لمسات ٨٠

0 0 0
                                    

#لمسات_بيانية
من بلاغة الكلمة في التعبير القرآني:
قوله تعالى على لسان المتوفّى: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ} (١٠المنافقون). بذكر الياء في (أَخَّرْتَنِي).
وقوله على لسان إبليس: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلًا} (٦٢الإسراء)بحذف الياء.
والفرق بين المقامين ظاهر، ذلك أن طلب إبليس لا يريده من أجل نفسه، ولا لأنه محتاج إليه، وإنما يريده ليضلّ ذرية آدم. ثم إن هذا الطلب لا يعود عليه بنفع ولا يدفع عنه ضرا، وليست له مصلحة فيه، بل العكس هو الصحيح، بخلاف طلب الآخر، فإنه يريده لنفسه حقا وأنه لا شيء ألزم منه لمصلحته هو ودفع الضرر عنه.
فلما كان طلب التأخير لمصلحة الطالب حقا، وأنه ابتغاء لنفسه على وجه الحقيقة أظهر الضمير. ولما كان طلب إبليس ليس من أجل نفسه ولا يعود عليها بالنفع حذف منه الضمير واجتزأ بالكسرة.
ثم في الحقيقة إن كلام إبليس ليس طلبا، وإنما هو شرط دخل عليه القسم، فقال: (لَئِنْ أَخَّرْتَنِ) فهو من باب الطلب الضمني، وليس من باب الطلب الصريح.
وأما قوله: (لَوْلا أَخَّرْتَنِي) فهو طلب صريح، ففرّق تبعا لذلك بين التعبيرين. فصرّح بالضمير وأظهر نفسه في الطلب الصريح .بينما حذف الضمير واجتزأ بالإشارة إليه في الطلب غير الصريح. وهو تناظر جميل، ففي الطلب الصريح صرّح بالضمير، وفي الطلب غير الصريح لم يصرح بالضمير.
(د.فاضل السامرائي).

اعجاز الله تعالى في خلق الحيواناتWhere stories live. Discover now