الفصل الثاني

4.6K 297 36
                                    

الفصل الثاني
بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

**********************************
عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده".
**********************************

بداخل شقة «إلياس» أخرج عصا ضخمة وبيده الأخرى حمل سكينًا وهرول تجاه الباب لكن «إيلين» وقفت أمامه ورددت بعينين دامعتين:
- بالله عليك بلاش يا إلياس
نظر إليها بنظرات تحمل الجمود والإصرار:
- وسعي من وشي يا إيلين، النهارده أنا قاتل أو مقتول
ظلت مكانها أمام الباب وفردت ذراعيها في الهواء لتقول بترجي:
- بالله عليك أنا مليش غيرك وممدوح تحت ناوي على شر، مش عايزين الفلوس دي اللي هيجي من وراها أذى
رغم غضبه الشديد إلا أنه اقترب منها ووضع يده على وجهها قائلًا بابتسامة:
- حبيبتي أوعدك ارجعلك بخير وكمان مراد معايا أنا مش لوحدي، علشان خاطري وسعي، يرضيكي يتقال عليا إني جبان وخايف أنزل
ترددت كثيرًا بعد جملته الأخيرة قبل أن تحرك رأسها بمعنى "لا" ثم ابتعدت من طريقه ليفتح هو الباب وقبل أن يخرج أمسكت معصمه لينظر هو لها مننظرًا ما ستقوله فرددت بصوت هادئ يحمل الخوف:
- ارجعلي بخير
رسم ابتسامة حب على وجهه وردد بهدوء:
- هرجعلك بخير إن شاء الله
تركته وخرج من شقته ليجد صديقه المقرب يفتح باب شقته هو الآخر وبيده عصا ضخمة ووالدته تركض خلفه قائلة:
- ارجع يا مراد أنت وإلياس دول مش ناويين على خير
التفت لوالدته وردد بإصرار:
- متقلقيش يا ست الكل هنربي العيال دي وهنطلع، وبعدين اللي يشتم إلياس كأنه شتمني أنا
ابتسم له صديقه بحب وربت على كتفه قائلًا بإعجاب:
- ونعم الأخ يا مراد

توجه الاثنين إلى الأسفل كتفًا لكتف ووقفوا مباشرةً أمام هؤلاء الذين قد جلبهم «ممدوح» لأخذ حقه، هدر «إلياس» بصوت ضخم هز كيانهم وأرعبهم بشدة:
- الظاهر إنكم متعرفوش إلياس كويس، اللي شايف نفسه راجل ومكتوب في بطاقته دكر يقرب مني وأنا أقسم بالله ما هوريه نور الدنيا دي تاني
شعروا جميعهم بالخوف إلا أن «ممدوح» ردد بصوت مرتفع ليحثهم على العراك:
- أنت متقدرش تعمل حاجة والكترة تغلب الشجاعة يا إلياس
ابتسم له وقال بسخرية:
- مقدرش اعمل حاجة؟ أومال مين اللي لسة معلم عليك من شوية!
هنا اندفعوا جميعهم لبدأ الشجار إلا أن صوت ضخم أوقفهم جميعًا، توجهت الأنظار إلى صاحب هذا الصوت ليجدوه الحاج «خلف» الذي أوشك على إتمام العقد السادس من عمره وعلى الرغم من ذلك إلا أنه يتمتع بالقوة والصلابة كما أن سكان تلك الحارة يعتبرونه كبيرهم نظرًا لقدمه وقوة إيمانه وحكمته أيضًا.

اقترب ووقف بينهم ثم وجه نظرة نارية لـ «ممدوح» الذي نظر إلى الأسفل خوفًا من رد فعله تجاهه، التف الأول إلى «إلياس» وأردف بنبرة شبه مرتفعة:
- أنا بقول عليك عاقل يا إلياس، مش أنت اللي مكانه يبقى هنا بالمنظر ده
نظر إلى الأسفل ودافع عن نفسه قائلًا:
- أنا مغلطتش يا حاج خلف، أنا بدافع عن حقي، ممدوح من فترة قالي إن عليه وصل أمانة بـ 10 آلاف جنيه وهيتسجن ورغم حالتي ورغم إني بقبض ملاليم ومسؤول عن بيت سلفته المبلغ، أيوة أنا غلطان علشان مخلتهوش يمضي على وصل أمانة بس ايدي مش متكتفة واعرف اخد حقي منه
تقدم تجاهه بخطوات هادئة قبل أن يضع يده على كتفه وهو يقول بهدوء:
- حقك تاخده بالعقل، حاجة زي كدا تيجي تكلمني وأنا هروح بنفسي اجيبلك حقك منه لكن الشكل ده وحش ووحش اوي كمان، أنت يبني متعلم وفاهم
ثم وجه بصره إلى «مراد» وتابع عتابه:
- وأنت يا مراد المفروض تعقل صاحبك وتنصحه مش أول ما يقولك هتخانق تقوله آمين أنا معاك
نظر هو الآخر إلى الأسفل وقال بجدية:
- لو حد هيجي على إلياس أنا لازم أبقى جنبه، هم جايين تحت البيت وأديهم مش فاضية ده مش هيبقى وقت نصيحة أو تعقل خالص

شــمــس إلــيــاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن