خَيال كاتِبة ؛❤
رأيتُهُ ، في الهَزيع الأخير من الّليل ، عينَاه العميقَتان ينعكسُ فيهما نورُ القَمَر فتزدادانِ بَريقاً وألقاً ،
كان يرتَدي الوِقار فوق عباءَته المسدولة على كتفَيه ومن عِمامته السوداء يشع جلالاً وهيبة وشموخٍ يُنافِس شموخ النجوم البارِقات في الأُفُق.
مَدّ كفّه المنقوش بالآيات وراحت قطَراتُ الماء البارِد تنثالُ على جبينه المُقدّس بعذوبة وتنساب لتتشبّث بخيوط لحيَته البيضاء لكأنَّها تأبى أن تُفارق قَسَمات وجهه العَلَوي ثم يفلِت بعضها رُغماً عنه فينزل حزيناً كأنه دموعُ مُشتاق.
أكمل وضوءه ، رمَقَ السَّماء بنظرةٍ ثم تمتَمَت شفتاهُ بشفراتِ عِشق لربِّ السّماء ، لم أفهمها ، وأنّى لمثلي أن تفهم كلمات العُشّاق!
ذَرَف دمعة ،كفكفها ومشى يتهادىٰ كَحمامة سَلام .
أرسَت سماحتُهُ سفينتها تحت ظِل شجَرَة البُرتقال في رُكن البيت المتواضِع قُرب النّافورة الزّرقاء ، بدَت البُرتقالة فرِحة بلُقياه وأخذَت تتمايَل بأوراقها لكأنَّها تتنفّسُ عِطره ثم تبثُّهُ شذىً عبِقاً في الأرجاء.
جلسَت روحي بين يدَيه بعد أن لملَمت ماتبقّى من نقاءِها القليل الذي لم يمسُُّهُ لَوَث الذُّنوب ، وبعينين تشعّان ألماً وتذرِفان دمعاً رَقراقاً قالت له :
_مولاي أنا غريبة..
وبهدوء الأنبياء رَد :
_هل تعرفين غريب كَربلاء؟!
_مولاي أنا وحيدة..
_لقد مشَت وحيدة ، زينَب ، دون أبي الفضل ..
_أنا لاأستَطيع سأنسَحِب!!
رمَقَني ، مضى وترَكَني كانت خُطواتَه تخبّرني، تعاتبني وعندما أصغيتُ سمعتُها تحدّثني :
_كنتُ وحيداً ، مشيتُ بدَرب عليّ وحيداً وقارَعتُ الظُلم وَحيداً وشققتُ عروشَهُم وحيداً وعبَرتُ عَباب الخَطَر وحيداً وانتصَرت وحيداً ، كنت واحداً وهاأنَذا أُمّةً ، قائِداً وقدوة ..
إن أنتِ إبنَتي ، عاشِقَتي ، قارِئَتي ، حافِظتي ، تعبتي واهزَمتي ، فمتى سترِف بيارِقي ورايَتي!ومضى يَتهادى بسكينة، يمشي على أطراف أصابِعه كي لايوقِض مَن في الدّار..
وتركني في حيرة وعِشق لحضرته في صَدري أكبر.مولاي علَمتني درساً وهذّبت لي نفساً لكنّي أنا الصَغيرة أقِف بباب جمالك حيرىٰ لاأقول إلا هَمساً، أيُّ خِصالِك الشّريفة أقتدي ولما مِنها أعُدُّ وأُحصي
وكل واحدةٍ لو أردتُ أفصّلها لكلّفتني عُمري ..أيُّها الشّاق عَباب الموج الشّاق
أيُّها الثورة التي ماعُمرها خَمَدت
يامَن غدا لصوت الحَق مِصداق
أرحَم عيوناً من فَرط هواك قد ذَبُلَتياروح الله لك منّي سَلاماً بحجم الغرام الذي أكُنّه لقداسَة حَضرتِك
ز.م|🌼
منقول
أنت تقرأ
سنغدوا_رفاتا_ويبقى_الأثر سنبقى_رفاقا_ويبقى_الأثر
General Fictionسنغدوا_رفاتا_ويبقى_الأثر سنبقى_رفاقا_ويبقى_الأثر ليسَ كُل ماننشرُ لنا ولكنَ نحن نستفادُ وننشرُ لكم وفقكم الله