.
ها هم مجتمعين في حديقة الهايد بارك
يأخذون نفس عميق وكأنهم خارجون من ماراثون طويل جدًا
وقف راشد أمامهم ليقول بحدة جادة أنخفض معها صوته:
طلعوا جوالاتكم بسرعة وافتحوا الرسائل
استجابوا لأمره ليُخرج هو هاتفه أيضًا ويمدّ يده للقلم
الموجود في جيبه ليُكمل:
ورقة ؟ أي ورقة بسرعة!
أخرج مُهند من جيبه إحدى الأوراق :
فاتورة تمشي؟
هزّ راشد رأسه بإيجاب ليقبض على الورقة ويمدها على فخذه
ليقول بنَفس عميق ويبدأ بكتابة ما يقول:
الرسائل وصلت في الوقت نفسه ! لغز من ألغازهم
وصلني أنا وكادي حرف الـm
دانة ومُهند وصلهم حرف الـu
بينما يوسف وصله حرف الـs وماريّا حرف الـe
حك حاجبها الغليظ لوهلة وهو يركزّ في الحروف المُبعثرة
يُحاول أن يجمعها ليقول:
الظاهر إنها كلمة ! كلمة تدلّ على إما شخص أو مكان
اقتربوا منه وهو يُمعنون النظر في الورقة المخطوط عليها
ليتفاجأ راشد بسحب يوسف للورقة من يده وهو يضعها على الكُرسي الخشبي
عمل عقله بشكل سريع ، الكلمة بسيطة / حُروفها مُتشابهه
اقتربوا منه عندما قال:
الأكيد إنها تدل على مكان ! وما وصلتنا الحروف إلا بترتيب
بدأ بالكتابة ليقول بعجلة:
لو جينا نرتبهم ، فراشد أكبرنا وصله حرف الـm
ولو قلنا بعده مُهند فحرفه u
أكمل بهمس وهم يروونه يفكّ شفرة الكلمة لثواني قليلة
فقد فكّر في أن رسائل الحروف وصلتهم بالترتيب نسبة لأعمارهم
حتى صرخ بخفة ليفزّ واقفًا:
Museum / الكلمة ميوزيم !
يقصدون فيها مُتحف ! بس وش دخل المُتحف؟
أكمل كلامه لتأتي رسالة إلى راشد في هذه اللحظة ليقرأها بأنظاره إذ كان محتواها:
Sci / bomb / 10m
سكت لثواني ليقول بعدها وهو ينظر إليها بجمود
حتى صرخ بصوت حاد:
قنبلة في مُتحف العلوم ! مؤقتة على عشر دقايق
ليصرخ بصوت أعلى:
يوســف ومُهنــد ألحقــوا
..
بإندهاشه العميق ، أوقف إياد أول سيارة أجرة لمحها أمامه
لينطق على مسامع السائق عنوان شقته بعجلة:
شارع تشارلز حالًا !
أنطلق السائق بسرعته القانونية ليرفع إياد هاتفه مُجددًا
وهو ينظر إلى ما أحدث السارق ربما لشقته
كل شيء كان مقلوبًا رأسًا على عقب ! وسؤال واحد يدور في باله
كيف دخل هذه الشخص إلى شقته؟
3 دقائق ووصل إلى شقته ليدفع أجرته وينزل بسرعة عارمة
دخل إلى المبنى ليجد الحارس يقفّ على الباب ويمسك
كيس ثلج على جبهته وعلى وجهه بادية ملامح الوجع
اقترب منه إياد ليقول بلهفة:
جاك ، مالذي حصل ؟
رفع جاك نظره إليه ليقول بخوف من ما حصل قبل نصف ساعة:
سيدّ إياد ، هُناك شخص قدِمَ قبل نصف ساعة!
أخبرني أنه صديقٌ لك ويريد الدخول لشقتك وإنتظارك هُناك
رفضت ! حاول إغرائي بالرشوة
لكنني أصررت على الرفض فهذه سياسة المبنى وقد أُطرد بشأنها
ليُقاطعها إياد بحدة :
كيف استطاع الدخول ؟ أخبرني !
بلع ريقه وهو يجول بنظره للكاميرات ليقول:
كان يحمل عصا البيسبول وعندما رآني أتصل بالشرطة لتهديده
ضربني في رأسي حتى سقطت مغشيًا علي! ولا أدري مالذي حصل بعدها
تركه إياد خلفه ليصرخ له الحارس بأن الشرطة بالطريق
ليصعد مُستخدمًا السلالم لشقته بالدور الثاني!
دلف الى الداخل بعد أن رأى الباب مفتوحًا!
توقفت أنظاره على صالته التي واجهته أولًا ، كانت في حالة يُرثى لها
الكنبات مقلوبة على رأسها ، التلفاز مُحطم بشدة!
الإنارة الأرضية والطاولة الزجاجية متناثرة على الأرض
لم يهتم لكلَ هذا الآمر بل إتجه إلى غرفته الخاصة
ليقترب من الخزنة الموجودة في دولاب ملابسه وأغراضه
فتحها بقلق ووجل برقمها السري الذي لا يعلمه سواه
حتى تنّهد براحة عندما رأى أوراقه الثبوتية وجواز سفرة في مكانهم
ليأخذ جوازه الأخضر ويمُعن النظر فيه مُطولًا وشوقًا وإعتزازًا
لمّا يحمله من سيفين ونخلة تقف شامخة بوسطهن
لطالما تمنّى أن يُصبح مثالًا يُحتذى به كالنخلة
في صبرها وقوة عزيمتها ومجابهتها لكل الأنواء المُناخية القاسية
كم تمنّى أن يخدم بلده كما تفعل النخلة
التي أصبحت رمزًا في أغلب الشعارات الرسمية
لو أصبح ذو فائدة مثلُها ، يُستفاد من جذعها وسعفها ورطبها
تنّهد ليُدخله للداخل ويعيد إقفاله ليهمس:
وش تفيدك الـ ليّت اللي ما منها فود ، كلمةٍ لا هي تداوي ولا تجمع شمل.
.
.
.
إلى البحرين - المحرق :
خرج من منزله عازمًا الالتقاء بصديقه الذي أتى من سلطنة عُمان لأجله ، وهو يقلّب المُفتاح بيديه
عقد حاجبيه عندما تراءى لمسمعه أصوات تداخلت ببعضها البعض بشكل حاد
ليخرج خارج أسوار بيته وهو يرى ابن اخيه ذو الثمانية سنوات
يتعارك بقسوة مع أحد الأطفال الذين في سنّة
اقترب منهم بسرعة وهو يُحاول التفريق بينهم ليُردف بحدة
غاضبة بعد أن رأى الدماء تخرّ من فم الطفل الآخر:
حمووود يا ولد ، خلاصص
أبعدهم عن بعضهم البعض وهم في حالة عصيبة
لينزل محمد قميصه الذي ارتفع ويمسح على خده الأحمر ليقول بغضب:
والله أقص لسانك لو سمعت ها الكلام مرة ثانية
مسكه مشاري من ياقة قميصه بغضب ليُردف:
وتهدده قدامي حمود ؟ خوش احترام
ما علّمناك إن الجار واجب احترامه ؟ تبي يدّك يزعل عليك؟
تراجع محمد وعينيه تمتلي بالدموع من كلامه:
قول حقه عمي ، سمعه شو يقول!
كذاب وستين كذا ! سعيّد والشلة اللي معه يكذبون!
ليُردف سعود بغضب طفولي عميق بسبب الدماء التي تفجرت من إحدى أسنانه المنكسرة :
هيييه خلك نايم أنت حمودوه ، كل الفريج يدرون إن عمك يوسف إرهابي
أبوي وعميّ وخوالي كلهم يقولون!
تصلبّت عينا مشاري على ما نطق به هذا الطفل الصغير للتو
كيف علم بهذا الآمر الذي ظل سرًا دفينًا حتى عن أقرب الناس لهم
ليقترب من سعود ويقول بهمس هادر:
هالكلام لو سمعته مره على لسانك ولا لسان الشلة اللي وراك
دفنتك وإياهم في البسيتين ( منطقة بها مقبرة )
تراجع سعود بخوف وهو يُبلع ريقه من تهديد مشاري الصريح ليلتف خلفه
ويركض مُبتعدًا ليتبعوه أصحابه!
تنّهد مشاري ليلتفت إلى محمد وهو يلمح الدمع بعينه
ربّت على كتفه بحنان امتلى بغصته ليقول:
ولا عليك منهم حموّد ، يهالوه ما يعرفون شيء!
ادخل داخل لا تخلّي أمك تدور عليك وتحاتيك
هزّ رأسه وهو يركض إلى الداخل ليركب مشاري سيارته
اتكئ بجبهته على المقود ليتنّهد بهمّ عارم ويقول:
صار اللي تبيه يا يوسف؟ شمتتّ حتى اليهال فينا!
" وبقهر واضح " روح الله لا يردّك كانك حيّ
ردّ على جواله عندما سمع رنينه ليرى الاسم المخطوط عليه ويقول:
هلا اليزن ، مسافة الطريق وأنا عندك إن شاء الله
.
.
توقف يوسف قليلًا ليأخذ نفسًا عميقًا بعد الركض الذي حصل ليرى ساعة يده
فقد قطعوا الآن 8 دقائق ونصف وتبقّى أقل من دقيقة ونصف حتى إنفجار القُنبلة!
لا يعلم كيف ركضوا من بايزووتر إلى جنوب كينغستون حيث يقع مُتحف العلوم بهذه السرعة الفائقة
نظر إلى تخطيّ مُهند لراشد وهو يقترب كثيرًا من بوابة المُتحف
حمد الله كثيرًا أن اليوم هو الأحد ، لذا ليس هُناك إزدحام بإستثناء المارة والقليل من الزوار السيّاح
وقفوا بالداخل وهم يلتقطون أنفاسهم المُتعبة
ليُردف يوسف بقلق صارخ:
وين بنحصلها في هالمكان؟
فالمُتحف عبارة عن ثلاث طوابق ، ومليء بالسيارات والطائرات ومكاكيك الفضاء وكل مايخصّ العلوم والتكنولوجيا
والكثير الكثير من القطع التي يُحيط مُعظمها زجاج حماية
أكمل يوسف جملته لتصل رسالة إلى هاتف راشد محتواها:
" F1 , train "
ليقول راشد بصوت حاد :
القطــار!
ركض مُهند بأقصى سُرعته بشكل سريع وحذر بالوقت ذاته
متعديًا على السيّاح وكل المعيقات أمامه
تبعوه راشد ويوسف حتى وقفوا بدهشة عندما رأوه يدخل أسفل القطار الصغير بشكل إنتحاري
صرخ راشد بلغة إنجليزية خائفة:
اخرج من هُناك أيها المجنون!
كان يوسف سيتقدم ليسحب مُهند من مكان القُنبلة التي شكّوا أنها زُرعت أسفل القطار
ولكنّ راشد لمّ يسمح له لن يقترب أكثر
فإن كانوا سيموتون ، ليموتوا محترقين لا متقسميّن إلى أشلاء
تعالت أنفاس مُهند والعرق ينزل من رأسه
وهو يرى القُنبلة فوق وجهه تمامًا ومؤقتها وصل إلى عدّه التنازلي
يسمع صُراخ أصدقاءه ليخرج من مكانه حتى لا تذهب جثته في مهب الريح ولكن هيهات!
بلع ريقه عندما لمح المؤقت وقد فات الأوان
" 5 , 4 , 3 , 2 "
أغمض عينيه بقوة فظيعة ليمرّ على باله كلّ شريط حياته
من طفولته وحتى هذه اللحظة
ليُهمس بوداع:
أشهد أن لا إله إلا الله وأن مُحمـ.ـدًا ...
حتى انقطع صوته في هذه اللحظة
.
.
.
.
تراجعت إرم بضيق على الإصرار الشديد للطفلة التي أمامها
لتجثو على ركبتها وتمسح على خدها بخفة لتقول بحنان:
بس مرة وحدة ، آخر مرة وعد!
رفعت الطفلة عينيها الدامعتين إلى وجه إرم وهي تشعر بوجع في يديها من التمارين التي فاقت قوتّها
لتُهمس:
والله العظيم ايدي عورتني ! تكفين خلاص
رفعت إرم أنظارها الى طبيبة العلاج الفيزيائي بضيق
وهي يحزّ عليها أن تضغط على هذه الطفلة الصغيرة
لا تستطيع أن تمرر رجائها دون أن تلبّي لها أمره
يجدون نقطة ضعفها بشكل سريع وقد يظهر هذا على وجهها
نظرت إلى ساقي الطفلة الصناعيتين
لو تستطيع أن تُعانق هذه الفئة بكل جوارحها ، فما عادوا يصطبرون على الألم
كل هذه المصائب شيدّت صروحًا من الحزن في أعينهم البريئة
تنّهدت لتقف من طولها لتقول للطبيبة بابتسامة :
خلاص يا دكتورة اليوم نرتاح وبكرة نكمل
انفرجت أسارير الطفلة زهرة لتتنهدّ براحة من جلساتها المُرهقة لروحها قبل جسدها
انحنتّ إرم حتّى تقبّل رأسها لتخرج بعد أن مسحت على وجهها التعِب
دخلت إلى مكتبها المُغلق لتنصدم من الجالس بكلّ راحة على الكُرسي أمام مكتبها
فتحت الباب على أقصاه لتدخل وتجلس على كُرسيها المريح
وتقول بجدية حارقة :
ممكن أعرف من سمح لك تدخل؟
كان يضع رجلًا على رجل وينظر لها بإعجاب فعلي من تغيّرها الملحوظ في شخصيتها
ليُردف ببساطة:
قلت للمُمرضة إني قريبك ودخلت!
نظرت بشكل مُباشرة إلى عينه وقلبها خالٍ من المشاعر ناحيته
قد كان يومًا شيئًا كبيرًا بالنسبة لها
ولكنّ الآن ؟ القلب مُحترق ومترمدّ بسبب حبه
وروحها غرقانة ولم تجد من يُنقذها بسبب طُغيانه
أردفت بنفس النبرة الحادة الساخرة:
سبحان الله ، أبو طبيع ما يجوز عن طبعه!
الكذب ، طول عُمرك بتظل تكذب حتى على ظلّك
ليُردف صالح بحدة:
ما كذبت!
لتنظر له بشراسة وهي تنقر على الطاولة بحدة:
وتقول قريبي؟ هذه وشهي؟
صالح لآخر مرة أقول لا تعتب باب دوامي
وإلا ما بيني وبينك إلا الشرطة بعدها
تنّهد صالح ليكتّف يداه وهو يقول:
خففي من الأسلوب الهجومي هذا ! ماني عدّوك
جاي أتفاهم معاك بهدوء ، عاقل لعاقل إذا ماعندك مانع
وقفت بهدوء يخفي خلفه براكينها الثائرة:
عند موانع كثيرة تخليني أجرجرك بالمحاكم
وأخليك توقع تعقد غصب عن عينك حتى ما تقرب لي شبر واحد
اتقي شريّ يا صالح ! شري اللي ما شفته ولا أنصحك تشوفه
وقف ليقول لها بجدية:
طيّب يا إرم ، كلمة وحدة وحطيها حلقة بإذنك
طال الزمن ولا قصر مردّك لي!
احتدت نبرة صوتها من تملّكه المُشمئز اللابس لثياب العاشق
وهو أبعد ما يكون عنه حتى!
لتقول بنبرة حادة حارقة:
الباب هناك ، وريني مقفاك
نظر لها بنظرة عميقة المعنى والمغزى ليخرج وهو يبيت النية ليعود مرة واثنتين وعشرًا
ارتمت على كُرسيها بتعب وكأن جبل انهدم لتوه
قد غسلتك من قلبي يا صالح كما يُغسل الجسد قبل الكفن
أبكيتك وأبكيت منزلًا كُنا أنا وأنت في سجنه أحرارًا
لست من نسف الوعود ولست من خان العهد
أنا القُدس حين خانوها الأصحاب وأسراب الطيور
أنا الطفل السورّي في أرضه مأسور ولكنّ يُقاوم
أنا الصرخة اليمنية الغاضبة في وجه الإرهاب
فكفاك محاولات لا تُجدي نفعًا للمرور من ثُقبي
لم أرتجي الصفح منك ، ولا العتَب أو العُذر
فقد رحلت كل الأماني برحيلك ، ماتت لوعة الوادع بعد عمائلك
.
أنت تقرأ
ما علموك إني ابن هالصحراء ، وإني شرقي الهوية والهوى
Misteri / Thrillerتُختطف كادي من أرض السعودية بحادث مدبّر وقبلها اُختطف ٥ آخرون من دول الخليج الخمسة يلتقون في لندن مدينة الضباب .. ليصبح هدفهم واحد ( حماية الخليج من كيد المتربصيّن ) - بالإضافة إلى الدكتور إياد .. الذي يهرب من السعودية إلى مانشستر ، طمعًا في نسيان ا...