الفصل الخامس والعشرون

4.2K 171 19
                                    

غرام مش بنتك ..
لم تعلم هبه بأنها عقب جملتها تلك سترى كل تلك الانفعلات فى عينى اخاها .. عينيه التى امتلأت بالكثير من المشاعر المتتاليه فأصبح مثل بحر هادىء هبت به الريح فجأه فتغزوه عاصفه قويه وتتحول امواجه فجأه من النعومه والانسيابيه الى اُخرى هوجاء غاضبه تضرب الشاطىء بقوه وعُنف فتتألم رماله وهى تنحسر معها الى الداخل مره اخرى رغما عنها ..
قضب احمد جبينه وهو يحملق بأخته غير مصدق ما تفوهت به منذ لحظات .. لم يتحدث هو او يتفوه حتى بنصف كلمه بل قالت عيناه كل شىء .. عيناه هى التى تحدثت بنظراتها الذاهله الغير مصدقه والتى تحولت فى ثوان الى أُخرى متوسله راغبه فى رؤيه امارات الدعابه على وجه اخته وانها كانت تمزح معه .. لكن عند يأسه من ذلك تحولت نظراته الى نظرات غضب ناريه بعد ان امسك ذراع اخته بقوه قائلا ..
انتى بتقولى ايه .. انتى عرفتى منين ..
تألمت هبه اثر مسكته تلك وقالت بألم : اه يااحمد اوعى ايدى.. ماما هى اللى قالتلى
ازداد احمد من ضغطه على ذراعها بعد ان احمر وجهه اكثر ليقول : وماما عرفت منين انها مش بنتى
هبه بنبره مترجيه : طب سيب ايدى طيب .. هى قالتلى انها سمعت نور وهى بتكلمك فى التليفون وعرفت انك عملت تحليل نسب لغرام
احمد بصوت اعلى : وعرفت النتيجه منين ردى عليا
هبه وهى تتألم : هى معرفتهاش انا كنت بسألك
ظل لعده لحظات ينظر الى عينيها مُتحريا الصدق فى كلماتها ثم ترك يداها بعد بُرهه ليقول بعد ان هدأت انفعالاته : بتسألينى !
تحسست هبه موضع الالم فى ذراعها اثر قبضته قبل ان تقول : اه بسألك هى غرام مش بنتك ! انت مسمعتنيش كويس ولا ايه
كنت بقولك ان ماما قالتلى على التحليل وكنت عاوزه اعرف انت ليه شاكك انها مش بنتك ..
احمد بتوتر : وانتى مين قالك انى شاكك
هبه : امال عملت التحليل ليه
تردد احمد قليلا وهو يحاول تأليف اى مبرر لذلك لكن انقذه من سؤالها تلك الضربات المرتفعه المتتاليه على باب الفيلا والتى افزعته فهرول الى الخارج بسرعه ومن ثَم اتبعته هبه ..
فتح احمد الباب وقد انقبض قلبه بقوه بعد ان رأى الطارق والذى لم يكن سوى رجال الشرطه !

بينما فى الاعلى قبل قدوم رجال الشرطه كان عمر يقف فى مواجهه اخته مالكه والتى عرفته على الفور رغم نحول جسده وشحوب وجهه ورغم تلك الذقن الطويله والشعر المُشعث والذى يُخفى معظم معالم وجهه ..
رأته يقترب منها بعد ان ازال ذلك الوشاح الذى غطى به وجهه لكنها عرفته فور ان رأت عينيه وكيف تُخطىء عينى أخاها رفيق طفولتها وجزء من صباها...
لكن ماان ازال الوشاح حتى تفاجئت بشحوب وجهه الى هذا الحد وتغير ملامحه الى هذه الدرجه فاجابت بذهول : عمر !
كان يقترب منها اكثر عندما اوقفه صوتها والذى بدا مُتغيرا رغم ائتلافه له .. تجاهل ذلك واجابها بسخريه : اااه عمر ياترى لسه فاكرانى
مالكه بفرحه : انت خرجت امتى من السجن ومقولتليش ليه
عمر وهو يقترب اكثر : ايه كنتى حتيجى تستقبلينى
مالكه : اه طبعا .. بس انت ليه لابس كده وشعرك ودقنك .. ثانيه واحده انت دخلت ازاى
عمر بلهجه متهكمه : ايه كنتى فاكرانى مش حعرف اوصلك
مع لهجته تلك ونظرات الشر فى عينيه التى لم تجد تفسير لها سوى ذلك الخاطر الذى جال بتفكيرها فقالت مدافعه عن نفسها : انا متجوزه ياعمر .. انا هنا عشان متجوزه واحد كويس اوى وابن ناس
صدرت تلك الضحكه منه وهو يقول باستهزاء : مانا عارف انك متجوزه وعارف انه ابن ناس امال انتى اختارتيه ليه ورمتينى فى السجن ليه مش عشانه
قضبت مالكه مابين حاجبيها لاتفهم مايقول : انا رميتك فى السجن ازاى
عمر : بقى مش عارفه انى قتلت عشانك
مالكه باستغراب : عشانى ليه
عمر : يااااه للدرجادى عامله نفسك بريئه .. بعد ماقضيت اكتر من ٥ سنين من عمرى فى السجن عشانك وانتى هنا بتتمتعى بكل حاجه دلوقتى مش عارفه انى حبيتك وعملت كل حاجه عشان تبقى ليا .. خطبت صحبتك عشان ابقى قريب منك واتفقت مع معتز عشان اخلص من احمد وتبقى ليا وفى الآخر بتسألى عشانك ليه ..
انقض عمر عليها فجأه وبدون مقدمات ليُطبق على رقبتها محاولا خنقها لكن تلاقت عيناهم عن قرب تلك المره .. تسمرت عيناه على عينيها الفزعه فتلك ليست اعين نور بل اعين مالكه اخته .. نعم وذلك هو ايضا صوتها ..
اختلطت الامور عليه فهو حقاً لا يفهم شىء .. ترك رقبتها متراجعاً الى الوراء يتأمل الغرفه من حوله ليتأكد انه فى فيلا احمد .. وتلك ملامح نور لكن .. كيف ؟؟ لما هى بصوت اخته وعيناها ؟؟
عمر : انتى مين انتى مش نور
مالكه بصوت مبحوح وهى تحاول التنفس : ليه كده يا عمر ليه عاوز تقتلنى
عمر : انتى ...
قطع جملته ليستمع الى تلك الاصوات والهمهمات تتعالى مع صوت اقدام تقترب .. وصوت احمد يقول .. بس مفيش حد دخل الفيلا انا متأكد من كده .. ازاى ده يحصل ياحضره الظابط ..
تعالت الطرقات على باب غرفه مالكه وماان سمعها عمر حتى توجه الى الشرفه يفتحها بسرعه ويفر هارباً بنفس الطريقه التى تسلل بها لتنظر اخته فى اثره بعينين ممتلئتان بالدموع ..
فتح احمد باب الغرفه ليجد زوجته مُلقاه ارضاً يبدو عليها علامات الفزع والخوف وهى تنظر الى الشرفه المفتوحه بأعين مليئه بالدموع..
اسرع اليها بلهفه وجثا على ركبتيه محاولا فهم ماحدث لكن اتبعه ظابط الشرطه ينظر من الشرفه ليرى عمر يُهرول مبتعداً بعد ان اسقط عسكرى الحراسه الواقف بالخارج ..
الظابط : هو فعلا كان هنا شكوكنا انه يرجع عشان ينتقم كانت فى محلها
احمد وهو يحتضن مالكه : انتوا ازاى ممسكتهوش وهو داخل امال مراقبه ايه اللى ٢٤ ساعه
الظابط : هو دخل من باب الفيلا عادى وافتكرناه السواق او اى عامل فى الفيلا بس بعد كده شوفناه بيطلع على المبنى الرئيسى وبيخش من البلكونه دى وده اللى خلانا نيجى بسرعه عشان نلحقه قبل مايعمل اى حاجه ..
احمد : ازاى دخل من باب الفيلا وهو مقفول
الظابط : باب الفيلا كان مفتوح من قبليها حد من المراقبه شاف واحده فتحته قبل دخوله بوقت بسيط الظاهر انه ليه عيون فى الفيلا هنا ولازم نعرف مين بيساعده
احمد بهلع : فى الفيلا ! مش معقول .. لازم تقبضوا عليه فى اسرع وقت انا مش حستنى اما يأذى مراتى او بنتى او حد من اهلى ومادام دخل مره يقدر يدخل تانى
نظرت اليه مالكه غير مصدقه مايقوله وقالت وسط دموعها المنهمره : يقبضوا عليه ليه هو عمل ايه هو كان جاى يشوفنى بس ومعملش حاجه قولهم يسيبوه عمر لا يمكن يأذينى
احمد : عمر ! انتى تعرفيه
مالكه بانهيار : اه عمر اخويا .. اخويا اللى مليش غيره قولهم يبعدوا عنه حرام عليهم كفايه السنين اللى ضاعت من عمره ..
ابتعد عنها احمد غير مصدق مايسمعه : اخوكى ازاى .. يعنى انتى كنتى هنا عشان ..
الظابط : الظاهر انه كان جاى ينتقم منك على انك مدام نور وميعرفش انك اخته .. استاذ احمد حستناك تيجى ومعاك المدام لما اعصابها تهدى عشان ناخد اقوالكوا الجديده باللى حصل بعد اذنك ..
ماان توجه الظابط الى الخارج حتى ابتعد عنها احمد غير مصدق مايحدث : بقى انتى هنا بتنتقمى لاخوكى
مالكه وهى لازالت جالسه ارضا : انتقم ..اخويا ! اخويا اللى اتحبس ظلم على جريمه معملهاش وعاوز تحبسه تانى
ارتفعت ضحكات احمد الهيستريه وهو يقول : بقى كل ده كنتى بتمثلى .. براافو حقيقى برافو
تحاملت مالكه على نفسها للوقوف وقالت وهى تمسح دموعها : انت شايفنى بمثل .. واخويا اللى جه يموتنى من شويه ده بردو كان تمثيل ..
اخويا اللى انت عارف انه برىء ومراتك اللى قتلت ورغم كده سايبه محبوس .. ليه عمرك ماقولتلى على اسمه .. انا ازاى مجمعتش الخيوط دى ببعض ..
ازاى لما مامتك حكتلى على المهندس اللى فى الشركه وقتل واحد .. ازاى مجاش فى بالى انه عمر المهندس اللى اتحبس فى نفس القضيه وفى نفس التوقيت ..
ازاى مجاش فى بالى انك انت صاحب الشركه اللى كان فيها وانا كنت عارفه انها فى المنطقه دى ..
ازاى مجاش فى بالى انه عمل كده عشان كان بيحب مراتك اللى خطب صاحبتها . ساره ..
ساره هى صاحبه مراتك اللى اتجوزت وسافرت.. صح
ازاى انا كنت غبيه اوى كده
احمد بسخريه : عاوزه تفهمينى انك مكنتيش تعرفى
مالكه بقلب محترق : تفتكر لو كنت اعرف كنت حبيتك ! بس اه كنت ححبك عادى عارفه انى مقدرش اتحكم فى قلبى بس مكنتش حبقى معاك كنت حبعد عنك زى ماانا حبعد عنك دلوقتى
نظر اليها احمد محاولا فهم ماترمى اليه بعد ان تأمل تلك العلامات على رقبتها فتأكد من محاولته الاعتداء عليها بالفعل وتبين صدق حديثها قبل ان يتسائل : تبعدى عنى ازاى
ولته ظهرها لتقول رغما عنها : يعنى احنا مش حينفع نكمل مع بعض .. انت حتكون السبب فى انهم يحبسوا اخويا للمره التانيه وانت معاك دليل برائته
وضع احمد يده على كتفيها قائلا : وانتى مين قالك انى مبلغتش ان نور اللى قتلت
التفتت اليه غير مصدقه مايقول لكنه اكمل..
من يوم مااعترفتلك بكل حاجه حصلت وحكتلك عن اللى جوايا واللى عملته نور .. اللى كان فى نفس اليوم اللى اتصافيت فيه انا ونبيل ..
يوميها بليل معرفتش انام طول الليل بعد ماطلعت كل الاوجاع اللى جوايا وكان فاضل بس انى اثبت براءه عمر اللى اتسجن ظلم وهو فاكر ان هو اللى قتل معتز ..
تانى يوم حكيت لنبيل كل اللى حصل وكلم واحد صاحبه فى الشرطه وروحنا قابلناه وحكتله الموضوع ..
بس للاسف قالنا بموت نور كده مفيش اى حاجه تثبت ان هى اللى قتلته وكان الدليل الوحيد اننا نلاقى مذكراتها اللى قالتلى انها كتبت فيها كل حاجه واكيد حيبقى فيها اعترافها بقتل معتز ..
بس للاسف بردو قلبت عليها الاوضه كلها والدولاب وملقتش حاجه وكان آخر أمل لينا هو الدكتور النفسى اللى كانت بتروحله ..
الظابط استدعاه وحاول يعرف منه لو هى قالتله اى حاجه عن قتلها لمعتز بس هى مقالتلوش غير كلام عام وانها عملت حاجه مش قادره تسامح نفسها عليها ومش حتقدر تقولهاله وساعتها هو نصحها انها تكتب مذكراتها وتطلع فيها كل اللى مش قادره تقوله وتواجه نفسها يمكن ساعتها تقدر ترتاح ..
وأكدلنا انها فعلا عملت كده وكانت بدأت تتحسن بس بعد كده حالتها اتدهورت بشكل سريع وغريب ومكنش عنده تفسير لده رغم انها كانت هديت نفسيا وبدأت تسامح نفسها ..
طلبت من الظابط المسؤول انه يفتح القضيه تانى ويحاول يدور على اى ثغره يثبت بيها براءه عمر وانى مستعد للشهاده فى اى وقت بس الظابط اما جه يتواصل مع السجن عشان يبلغوا عمر احتمال براءته وان القضبه حتتفتح تانى .. السجن بعدها بيوم بلغه بهروب عمر فى نفس اليوم قبل ماالمأمور يبلغه باحتمال براءته ..
وطبعا كانوا خايفين انه يرجع ينتقم منى او منك فى شخص نور .. عشان كده مكنتش عاوزك تيجى معايا الشركه او تتحركى من البيت خالص ..
واتحطت مراقبه كامله للشركه والفيلا بس للاسف ده كله ممنعش انه يخش لحد هنا ..
مالكه : طيب هى الشرطه عرفت ان نور ماتت وانا مش هى
احمد : انا فعلا قولت للظابط كل اللى حصل ووريته عقد جوازنا وتصريح دفن نور وهو قالى ده حيفيدنا ساعه فتح القضيه بشكل رسمى ..
بس المهم هو دلوقتى لازم يعرف ان مالكه اخته عشان ميأذيكيش تانى ..
انهمرت دموعها مره اخرى وهى تتذكر ماكاد ان يفعله بها اخاها : اصلا هو مجاش جمبى وهو اكيد عرف انى اخته .. زى مانا عرفته اول ماشوفته هو محاولش يقتلنى ولا حاجه يااحمد .. عشان خاطرى متخليش حد يأذيه
احتضنها احمد محاولا تهدئتها فهو يعلم ماتمر به الآن فهو ايضاً لايستطيع ان يصدق انها اخت عمر .. اغمض عينيه بقوه ليطرد ذلك الشك الذى بدأ يرتاد قلبه بأنها كانت تعرف منذ البدايه .. هو لايُريد ان يسلك ذلك المسار فهو فعلا يحُبها ولايريد خسارتها .. يكفى كل مامر بهما الى الآن ..

مالكة الفؤاد (نور على باب الفؤاد ٢)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن