الفصل الرابع عشر
بقلم عبدالرحمن الرداد«وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ»
سيطر البكاء على «بكار» الذي أدرك حجم الخطأ الذي وقع فيه منذ زمن طويل، ضم وجهه بين كفيه وظل يبكي دون توقف بينما ردد «كرم» كلامه الأخير:
- أنا مش عارف اتصرف ازاي ولا أعمل ايه بس حاول على الأقل صلح ولو جزء من اللي عملته يا بابا، ربنا موجود وبابه دايما مفتوح لينا، الجأ ليه هو الأول وبعدين هو هيدلك على الصح لو نيتك فعلا صافية
تركه ورحل ليتابع «بكار» بكائه بصوت مرتفع فهو لم يبكي هكذا من قبل وكأن حجم ذنبه كان بحجم بكائه الآن.***
عاد «إلياس» إلى المنزل ومعه صغيرته بعد أن سمح لها الطبيب بالرحيل، خرج من سيارته وحملها بين ذراعيه وهو يقوب بابتسامة:
- يلا اكنك لسة بيبي أهو مش حارمك من حاجة
ضحكت ولفت ذراعيها حول رقبته وهي تقول:
- يوم فرحنا عايزاك توقف العربية على أول الشارع وتاخدها مشي لغاية الفيلا وأنت شايلني
رفع أحد حاجبيه وقال باعتراض:
- حد قالك ضهري ده كاسبه في كيس شيبسي يا بنتي؟ ارضي بقليلك ياما
وصل إلى الداخل ووضعها على المقعد قبل أن يقول بهدوء:
- مش هروح الشركة النهاردة تاني وهفضل معاكي
ابتسمت بسعادة ورددت على الفور:
- حلو أوي يبقى تعالى نلعب استغماية
- استغماية مرة واحدة؟ اممم خلاص موافق
تذكرت والدتها في تلك اللحظة وتذكرت ما حدث لتتبدل ملامحها وهي تقول بترجي:
- الست دي مش عايزة اشوفها تاني علشان خاطري يا إلياس، أنا مش بحبها
رسم ابتسامة على وجهه وردد بهدوء:
- حاضر يا إيلي مش هتشوفيها تاني بس مش عايزك تزعلي ولا تضايقي نفسك خالص، يلا أنا هطلع أغير هدوم الشغل دي وانزل علشان نلعب مع بعض يا ستيصعد بالفعل إلى الأعلى وبدل ملابسه قبل أن يتجه إلى الأسفل مرة أخرى لكنه تفاجئ بـ «مرزوق» الذي كان يقف أمام صغيرته التي عقدت ذراعيها أمام صدرها ونظرت له بتحدي واضح. اقترب منهما وهتف بجدية:
- استنيني في الجنينة يا إيلين
حركت رأسها بالإيجاب ورحلت بينما نظر هو إلى «مرزوق» وردد بتساؤل:
- جاي هنا ليه؟
ردد بنبرة أظهرت ضعفه:
- جايلك علشان تساعدني، محدش غيرك هينقذني من اللي أنا فيه ده
ابتسم وجلس على المقعد الموجود خلفه وفرد ذراعيه قبل أن يقول:
- وأنت عقلك صورلك إني هساعد اللي قتل أبويا وحرمني منه؟
جلس على ركبتيه وهتف بترجي:
- علشان خاطري يا إلياس خلي التار اللي بينا دلوقتي وساعدني في المصيبة بتاعة(1011) ده، الملفات اللي معاه لو طلعت هضيع، ساعدني وهسيبلك كل أملاكي واسافر برا مصر، خد كل حاجة أنا مش عايز حاجة
هنا مال بجسده إلى الأمام وردد بنبرة تحمل الغضب:
- وتفتكر كل أملاكك دي هترجعلي بابا؟
نظر إلى الأسفل ولم يستطيع الرد فتابع «إلياس»:
- قتلتوه ليه؟ علشان كرهكم وحقدكم عماكم صح؟ ليه استكترتوا عليه يعيش في سلام مع ابنه الوحيد؟ معلش يا مرزوق باشا كل واحد يستحمل غلطه، أينعم أنا معرفش مين 1011 ده بس اللي أعرفه إن ربنا بعته علشان يفضحكم، أينعم سبقني بس مش مشكلة كل الطرق تؤدي إلى روما، أنا ممكن حالا افضحك قبله بس لا هسيبك تموت بالبطئ كدا وآه نسيت، أنت ممنوع من السفر علشان لو حبيت تهرب وكدا ودلوقتي اطلع برا بيتي بدل ما اطلعك على نقالة
أنت تقرأ
شــمــس إلــيــاس
Romanceحكمت عليه الحياة بالهرب بعيدًا قبل أن يلقى حتفه رغم أنه طفل صغير وعمره تخطى العقد الأول بأيام قليلة، ظن أن هروبه سيجعله وحيدًا في هذا العالم بعد أن فقد الجميع ولكن يشاء القدر أن تكون هي في طريقه، على الرغم من أنها لم تُكمل أسبوعًا واحدًا من مولدها إ...