.
زفرت ديّار نفسها المُغتاظ وهي تقترب من والدتها لتقول لها بهمس:
يمه أنا بطلع . راجح ينتظرني برا
نظرت لها سالمة وهي تهزّ رأسها بإيجاب . ولم تمنعها
تعلم أن راجح غدًا مُسافر وأنها لابد أن تكون بالقُرب منه لتُلبي احتياجاته إن وُجدت
ارتدت عباءتها لتخرج بعد أن قبلت رأسها
متوجهه إلى سيارة راجح التي أصبحت تراها
ركبت بهدوء عميق وبرود جامد لتقول:
السلام عليكم
كان ردّه على سلامها بأن ضغط على البنزين بقوة
قبل حتى أن تُغلق الباب كاملًا
الأمر الذي جعلها تتراجع على كُرسيها بشهقة لتنظر له بغضب عارم:
ناوي تذبحني ؟ شوي شوي علينا.
زفرّ راجح دون أن ينظر إليها وهو غاضب . غاضبُ جدًا وحانق
وسفره غدًا يُأزم وضعه أكثر مما هو عليه
خلال دقائق وصل إلى منزله ليُغلق السيارة ويخرج قبل أن تخرج هي
زفرّت ديّار وهي تُغمض عيناها بصبر:
اهدي يا ديّار اهدي -نزلت من السيارة وهي تقول بغيض-
مدري من المفروض يزعل . أنا ولا هو
صعدت إلى غُرفتهم وهي ترى خلّو الطريق من الإنارات والبشر
لتدخل بهدوء وهي تستمع لصوت الماء في دورة المياة
تنّهدت وهي تنزع عباءتها وتكشف من خلفها فستانها القصير نسبيًا
لتتجه إلى غُرفة فهد وتدخل بخفوت
اتسعت ابتسامتها . وامتلأت عيناها بالدموع الحزينة
لتجثو بالقُرب منه وهي تنحني إليه وتُقبل أنفه وجبينه وشعره
همست له بصوت ملؤه الحُب والوجد:
الله يبلغني فيك وأنت تمشي برجلينك ياحبيبي
استنشقت رائحة البودرة والمسك وهي تضع أنفها بين كتفه ورقبته . والبُكاء يطفو على سطح عيناها
باكرًا عليها البُكاء . ولا تُريده أن يزورها إلا حين تُبشّر بسلامته
لا تُريد أن تبكي الآن حتى لا تدع مجالًا للشكوك والظنون
إلا أنها غُلبت حين سقطت دمعة وحيدة وصبّت على كتفه الصغير
اعتدلت بوقفتها وهي تمسح دمعتها لتخرج إلى غُرفتها
صدّت بوجهها لمّا لمحت راجح خرج بروبه من دورة المياة وهي تتّجه لدولابها وتُخرج لها بجامة نوم
وعيناها تنتقل إلى حقيبة سفره الموضوعة جانب
عضّت شفتها بضيق وشعورها بالأسى يتفاقم
تركت ما بيدها لتجلس على الكنبة الصغيرة ويدها على موضع قلبها
يؤلمها راجح بإتخاذه لقرارها بدلًا عنه
يؤلمها أنها لن ترى فهد وهو يمشي من جديد بخطوته الأولى
يؤلمها أنه لم يقتنع بأسبابها وأصرّ على أسبابه
تنّهد راجح وهو يلمحها من مرآة التسريحة ليترك ما بيده وهو يتّجه لها ويجلس بجانبها
همس لها بحنو مُغلف بجدية:
أنتِ تحسبيني ما أبيك معي ؟
والله يا ديّار لو الود ودّي نطير أنا وأنتِ وهو . بس ما أقدر
رفعت عينها المليئة بالدمع:
تقدر . كل شيء لو تبغاه تقدر عليه يا راجح
الموضوع مو صعب لهذه الدرجة . أنت فعلًا ما تبيني
مسك يدها ليضغط عليها بقوة:
ديّار . لي اسبوع أشرح لك . ولك اسبوع تعيدين نفس الإسطوانة
لو إني مسافر لحالي أخذتك . بس ولد عمي معي
-مسح على اصابع يدها بحنان-
احسبي من هنا لخمس أيام . خمس أيام وأنا فهود عندك
نظرت له لتُهمس بوجع مرّ على قلبها:
مو تقول أنا أمه ؟ كيف تبيني ارتاح وأنا هنا بالسعودية بينما ولدي في مستشفيات ألمانيا
انحنى وهو يقبّل يديها الاثنتين ليُهمس برجاء:
لا تصعبينها عليّ يا ديّار . أنتِ تدرين بظروفي . أخذت ما دوني وما تحتي حتى أعالج ولدي وأشوفه يمشي من جديد
إذا رحتي بتتعبين معي . بتتعبين بالطيّارة وبالمستشفى وبعد ما يطلع من العملية
تبين وقتها أحاتيك ولا أحاتيه . انتظرينا هنا وحفّينا بدعواتك
تنّهدت ودموعها التي كافحت حتى لا تسقط . سقطت أمامه
اقترب منها وهو يبتسم بحنو ليحتضن كتفيها ويسحبها له:
تخسيّ الدموع أقول
تراجع لمّا شعر فيها تدفعه لتقف على طولها وهي تقول بهدوء:
الليلة بنام عند فهد . لا تدخل وتزعجنا
وقف وهو يُمسكها من يديها بسرعة قبل أن تمشي:
ديّار اتركي الولد نايم . ولا بتدخلين عنده وبتبكين؟ - لتتسع ابتسامته - بعدين يا ستيّ تبيني أشوف ذا الحلا وأتركك ؟
تعالي بس ياعيون راجح . تعالي مالك الليلة إلا حضنه
.
.
أنت تقرأ
ما علموك إني ابن هالصحراء ، وإني شرقي الهوية والهوى
Mystery / Thrillerتُختطف كادي من أرض السعودية بحادث مدبّر وقبلها اُختطف ٥ آخرون من دول الخليج الخمسة يلتقون في لندن مدينة الضباب .. ليصبح هدفهم واحد ( حماية الخليج من كيد المتربصيّن ) - بالإضافة إلى الدكتور إياد .. الذي يهرب من السعودية إلى مانشستر ، طمعًا في نسيان ا...