الفصل الثامن عشر
عبدالرحمن الرداد- كفاية كدا النهاردة يا طيف، ارجع ريح شوية واهدى كدا وبكرا نكمل
قالها الطبيب لـ «طيف» الذي بكى بصوت مسموع بعد أن حضرت تلك الذكرى إلى عقله مرة أخرى. نهض «طيف» من مكانه ورحل إلى منزله بولاية كاليفورنيا الأمريكية الذي لا يعرف من أين حصل عليه وكيف عرف هذا الطبيب. ومضات كثيرة من حياته اختفت ولم يُرهق نفسه بالتفكير فهو بعد ما حدث أصبح جسد بلا روح.وصل إلى منزله وألقى بجسده على الفراش ونظر إلى سقف غرفته يينما سالت عبراته بشكل متكرر وهو يتذكر تلك الأيام في حضور عائلته.
وصل إلى المنزل بعد يوم طويل ودلف إلى الداخل وما إن رأى والدته حتى تحرك صوبها وقبل يدها وهو يقول:
- ازيك يا اجمل ما في حياتي
ابتسمت والدته وربتت على كتفه وهي تقول بحنو:
- أنا بخير يا حبيبي، طمني عملت ايه في العيادة؟
عبثت تعابير وجهه وقال بعدم رضا:
- كالمعتاد، مصر كلها عاقلين ومحدش مريض نفسي، أنا اللي هيجيلي مرض نفسي من قلة الزباين
ضيقت ما بين حاجبيها وقالت بحزن:
- بعد الشر عنك يا حبيبي، ولا يهمك بكرا العيادة تتملي وتبقى أحسن دكتور في مصر
لوى ثغره وقال بضيق:
- مظنش، ده الزبون الوحيد اللي جالي النهاردة بقوله احكيلي بقى علشان أقدر اساعدك لقيته بيقولي دي أسرار مينفعش أقولها عالجني كدا من غير ما اتكلم روحت متعصب عليه وقولتله ده إن شاء الله لما تروح لدكتور باطنة وتقوله عندي مغص راح سايبني وماشي
ربتت عليه بهدوء وأردفت بحب:
- ولا يهمك أنا هعوضك النهاردة عن كل ده، عاملة محشي ورق عنب اللي بتحبه ومعاه مكرونة باشميل والملوخية اللي بتعشقها ومش بس كدا عاملة مهلبية شوكولاتة علشان تحلي بيها
ابتسم وقال بحماس شديد:
- اوباا لا ده أنا كدا لقيت الطبطبةزاد بكائه وأصبح مسموعًا لتحضر ذكرى أخرى أشد ألمًا.
اقترب من طفلته وقال بابتسامة:
- ايه بقى حكاية إنك عايزة تطلعي ظابط دي؟ أنا كنت فاكرك بتهزري لغاية ما ماما قالت إنك بتتكلمي جد
اعتدلت في جلستها ونظرت إلى والدها وهي تقول بحماس:
- أنا بحب الأكشن وبفرح أوي لما أشوف ظابط وأنت وماما كدا، عايزة أكون زيكم لأنكم مثلي الأعلى
اتسعت ابتسامته وقال بحب:
- ايه الكلام الكبير ده، يا هنايا يا سعدي علشان أنا مثلك الأعلى يا مولة يا قلبي بس بجد متأكدة إن القرار ده أكيد ولا علشان تأثير البيئة عليكي سواء علشان أنا وماما كدا وعلشان جدو؟
حركت رأسها وقالت على الفور:
- لا أنا بحب كدا، أنا مش شايفة نفسي غير كدا، عايزة أساعد الناس واقبض على الناس الوحشة، هو ممكن أطلع كدا فعلا يا بابا ولا لا
ضم وجهها بين كفيه وقال بحب:
- ممكن طبعا يا قلبي، ده أكيد كمان طالما عندك حلم وعايزاه يتحقق يبقى هيتحقق إن شاء الله، مقولتليش بقى هل قايد عايز يطلع زيك ظابط كدا؟
هنا اقترب «قايد» الذي قال بابتسامة وصوت طفولي بعد أن استمع لحديثهم:
- أنا عايز أطلع هندس
ضحك بشدة عليه وحمله ليحضنه وهو يقول:
- ده أنت هتبقى أحلى مهندس في الكون، قولي بقى يا قرد جاتلك الرغبة دي إزاي
ضيق ما بين حاجبيه وقال بتعجب:
- يعني ايه لغبة؟
ضحك ووضح:
- أقصد ايه اللي خلاك عايز تطلع مهندس
أنت تقرأ
شــمــس إلــيــاس
רומנטיקהحكمت عليه الحياة بالهرب بعيدًا قبل أن يلقى حتفه رغم أنه طفل صغير وعمره تخطى العقد الأول بأيام قليلة، ظن أن هروبه سيجعله وحيدًا في هذا العالم بعد أن فقد الجميع ولكن يشاء القدر أن تكون هي في طريقه، على الرغم من أنها لم تُكمل أسبوعًا واحدًا من مولدها إ...