الفصل العشرون

4K 167 27
                                    

(اهدى بس انا حفهمك على كل حاجه )
تصاعدت تلك الكلمات من فم احمد فى ذلك اليوم عندما رأت مالكه وجهها للمره الاولى بعد الحادث ..
لم تستطع هى تمالك اعصابها غير مصدقه ماتراه فى مرآتها .. فتلك ليس هى .. اين وجهها .. اين ملامحها .. فوجهها كله تملؤه الفتحات والندبات وغرز الخياطه الواضحه وكأنها ترتدى ماسك لايُظهِر منها سوى عينيها ..
وانفها شكله غريب وجنتاها منتفخان وايضا شفتاها .. كل شىء بها ليس لها .. من تلك وماذا حدث ..
صاحت نور بهيستريا : انت عملت ايه فين وشى عملت ايه ..
حاول احمد تهدئتها لكن فشلت جميع محاولاته مما اضطره الى احتضانها علها تهدأ قليلا وتستمع اليه ..
احاطها احمد بكلتا يديه لترتمى هى فى احضانه غير مصدقه مايحدث وما ان لامست رأسها كتفيه حتى احست براحه كبيره وطمأنينه تملأ قلبها ..
فهى تستمع الى دقات قلبه وتستنشق ذلك العطر من مسام رقبته .. يضع يداه خلف ظهرها رابتاً عليها برفق ..
لا يعلم مااحدثته فيها تلك الهدهده والتى ذكرتها باحضان والدها .. لم يحتضنها احد او تشعر بتلك الراحه منذ وفاه والدتها ..
هى الآن تشعر بالاحتواء والقوه والسند .. لاتفهم ماذا يحدث لا تريد ان تفهم .. هى فقط تريد ان تبقى على هذا الوضع آلاف السنين .. فقط تحتضنه بقوه وكأنها تحتضن والدها ووالدتها واخاها جميعا .. هى تشتاق لهم تشتاق الى كل شىء وتشتاق اليه هو اكثر من اى شىء ..
شعر احمد بها تمد ذراعيها لتحتضنه بقوه وكأنها تخاف هروبه وتتحول تلك الهستيريا الجامحه الى بكاء صامت يصطحبه بعضا من الغصات الصغيره .. ماهى الا ثوان حتى بدأ الهدوء يسيطر عليها بينما تلفح انفاسها الحاره رقبته ..
اعتقد فى البدايه انها خلدت الى النوم فحاول التزحزح من مكانه كى يضعها فى الفراش لكنه تفاجىء بتمسكها به ورفضها الابتعاد عنه ..
ظلا على هذا الوضع عده دقائق الى ان ارتفع صوت احمد يقطع ذلك الصمت قائلا : ممكن نتكلم شويه
احس بحركه وجهها تُبلغه موافقتها فاكمل هو محاولا ابعادها عنه : خلاص هديتى
مسحت مالكه دمعاتها التى تغطى وجهها وقد احمرت وجنتاها خجلا من وضعها ذلك فابتعدت عنه مسافه كافيه قبل ان تقول : اه
احمد بتوتر : انتى عارفه انا مين
نظرت له مالكه ولم تجيبه هى لم تعلم مااسمه او من يكون لكنها تعلم انه ملك قلبها منذ ان توقف لمساعدتها اول مره .. اتقول له ان قلبها اسيره ! اتخبره بمدى ولهها به منذ اول مره رأته فيها !!
اتروى له كم المرات التى وقفت فيها باكرا امام متجرها فقط كى تراه !! اتشاركه كم الدعوات التى طالما تحدث بها قلبها قبل شفتيها ليلا فى جوف الظلام داعيه ربها ان ينجيه من كل سوء ويفتح له ابواب الرزق ..
لم تتمنه لنفسها اثناء دعاؤها قط ..فهى لم تعلم مااذا كان متزوجا او ان احدهما تشغل قلبه ..
فقط تريد له كل خير وألا يتألم قلبه يوما ..
لكن ماتراه فى ملامح وجهه المرهقه ان قلبه قد مُزِق ليس فقط تألم !
يأس احمد من اجابتها عليه فاكمل هو بحزن بسيطر على جميع ملامحه :
انتى نور مراتى وانا احمد ..
فغرت مالكه فاهها غير مصدقه ماتسمعه لكنه اكمل : متجوزين من خمس سنين وعندنا بنت واحده اسمها غرام ..
قاطعته مالكه محاوله التوضيح له : انا .. انا ..
لم يعطيها احمد فرصه للتحدث فأكمل هو بعد ان تحولت ملامح وجهه من الحزن الى الغضب الجامح :
حتفضلى موجوده فى حياتنا انا والبنت لفتره معينه لحد مابنتنا تكبر وتتقبل فكره انك مش موجوده ساعتها ممكن يحصل الطلاق وعلاقتك بينا تنتهى بعد مانقول للبنت انك سافرتى ..
اكمل احمد بخفوت : دى لو طلعت بنتى
ارتفع صوت مالكه بذهول وهى تقول له : انت بتقول ايه
احمد بصوت حاول ابقاءه خفيضا : بقول اللى لازم يحصل والاحسن ليا وليكى ..
صمتت مالكه لاتدرى ماتقول فهى لاتستطيع فهم كلمه واحده مما يقولها فهو يعتقد انها زوجته وعلى هذا الاساس جعل ملامحها تشبهها .. الآن وضحت لها الرؤيه وفهمت سبب صورتها فى المرآه ..
لكنه لماذا يتحدث بكل ذلك الحزن كأن زوجته هى التى ماتت .. فلو اعتقد انها زوجته من المفترض ان يكون فرحا سعيدا .. ومامعنى تلك الكلمات التى قالها !
اى طلاق يتحدث عنه !!
يجب ان تقول له انها ليست هى .. هى فتاه المتجر وليست زوجته .. ستخبره بكل شىء ..
توقفت الكلمات فى حلقها ورفضت الخروج .. ماذا ستقول !!
اهى بهذا الغباء لتضيع تلك الفرصه من يديها !!
تلك الفرصه التى لم تتوقع يوما حدوث مثلها ولا حتى فى احلامها ..

مالكة الفؤاد (نور على باب الفؤاد ٢)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن