الجزء الثاني - الفصل الرابع

2.3K 195 27
                                    

الفصل الرابع
بقلم عبدالرحمن الرداد
**************************************
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام إلى الله تعالى أربع، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
**************************************

خرج من الداخل وتوجه صوب سيارته دون أن يتحدث فرفع «مراد» صوته ليقول متسائلًا:
- رايح فين
دلف إلى داخل سيارته وهتف وهو يتحرك بها:
- رايح لإيلين المدرسة

تحرك بسرعة كبيرة وبعد وقت قليل توقف بسيارته أمام المدرسة التي تم نقلها بها هنا في الإسكندرية، خرج من السيارة وسند بظهره عليها بينما وجه بصره تجاه باب المدرسة في انتظار خروج صغيرته وما هي إلا دقائق وبدأ خروج الطالبات وكان الحزن يسيطر على وجوههم فعرف هو أن الامتحان كان صعبًا. خرجت صغيرته أخيرا من المدرسة واتجهت تجاهه على الفور وما إن وقفت أمامه حتى بكت فحضنها قائلًا:
- الامتحان جيه سهل أو صعب أنتي عملتي اللي عليكي ومقصرتيش
ابتعدت قليلا عنه ونظرت إليه بعينان دامعتان:
- أنا كنت مذاكرة الفيزياء كويس مش عارفة إزاي الامتحان جيه صعب كدا، فيه سؤال كامل جيه من برا المنهج
رسم ابتسامة هادئة على وجهه لكي يخفف عنها وأردف:
- مش مشكلة، في كل الحالات أنا فخور بيكي وخلي عندك يقين دايما في ربنا إنه شايلك الأحسن، تعبتي يبقى ربنا هيجازيكي خير، مش عايزك تفكري في الامتحان تاني خلاص، النهاردة آخر يوم امتحانات في السنة الكابوس دي انسي خالص الامتحانات والنتيجة تيجي زي ما تيجي، يلا نروح بقى علشان تاخدي شاور جميل وتغيري هدومك علشان هنخرج النهاردة
ارتسمت ابتسامة تلقائية على وجهها ورددت بامتنان:
- ربنا يخليك ليا يا إلياس، مش عارفة من غيرك كنت عملت ايه
ابتسم لها وأشار إلى سيارته قائلًا:
- يلا اركبي

***

خرج آخر المتقدمين من باب مكتبها لتتراجع هي بظهرها إلى الخلف وقد ظهر على وجهها الإرهاق، في تلك اللحظة دلفت مديرة مكتبها وهتفت بجدية:
- كدا مفيش حد تاني يا مريم
اغلقت عينيها بتعب واضح وأردفت بهدوء:
- حلو أوي يا ريم أنا تعبت، اليوم من أوله interview، أنا كرهت اليوم اللي فكرت اعمل فيه شركة
جلست على المقعد المقابل لها وهتفت بابتسامة:
- لا فوقي كدا ده إحنا لسة في مبدأناش أصلا
صمتت لثوانٍ قبل أن تقول بتساؤل:
- صحيح لسة زي ما أنتي مع كرم ابن عمك
فتحت عينيها ولوت ثغرها لتقول بحزن:
- كرم بيحب حد غيري ومش شايفني غير اخته، بيبعد عني ومش بيرد على مكالماتي فقررت ابعد أنا كمان وكفاية اللي حصل في كرامتي لغاية كدا
مالت «ريم» على مكتبها لتقترب منها أكثر ورددت باعتراض:
- تبقي غبية، يعني بتحبيه ومش قادرة تعيشي من غيره تقومي سايباه؟
- أنتي عايزاني اعمل ايه يعني
رسمت ابتسامة ماكرة على وجهها وأجابتها:
- وقعيه يا ذكية، أنا هقولك تعملي ايه

***

خرج من مكتبه لأداء صلاة العصر لكنه قبل أن ينزل نظر على مكتب «دورا» فوجدها تجلس بشرود تام، كانت كالذي تلقى لتوه صدمة لم يتلقى مثلها من قبل. عقد ما بين حاجبيه بتعجب وتوجه إلى مكتبها وما إن دلف حتى قالت هي بانتباه:
- مستر كرم؟ اتفضل
رفع أحد حاجبيه بتعجب وأردف:
- مستر؟ فيه ايه يا دورا مالك
حركت رأسها بهدوء قبل أن تجيبه:
- مفيش أنا كويسة
جلس على المقعد المقابل لها وردد بإصرار:
- لا فيه، بصي لنفسك في المراية وأنتي تعرفي، مش بتعرفي تكذبي على فكرة
في تلك اللحظة نظرت له نظرة مطولة قبل أن تقول بتساؤل:
- من كام شهر قولتلي إن مستحيل الشبه اللي بينكم وساعتها قولتلك مش فاهمة وأنت قولت إن ده موضوع طويل هتحكيه بعدين، ممكن تفهمني دلوقتي؟
تذكر تلك اللحظة وضحك قائلًا:
- يااه أنتي لسة فاكرة آه قولت كدا علشان فيه شبه كبير بينك وبين إيلين مرات إلياس ابن عمي، هم كاتبين كتابهم بس لسة متجوزوش
نهضت من مكانها والتفت حول المكتب قبل أن تجلس أمامه مباشرة وهي تقول:
- عايزة اشوفها معاك أي صورة ليها؟
ضيق ما بين حاجبيه بحيرة من سؤالها لكنه قرر أن يجاريها في الأمر وأجاب:
- مش معايا صورة ليها بس لو محتاجة صورة قومي بصي في المراية هتلاقي صورتها
رفعت أحد حاجبيها لتقول بتعجب:
- للدرجة دي شبهي؟
ابتسم وعاد بظهره إلى الخلف قبل أن يقول:
- لولا إنها من محافظة وأنتي من محافظة تاني ومتعرفوش بعض كنت زماني قولت عليها توأمك، شبهك بالميلي لدرجة إني أول ما شوفتها افتكرتها أنتي
- طيب أنا عايزة اشوفها واتعرف عليها
عقد ما بين حاجبيه بحيرة من طلبها وأردف:
- مش فاهم ايه سبب اهتمامك بالموضوع ده
أصرت على طلبها منه وقالت بهدوء:
- ده أول طلب أطلبه منك، عادي يعني عايزة اتعرف على شبيهتي دي
رفع كتفيه وقال بحيرة:
- ماشي أعرفك عليها طبعا بس شوية كدا علشان اليومين دول عندها امتحانات ثانوية عامة
- اتفقنا

شــمــس إلــيــاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن