فما الضرر من الاجابه فى الحلم .. لكن هناك شىء خاطىء انه ليس حلم .. تذكرت تلك الحادثه وفتحت عينيها فجأه لتراه يقف امامها وتستمع هى الى كلماته بوهن ..
احمد بجمود : حمد الله على السلامه
اجابته بضعف مختلطا بمزيج من الذهول : الله يسلمك انا فين
حاولت النهوض من فراشها لكن تفاجأت بذلك الالم الذى يسيطر على كل جسدها فاصدرت آهه خافته ..
احمد : خليكى انا حجيب الدكتور حالا
ذهب احمد لاحضار الطبيب بينما هى نظرت فى اثره متسائله بتعجب ماالذى اتى بها وبه الى هنا ..
بعد عده دقائق جاء الطبيب يقوم بفحصها سريعا مطمئنا : حمد الله على سلامتك يامدام
انطلق ذلك التساؤل من شفتيها : مدام !
هو ايه اللى حصل انا ايه اللى جابنى هنا وجسمى واجعنى ليه
الطبيب : انتى مش فاكره الحادثه
اجابته بتردد : حادثه !!
الطبيب : الحادثه مش فاكراها .. طب فاكره اسمك .. فاكره اسمه !! قال جملته الاخيره وهو يشير الى احمد..
نظرت الى احمد طويلا بتساؤل قبل ان تقول : اسمه هو !! لا معرفهوش
الطبيب بجزع : الظاهر الحادث سبب فقدان ذاكره مؤقت من فضلك عاوزك يااستاذ احمد
نظرت حولها بذهول تحاول التذكر او الفهم .. انها فى مشفى نعم هى تدرك الان ماذا يحدث .. لقد صدمتها تلك السياره وهى فى طريقها الى المتجر لكن ماعلاقته هو بذلك .. كيف عرف ماحدث لها .. بالتأكيد هو من انقذها واتى بها الى هنا ..
خرج احمد متبعا الطبيب الى الخارج بينما ظلت احدى الممرضات لتقوم بقياس الضغط ووضع بعضا من المسكنات فى المحلول الخاص بها ..
الممرضه : حمد الله على السلامه يامدام نور
مالكه باستغراب : نور !
الممرضه بعدم تصديق : هو حضرتك مش فاكره اى حاجه .. ده الباشمهندس احمد بقاله اسبوع قاعد جمبك مستنيكى تفوقى
مالكه محاوله فهم مايحدث : اسبوع ! انا بقالى اسبوع فى المستشفى !
لمحت الممرضه احمد بالخارج ينتظر خروجها فاكتفت بقولها : حمد الله على سلامتك يامدام لو احتاجتى حاجه دوسى على الزرار ده حكون عندك فى ثوانى .
ما ان غادرت الممرضه حتى دخل احمد الى غرفتها .. تلاقت عيناهما فى نظره طويله قبل ان يُغلِق باب الغرفه ومن ثَم احضر احدى المرايا الصغيره المعلقه فى حمام الغرفه وقام بتقريبها اليها دون ان يصدر كلمه واحده .. نظرت اليه نظره بلا معنى تحاول فهم مايحدث ثم نظرت الى تلك المرآه وشهقت شهقه عاليه قبل ان تصيح بفزع ليكتم هو صيحاتها بسرعه محاولا تهدئتها قائلا : اهدى بس انا حفهمك على كل حاجه
ما ان نظرت الى المرآه حتى وجدت وجه آخر يطل عليها غير وجهها المعتاد .. فلم يتبق منها سوى عينيها فقط .. خرجت شهقتها برعب .. فهى تحلم نعم بالتأكيد هى فى حلم طويل غريب لكن ماقاله احمد بعد ذلك كان اغرب من اى حلم ..

مالكة الفؤاد (نور على باب الفؤاد ٢)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن