الجزء ٨

970 14 1
                                    

.
ترك صحن "الاسباغيتي" على الطاولة أمامه بصورة أثارت انتباههم
للمرة الأولى يلمحون الخيبة على وجهه لهذا الحدّ
الخيبة التي جاءت بمثابة القشة ! التي قسمت ظهر البعير
يبدو أن راشد الآن كالقنبلة الموقوتة
التي على وشك الإنفجار!
وضع أكواعه على قدميه ليمسح على وجهه.
يشعر بالدموع على مصاف عيناه القاتمتان!
يكره هذه الحالة التي تُصيبه عندما ييأس / يقنط من الدُنيا
همس يوسف بتوتر من حالته:
راشد شبلاك؟
رفع وجهه له ، ليمرر نظراته على وجوههم الخائفة / المُرتقبة للإجابة
لا يعلم هل يسخر من حالهم ؛ أو ينعى روحهم الميتّة
ليقول بصورة أثارت الُرعب في نفوسهم:
كنت أقول أكيد احنا ضحايا!
لكن الخوف كلّ الخوف إننا نكون مُجرمين.
بلع مُهند ريقه غصبًا من توتره ليُردف:
موه تقصد بكلامك هذا؟
مسح على خده الخشن وهو يقول بشتات:
قبل ٨ سنوات لما نُفيت للندن ، ولسبب غير واضح
لقيت نفسي هني وفي هالشقة!
صار لي اللي صارلكم أول ما وصلتوا.
تعليمات ظلّت توصلني بالشهور مُبطنة بالتهديدات
أنفذ اللي يبونه ! من هم ؟ لليوم أنا مدري من هُم
هددوني مثل اللي هددوكم فيه
أمن بلادكم ، بأمن الإمارات
يا سافل نفذّ اللي نقوله ولا راح تشهد سلسلة تفجيرات في بلادك
وشفنا اللي صار في الكويت لمّا ضعفت دانة!
وخطت خطوة صغيرة قدام المطّار!
تعرفون أول مهمة استلمتها ؟ كانت إني أُلقى القبض
على شاب صغير ما يتعدى الـ١٧ سنة!
لكنّه نابغه ، عبقري وإنسان فذ
سألت نفسي هل لازم أكون حقير لهالدرجة؟
سكت قليلًا ليأخذ نفس عميق لمدة حتى أردف:
اكتشفت إني لازم أكون حقير عشان بلادي بس!
الولد بعدما قبضت عليه ورميته في أحد السكك
حسب أمرهم ، اختفى تمامًا ليومكم هذا!
تكلمت ماريّا بقلق من هذا الكلام الذي يعرفوه جيدًا:
ووش علاقة كوننا مجرمين بكلامك؟
لمّ يرد على كلامها لكنه وقف وهو يتجّه لدولاب صغير يحمل التلفاز
ليحمل صندوقًا كبير نسبيًا ويضعه على طاولة القهوة
جلس على الأرض وبدأ بإخراج الكثير والكثير من صور "ضحاياهم" على حد كلامهم
أردف بغضب من اكتشافه المُتأخر !
من سفاهته ومشيه خلفهم كالأعمى الجبان الخائف!
لأنه ببساطة لا يعلم مع من يتعاون :
كنّا نقول عمركم شفتوا ضحايا يطيحون بضحايا ثانيين؟
طلعنا احنا المُجرمين ، احنا السفلة القتلة
مسك صورة لأحد الأشخاص ليقول:
تتذكرون "جو" اللي مسكناه هو وأصدقاءه الثلاثة؟
جو النجّار؟ تتوقعوا شو يبون من ناس بسيطة مثلهم
عايشة وتترزق باللي يقدرون عليه؟
ليُخرج ٤ صور ويرتبها بجانب بعضهن ليُردف بنفس الغضب :
أوليڤير ، داني ، لو هان ، بيكر
4 مُهندسين معمارين من دول مُختلفة ! وش الغاية منهم؟
أكمل نثر الصور أمامه ليُكمل بغضب عارم:
بس الموضوع تطّور !
كيڤن .. تذكرون من كيڤن؟
ايه نعم بالضبط لاجئ سياسي كندي.
نفسه نفس رايان / بين / إيرك / أليكس / وعلي
كلهم لاجئين سياسين من بُلدان مختلفة من هالعالم!
أخذ نفس عميق بعد أن شَعر أنه استنزف طاقته بالشرح
ليُكمل على نفس الوتيرة:
ما اكتفوا باللاجئين السياسين !
تذّكروا معي المطلوب الأمني من قبل الشرطة الألمانية
والانتربول ، الهارب من ألمانيا بحرًا لبريطانيا؟
جيرمي ! ايه جيرمي.
مسكناه متنكرّ لأنهم سهلّوا لنا المهمة
بعد ما عرضوا علينا مكان سكنه!
تدرون من هو ؟ مُتطرف وخاين مسؤول عن
الاختراقات الأمنية لهيئة حماية الدستور في ألمانيا
هذه الهيئة مسؤولة عن الأمن والمعلومات على المستوى الوطني
نظر لوجوههم وهو يشعر أنهم لا يفهمون ما يودّ إيصاله لهم
ضرب على الطاولة ليصرخ بصوت عالي:
من غير الأطباء والممُرضين والهكرز والفنانين والكتّاب المُتطرفين المطرودين
من غير أعضاء دا عش ، العساكرة المتقاعدين
والجواسيس والإرهابيين
قبضنا عليهم وسلمّناهم لهم كلهم بدم بارد
وش هدفهم ؟ ليش يبون كل هالناس السيئة ؟
ليش مركزين على خريجي السجون والمجانين؟
" ليصرخ بصوت أعلى " لييش؟
تجهّمت وجوههم من صراخه العالي / المُفلت للأعصاب
وهم يرونه يتنفس بشدة بالغة نتيجة صُراخه وغضبه
أحمرّت عيناه حتى باتت الخطوط الحمراء واضحة
لا يستطيع الإستيعاب ! لا يملك أدنى قطرة للصبر
خار صبره وخارت قوّاه بعد أن استنتج ما استنتجه
يشعر بخوف عميق مُوحش من القادم القاسي
ولا يعلم ما النهاية ، لا يعلم إن كان سيعيش باقي حياته حرًا طليق أو مأسورًا في إحدى السجون
ليُردف يوسف بخوف :
زبدة كلامك ؟
مسك رأسه بقوة ليسحب شعره ليقول بفلت أعصاب:
خيارين لا ثالث لهما!
تأسيس دولة / أو إنقلاب سياسي
ضحكت كادي بخفة ساخرة :
هه ، تأسيس وإنقلاب ؟ وفي بريطانيا العُظمى
نظر لها بنظرة أشبه بالشفقه ليقول بعد أن رآهم ينتظرون إجابته :
ويمكن مو المقصود بريطانيا أصلًا!
المقصود هي أرضنا وبلادنا !
شبه الجزيرة العربية هي المُستهدفة يا أخواني
نظروا إلى وجهه بجمود وغير تصديق مما تفوه به للتو
لا يُعقل أنهم شاركوا في هذه العملية ضد أرضهم
غير مُمكن أنهم يُعتبرون الآن خونة لوطنهم المُعطاء
كيف اكتشف راشد هذا الأمر الذي يشطر قلوبهم إلى نصفين؟
بل كيف يفكرّ في هذا الآمر الغريب وغير المعقول
كل ما كان يدور في عقلهم أنهم هُنا
بهدف حماية أوطانهم ، وليس خيانتها ! ليس الخيانة.
وقف ليقول بضيق :
تدرون من ضحيتنا التالية؟
نظروا إليه جميعًا ليقوم في هذه اللحظة برمي صورة فوق الصور السابقة:
إياد الماجد / سعودي الجنسية / دكتوراة في التاريخ
تمامًا خيار ممُتاز لضربنا في الصميم!
.

ما علموك إني ابن هالصحراء ، وإني شرقي الهوية والهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن