00.36

1K 69 53
                                    


٣٦.


استيقظَ جيمين من نومِه في هذه السّاعة المتأخرة من الليل رُغمًا عنه بسبب رنين جرس الشقة المُستمِر والذي أزعجَهُ، في البداية لم تكن لديه الرّغبة بالرد على الضيف غير المُرحبِ به- في الحقيقة شتمُه في داخلهِ، لأنّ أكثر شيئ يكرهُه جيمين في حياته هو من يوقِظه من نومِه رُغمًا عنهُ.. - لكن استمرار الجرس بالرّنين أصابَه بالصّداع ومنع النوم أن يزورَ عيونَهُ.. لذا بانزعاجٍ واضح ها هو يقترب من بابِ الشّقة يفتحُه للضيف اللعين العنيد - إذا كان يسمى ضيفًا، من يأتي في هذا الوقت المتأخر جدًا، ويستمر برنّ الجرس بإزعاج غير الوقحين.. إنه ضيف وقح غير مُرحب به بُتاتًا. -

فتح الباب أخيرًا، لم يهتم من الواقف مقابله، بسرعة قال بصوته النّاعس يُظهِرُ وجهًا مضمومًا بتكشيرة واضحة للضيف: « ماذا تُريد في هذه الساعة متأخرة------ » المعنيُّ بالكلام استطاع الملاحظة أنّه غير مُرحبّ بهِ، ولم تكن غير سُومِي التي زادت من عقدةِ حاجبيهِ عندما أدرك أنها هي لا غير.. المُزعجة الدّبقة التي لا تجيد سوى تخريب وتعكير ما حولها.. كان يمسكُ مقبضُ الباب، شدّ عليه من فرطِ انزعاجِه، يشعِر بالاستفزاز برؤيته كيف تتصنع هذا الوجه البريئ والابتسامة المزيفة القبيحةِ.. لديه رغمة عارمة في لكمِها لكن تمالكَ نفسُه.. حاول التفكير أنّها لا شيئ، لا تستحق الغضب، مستمرًا بترديد مع نفسه: تجاهلها، تجاهلها، تجاهلها. أكثر من مرّة، وربما هذا هدّأ من روعِ غضبِه الظاهر في وجهه، حيثُ تبدّلت لملامح بارِدة جوفاء..

ألتفتَ، لم يغلق الباب بل تركهُ مفتوحًا فيما إذ أرادت الأخرى الدخول، حثّ خطواته إلى غرفة النوم فيما سومي ابتسمت بقوةٍ، شعرت بالانتصار مع شعور قوي مغمور بالسعادة وهي تغلق باب الشِّقةِ وراءَها.

كانت ترتدِي فستانًا أسود اللون لامِعًا وضيّقًا حول جسدِها الممشوق طويل القامةِ، بيدها حقيبتِها الصّغيرة التي تميزت بدون حامل يدٍ، لا تسمع سوى صوت كعبها الذي يطرق الأرضية الرّخامية وهي تمشي بخطواتها إلى غرفة جيمينِ التي وقعت بابها نهاية غرفة المعيشة تقريبًا في الجهة اليُمنى..

كانت أضواء الشّقة خافتة، عدا غرفة جيمين المُعتمِةِ.. لكن تستطيع ملاحظتُه نائمًا على جنبه وسط سريرهِ الواسع أسفل غطائِه الخفيف.. عضّت شفّتها المزينة بأحمر الشفاه، تمسكت بحقيبتِها الصّغيرةِ.. قلبُها يضربُ بعنفٍ.. كانت تغوص في أفكارها المُبعثرة الجنونية، حائرةٌ فيما أيُّ واحدٌ منهم هو الصّحيحِ والذي من الواجبُ فعله الآن..

لقد تركت الحفلة الصّاخبة وأصدقائها المزيفين في الملهى تركت المرح واللهو والجنون الذي يعطيها النشوةِ التي تحبِها كل كهذا لرؤية وجهِ جيمين.. فقط غابت عنهُ بضعَ ساعات، رأيته اليوم في المدرسة لكن لم تصنع معهُ حديثًا، فضلت مراقبتهُ من بعيدٍ.. رؤيتُها لهُ يمنحُها شعورًا مُهدِئًا، وعندما تغيبُ عنهُ تشعر أن هناك شيئًا مفقودًا فيها، قطعة ناقصة.. فتستعيدُ هذا الجزء المفقود عندما تلقاهُ.. تحسُّ بشعور كبير من السّعادة التي لا تضاهي أي سعادة أخرى.. حتى الحفلات والرقص وقضاء الوقت في الملاهي الليليةِ تبدو سعادة ضيئلة الحجم بمقدار ما تشعُر به من سعادة عندما تكون مع جيمين.

هَـانا: شَغف مُحتّمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن