الفصل الخامس

3.1K 243 13
                                    

الفصل الخامس (جديد)❤️
بقلم عبدالرحمن الرداد
************************************
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم
************************************

ارتفع صوت أذان الفجر ليشق صمت الليل ويبث الأمل والطمأنينة في قلوب المستيقظين لأداء الصلاة. في هذا الوقت نهض «خلف» من كرسيه وتوجه إلى من يعتبرهما أبنائه فالنوم لم يعرف طريقًا إليهما. اقترب منهما وردد بصوت هادئ:
- الفجر أذن يا ولاد، يلا بينا نصلي وندعي لياسر بالرحمة والمغفرة
نهضا الاثنان من مكانهما وتوجها لأداء صلاة الفجر مع الحاج «خلف». دلفوا جميعًا إلى المسجد وقاموا بالوضوء قبل أن يقفوا خلف الإمام الذي بدأ في تلاوة آيات الذكر الحكيم بصوت جميل.

بعد مرور الوقت انتهوا من الصلاة ونهض «إلياس» من مكانه ثم توجه إلى صديقه و«خلف» الذي كان يجاوره وقال بنبرة جادة:
- أنا فيه مشوار لازم أعمله، لو جد جديد وسمحولنا ناخد ياسر اتصلوا بيا
وقبل أن يرحل ردد «مراد» بنبرة تحمل القلق:
- رايح فين يا إلياس! مشوار ايه اللي هتعمله في مكان مش مكانك
نظر إلى صديقه لبعض الوقت ثم هتف بانكسار:
- كان مكاني في يوم من الأيام، رايح أزور قبر أمي وأبويا هزور قبرهم لأول مرة في حياتي
ضيق ما بين حاجبيه وأردف بتساؤل:
- أنت تعرف فين المقابر
هز رأسه بالإيجاب وأجاب على الفور:
- أعرف فين قبر أمي أما قبر أبويا فهو أكيد جنبها لأن دي كانت وصيته
وضع يده على كتفه واستعد للنهوض من مكانه قائلًا:
- طيب رجلي على رجلك، هاجي معاك مش هسيبك لوحدك
ابتسم وحاول تثبيته في مكانه قائلًا:
- لا يا مراد خليك أنت مع الحاج خلف علشان لو جد جديد، أنا مش هتأخر إن شاء الله
وقبل أن يعتدل ليرحل أمسك «خلف» معصمه وهو يقول بهدوء:
- قول الاذكار يابني في طريقك علشان ربنا ينجيك
أومأ رأسه بالإيجاب وهتف بجدية:
- إن شاء الله

نهض وسار إلى خارج المسجد ثم استقل سيارة أوصلته إلى عنوان المقابر الذي يتذكره جيدًا فكيف ينساه وبه من عاش عمره على أمل زيارتهم، ترجل من السيارة وسار طريق طويل حتى وصل إلى المقابر ثم تقدم إلى الداخل، تغير المدخل كثيرًا لكنه عرف الطريق وسار بهدوء حتى وصل إلى قبر والدته، زادت نبضات قلبه بشكل كبير وتقدم حتى لمس قبرها بعدم تصديق، انهمرت دموعه وردد بصوت خافت:
- أمي حبيبتي وروحي وأكتر حاجة حلوة وجميلة حصلت في حياتي، مش مصدق نفسي إني بعد 18 سنة واقف قصادك، نفسي احضنك وأعيط في حضنك، نفسي اشتكيلك من العالم كله، نفسي اسمع صوتك ولو لمرة واحدة، اتحرمت من حنيتك يا أمي، اتحرمت من حضنك وابتسامتك، اتحرمت من حياتي لأنك حياتي، لو قعدت أوصفلك قد ايه وحشاني مش هتصدقيني، لو قعدت اعيط عمري كله مش هعرف أشبع عياط عليكي يا أغلى من عنيا، اتحرمت منك بدري أوي بس اللي مصبرني إني هقابلك في الجنة إن شاء الله، الحياة وحشة أوي من غيرك يا نور عيني، مضطر أقف على رجلي وأعافر وأبقى متماسك علشان محدش ياكلني، معظم الناس بقت وحشة أوي، كنتي الحاجة الجميلة والحلوة في العالم ده، كنتي بتهوني عليا كتير، عشت في حضنك أجمل 10 سنين من حياتي
ضم كلتا يديه إلى صدره وكأنه يتخيل نفسه يحضنها ثم تابع بنبرة باكية:
- مستعد استغنى عن الدنيا كلها علشان احضنك حضن واحد بس، وحشتيني أوي يا أمي
لم يستطيع تمالك نفسه وزاد صوت بكائه بشكل كبير فهو كتم الحزن بداخله لسنوات طويلة والآن حان وقت البكاء والحزن.

شــمــس إلــيــاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن