اقتباس

8.7K 239 69
                                    

أنفاس ذات صوت مرتفع كانت تشق صمت الليل المظلم، كانت تزداد ويرتفع صوتها مع زيادة المسافة التي يركضُها هذا الطفل البالغ من العمر عشرة أعوام، توقف قليلًا وأخذ يلتقط أنفاسه بصعوبة كبيرة؛ ذلك لطول المسافة التي ركضها؛ هربًا من قدره، نظر خلفه برعب؛ خوفًا من أن يقترب منه أحد ويعثر عليه، لم ينتظر أكثر وركض بكل ما أُوتي من قوة حتى وصل إلى مكان به مسجد كبير وكان أمامه مُبَرِّدْ مياه، نظر خلفه ليرى هل وصل إليه أحد أم لا؟ وما إن تأكد من خلو الطريق من خلفه حتى عبر إلى الجهة الأخرى واقترب من مبرد المياه ثم فتح الصنبور وملأ الكوب كاملًا ثم تناوله سريعًا وتجرعه على مرة واحدة؛ بسبب شدة عطشه، أعاد الكرة مرة أخرى وقبل أن يركض هربًا استمع إلى بكاء طفل رضيع بالقرب من المسجد، نظر إلى الطريق أمامه ثم تحرك ببصره ونظر إلى المسجد وعقله يصارعه؛ هل يتابع هربه أم يرى صوت بكاء هذا الرضيع؟ اتخذ قراره واستمع لقلبه وتحرك بحذر باتجاه المسجد وما إن وصل إلى بابه حتى وجد هذا الرضيع الذي كان مُلتفًا بغطاء رمادي اللون، اقترب الطفل من هذا الرضيع ووضع يده على وجهه فوجدها أنثى بسبب الحلق الطبي الذي كان يُزين أُذنيها، ضم حاجبيه بحزن وكأنه يقول بداخل نفسه "مسكينة تلك الطفلة، أصبحتْ وحيدة كما أصبحتُ وحيدًا، لا أدري هل أصطحبها معي أم لا؟ من الممكن أن تتعرض حياتها للخطر إذا تركتها ورحلت، ستُصبح رفيقة دربي بعد الآن"

بالفعل اتخذ قراره وحملها بين ذراعيه ثم تابع ركْضَه بعيدًا عن هذا المكان وكان يقف ويأخذ قسط من الراحة عندما يشعر بالتعب، وصل إلى موقف وكان به سيارة وحيدة "ميكروباص" فاقترب منها وهو يحمل الطفلة بين ذراعيه، هنا صاح أحد الركاب وقال بسعادة:
- الناقص وصل يااسطى، اتحرك بينا بقى الله يفتح عليك الساعة بقت تلاتة الفجر
تردد الطفل «إلياس» فيما هو مُقدم عليه لكنه اتخذ قراره في النهاية ونظر إلى السائق من نافذة السيارة وهو يقول بحزن واضح:
- معلش يااسطى ممكن تاخدنا معاك؟ أنا مش معايا فلوس وأنا وأختي لوحدنا في الطريق

قريبا رواية شمس إلياس
الرواية مفاجأة ...

شــمــس إلــيــاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن