11_our memories

2.6K 139 76
                                    

لقد مرت خمسة أشهر منذ أن خرج أيس من تلك الغرفة القذرة و هو الآن يبيت في غرفةٍ أخرى، غرفةٍ جديدة،
زرقاء اللون، مرتبة الشكل، جميلة الرائحة، دافئةٌ و غير مظلمة و هو يأكل ما يريد برغم أن لا شهية له لكنه يجد على الطاولة كل ما قد يحلم به، لقد صار صامتًا عكس صخبه المعتاد، لكن مازال يحبها، أجل، مازال يحب والدته التي لا ترى فيه سوى مصلحتها من جعله وحشًا، هو لا يدرك أنها تأخذه معها خارجًا نحو الغابة ليعتاد على المكان لأنها يومًا ستُلقي به هناك و يظن أنها تأخذه في نزهة

•••

إبتسم إبتسامةً طفولية و هو يداعب الزهور الجميلة و كأنه ليس نفس الشخص الذي تم وضعه في غرفةٍ مع رأسٍ بشري!

برغم أنه صار أقل صخبًا لكنه برفقة أمه يتحول لطفلٍ أخر، عقله أصغر من أن يفهم أن والدته شريرة، عقله يتجاهل كل ما رأه منها، لكن ليس طويلًا بكل تأكيد

قطف عدة ورودٍ أعجبته ثم قربها من أنفه ليعرف نوعها فوالده علمه أسماء بعض الزهور و معانيها و أي طفلٍ يحب أن يخبر أمه بما عرف أو أدرك و كذلك فعل أيس بعد نهوضه و مناداته لأمه التي همهمت بإنزعاج و هي تراه يقف أمامها يقول
- أنظري، أليست جميلة؟ تعرفين، زهرة "اللوتس" تعني...
صفعة ماريانا يده بقوة لتُصدم تعابير وجهه الطفولية لتقول له بحدة
- أنا لستُ هنا لمعرفة معاني الزهور و الورد أيها الأحمق!
-نزعت الزهور من يده و رمتها أرضًا داعسةً عليها مما جعل أيس يفتح فمه ثم يقوسه بإحباط بينما وضعت هي يدها على جبينها بقلق و أردفت- أنا مللتُ منك،
حقًا مللتُ منك و من سذاجتك
طأطأ رأسه بإحباطٍ و هو يعتذر في حين هي ضلت ترمي الكلمات التي يكافح أيس حتى لا تنزل دموعه بسببها فهو دومًا يُخَزِنُ تلك الدموع لوقتٍ أخر، هذا ما
إستطاع تعلمه في تلك الفترة، تخزين الدموع داخله حتى يشعر بأن وصل آخره، فيبكي دفعةً واحدة بكل صمت، و كم هي قاسيةٌ تلك اللحظة حينما يظنك الجميع نائمًا بينما أنت تبكي بصمتٍ على وسادتك

•••

أغلق أيس الكتاب الذي كان بين يديه زافرًا الهواء بقوة راميًا بجسده على السرير، كم يشعر بالملل! كل شيء مملٌ للغاية خاصةً و أن الأرق قد نال منه مجددًا

نظر نحو الساعة فوجدها تشير إلى قرابة الواحدة ليلًا مما جعله يزفر مجددًا بحنق و يمسح وجهه حتى تذكر شيئًا، تذكر عندما كان يتجه إلى غرفة ماريا و يغيضها،
إبتسم قليلًا فقد مر وقت طويل منذ آخر مرة فعل ذلك معها، حملق مجددًا بالساعة و فكر قليلًا، هل يذهب إليها أم لا؟ يريد الذهاب و لكن، هناك شعورٌ داخله يمنعه من النهوض من مكانه، كسلٌ ربما!

حدق بالسقف ثم بالباب، بدا له بعيدًا جدًا!
كما أنه يشعر بجسده أثقل من أن يستطيع رفعه، و حتى إذا أراد الذهاب إليها، فالوقت متأخرٌ مع الأسف و هي ستكون نائمةً بكل تأكيد و هو لا يذهب إلى هناك ليراها نائمة، يريدها مستيقظةً فدوائه في عينيها

Mafia's inferno _الجزء الثاني_حيث تعيش القصص. اكتشف الآن