.
انتقلت لجانبها الأيمن بصعوبة بالغة وهي تشعر بثقل بطنها وثُقل جنينها الذي بات يرفس كثيرًا
لتضع يدها أسفل خدها المبتلّ بالدموع وذاكرتها تعود بها إلى بعض المواقف الطريفة
( جلسا على الكُرسي أمام نهر التمز تحت الأضواء الساحرة ، والأجواء الباردة ، وقليلٌ من الضباب يطفو على سطحها
ألهذا سُميّت بمدينة الضباب ، ساحرة وفاتنة حتى به
انكمشت ماريّا حول نفسها وهي تُزفر بعض الهواء:
يووه برد وايد
التفت لها مُهند بإستغراب وعلى وجهه ابتسامة صغيرة:
أنا ما أشوف هذا البرد اللي تتكلمي عنه!
مدّت يدها المُتجمدة نحوه وهي تقول بتأكيد:
والله شوف يدي انمصع الدم منها من كثر ما هو برد
ضحك مُهند وهو يرى يدها تحوّلت للون الأبيض فعلًا وجزء من أظافرها احتّله اللون البنفسجي
مسك يدها ليُقبل باطنها بخفّة ، ثم سحبها ليفتح معطفه الذي يرتديه ويدخلها بداخله:
صدقيني هذه تبغى تدخل هنا ، عشان كذاك تتعيّر
ولا هو ما شيء برد
ابتسمت بخفّة وهي تضغط على حضنه بخفوت دون أن تُجيب عليه ، صمتهم أصبح سيّد الموقف وهم يستمعون لضجيج لندن حتى في الأوقات المتأخرة
همس مُهند بعد وقت من الزمن:
تعرفي ويش خاطري فيه؟
همهمت ماريّا بصمت وهي تشعر بالنُعاس يُرادوها بعد أن استكنّت فيه حضنه ليُكمل مُهند:
خاطري أرمش عيني وألقى كل شيء منتهي ، خاطري افتح عيني بعد رمشة سريعة وألقاني أنا وأنتِ وولدنا وسط أهالينا
زفرّت بهدوء وبزفرتها خرج الهواء المتجمد على هيئة غيمة بيضاء:
مُهند ؟- أكملت عندما سمعت همهمته- تتوقع ايي اليوم اللي تندم فيه على زواجك مني؟
أبعدها عن حضنه لينظر لها بإستغراب مُندهش:
ويش ذا السؤال؟
تنّهدت وهي تنظر لعيناه لتقول بضيق:
من صجّي أتكلم ، بييي هاليوم وتكره نفسك على زواجنا؟
عضّ شفته بغيض ليتقدم وهو يسحب إذنها ويديرها:
وبكلّ قواة عين تعيدي ذا السؤال هاه؟
إن سمعتش تقولي كذاك مرة ثانية ، أنا اللي بشلّ شلولي وأروح عند راشد ! يعني إني زعلان
ضربت يده لتُبعدها عن أذنها التي باتت تؤلمها لتقول بضحكة:
أنا كم مرة قلتلك ايدك لا تمدها ؟ مُهندوه تراها طايله لا أقصها لك
تراجع مُهند وهو يبتسم بعمق:
طاعو هذه أونها تهددني ، أقوووول
قاطعته ماريّا وهي تُعاود احتضانه لتقطع باقي تهديداته
همست بخفوت:
قول اللي يسرّ الخاطر ، إن كانك أيسره
وقول من الكلام ما تبغى إن كانك أعذبه )
مسحت دمعتها الممتلئة التي هطلت ، وهي تتذكر بعد كلامها ذاك ظلّ يكرر عليها كلمة ( أحبك ) بجميع اللغات التي يعرفها
في تلك الليلة أغدق عليه بوافر نعيمه وحِساسه الرقيق
انقلبت بصعوبة على الجهة الآخرى وجهتها السابقة باتت تؤلمها ، لتُصبح على جهتها اليُسرى بالقُرب من قلبها
( كانت تجلس في صالة شقتّهم الصغيرة تقرأ كتاب في التاريخ ، تصب كل تركيزها وانتباهها عليه
حتى قطع إنسجامها صوت مُهند وهو يقول من داخل دورة المياة:
ماريّــا
أغمضت عينها بقلّ صبر لتقول بإمتعاض:
اللهم صبرني على هالياهل - علت بصوتها لتُكمل - شنو تبي؟
بذات النبرة أردف مُهند:
تعالي بسرعة!
تركت الكتاب على الطاولة وهي تتأفف لتقوم وتتجه لدورة المياة المفتوح بابها ، وهي تراه على البانيو الممتلئ بالرغوة
أردف عندما رأها:
هاتي لي الروب ، معلق وراء الباب
عضّت شفتها لتُردف بغضب:
احين أنت تاركني أقوم من مكاني عشان أعطيك الروب ؟ عاجز أنت ولا ياهل؟
ابتسم مُهند بإستخفاف:
سميني اللي ودّش فيه بس هاتي الروب بردت!
وذكريني أنزل ألعن سابع جد راعي العمارة يومي أقوله يجي يصلح الحرّار وسافهني!
مسكت الروب وهي ترميه عليه لتقول بغيض :
وبعدين نهاية الشهر اقعد ابجي لأن فاتورة الماي يت وايد عالية
أخذ الروب منها وهو يرتدي ليخرج خارج البانيو وهو يقول بإندهاش:
مُهند يبكي ؟ ليش هالشنب ما مالي عينش لا افقع ذيك العين تو
بالكاد أكمل كلامه ليخطو خطوة خارج دورة المياة ، وبسرعة البرق أنزلقت قدمه ليسقط على الأرض بقوة ولولا رحمة الله به لكان رأسه الآن ينزف دمًا
شهقت ماريّا وهي تقترب منه لتجلس بجانبه بخوف:
يماه بسم الله عليك ، تعورت؟
مسك يده المتألمة وهو ينظر إليها بنصف عين من ألمه:
هذا أسرع اقتصاص أشوفه بحياتي ، أهدد افقع عيونش وما تجي ثانية إلا رأسي كان ينفلق
ضحكت ماريّا بشدة وهي تُحاول إيقافه من مكانه لكنّها لم تستطع بسبب شدة ضحكها
ابتسم مُهند وهو مستمتعٌ على فرحتها ليُردف:
لو عندي خبر إنش بتضحكي ذا الضحك كلّه كان طيّحت نفسي من زمان ، أنا ويش أبغى غير ضحكتش )
اعتدلت في وقفتها بعد أن شعرت بضيق تنفس لتمدّ وجهها بعضًا من الهواء ، همست ببكاء:
وأنا ماكنت أبغى إلا أنت يا مُهند ، ماكنت أبغى إلا أنت ترسم ضحكتي
أنت تقرأ
ما علموك إني ابن هالصحراء ، وإني شرقي الهوية والهوى
Mystery / Thrillerتُختطف كادي من أرض السعودية بحادث مدبّر وقبلها اُختطف ٥ آخرون من دول الخليج الخمسة يلتقون في لندن مدينة الضباب .. ليصبح هدفهم واحد ( حماية الخليج من كيد المتربصيّن ) - بالإضافة إلى الدكتور إياد .. الذي يهرب من السعودية إلى مانشستر ، طمعًا في نسيان ا...