.
تجلس إرم على سريرها .. حاضنة قدميها لصدرها
تهزّ نفسًا للأمام وللخلف وهي تتذكر آخر كلامها
التي ألقته على مسامع والدها وفيّاض:
" والله العظيم يبُه ، لو كان آخر رجّال في هالعالم ما قبلت فيه
لو كنت على شفا حفرة من الموت
ومالي غيره مُنقذ .. إني أفضلّ الموت عن تلمسني يده
لو كنت ضميانة وسكب لي الماء
ما شربت من يده شيء
ما راح أقبل أرجع له جثّة عشان سعادته هو
اللي خذاه من عُمري كافي يبه
كافي لا تجون أنتو وهو والزمنّ علي!"
مسحت على دمعها الذي هطل وهي تشعر بالوجع
الوجع من سيرة صالح التي حاربت لأجل نسيانها
هي الرابحة ! هي من كسبت المعركة
والمجنون هو من يعود للساحة بعد الإنتصار
وقفت على قدميها لتأخذ عبائتها وحقيبتها
ومُفتاح سيّارتها ! لتنزل إلى الأسفل
وهي تقول لوالدتها بجمود:
رايحه مشوار ضروري وراجعة ، ما راح أتأخر
خرجت بسيّارتها مُسرعة لتصلّ بعد دقائق قليلة
إلى المنزل الذي خرجت منه مُنذ سنة
بعد أن فقدت جنينها ، وفقدت الأمل بصالح
زفرّت وهي تنزل من السيارة وتتقدم بثقة إليه
وأنواره المُطفأة تنبئ بخلوّه من مخلوق
فهي تعلم أن صالحًا قد عاد للشرقيّة
حيث منزل والديه .. ليعيش هُناك بعد طلاقهما
أخرجت المُفتاح من حقيبتها لتدخل وتستقر في الصالة
لتشُعل الإنارة مرة واحدة
وهي تُسمّي بالله
صعدت إلى غُرفتهم السابقة كارهة ومُشمئزة
ولكن أتت من أجل مُهمة
ويجبّ أن تُنفذها بأسرع ما لديها
بعد دقائق طويلة خرجت وهي تمسح عرقها
بعد أن أتممت ما جاءت من أجله
لتنزل إلى الأسفل مُستعدة للخروج
إلا أنها تفاجأت بالذي يفتح الباب بغضب من أن سارقًا ما قد دخل
كبتت إرم شهقتها لوهلة وهي تنظر لقامته
بينمّا تحولّت نظرات صالح ليبتسم بعُمق:
هلا والله بحرمنا المصون .. وأنا أقول ليه البيت منور
أثاري صاحبته فيه
ابتسمت بسخرية:
أنا كنت أقول مجنون وغشيم ، : بس والله الحين أثبتت لي كلامي
اقترب منها بابتسامته لتتراجع هي:
ماعليه نصير مجانين عشان خاطرك
ايوه مدام إرم ممكن نعرف سبب تشريفك لبيتك؟
ابتسمت بنفس سُخريتها:
من ناحية بيتي ، فهو فعلًا بيتي ومالك فيه ريال واحد
وأنت قلتها .. صاحبته
يعني أدخله وقت ما أبي ! العلّة في الدُخلاء
اللي المفروض يستحون على وجيههم
ويطلعون من بيت ضيوفهم
تكتفّ بنفس الابتسامة:
ماهو الضيوف لازم يكون لهم القدر والحشيمة؟
أو من شيم أصحاب البيت يطردونهم؟
لتقول بحدة:
الحشيمة لغيرك ماهي لك.
والحين اطلع من بيتي وأرجع لأهلك يا صالح
البيت ذا بينباع - لتقول بسخرية -
أساسًا بفضلك هو تحت رهن البنك
ماقصرّت ، بعد ما خذيت القرض اللي يكسرّ الظهر
هربت مثل الجبان
اقترب منها بجنون غاضب ليمسك عضدها
وفحيح هامس:
بأحلامك تبيعين هالبيت يا إرم
تموتن ولا توصلين لمُرادك ! لا تطلعين جنوني عليك الحين
بإستفزازك وهجومك
ضربت يده بقوة لتنظر له بحدة دون رد
ليس لأنها خائفة من تهديده ! فهي أيامٍ عاشت على ساديتّه
لن تخاف بعد أن صقلت شخصيتها
بل لأن السفية لا يُرد عليه لقولها :بأني أؤمن أن
" يُخاطبني السفيه بكلّ قُبح فأكره أن أكون مُجيبا"
ليست تكره إجابته بل تكرّه كلّ مافيه
تعدّته تُريد أن تخرج إلا أنه فاجأها بأنه لفّها عليها
ليضرب ظهرها في الباب
واضعًا يده على طول كتفيها وبهمس حاني:
وش اللي جابك يا إرم ؟ تزيدني غم وهم
ولا تعلّين قلبي ببُعدك؟
ما علمك أبوك إني جيتك ندمان ومتحسر؟
ما علمك يا بنته إن اللي عاش في هواك مُعتلّ
يبي دواه؟
ابتسمت بسخرية حانقة:
إلا علمني ، وتدري وش قلت له؟
قلت له قوله يا يبه إن شركات الأدوية قفلّت بعد مرضه
خسرت بعد خسارة الدواء اللي كان يتعاطاه
بإن دواه عفَن وطار في مهبّ الريح
ما وصلك الجواب بالراحة ؟ يوصلك بالغصب
-لتُردف بحدة- والحين أبعد يدك عنيّ
لا تنسى إني ما أحل لك
تراجع بعد سُخريتها المرة ، بعد أن ألقت له
خسارته ورفضها في وجهه
ليُردف بغضب:
وش جابك؟
ابتسمت بإنتصار:
عشان تعرف إني مُستحيل أطلع الخسرانة
لا قبل ولا بعد المعركة يا صالح
جيت أخذ فضايحك اللي شهدها هالبيت ما شهدوها أهلي
من كشف الحساب لراتبي اللي تسحب منه شهريًا
للقرض اللي خذيته باسمي
للشركة اللي فتحتها أنت وصاحبك وخسرت فيها
لتقارير الضرب اللي كنت أتعرض له
وآخرها مرضك يا صالح .. مرضك اللي خبيته حتى عن أمك
وما يعرفه غيري ! تدري ليش؟
عشان مرة ثانية إذا أقبلت بالأعذار التافهة
إني لأشهّر هذه الأوراق كلها في وجه أبوي وأخواني
وصدقني ! وأنا قولي ما عُمره كذب
إنك بتمسي في قبرك ..
وفي صحراء محدن يدري فِيك!
لا أمك ولا أبوك ، ولا حتى في جاهتك
اللي جبتها قبل سنة عشان تكسر ظهر أبوي
قلت لك من قبل اتقي شري
بس خلي استخفافك بعقلي يفيدك الحِين
ألقت له نظرة ساخرة منتصرة لتخرج وهي تراه يتجمد في مكانه
أنت تقرأ
ما علموك إني ابن هالصحراء ، وإني شرقي الهوية والهوى
Misterio / Suspensoتُختطف كادي من أرض السعودية بحادث مدبّر وقبلها اُختطف ٥ آخرون من دول الخليج الخمسة يلتقون في لندن مدينة الضباب .. ليصبح هدفهم واحد ( حماية الخليج من كيد المتربصيّن ) - بالإضافة إلى الدكتور إياد .. الذي يهرب من السعودية إلى مانشستر ، طمعًا في نسيان ا...