الفصل الرابع عشر

3.9K 179 26
                                    

اصطدمت عيناه باحدى الندبات ..توقفت انفاسه وتسمرت عيناه عليها فقد ذكرته تلك الندبه بما اراد نسيانه .. بل بما حاول جاهدا نسيانه ابتعد عن وجهها تريجيا لتكتمل الصوره فى ذهنه بل فى عينيه ... نور .. الخائنه !! صاحبه الوجوه المزيفه !!
القاها على الفراش بعنف ، فتحت عيناها بصدمه وتساؤل لتراه قائلا بنظره ازدراء تطل من عينيه : بعد كده اما تحبى تغيرى هدومك استنى اما اطلع من الاوضه او ادخلى الدريسنج واقفلى عليكى الباب  .. مش عاوز اشوفك بالمنظر ده تانى .. بلاش الحركات الرخيصه دى.
تركها متوجها الى غرفه تبديل الملابس مره اخرى وهى لا زالت لاتستوعب ماحدث ..شعرت بالخجل من نفسها  .. فقد رفضها للتو !!
اخذت نفسا عميقا تحبس به تلك الدمعات وتمنعها من النزول وقد قررت ان تندمه اشد الندم بل وتُبكيه على تلك الكلمات التى خرجت منه منذ قليل ..

                         **********
مر اسبوع بقيت فيه الاوضاع على ماهو عليه ليس فقط بين نور واحمد الذى استمر بتجاهل زوجته ولم ينقطع عن المبيت على الاريكه كل ليله .. وهى تراقبه بأعين حزينه صامته  .. بل أيضا استمر ذلك التجاهل ببن هبه ونبيل الذى قرر كل منهما استخدام الانواع المختلفه من الحروب البارده مع الآخر ..
تعافت نور سريعا وقررت الذهاب الى الشركه مع احمد مره اخرى والذى لم يمانع تلك المره بشرط عدم مغادرتها مكتبه ..
وصل احمد ونور برفقه هبه الى مقر الشركه ليتجها جميعا الى الاعلى فيتوقف المصعد فى الدور الخاص بهبه ثم يكمل احمد ونور مسيرتهما الى الطابق الذى يليه ..
ارتسمت الابتسامه على وجهيهما العابس فور خروجهما من المصعد وتشابكت الايدى حتى أُغلق باب المكتب عليهما فنفضت نور اصابعها من بين اصابعه بعنف وتوجهت الى اقرب مقعد تلقى عليه حقيبتها بأهمال ثم تتوجه الى النافذه تلقى نظره على الخارج ..
تجاهل احمد طريقتها العنيفه هذه وتوجه الى مكتبه ليقوم بمراجعه بعض الاوراق الهامه قبل ان تتصاعد طرقات رقيقه خارج مكتبه..
التفتت نور الى الوراء تترقب الطارق والذى لم يكن سوى ليندا .. لاحظت تهلل اسارير زوجها عند رؤيته تلك الصفراء وقيامه للترحيب بها بحفاوه واضحه ..
ليندا : جود مورنينج احمد
احمد مرحبا : هاى ليندا جود مورنينج
وقفت نور ورائه متحفزه وهى تراها بتلك الطله البيضاء حيث ارتدت قميص ابيض طويل شفاف نوعا ما يحاوطه من المنتصف حزام باللون الذهبى .. وشورت قصير ابيض ينتهى بنهايه القميص حيث لايظهر بالعين المجرده .. تلتمع ساقيها باللون البرونزى الى ان تنتهى بحذاء مرتفع ذهبى اللون مفتوح من الامام ..
اخيرا احست ليندا بنور الواقفه من وراء احمد فقالت بلا مبالاه : هاى نور
نور بامتعاض : هاى يااختى ورحمه الله وبركاته
سمع احمد جملتها تلك والتى لم تفهمها ليندا فوكزها احمد وهو يتنحنح قائلا : اتفضلى ياليندا
جلست ليندا قبالته بينما هو احتل مقعده خلف المكتب وكعادتها وضعت ليندا ساقا فوق الاخرى وهى ترتكز بمقدمه جسدها على المكتب تحاول تقريب المسافه الفاصله بينهما.. ناظره اليه مباشره بابتسامه عريضه مصطبغه باللون الاحمر ..
فوجىء احمد بنور تجلس بالمقعد المجاور لليندا لتضع ساقا فوق الاخرى هى ايضا وتنظر الى ليندا بتحفز كالصائد الذى يستعد بالانقضاض فى اى لحظه على فريسته ..
احمد موجها سؤاله الى ليندا : تحبى تشربى ايه
قبل ان تجيب ليندا اجابته نور : انا عاوزه قهوه
نظر اليها احمد نظره ذات معنى قبل ان ينظر الى ليندا بابتسامه فتجيبه : كوفى
احمد : نور ممكن لو سمحتى تبلغى السكرتاريه بره
نور ببرود : طبعا ياحبيبى
غادرت نور مقعدها واقتربت منه حيث جهاز الاتصال المباشر بجواره : لو سمحتى اتنين قهوه ..
وجهت نور كلماتها الى احمد متسائله بصوت رقيق : وانت ياحبيبى مش عاوز حاجه ولا بلاش اما تفطر الاول احسن انت مفطرتش كويس النهارده ..
اغلقت نور الاتصال وتوجهت الى مقعدها لتجلس اعلاه بثقه مره اخرى ..
علمت ان وضعها ذلك لايريحهما لذلك اطالت الجلوس دون ان تتزحزح ولو لدقيقه .. ارتشفت قهوتها ببطىء شديد وهى تراقبهما وتحاول فهم حديثهما .. تصنع احمد اللامبالاه واكمل حديثه بينما ظهر على ليندا عدم الارتياح.. فهى لم تستطع الجلوس ولا التحدث باريحيه تحت نظرات نور المسلطه عليها بحده ..
انهت ليندا حديثها سريعا على غير المعتاد ونظرت الى نور نظره جانبيه وهى تقول : طيب يااحمد نكمل كلامنا فى وقت تانى واضح انك مشغول
صافحها احمد وقد فهم تلميحها : اوك ليندا زى ماتحبى .. مكتبى مفتوح ليكى فى اى وقت
صافحته ليندا واحتفظت بيده قليلا وهى تقول : اكيد .. اشوفك قريب .. قريب اوى احمد .. i'll miss you
ابتسم احمد مودعا ورافقها الى باب المكتب والذى اغلقه برفق بعد مغادرتها ..
التفت احمد وهو لازال محتفظا بابتسامته ليجد نور تقف خلفه بتحفز تلتف ذراعيها على مقدمه صدرها ..
احمد بعد ان انكمشت ابتسامته : فى ايه واقفه كده ليه
نور بغضب واضح : والله هوا انا
جلس احمد على مقعده متجاهلا كلماتها وشرع فى البدأ بعمله
اغلقت نور الاوراق التى تعلو مكتبه وقالت بعصبيه : هو مش انا بكلم حضرتك ولا ايه
احمد ببرود : فى ايه يانور
نور : والله كويس انك لسه فاكر ان فى حد معاك فى المكتب
احمد : هو انتى جايه تخنقينى ولا ايه انا مبحبش اللى يقفلى على كل حاجه
نور : والله انت اللى المفروض تحافظ على مظهرى كمراتك .. قدام الناس على الاقل .. مش ده كلامك بردو
احمد : وايه اللى حصل عكس كده
نور : اللى حصل انك مقرطسنى وشغال غراميات مع ست ليندا
احمد ببرود : محصلش
نور : متستغبانيش امال اى ميس يو دى ايه .. شركه ادويه
كتم احمد ضحكته من كلماتها وقال بجديه : يعنى اعملها ايه اطردها مثلا ولا اقولها ايه
نور :وانت تديها فرصه ليه تقول كده اصلا ماانت لو مكشر فى وشها حتلم نفسها
احمد محاولا اغاظتها اكثر : واكشر ليه ده شغل ياريت تفهمى
نور : ده شغل ايه اللى كله نحنه ونظرات ده وايه اللبس اللى جايه بيه ده .. ابيض حد يلبس ابيض على الصبح هى ممرضه ..
احمد : اااااه اول مره اعرف ان الابيض حلو اوى كده
حدقت نور به بنظرات واسعه وهى تقول : ابيض ايه اللى حلو .. انت كان عاجبك اللى لابساه ده.. امال بس كنت عامل عم المعترض على لبسى وده مش لبس يتراح بيه شغل .. انما بالنسبه للشورت اللى لابساه ده عادى ..
قام احمد من مقعده واتجه الى نافذته يتأملها ليقول بشرود : اكيد فى فرق بينها .. وبينك ..
كلماته تلك نبعت من داخل اعماقه دون ان يشعر بمعناها الذى يقصده هو ليس الذى فهمته هى .. فهى فعلا تعنى له الكثير فلا وجه مقارنه بينها وبين احد .. هى لاتفهم ان تلك الليندا ماهى الا مجرد اداه لاثاره غيرتها فهو لم يسمح لها بمقابلته منذ تغيب نور عن الشركه الا هذا اليوم فى وجودها هى .. لذلك سمح لها بالقدوم اليوم وشرط عليها عدم الخروج من مكتبه كى يرى غيرتها .. نعم لقد احب غيرتها وتغير الوان وجهها عند رؤيتها لليندا .. احب تلك النظرات من عينيها والتى تعنى بوجود ركن خاص له بقلبها .. احب كل ذلك .. فآه لو تعلم هى ..
لكن هى .. هى تعلم الآن ان مايقصده انها ليست بجمال ليندا وان تلك الملابس تليق على جسدها بخلافها هى ..
اثارها تلمحيه وزمجرت قائله : ماشى وانا بقى حجيب نفس الطقم اللى هى لابساه ده ونشوف ساعتها على مين احلى
احمد وهو لايزال موليها ظهره : وانا قولت رأيى مسبقا
نور محاوله اغاظته وهى تستند على مكتبه : لا ماهو مش حيبقى رأيك لوحدك .. انا حاجى بيه الشركه بما انه يتخرج بيه عادى واهو نعرف رأى باقى الموظفين بالمره ..
فى لمح البصر وجدت نور نفسها محاصره بين ذراعيه على حافه مكتبه .. لاتعلم متى حاصرها او متى تحرك من امام النافذه اساسا ... هى فقط تشعر به الآن يحاصرها بجسده طويل القامه .. ينحنى قليلا بجسده ليكون فى مستواها ليهمس بصوت خفيض : سمعينى تانى كده عاوزه تعرفى رأى مين
نور بارتباك وهى تحاول الابتعاد قدر الامكان عن جسده : انا انا .. كنت اقصد ..
احمد : ايوه فهنينى قصدك .. كنتى عاوزه تلبسى زى اللى هى لبسته وعليه شورت قصير زى ماهى عملت بردو .. صح
نور : ماهو .. مش انت اللى عاجبك
احمد : وانتى عاوزه الناس تشوف رجليكى دى كلها عادى زى رجليها ..
نور بتردد : وايه يعنى
امسك احمد وجهها وقربه من وجهه ليهمس فى اذنها : انتى شايله اسمى ..عارفه يعنى ايه ولا اوضح
هزت نور رأسها بآليه دون ان تجيبه فأكمل هو هامسا وهو يداعب شعيراتها ويستنشق عبيرها قائلا باستفزاز : لو نسيتى افكرك ..
افاقت من لمساته المُخدِره على تلك الكلمات المنطلقه من فمه كالرصاص خاصه تلك الجمله الاخيره .. استجمعت قوتها ودفعته هاربه من حصاره لها حيث فقد توازنه بسهوله وارتد الى الوراء يستمع الى كلماتها الحاده : منستش يا باشمهندس احمد .. بس ياريت متكونش انت اللى نسيت .. احنا دلوقتى مش قدام الناس عشان تقرب منى كده ..
وخليك فاكر كلامك كويس .. انا هنا عشان خاطر غرام وبس .. وحفضل مراتك قدام الناس انما مابينا ..
ضحك احمد مستهزئا من كلماتها : مابينا ايه ياريت توضحيلى .. غريبه مكنش الكلام ده موجود ليه من اسبوع .. على ماافتكر كنتى ساعتها معندكيش مانع انك ...
نور مقاطعه باشمئزاز : اسكت خالص انت للدرجادى معندكش ذره احساس .. انا غلطانه انى قاعده معاك فى مكان واحد اصلا ..
التقطت نور حقيبتها تهم بالمغادره قبل ان يستوقفها صوته قبل مغادرتها : على فين مفيش خروج من الشركه
نور بنبره ساخره دون ان تنظر له : اطمن حفظت التعليمات كويس
صفقت نور الباب ورائها بعنف فى طريقها الى مكتب هبه .. كم تمنت أن تجد من يشعر بها او يرأف لحالها فمنذ تلك الحادثه وهى شبه وحيده لايُهَون عليها الايام سوى تلك الصغيره بابتسامتها العذباء ووجهها البرىء .. 
وصلت الى مكتب هبه بذهن شارد .. لم تجدها.. اراحها ذلك قليلا فهى تود الجلوس وحدها لاطاقه لها الان لأسأله هبه الملتويه .. هى تعلم ان هبه تشعر بوجود خطب ما ولا تترك فرصه واحده دون ان تحاول معرفه حقيقه الامر .. ذلك الامر الذى لا يعرف حقيقته سوى ... !!
هزت رأسها محاوله عدم التفكير فى ذلك الامر فوقفت امام تلك النافذه المطله على الخارج تحاول تصفيه ذهنها والتفكير فى شىء آخر لكن برز امامها ذلك الشخص واضعا لها الحقيقه صوب عينيها مذكرا اياها انه لامفر الآن  ..
ظهر ذلك الشخص من الفراغ .. وجدته يقف خلف البوابه الخاصه بالشركه يستند بجسده على الحائط وبجانبه دراجته !! تلك الدراجه باللون الازرق التى طالما استقلتها من خلفه فى طريقها الى البيت !! بيتها هى .. مالكه ..

مالكة الفؤاد (نور على باب الفؤاد ٢)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن