الجزء الثاني - الفصل الحادي عشر

2.1K 180 13
                                    

الفصل الحادي عشر
بقلم عبدالرحمن الرداد
*************************************
قال النبي ﷺ: من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مئة مرةٍ غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر 
*************************************
تقدم وسار حتى وصل إلى الحديقة التي توجد خلف الشركة، ابتسم ووضع كلتا يديه في جيب بنطاله قبل أن يلتفت وينظر إلى حائط الشركة الزجاجي، اتسعت ابتسامته وتذكر وجوده هنا قبل سنوات كثيرة.

"قبل أعوام"

تقدم «هادي» الذي كان مُمسكًا بيد ولده الصغير ووصل إلى الحديقة المتواجدة خلف الشركة قبل أن يقول:
- ده المكان اللي بهرب فيه من الحياة يا إلياس
نظر له وتابع:
- المكان هنا سهل حد يجيله لكن محدش بيجي فيه أبدا علشان كدا باجي وأهرب من تعب الشغل وشوية من المسؤولية
ابتسم وتحرك به ليجلسان على تلك الأرضية الخضراء وسندا ظهرهما على حائط الشركة ليتابع النظر إلى صغيره وهو يقول:
- أنا عارف إن موت ماما مزعلك وملحقتش تشبع منها بس خليك عارف إني زيك
لمعت الدموع في عينيه وتابع:
- أمك دي كانت أجمل حاجة في حياتي، كانت حبي الأول والأخير، خطفت قلبي وروحي وكانت كل حاجة في حياتي، عمري ما كنت اتخيل إني هخسرها في يوم من الأيام لغاية ما المرض خدها مني، أنت اللي من ريحتها يا إلياس، ماما كانت بتحبك أوي حتى في آخر لحظاتها كانت عايزاني اخد بالي منك بس هي متعرفش إنك كل حاجة في حياتي دلوقتي ومستعد احارب العالم كله علشانك، عايزك تطلع قوي يا إلياس، عايزك راجل كله يعملك ألف حساب وتكون ليك الكلمة الأولى والأخيرة، في يوم من الأيام الشركة دي هتبقى بتاعتك ولحد ما يجي اليوم ده أنا واثق إنك هتنقلها نقلة تانية، أوعى تخاف من أي حاجة، اللي ربنا مقدره لينا هو اللي بنعيشه
رفع الصغير رأسه لينظر إلى والده وهتف بحزن:
- بس يا بابا أنا مش بقدر اتحكم في خوفي
صمت ليتابع بحزن:
- خوفت على ماما وخوفت النهاردة لما لقيتك بتتخانق مع عمو
رفع أحد حاجبيه وهتف بتعجب:
- أنت شوفت الخناقة اللي بيني وبين عمك؟
حرك رأسه بالإيجاب وهتف بصوته الطفولي:
- أيوة وخوفت يعملك حاجة
ابتسم لف ذراعه حول رقبته ليقول بحب:
- عمك مرزوق عصبي علطول ومش بيعرف هو بيقول ايه، هو فاكرني ضده وضد أخواتي لكن أنا بحبهم كلهم وبتمنى إنهم يكونوا بخير دايما، وبعدين خوفت من عمو مرزوق ليه؟ ده أخويا والأخ عمره ما يؤذي أخوه أبدا

فاق من ذكرياته بعد أن انهمرت دموعه وقال:
- للأسف يا بابا جملتك الأخيرة كانت غلط، الأخ طلع بيؤذي أخوه فعلا ومش بس كدا ده بيموته كمان، في الوقت اللي كنت أكتر واحد محتاجك فيه خطفوك مني وحرموني من حنانك ووجودك، لكن أنا عمري ما نسيت أي كلمة قولتهالي يا حبيبي، عملت بكل نصايحك ليا وبقيت دلوقتي صاحب الشركة دي ونقلتها نقلة تانية وبقى ليا الكلمة الأولى والأخيرة وبقيت زي ما اتمنتني، شيلت الخوف من قاموسي وحقك هيرجع يا بابا

في تلك اللحظة ارتفع صوت رنين هاتفه فقام بمسح عبراته وأخرجه من جيب بنطاله ليجد المتصل «هاني». ضغط على زر الإجابة وهتف بهدوء:
- أيوة يا هاني
- أنت فين يا إلياس، تعالى ضروري فيه مصيبة
اتسعت حدقتاه وهتف بقلق:
- جاي حالا

شــمــس إلــيــاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن