الفصل 9

8K 240 3
                                    

يوم جديد...... استيقظت هيلين باكرا.... وتناولت فطورها مع جوانا .... ارتدت ملابسها العادية..... سروال جينز أسود وقميصا ملونا قصيرا.... وحذاء أزرق بكعب عال.... وربطت شعرها على شكل ذيل حصان.... وأخذت حقيبة يد صغيرة تتسع فقط لدفتر صغير ومفاتيحها....
وبطاقتها المصرفية وهاتفها...
ابتسمت السيدة جوانا لرؤية مظهرها وقالت: هذا أفضل بكثير من ملابسك العملية..... أنت تبدين جميلة يا هيلين....
بادلتها هيلين الابتسامة وقالت: شكرا لك يا سيدة جوانا..... أنا أرتدي ملابسي العادية... فقط عندما أذهب إلى الجامعة.... لدي محاضرة مهمة اليوم... وسيأتي رجل أعمال مهم آخر.... أريد الاستفادة قدر الامكان...من أجل مذكرة التخرج....
ربتت جوانا على كتفها وردت : حظا موفقا يا ابنتي...
اتجهت هيلين إلى جامعتها... والتقت بزميليها روبير و كاثرينا ...  اتجهوا إلى قاعة المحاضرة... وجلست هيلين في الصف الأول مع رفيقيها.... تردد روبير قبل ان يسأل: كيف هو تدريبك في الشركة يا هيلين؟!
شعرت بالتوتر وأجابت: أنا أقوم فقط بأعمال بسيطة.....
تنهدت كاترينا وقالت: جميعنا نقوم بأعمال بسيطة... مع أننا على وشك التخرج لم نحصل على أي خبرة تذكر...
شعرت هيلين بالاسى لأنها تكذب على زميليها.... لكن لا يمكنها إخبارهما أنها تعمل في الشركة... دون ان تحصل على شهادة....تخرج.... هذا غير قانوني....
اقتربت منهم فتاة تدعى مارلين...... نظرت إلى هيلين وقالت بتكبر واضح: من النادر رؤيتك في الجامعة.... إنك.... مغرورة بنفسك لكي لا تحضري محاضرات الأساتذة وتكتفين بحضور محاضرات رجال الأعمال...
تنهدت هيلين وردت عليها: أنا مشغولة بالتدريب يا مارلين....
ابتسمت بسخرية وقالت: أي نوع من التدريبات هذا الذي تقومين به....؟!
شعرت هيلين بالضيق وقالت: أنا اتدرب كموظفة استقبال....
رمقتها مارلين بنظرات حاقدة وقالت: فعلا؟!... جميعنا نتدرب.... بضع ساعات في اليوم ولا أحد يتغيب عن المحاضرات....  وإذا غاب أحدنا فهو يعاقب... ما الذي يعنيه غيابك الدائم...؟!
ابتسمت لها هيلين بنفاذ صبر وقالت: هذا لا يخصك...
كانتا على وشك الشجار لكن مشرفة القاعة وبختهما قائلة: أنتما ستكونان سيدتا مجتمع.... خلال أشهر وهذه السلوكات غير مقبولة في جامعتنا.... إنه التحذير الاول والاخير....
اعتذرتا منها... وجلست كل منهما في مكانها وهيلين تشعر بالضيق بينما قالت كاثرينا: لا تردي عليها.... إنها  دائما هكذا....
سمعتا الفتيات يتحدثن : إنه هو ... إنه وسيم جدا.... لا اصدق سأراه أمامي مباشرة لمدة ساعتين... هذا أكثر مما أستطيع تحمله.... سأطلب توقيعه..... انا حقا معجبة به...
شعرت هيلين بالسخف في كل مرة ياتي فيها رجل أعمال كبير تتفوه الفتيات بمثل هذه السخافات....
وضعت ساقا على الأخرى وحدقت في دفترها.... بينما قالت كاثرين: حديث الفتيات شوقني لرؤيته....
أجابتها هيلين دون ان ترفع عينيها من الدفتر: سترينه بعد قليل....
ابتسم روبير رغما عنه وقال: أنتن الفتيات هكذا...كل ما يهمكن هو اصطياد الرجال الوسيمين والأثرياء....
ضحكت كاثرينا وقالت: بالتأكيد فالزواج من رجل ثري ووسيم... يعني حياة مليئة بالرخاء دون ان أضطر للعمل أساسا.... 
ثم تجهمت ملامحها وقالت: لسوء حظي مدير الشركة التي أتدرب فيها رجل عجوز.....
ضحك روبير وابتسمت هيلين رغما عنها.... ثم قرصتها صديقتها وقالت بمكر: ماذا عن مديرك يا هيلين...؟!
لم تعلم هيلين ما تقول...... واكتفت بقول: إنه مجرد رجل عادي لا شيء مميز فيه....
تنهدت كاثرينا وقالت: الرجل العادي لا يطيق... فهو ليس سيئا لكنه ليس جيدا أيضا....
رفع روبير حاجبه وقال: هل هكذا تحكم النساء على الرجال في الواقع... ؟!
قاطع حديثهم... دخول الرجل الذي سيلقي المحاضرة بهيبة ووقار....... عم الصمت ارجاء القاعة.... بينما ذابت قلوب الفتيات.... لاسيما كاثرينا ومارلين..... كانت هيلين تركز على دفترها... وتقرأ جدول عمل اليوم... سيكون لديها وقت كاف للعودة للشقة وتغيير ملابسها قبل الذهاب للشركة....
بينما تحدث الرجل بصوت جهوري....اثار انتباهها: أيها الطلاب.... أعرفكم نفسي... أنا الأستاذ نيكولاس فيسكونتي.... خبير في مجال الاقتصاد وإدارة الأعمال....
رفعت هيلين بصرها بصدمة.... الواقف هناك.... امامها هو مديرها.... سيكشف أمرها بكل تأكيد.... شعرت بالضيق.... والتوتر... ثم طمنت نفسها انه يستحيل أن يلاحظها من بين الجميع.... حتى أنه لن يتعرف عليها فهي... ترتدي ملابس مختلفة.... وتسريحة شعرها حتى انها تضع ماكياجا خفيفا.... ومع ذلك توترها لم يقل...
في مثل هذه الظروف يستحيل أن تركز على المحاضرة...لو علمت بذلك لما أتت أساسا....
لمحها نيكولاس.... وتساءل إن كان شبح مساعدته يلاحقه أينماذهب..... حتى ان تلك الطالبة تتفادى النظر إليه...... حاول ان يركز وبدأ محاضرته....:
للاقتصاد فرعان رئيسيان:
الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي
- الاقتصاد الجزئي هو دراسة سلوك وتصرفات المستهلكين والشركات أثناء اتخاذ القرارات المتعلقة بتخصيص الموارد الشحيحة، ويتناول أيضاً كيفية تسعير السلع فى السوق وأسباب التغيرات فى الأسعار.
أما الاقتصاد الكلي يبحث في الاقتصاد بمعناه الواسع، حيث يتناول أمورا مثل أسعار الفائدة والناتج المحلي الإجمالي ومعدلات البطالة، وغيرها من المواضيع التي يقرأها الجميع على صفحات الصحف الاقتصادية........... الاقتصاد الجزئي أكثر من يهتم به هم المديرون، أما الاقتصاد الكلي هو أكثر استخداماً من قبل المستثمرين،....
 ثانيا....
- العرض والطلب هو نموذج اقتصادي لتحديد الأسعار في سوق تنافسية تماماً، بمعنى أن البائع أو المشتري لا يمكنه أن يؤثر على سعر سلعة أو خدمة، ولكن غالباً لا تتحقق هذه الفرضية بسبب عدم أو ندرة وجود ما يسمى بالمنافسة الكاملة......ببساطة، كلما زاد المعروض من سلعة كلما انخفض سعرها، ومتى زاد الطلب عليها ارتفع ثمنها، فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك فائض في إنتاج الذرة فإن أسعار السلع الغذائية سوف تنخفض بالتبعية، والعكس صحيح.....
وهناك ما يعرف باالمنفعة الحدية....
صمت قليلا ثم نظر إلى هيلين وقال: الآنسة في الصف الاول.... هل لديك فكرة عن مفهومها؟!
كانت هيلين تنظر إلى دفترها في حين توجهت انظار كل الطلاب إليها..... فهم يعلمون أنها متفوقة... لكن هذا المفهوم لم يمر عليهم بعد..... في حين ابتسمت مارلين بخبث فهي ادركت ان هيلين لم تكن تصغي للأستاذ....
استغربت هيلين الصمت الذي عم فجأة... ورفعت رأسها ببطء ... كان نظر نيكولاس مركزا عليها... بينما شعرت بالتوتر وقالت: هل تقصدني يا سيدي؟!
اوما برأسه إيجابا....فهو يدرك أنها لم تسمع السؤال فابتسم رغما عنه وقال: ما مفهوم المنفعة الحدية أجيبي....؟!
خفق قلبها بشدة.... وحاولت ان تبدو طبيعية وهي تجيب: أكاديمياً، المنفعة الحدية هي منفعة الوحدة الأخيرة، بحيث يمتنع الشخص بعدها عن طلب وحدات إضافية جديدة من تلك السلعة، فهي تتزايد أولاً ثم تتناقص بعد حد معين إلى أن تصل إلى الصفر وقد تصبح سالبة....
استغرب الجميع ذلك... من اين حصلت على المعلومة وشعرت مارلين بالغيظ ... لاسيما ان نيكولاس ابتسم برضى وقال: أحسنت.... ثم واصل إلقاء محاضرته.....
شعرت هيلين بشيء من الحماس.... فقد أعاد لها ما حدث الآن..... ذكرى قديمة..... وأنصتت إلى بقية المحاضرة باهتمام....كبير.... يجب الا يمنعها خوفها من الاستفادة من خبرة مديرها.... مر الوقت سريعا وانتهت المحاضرة.... وخرج نيكولاس من القاعة.... بينما قال روبير لهيلين بدهشة: انت لم تتابعي المحاضرة أساسا.... كيف استطعت الاجابة؟!
شعرت هيلين بالتوتر وقالت: لقد قرأت مقالا قبل أيام... لذلك.....
ابتسمت كاثرينا وقالت: كما هو متوقع منك....
شعرت هيلين بالسوء.... فهي صارت تكذب على الجميع وفي اتفه التفاصيل.... لكن لا يمكنها إخبارهما... انها يوميا تسأل نيكولاس عن مختلف المفاهيم التي تصادفها...... نظرت هيلين إلى الساعة وقالت: علي الذهاب نلتقي في يوم آخر.....
خرجت بسرعة.... لتجد نيكولاس يتحدث مع الأستاذ الشاب كيليان.... نظر كلاهما إليها بينما قال نيكولاس: هيلين.... لقد تغير الجدول.... علينا الاسراع....
شعرت بالاحراج.... الشديد... وسارت ناحيته ببطء وقالت لكليهما: صباح الخير....
نظر لها كيليان وقال: هذه الفتاة طالما كانت من المتفوقين لدي....
نظر لها نيكولاس نظرات لم تفهمها وقال: أستطيع تخيل ذلك....فهي.... مساعد....
قاطعته هيلين قائلة: أنا... أحب الاستفادة من الجميع... وفضولية جدا لهذا السبب....
استغرب نيكولاس تصرفها بينما قال كيليان: لم نعد نراك كثيرا يا هيلين....أنت لا.... تحضرين....
قاطعته ايضا وقالت:... أنا مشغولة..... كثيرا.... كما تعلم ....
شعر نيكولاس بالريبة.... هذه الفتاة ليست على طبيعتها.....  هل يعقل أنها تخفي شيئا.... ؟!
انتبه نيكولاس إلى ان الطلاب مجتمعون ويحدقون بهم مما اثار ريبته....أكثر....
في حين شعر الجميع بالفضول... ما الذي تتحدث به زميلتهم مع الاستاذ والمدير فيسكونتي....
شعرت هيلين بالقلق.... بينما قال الاستاذ: هيلين زورينا اكثر في الايام المقبلة.... ستستفيدين كثيرا.....
ثم ربت على رأسها....بلطف واستأذن منهما.... شعرت هيلين بالاحراج.... بينما نظر نيكولاس إلى ساعته وقال:  لقد تاخرنا فلنذهب....
لم ترد الخروج رفقته امام انظار زملائها..... فلا ينقصها انتشار الشائعات في سنتها الأخيرة......وقالت: عذرا... قد يسيء الآخرون الفهم إن خرجنا معا.....
رمقها بنظرات لم تفهمها وقال: تعالي معي فورا....
شعرت بالسوء وأضافت: احتاج لتغيير ملابسي... لن أذهب للعمل هكذا....
تحولت نظراته إلى أخرى غاضبة وقال بنفاذ صبر: هيلين تحركي أمامي.... و دون كلمة واحدة....
ارتعد جسدها وخرجت رفقته وهي تشعر بالأسى على نفسها لكن لا بأس هي لا تأتي إلى الجامعة كثيرا وسينسون الأمر....
ركب السيارة واستقلت المقعد إلى جانبه وهي تشعر بالانزعاج.... كيف ستذهب للشركة هكذا.... منظرها غير لائق بمساعدة المدير.... بل بمراهقة.... غير ناضجة....
حركت يديها في حجرها بتوتر.... بينما قاد السيارة بصمت..... ترددت قليلا قبل ان تقول: مع من سيكون الاجتماع الآن.....؟!
أجاب دون النظر إليها: مع كريستيان.... لقد طلب اجتماعا مستعجلا.... لإضافة تفاصيل مهمة.... قبل ان نضع المشروع قيد الانجاز....
انزعجت لسماع ذلك.... فهي لا تحب ذلك الرجل... لقد سبب لها الكثير من المتاعب خلال غياب مديرها....
التفت إليها نيكولاس وقال: هل تأتين إلى الجامعة حتى بعد تخرجك؟!
خفق قلبها... وشعرت بالضيق وهي تجيب: أخبرتك أنني أحب الاستفادة من تجارب الأشخاص الناجحين...
هز رأسه إيجابا وقال: أهنئك على مثابرتك... ستكونين يوما ما سيدة أعمال كبيرة....
لقد كان هذا حلمها عندما اختارت هذا التخصص.... لكن واقعها صفعها بقوة.... ديون والدها.... وتصرفاته الغير مسؤولة أضاعت عليها فرصة بناء مستقبلها.... طوال حياتها لن تكون أكثر من مساعدة.... المرتبة الثانية هي قدرها.....
تجهمت ملامحها بينما قال: عندما لمحتك أولا.... اعتقدت أنني أتوهم بالكاد تعرفت عليك.... لذلك تعمدت سؤالك.....فقد سألتني عن ذلك المصطلح قبل مدة.....
التفتت إليه وأجابت: ربما بسبب مظهري....
توقف عند الاشارة والتفت إليها وهو يقول: تبدين مختلفة تماما.... عن العادة.... حتى أنك تضعين مكياجا خفيفا.... إنه يلائمك....
شعرت بالحرارة تغزو وجهها وتجنبت النظر إليه وهي تقول: اعلم أنني عادة أبدو مبتذلة.... لكنك تبالغ....
مد يده إليها.... وأزال ربطة شعرها..... راقب خصلات شعرها تنسدل على كتفيها وقال: هكذا تبدين أفضل بكثير.....
خفق قلبها بشدة وأحنت رأسها..... ثم ابتسم بمكر وقال: لعلمك.... إن رأى الطلاب تصرف الأستاذ كيليان معك.... سيظنون أمورا أكثر بكثير... مما إن رأوك معي في السيارة....
انتبهت لذلك.... إذا.... كان فقط يسخر منها.... رفعت نظرها إليه بينما واصل قيادة السيارة.... وقالت: إنه رجل لطيف....ولا يقصد سوء بأفعاله...
لوى شفتيه بابتسامة ساخرة ورد: من الواضح أنه معجب بك..... حياتك الخاصة لا تهمني.... لكن لعلمك لا أريد ان تتأثر سمعة الشركة بمغامراتك العاطفية....
اشتعلت غضبا ودون أن تدرك.... تحدثت بصوت عال قائلة: أنا أيضا تهمني سمعتي وسمعة الشركة.... وإذا كنت تلمح إلى أنني على علاقة بالاستاذ فأنت مخطئ... كما انه ليس معجبا بي....
لمحت التحدي في عينيه وهو يقول: إنه معجب بك..... أنا واثق من كلامي.... والوقت سيثبت ذلك.... 
تنهدت بعصبية وردت: لماذا تصر.... على مناقشة أمور لا أساس لها من الصحة؟!
تجاهلها تماما وركز على القيادة.... صمتت للحظات... وشعرت أنها ستختنق إن لم تفرغ غضبها فصرخت قائلة: ٱذا كان هناك من قد يسيء لسمعة الشركة بعلاقاته فهو أنت..... لقد عانيت كثيرا وانا أنظف خلفك اتسمع؟!
استفزته بكلامها ونبرتها فقال وهو بالكاد يسيطر على نفسه: لا تصرخي يا هيلين....
ردت عليه وهي تصرخ: أنا لا أصرخ...
انتبهت لنفسها.... وادركت انها تجاوزت حدودها معه.... لن تستغرب إن طردها.....شعرت بالحرارة تغزو جسدها... وجلست في مقعدها.... وهي تشعر بالذنب ان قالت كلمة أخرى..... فهو قد يفقد السيطرة على نفسه....لاسيما انه يقود السيارة....
وماهي إلا لحظات حتى اوقفهما شرطي.... وقال لنيكولاس: سيد فيسكونتي.... لقد تجاوزت السرعة المطلوبة.... شعر بالضيق.... فهو ادرك ذلك متأخرا بسبب انفعاله.... ستكون مشكلة لو أن الشرطي سحب منه الرخصة لاسيما ان سائقه ويلكينس في إجازة وهو لا يثق بغيره....
تأمل الشرطي وجه نيكولاس....ثم مرر نظره إلى هيلين وقال ممازحا: أفترض أن سبب ما حصل هو أنك أغضبت صديقتك الجميلة....
توردت وجنتا هيلين.... بينما أضاف الشرطي: حسنا يا سيد فيسكونتي.... انت رجل محترم... لكن القانون فوق الجميع... لن أسحب منك الرخصة.... لكن عليك تسديد غرامة مالية....
شعر نيكولاس بالارتياح... لسماع ذلك.... وقاد السيارة مبتعدا... بعد أن وقع....
شعرت هيلين بالذنب وتحدثت بصوت مخنوق: سيدي... أنا آسفة لما حدث..... لقد كنت وقحة..... وقلت كلاما لا يجب قوله....
تفادى النظر إليها وقال بخيبة أمل: الانسان يكون صادقا في لحظات الغضب..... يسرني ذلك فقد عرفت رأيك بي جيدا يا مساعدتي....
امتلأت عيناها بالدموع.... هي لم تقصد إهانته... وتذكيره بماضيه ...لاسيما أنه تغير تماما بعد ارتباطه بديانا..... لكن من جهة أخرى...لقد جرحها أيضا بكلامه فهي اكثر من يحرص على سمعة الشركة....
أرادت ان تفسر موقفها له....لكنها غيرت رأيها.... الافضل أن تترك الأمور كما هي.....
ترجلا من السيارة..... ودخلا إلى الشركة.... حدق الجميع بالفتاة التي ترافق الرئيس.... وصدموا عندما أدركوا أنها هيلين....فقد بدت مختلفة تماما..... لم تنتبه هيلين... لذلك..... لم تصدق تانيا عندما رأتها وقالت محدثة نيكولاس: سيدي لقد وصل السيد كريستيان قبل لحظات... وهو ينتظرك في غرفة الاستقبال....
أومأ نيكولاس برأسه وقال: أطلبي منه الدخول إلى مكتبي....
شعرت هيلين بالتوتر....فمزاج نيكولاس سيء وهي لا تريد رؤية كريستيان....
دخل كريستيان المكتب.... وهو يقول: آسف إن عطلت جدولك يا نيكولاس لكن.....
وقعت عيناه على هيلين التي كانت تنظر إلى دفترها... لمحاولة تعديل جدول اليوم...
انتبه نيكولاس لذلك..... ولاحظ الاعجاب في عيني كريستيان..... تنحنح وقال:  لا مشكلة.... تفضل رجاء.....
جلس نيكولاس خلف مكتبه.... بينما جلست هيلين  وجها لوجه مع كريستيان.... وأحست بنظراته المركزة عليها.... مما ضايقها.... تناقش المديران بينما سجلت هيلين الملاحظات..... وهي تتمنى انقضاء هذا الاجتماع بأسرع وقت ممكن.....
انتهى الاجتماع.... ثم صافح كريستيان نيكولاس وهو يقول: أتمنى أن يتم الانجاز في وقت قياسي....
اومأ نيكولاس برأسه.... ثم التفت إلى هيلين ومد يده لها مما وترها..... ومدت يدها له.... ليقبلها بإعجاب واضح....ثم غمزها وقال: أتمنى لك نهارا سعيدا يا آنسة هيلين....
تضرجت وجنتاها حمرة وسحبت يدها بسرعة.... وتجنبت النظر إليه.... في حين شعر نيكولاس بالضيق من سلوك شريكه..... خرج كريستيان.... في حين قالت هيلين وهي تشعر بالخجل:  لدينا غذاء عمل مهم بعد نصف ساعة...مع مدير فرعنا في فينيسيا...يا سيدي...
أرادت الذهاب إلى مكتبها لكن نيكولاس منعها.....قائلا: أريد منك أن تراجعي هذه الملفات معي يا هيلين....
تجنبت النظر إليه وهو يناولها الملفات.... ثم جلسا على الاريكة وباشرا العمل.....
أدرك أنها تشعر بالتوتر...... وتساءل إن كان أخطأ عندما أحضرها إلى المكتب بهذه الملابس التي تبرز مفاتنها....
تأملها هو الآخر....... وشعر بالتوتر.....
ركزت هيلين على عملها......وهي تحاول نسيان تصرف كريستيان.... لقد أشعرها بشيء من الاشمئزاز.... فهو لم ينتبه لها يوما عندما كانت ترتدي ملابس العمل.... بل كان يحتقرها.... والآن وقد غيرت مظهرها....... ربما الوحيد الذي انتبه لها كان سيزار..... بالتأكيد.... لقد بذل جهده للتقرب منها.... ولم يهتم يوما لمظهرها.... تذكرت يوم دعاها لحضور ذلك الحفل.... وقد قبل يدها....أيضا
لقد كان في منتهى الرقة..... لكنها في المقابل رفضته بطريقة قاسية.... أحيانا هي أيضا تتمنى أن يكون لديها حبيب يهتم لأمرها.... ويقلق عليها... وتبكي في أحضانه عندما يضيق صدرها..... ربما عليها الاعتذار منه على الأقل.....
فجاة شعرت بذراع نيكولاس تحيط خصرها..... التفتت إليه وهي تقول: سيدي ماذا تفعل؟!
لم تفهم النظرة التي في عينيه.....وهو يقول: لقد كان تهورا مني إحضارك إلى المكتب بهذه الملابس....
أحنت رأسها وقالت بخجل: أنت محق.... انا حقا أعتذر....
مد يده يداعب وجنتها وهو يقول: لا.... لقد كنا مستعجلين... ولم يكن أمامك وقت....
احمرت وجنتاها....واستغربت سلوك رئيسها...هل فقد عقله......؟!
نقر على جبينها بقوة وابتسم وهو يقول: لا تقلقي... لا نية لي للتقرب منك.... وبالنسبة لكريستيان سأحرص على الا يكرر سلوكه....
أفلتها ونهض من مكانه وأضاف: الافضل ان نذهب كي لا نتأخر.....عن موعدنا....
ابتسمت رغما عنها..... صدقا... لقد سخر منها مجددا....
اتجها إلى مكان اللقاء..... وهناك فوجئت هيلين بان مدير فرع فينيسيا ليس إلا فتاة شابة وفاتنة........
حدقت الفتاتان ببعضهما.... وقالت فاليريا محدثة نيكولاس بإعجاب واضح: عزيزي نيكولاس هل  احضرت صديقتك معك....هذا ليس من عادتك...
ادركت هيلين على الفور أن هذه الفتاة معجبة بنيكولاس.... لكن بالنظر إليهما جنبا إلى جنب..... إنهما مناسبين لبعضهما حقا.... فكلاهما مدير ناجح...... سيشكلان ثنائيا رائعا....
ابتسم لها نيكولاس وقال: فاليريا أعرفك.... الآنسة هيلين إنها مساعدتي.... ثم التفت إلى هيلين وأضاف وهذه هي الآنسة فاليريا.... ابنة أحد شركائنا ... ومديرة فرع فينيسيا... كما انها كانت زميلتي في الجامعة ايضا
تصافحتا.... بينما تفحصت فاليريا هيلين.... بشك.... كيف يمكن ان تكون مساعدة نيكولاس أشبه بفتاة مراهقة.... لاشك أنها مبتدئة....
تحدثوا في امور العمل..... ثم شربت فاليريا عصيرها وقالت بفضول وغيرة واضحين: بالمناسبة يا نيكولاس من هي تلك العارضة المثيرة التي ارتدت ملابس الكتالوغ..... لقد سرقت عقول رجال الأعمال في فينيسيا.....
احمر وجه هيلين.....بينما شعر نيكولاس بالضيق وأجاب: أنا نفسي لم أقابلها.... قريبي دانييل... هو من تولى كل شيء حينها....
أطلقت فاليريا ضحكة وقالت: هكذا إذا .... لقد جعل النساء يغرن بشدة.....
ابتسم نيكولاس رغما عنه وقال: أنا أكثر من يدرك ذلك..
وقبل ان يأتي النادل بالغداء....  فوجئ الثلاثة بحضور مارغريتا زوجة عم نيكولاس....
التي انزعجت من رؤية هيلين.... لكنها تظاهرت بالود اتجاهها وقالت: إنها مفاجأة سارة ان ألقاكم هنا....
سلمت عليها فاليريا.... بينما دعاها نيكولاس لتنضم إليهم لكنها رفضت وقالت: لا ارغب بمقاطعتكم عن عملكم..... لكنني أشعر بالوحدة قليلا.... عزيزتي هيلين... سأكون مسرورة إن شاركتني وجبتي... لقد حجزت في الطابق العلوي....
اوما نيكولاس برأسه... فنهضت هيلين وهي تقول: بكل سرور يا سيدتي.....
اتجهتا معا إلى الطابق العلوي..... بينما راقبتهما فاليريا وهي تقول: أعتقد ان هيلين فتاة صغيرة.... لتشغل منصبا مهما..... كهذا....
ابتسم نيكولاس رغما عنه وقال: اعترف انها صغيرة..... لكنها تاخذ العمل بجدية.....ولا اعتقد أنني ساجد مساعدا أفضل منها....
ترددت فاليريا قبل ان تسأل: في اي جامعة درست...
وانزعجت اكثر عندما اخبرها ان هيلين تخرجت من نفس الجامعة التي درسا فيها....
حاولت عدم إظهار ذلك وردت: إذا.... فهي ابنة عائلة ثرية...... فكما تعلم..... تكاليف الدراسة في جامعتنا.... باهضة جدا..... مؤكد ان والدها رجل أعمال....
شعر نيكولاس بالحيرة.... فهو لا يعلم شيئا عن هيلين وعائلتها...... اسم عائلة مورتيمور.... ليس معروفا ابدا... ولم يسمع به من قبل.... إذا هم ليسوا أثرياء.... إذا كيف استطاعت دخول الجامعة..؟!
جلست هيلين مقابل مارغريتا وهي تدرك ان لديها ما تقوله لها.....فهي عادة لا تحبها....
نظرت كل منهما إلى الأخرى.... بينما قالت مارغريتا بمكر: هل غيرت مظهرك... من أجل إغواء نيكولاس...؟!
ابتسمت هيلين بسخرية وقالت: لو اردت إغواءه... لفعلت منذ سنتين يا مارغريت....
ابتسمت السيدة برضى وقالت: من الجيد أنك تعرفين حدودك..... والآن أريدك ان تصغي لما سأقوله.... انا أرفض علاقة نيكولاس بتلك الفرنسية .... نحن لا نعرف عنها شيئا.... من يدري ماذا تخفيه.... المظاهر تخدع وانت خير مثال على ذلك ....
ابتسمت هيلين رغما عنها وقالت: ما المطلوب مني.... حسنا انا اعترف.... أنا احضرت ديانا وساعدتها للتقرب من المدير.... لكن الآن إنهما واقعان بالحب... وعلى الأغلب سيتزوجان..... حتى انه كان سيعرفها على السيد ديون...
شعرت مارغريتا بالغيظ لسماع ذلك وقالت: هيلين.... عليك ايقاف ذلك بأي ثمن....
تنهدت هيلين وقالت: الأمر لا يخصني..... وأنا قررت ألا اتدخل في تلك العلاقة بعد الآن....
نظرت لها مارغريت بغضب وقالت: هل هذا كلامك الأخير؟!
نظرت لها هيلين واجابت: للأسف.... نعم....
ابتسمت لها مارغريت بمكر وقالت: في هذه الحالة ماذا سيكون رأي نيكولاس إذا ما علم انك لم تتخرجي بعد من جامعتك.... وخدعته لسنتين؟!
اتسعت عينا هيلين من الصدمة وقالت: كيف عرفت ذلك؟!
ابتسمت مارغريتا وردت: لا يهم كيف.... ما يهم هو أنك... ستنفذين ما سأقوله.... دون اي اعتراض....
ترددت هيلين وأجابت: ما المطلوب مني يا سيدة.... ؟!
شعرت بالنصر وهي تقول: عليك التفريق بين ديانا ونيكولاس...  ومساعدة فاليريا .... للتقرب منه.....
تنهدت هيلين وقالت:  لا استطيع التفريق بينهما.... خاصة أنني تشاجرت مع ديانا ونيكولاس يقف إلى جانبها لي كل شيء... ولن أستغرب إن طردني من اجلها..... لكن يمكنني مساعدة فاليريا.... شرط أن تكون قريبة منا..... يستحيل ذلك بما انها في فينيسيا.....
هزت مارغريتا رأسها إيجابا: لا اريده ان يطردك... فانا اعلم انه ياخذ برأيك..... وبخصوص فاليريا.... لقد تحدثت مع عمي ديون.... وسوف يتم نقل فاليريا إلى فرع روما....
انتاب هيلين شعور سيء حيال ذلك...  لكنها مسالة بضعة أشهر لتتخرج ثم تخبر نيكولاس بالحقيقة وتتخلص من سيطرة مارغريتا وإلى ذلك الحين ستبذل جهدها لمسايرة مارغريت دون أن تضر نيكولاس وديانا......

تناديه سيدي الجزء1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن