الجزء ٣

1.7K 29 0
                                    

.
أمام فندق جراند شيراتون:
يتكيء راشد بقدم واحده على الحديد من خلفه
مُرتدي لنظارة سوداء تُخفي خلفها ملامحه السمراء
يركزّ نظراته على المارة أمام الفُندق بهدوء وتركيز!
يُحاول أن يلمح الرجل السبعيني ، ضحيتهم الجديدة
تنّهد عندما رأى قدوم يوسف بنفس الشارع الواقف فيه
ليقترب منه ويُصافحه بخفّة
ليُردف يوسف بخفوت :
الكل في مواقعهم ، دقيقة ويوصل أليخاندروا
هزّ راشد رأسه بإيجاب وهو ما زال يُلقى نظراته يمينًا ويسرةً
ليقول بهمس باسم:
إن شاء الله مُهند ما ينكبنّا كعادته!
ابتسم يوسف ابتسامة صغيرة صفراء ليقول له وهو الذي
وعد مهندًا أن لا ينبس ببنة شفه بسرّه أو بالأصح بتهورّه:
سلاحه بجيبه ، توقع أي شيء!
التفت له راشد بحدة غاضبة ليعتدل في وقفته ويقترب منه
حتى لا يسمع المارة لُغتهم العربية الواضحة
وهو يُزفر بغضب من مُهند :
أنا ماقلت أسلحة لأ ؟ ذبح ومذابح مانبي
ما تعرفون تيوون ( تجون ) سيده بدون عناد؟
صدّ يوسف بنظره للفندق ليعود وينظر إلى انعكاسه
على نظارة راشد ليُردف:
إبليس ما قدر عليه ، راح أقدر عليه أنا؟
تأفف بضيق وهو يدعي الله بداخله أن يستر على مُهند
فهو على الرغم من ثقته به إلا أنه لا يضمن تهورّه عند غضبه
وليس فقط بسلاحه! بل بالرقاقة التي تتوسط أسفل كتفه
انتبه لهمس يوسف الذي قال بحماسة:
وصل وصل!
التفت بهذه اللحظة ليوسف وهو يقول بجدية صارمة:
مثل ما اتفقنا ، دانة وماريا يحصلّون الأوراق
ينتهي دور كادي!
5 دقايق بس يا يوسف نركض فيها من هنا
للهايد بارك !
هزّ يوسف رأسه مُوافقًا وهو يرى نزول أليخاندروا من سيارته
يحوط به اثنين من حراسّه الشخصيين
ويمشي بجانبه سكرتيره الخاص حاملًا شنطة صغيرة بيده
.
بداخل الفندق:
أرسل مُهند رسالة سريعة لدانة يُعلمها بوصول الضيّف
ليلتفت بابتسامة واسعة إلى العميل الذي أردف:
جناح كبار الشخصيّات باسم أليخاندروا روسيه!
كانت نظرات مُهند تتجه مرة إلى شاشة الكمبيوتر
ومرة إلى أليخاندروا الواقف خلف الذي أمامه
ليبتسم وهو يمدّ له المُفتاح بعد أن أنهى تسجيل الإجراءات
ليقول بلهجة ثقيلة:
إقامة مُمتعة نتمناها لكم سيدّي
التفت أليخاندروا لمُهند لينظر إلى هيئته ثم لبطاقته المُعلقة بجانب صدره والمكتوب عليها " راڤائيل أليكساندر"
الاسم الذي يُناسب هيئة مُهند وملامحه السمراء
ليهمس بإعجاب خافت :
برازيلي؟
اعتدل مُهند بثقة في وقفته ليُردف باللهجة البُرتغالية:
سيم سينور / نعم سيدي !
ألقى ابتسامته المُعجبة ليمشي بإتجاه جناحه دون ردّ
ليضحك مُهند بخفة هامسة:
يقولك برازيلي ! برازيلي بعينك
عُماني ياحبيبي عُماني أنته ووجهك المشهّب
أرسل رسالة لماريّا ودانة بكلمة واحدة:
‏"Done / تم "
.

.
نزل تميم من الأعلى بعجلة وهو يلمح الصالة الخالية
من الجميع!
ولكنّه لمح على الطرف شادن وهي تقف على كُرسي صغير
أمام دُلاوب زجاجي يحوي على تُحف مصغرّة تخصهم
ليمرّ من جانبها بخفة ويسحبّ شعرها المُتدلي من خلفها
صرخت بوجع من شعرها الذي انسحب للخلف
لدرجة آلم منابتها لتلتفت إلى الواحد لا غيره
من يفعل بها هذا كل يوم لتقول بغضب:
وجع زين !
ياخي شوفلك شغلة ثانية غير شعري!
بس خلاص قطعته.
تكتّف تميم وهو يضحك بصوت عالي لكيّ يثير استفزازها
ليقول بعد أن رأها تزفر عصبيتها:
وأنتي شوفي لك شغلة ثانية غير التنظيف
من صرتي باطلة وأنتي ماغير تلمعيّن في البيت
لو كان بشري لكان قال ارحميني منك
ضربته بالفوطة الصغيرة التي كانت بيدها لتقول بضحكة على استهزاءه بشكل يومي لتُردف:
طيب هذاك قلتها " باطلة " !
ما وراي شيء أتسلى فيه غير أمور البيوت!
نظر لأخته نظره سريعة ليُردف بعدها بجدية:
قدمي أوراقك في الشركات!
وكلّمي ليث يخلّص موضوعك ، ترا الفراغ قاتل
تكتفت لتبتسم على حرص ودلال إخوانها
من أكبرهم وحتّى أصغرهم ! وهي تعلم مدى دعمهم لها
وتشجيعهم الدائم في ما يخصّ دراستها
لتُردف بابتسامة:
جعلكم تسلمون لي ، بس واسطة لأ!
تخرجت بمجهودي ، راح اشتغل بمجهودي
ورزقي مكتوب متى ماقدمت جات لي الوظيفة
ابتسم تميم لعقلانية أخته حتى في أبسط الأمور
تمضي في حياتها على البركة والتوّكل
وتعرف ما قد يرضى الله وماقد يُغضبه!
ليقول بابتسامة وهو يمدّ لها المقص :
ماعلينا ، خذي عدّلي لي الشنب من تحت أخاف أجرح نفسي كالعادة
مسكت شادن المقصّ الصغير وهي تُجلسه على الكرسي
بخوف وقلق من حالة أخيها الغريبة في السنة الأخيرة
فأحيانًا تصيب يده رجفة شديدة لا يستطيع أن يعمل بها
لتقول بخوف:
تميم كم مرة قلت لك روح للمُستشفى خلال هذه السنة؟
ياعيوني شوف وش علّتها وخلهم يعطوك دواها
ركز في نظراتها وهو لا يستطيع الكلام بسبب عملها
ليُردف بعد أن انتهت وابتعدت ويقفّ بابتسامة:
ترا كلها رجفة ، وبيدي اليمين بس!
عاد أخوك أعسراني يقدر يخلّص أموره بها
تاففت من عناده الأبدي بخصوص صحته التي كثيرًا
ما تنازعت فيها معه
لتقول بعد أن رأته خارجًا إلى دوامه بصوت عالي:
هاه أشوفك اليوم بالتلفزيون؟
ضحك ليقول وهو خارجٌ لسيارته بنفس نبرتها:
لا ، بس إذا رجعت أبي كيكة شوكولاتة ملّغمة
ابتسمت بضحكة وهي تعلّم كم يحب تميم كعكة الشوكولاتة
.
.
وقفتا أمام باب الجناح بعد أن خرج هو وسكرتيره نزولًا إلى قاعة اجتماعات الفنُدق لتهمس ماريا:
دويّن ، ١٠ دقايق لا غير عندنا!
تكفين لا تفهيّن وركزي في اللي نبيه!
ملّف أزرق داخله أوراق وايد ، زين؟
هزّت دانة رأسها بإيجاب لتُمسح بالبطاقة المُصرحة لها على الباب ويُفتح
دخلتا بسرعة لتُغلق ماريّا الباب من خلفها وتتقدمان للجناح الواسع
أشرت لها ماريّا على مكان غُرف النوم:
دوري هني ، وأنا بدوّر بالصالة!
بدأتا بالبحث سريعًا في كلّ جانب تقع أياديهن عليه
صرخت دانة من داخل الغُرفة بصوت حماسي لتقول:
ويييه مااااريَا!
التفتت ماريا وبنفس النبرة العالية:
وش فيج؟
خرجت دانة من الغُرفة لتقف بجانب بابها وهي تُمسك بيدها
عقد ألماسي رائع لتُردف:
شفتي ريّال يلبس عقد ؟ لا وألماس بعد؟
عضّت ماريا شفتها بغضب :
دويّن اتركي اللي بيدج وكملي بحث !
مب وقتج قسم بالله!
تأففت دانة وهي تعود اللي الغُرفة الواسعة
لتترك العقد بالصندوق المفتوح.
وتُكمل بحثها في أرجاء الغُرفة!
بعد خمس دقائق من البحث المُضني
ارتميتا على الكنبة وهما تتنهدّان بصوت عالي لتقول ماريّا:
وين خاشه هذا؟ تتوقعين مو معه بالأساس؟
زفرت دانة بتعب:
ماهو يوسف قال ما يا ( جاء ) لندن إلا عشان يتعاقد مع شخص
يغسل له الأموال ؟ أكيد الأموال ما رح تكون أمواله الخاصة
وكزت ماريّا عضد دانة وهي تُأشر لها على شنطة رسمية
مفتوحة جُزئيًا على غفلة لتفزّ من مكانها وتتوجه لها
قفزت وراءها دانة وهي ترى ماريّا تلبس قفازًا على يدها
وتفتح الشنطة بخفة ،
وجدت عدة ملفات مصفوفة فوق بعضها البعض ببعثرة
وكأن صاحبها كان على عجلة من أمره
قلبّت لدقيقتين وهي ترى الملّف الأزرق المنشود
عضّت دانة شفتها براحة عنذما لمحته لتقول لها:
بسرعة حطيه بأي مكان!
لوت ماريّا الملف لتُدخله في جيب صدرها وتعيد ترتيب الملفات السابقة وتترك الشنطة مفتوحة كما هي
لتتجمدا فجأة حين فُتح الباب من خلفهما
.

ما علموك إني ابن هالصحراء ، وإني شرقي الهوية والهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن