لمسات ١٧٧

0 0 0
                                    

#لمسات_بيانية
{وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنََ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}٢٠القصص
بينما في {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قال يا قوم اتبعوا المرسلين}٢٠يس

ما الحكمة من ذكر لفظ ( رجل ) في آية القصص أولا ، وتقديمها على قوله ( من أقصى المدينة ) ؟! بينما جاء الأمر على العكس في آية يس ، حيث قدم قوله ( من أقصى المدينة ) على لفظة ( رجل ) ؟!!

أولا:إن مجيء ( رجل ) قبل ( من أقصى المدينة ) في سورة القصص ( وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ) هو الوضع الطبيعي من حيث الصناعة النحوية، فعادة ما يكون الفاعل عقب الفعل من دون فاصل في لغة العرب، و لا يأتي خلاف ذلك إلا لحكمة واعتبارات نحوية وبلاغية.
وثانيا : ليس هناك من داع لتقديم ( من أقصى المدينة ) على اعتبار أن الخبر الذي جاء به الرجل سيكون من أطراف المدينة وأقصاها الذي هو مكان سكنى فرعون وزبانيته عادة، فتسريب الخبر وانتشاره إنما كان من هناك ،هذا هو المنطقي.
ثالثا : إن التركيز في هذه الآية كان على رجولة هذا الناصح وشجاعته، فكونه يفصح عن مراد ومخطط فرعون لقتل موسى عليه السلام، ويكشف عما يدور في الخفاء ومن وراء الكواليس فهذا بحد ذاته جرأة
تستوجب التقدير والتنويه، لأنه قد يترتب على ذلك العقوبة أو حتى القتل !

أما عن آية سورة يس فإن تقديم ( من أقصى ) على ( رجل ) جاء لحكم وأسرار منها :
أولا: إفادة أن الرسالة التي جاء بها الأنبياء عليهم السلام آتت أكلها حيث بلغت أقاصي المدينة وأطرافها ، ولم يذهب جهدهم سدى ، فقد قاموا برسالتهم على أكمل وجه مع التكذيب الذي صدر من معظم أهل القرية .
ثانيا: الإشارة إلى أن أطراف المدينة فيها من الخير والصلاح ونقاء الفطرة والميل نحو التدين ما لا يوجد في أوسطها وقلبها، وأن فيهم من الاستقلال بالرأي والإعتداد بالتفرد ما لا يوجد في قلب المدينة ووسطها.
ثالثا : الإشارة لفضل الرجل المؤمن وعظم منزلته حيث إنه قطع مسافة طويلة قادما من أقصى المدينة وأطرافها معلنا اعتقاده بالدين الجديد، ومبينا موقفه من الرسل، ولعل هذا السبب في التعبير عن القرية بالمدينة – حيث جاء في البداية ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ..) ثم قال بعد ذلك ( من أقصى المدينة ) – ما يشير إلى بعد الشقة والمسافة التي قطعها.
رابعا: ربما يكون السر من وراء ذلك التأكيد على أن موقف الرجل لم يكن مرتبا ولا مخططا له مع الرسل عليهم السلام، فلا معرفة لهم به ولم يتواطؤوا معه على ما أراد – والله أعلم – ، فعادة ما يكون تركيز الرسل دعوتهم على قلب المدن والقرى ، و على عواصمها إذ فيها أكابر القوم المؤثرين والمتنفذين .
(منقول)

اعجاز الله تعالى في خلق الحيواناتWhere stories live. Discover now