.
قبل ذلك / مُنتصف الليل - لندن :
يقف في سّكة مظلمة ظلامًا دامس ، سكّة بالكاد تسع لمرور شخص واحد فقط
يقف بإنتصاب ويديه خلف رأسه !
ينظر يمينًا وشمالًا وللأعلى يُحاول أن يلمح طرفهم
لكن لا شيء سوى الظلام!
أخذ نفسًا عميقًا ليُردف بصوت شبه عالي بلغة إنجليزية:
أنا هُنا !
-سكت قليلًا ليُكمل بنفس النبرة-:
أعلم أنكم تسمعونني ، جئت إليكم بقدماي
إن كُنتم تريدونني حيًا فإني هُنا أمامكم
صوت كالصدى قدِم من مكان شعر أنه عميق
ليقول :
تقدم قليلًا
تنفسّ إياد بعُمق وهو يدعو الله في داخله أن لا يذبحوه اليوم
ليتقدم حتى وقف في تقاطع سكتيّن لا يُنيرها سوى إضاءة شارع
أغمض عينه اليُمنى عندما شعر بإضاءه عالية تُسلط عليه
ونقطتين حمراء تركزت إحداهما في جبهته والأخرى في بطنه
بلع ريقه يُحاول أن يتزّن لكي لا يُردى قتيلًا
ليأتيه ذات الصوت بنبرة فرنسية :
le nombre / الرقم؟
ليُردف إياد بالرقم الذي أحفظه إياه راشد :
Un, neuf, huit, trois / واحد ، تسعة ، ثمانية ، ثلاثة
رأى إياد اختفاء إحدى النُقاط الحمراء
وبعدها بثانية واحدة يظهر رجل من السكة على يساره
يحمل رشاش خفيف الوزن استطاع أن يميّزه إياد
التفتت له ويداه ما زالت خلف رأسه ليقول بجدية:
هوووب لحظة ! إلى أين؟
وقف الرجل ليقول بنبرة إنجليزية مكسرّة وبضحكة:
هل أنت أبله ؟ لقد جئت بقدميك وتسأل إلى أين؟
ابتسم إياد بخبث مماثل:
ليس قبل أن تُخبرني ماذا تُريد مني؟
اعتدل الرجل في وقفته ليقول بجدية ساخرة:
دعنا نستضيفك أولًا لنخبرك بعدها عن رغبتنا بِك
هزّ رأسه بالنفيّ بِنفس ابتسامته:
لا تنتطلي عليّ ، هل تخبرني الآن أو ..
سكت وهو يرفع يده من خلفه لتتضح تمامًا القُنبلة اليدوية الضوئية لذاك الرجل
تراجع خطوة للخلف وهو يرفع سلاحه في وجهه ليقول بغضب:
احذرني أن تفتحها ! ستسقط ميتًا هُنا
بضحكة استفزت الرجل الفرنسي أردف إياد:
أوه يا إلهي ، أرى أنك خائف - أكمل بحدة -
عش الخوف لا بأس ! ولكن قبل ذلك أخبرني من أنتم؟
رفع حاجبه ليقول :
أحلامك كبيرة يا دكتور !
عندما لمح إياد عودة النقطة الحمراء الأخرى أخذ نفسًا عميقًا مُستعدًا لتنفيذ خطتّهم التي وضعوها
وبسرعة البرق ، أنزل إياد يديه ليركض جانبًا ويتكئ على الجدار بعيدًا عن أعين القناص والرجل الفرنسي
لتنتطلق طلقتين واحدة على الجدار من خلفه والآخرى على الأرض
تنفّس بقوة ليزحف على الجدار بعيدًا
يرتجي أن يستظلّ باللوحة الحديدية التي تعلو البناية التي بجانبه
وتحجب أنظار القنّاص عنه ! جمع رجليه لصدره لكي لا يرى ظلّه أو طرف اصبعه
التفت بجانبه وهو يرى مُهند يزحف على الجدار ويجلس بجانبه بقوة
مدّ له السلاح وهو يقول بحدة:
خذ ، وتراه الخزّان قليل اقتصد فيه !
يعني لو تجيبه في نص رأسه بتوفر علي واجد
عضّ إياد شفتيه ليهمس:
راشد وين؟
التفت مُهند ليُردف بقلق:
المخرج اللي كنّا مخططين عليه ، طلع مسكرينه السكارى
يعني لو دخل هِناك ما بيطلع سليم
إما متضارب مع سكيّر أو ممسوك على يد المنظمة
توسعت عيّنا مُهند ما إن رأى طيف كادي وهي تنزل من السلالم المربوطة بالبناية
لتقترب منهم وهي منحنية الظهر لتجلس بجانب مُهند
أردف مُهند بغضب:
حمارة أنتِ؟ موه جابش هنا ؟
تنّفست كادي وهي ترى نظراتهم الأثنين عليها لتُردف:
ماريّا بروحها في الشقة مع الرجال!
روح لها لان دانة ويوسف طلعوا يراقبون الوضع من نهاية الشارع
توسعتّ عينا مُهند أكثر ليقول بحمَق:
عمى مخليينها وحدها ، ذيك خوافة لو بس شاف عليه بنظره ساحت
- التفت لإياد بابتسامة عبيطة -
اعذرنا الزميل ، لازم نلبّي نداء الخطيبة!
تفضل استبلى باللي جنبي
وقف مُهند وهو يترك سلاحه في حضن الكادي ليقول بتشديد :
تراه ما لعبة ، انتبهي لنفسش
هزّت رأسها بإيجاب لتمدّ رجليها لحضنها حتى تسمح لمُهند بالمرور
مسحت على حاجبها الثلجي بخفة لتبتسم على كلام إياد الهامس:
يارب إن كنت تختبرني في بلائي فاللهم لا إعتراض
التفتت له لينظر إليها بحدة:
وش جابك ؟
بنفس الابتسامة أردفت وهي تفتح صمام الأمان في السلاح:
من زمان عن المُغامرات !
طلّع طرف رأسك من الجدار خلينا نشوف موجود ولا راح
صدّ عنها بسخرية :
صح ، عشان يفجّر رأسي بثانية - ليقول بحدة -
ترا اللي بيده رشاش ، بينثر دماغي قدامك
أخذت نفسًا لتُردف بصبر:
أجل وخرّ خلني أنا أشوفه !
كانت ستقوم ، بل بالفعل قامت من مكانها
إلا أن رصاص القناص التقطها لتتراجع على الجدار بقوة وهي تشهق
لتُردف بغضب وهي تنظر لإياد المبتسم بسخرية:
وكاشخ بعد ؟ علمني إن في سنايبر على الأقل
هزّ رأسه بأسى وهو يمسح على جبينه :
توقعتك ذكية وبتنتبهين للنقطة الحمراء اللي تحوم قدامنا
ما تشوفيني حاضن رجلي لا يصيدني
جلست وهي غاضبة بنفس جلسته لتُردف:
طلّع رأسك بس طرف رأسك على الأقل
أخذ إياد نفسًا ليُزفره وهو يُجازف بنفسه لأجل كلام هذه المجنونة
أخرج طرف رأسه ليتناثر في هذه اللحظة حجر البناية ويصيب بعضًا من إياد
بسبب الرصاصة التي أطلقها الرجل
ليُردف بغضب عميق وهو يمسح على وجهه:
تفضلّي يا أختي !
الرجال يبيني وين بيروح يعني ؟
همست بقلق وهي تنظر للوحة الحديدية:
إن شاء الله يلقى راشد مخرج !
نكبونا السكارى الله يأخذهم
تنّهد إياد بضيق من الوضع الذي وُضع فيه وهو يلتفت لزفرتها القلقة
ينتظرون من راشد التصرف السليّم وهم هُنا محاصرون بين اثنين محترفيين
أردفت بهمس قلق من خطتها التي وضعتها:
إياد اصرخ بكلمة - أَ غِتّي - حالًا
عقد حاجبيه بعدم فهم لما تقول لتُكمل بقلق:
مافي وقت وما راح نتنظر راشد!
اصرخ بهذه الكلمة بسرعة لازم نتصرف
لم يستمع لها هذه المرة لتقول بعناد غاضب:
لا تخليني أرمي نفسي قدام السنايبر وتآخذ بذنبي
أصرخ بســرعة
همس بغضب ليقول:
لا تآمريني ! ما راح اسوي شيء على عماي
وش معنى هالكلمة أولًا ؟
زفّرت بضيق لتُردف:
بتصرخ ولا أصرخ أنا ؟
هزّ رأسه بالنفي مُستعبدًا كلامها المجنون الذي يشكّ أنه يخرج من فم فتاة عاقلة
عندما رأت أن إياد بدأ بتطويلها فعلًا ، وقفت في مكانها
ومدت سلاحها للأعلى لتطلق بطلقات عشوائية نحو اللوحة
لم ولن تصل إلى القنّاص بل لإبعاده لمدة ثانيتين فقط
قفزّت من أمام إياد لتخرج نحو التقاطع وهي ترفع يديها للأعلى
وتصرخ بنبرة عالية جعلت عينا إياد تتوسع من حركتها المجنونة:
أَ غِتّي - توقّف -
هي ثانية واحدة فقط ، بين صرختها وإستيعاب إياد لغبائها المُستفحل
وبِردة فعله السريعة كعادته ، وقبل أن يخترق جسدها رُصاصات العدّو
مسّك يدها التي بجانبه ليسحبها بقوة لم يُسبقها قوة على الأرض
وهو ينحني فوقها ليضع يده على وجهها بعيدًا عن الرُصاصات التي انطلقت بسرعة فائقة
وبعيدًا عن الحجر والاسمنت الذي بدأ بالتطاير
شهقت بوجع عارم بسبب سُقوطها المؤلم وهي تشعر أن ظهرها ينكسر لقطع صغيرة
بعد دقيقة ونصف من حفلة الرُصاص توقفّ فجأة الصوت
رفع إياد رأسه بهدوء وخفّة لتقع نظراته عليها وهي مُغمضة عينيها
فتحت عينيها بخفوت وألم لتراه ينظر إليها من أعلاها
وهمس يصلها بصوت متوتر :
أنتِ بخير؟
لتُهمس بذات الصوت المتألم :
كسرّت ظهري !
استوعب للتو مكانه وأنه ما زال ينحني فوقها ويده على رأسها ليبتعد بوجل وهو ينظر إليها بغضب:
وش هالغباء اللي فيك ؟ ترمين نفسك قدام مسلّحين
ومتوقعة ما يذبحونك؟
اتكأت بيدها لتعتدل في جلستها وهي تنظر إليه دون أن تُردف بكلمة واحدة
زفرّ بغضب ليصدّ عنها :
بزر والله العظيم ، أنتِ ما تفهمين ؟ يبوني أنا
يعني لو يذبحونك أنتِ ما همّهم لأن همهم أنا
أردفت وهي تنظر إلى الأعلى لتقول بنبرة جادة:
ارمي القُنبلة
نظر إليه لثواني ليضحك بخفّة ساخرة من لا مُبالاتها لكلامه
اعتدلت لتقف على رُكبتيها وهي ما زالت تنظر للأعلى وتصرخ بحدة:
بسرعة ارميّها
التفت عندما رأها تُأشر بإصبعها على اللوحة المعلّقة والتي يُظهر إنعكاسها قطعة قُماش بيضاء تلوح بالأفق
تراجع للخلف وهو يبحث عن القُنبلة :
أوه شتّ !
وجدها بجانبه إلا أن الظلام حجبها لينظر لها بعجلة:
سكري اذانيك ، وغمضي عينك قد ما تقدري
بلعت ريقها وهي تهز رأسها بإيجاب
ليسحب إياد صمّام الأمان وبثانية واحدة رماها لحيث يقف الرجل الفرنسي!
.
.
.
بالجانب الآخر ، استطاع راشد اخيرًا إيجاد مخرج يأخذه للفرنسي ! آملًا أن لا تُخيب ذاكرته الظنّ
يحمد الله أن البنايات فارغة من السّكان ! إحداها تُبنى والآخرى شبه مهجورة
اتكئ على الجدار وهو ينظر إلى ظهر الرجل الفرنسي ممُسكًا برشاشه ينتظر طرف إياد ليقبض عليه
همس وعرقه يتصبب بتوتر:
بلاهم تأخروا ؟ يالله إياد يالله ارميها
كان مُرتديًا لسدادة الإذن ونظارة سوداء قاتمة !
لأنه القُنبلة التي يُوشك إياد على رميها ما هي إلا قُنبلة صوتية - ضوئية
تنتج عند انفجارها ضوء شديد مع صوت قوي يتسبب في فُقدان الرؤية
ثواني معدودة وهي يرى إنفجارها وصُراخ الرجل بقوة بسبب انعدام الرؤية
وبحركة سريعة من راشد جاء من خلفه لينقضّ عليه
وهو يغرز مخالبه في كتفه بهدف واحد:
نزع الرُقاقة منه!
.
.

أنت تقرأ
ما علموك إني ابن هالصحراء ، وإني شرقي الهوية والهوى
Mystery / Thrillerتُختطف كادي من أرض السعودية بحادث مدبّر وقبلها اُختطف ٥ آخرون من دول الخليج الخمسة يلتقون في لندن مدينة الضباب .. ليصبح هدفهم واحد ( حماية الخليج من كيد المتربصيّن ) - بالإضافة إلى الدكتور إياد .. الذي يهرب من السعودية إلى مانشستر ، طمعًا في نسيان ا...