الفصل 24

6.6K 236 4
                                    

انقضت إجازة رأس السنة.....وعادت أجواء العمل المعتادة إلى الشركة.... كانت هيلين في مكتبها.... تفكر في سبب نظرات نيكولاس الحاقدة هذا الصباح... هي لا تتذكر أنها فعلت شيئا سيئا... فهي منذ عيد الميلاد تتفاداه... تماما..... لكن....قطع أفكارها دخول دانييل إلى المكتب....
جلس مقابلها....وبدا عليه التردد....وهو يقول: هيلين.... هناك أمر أود مناقشته معك....
ابتسمت رغما عنها.... تانيا هي الأخرى عندما ترغب في التحدث عن دانييل تبدأ كلامها بالمقدمة نفسها... ثم ردت: هل الأمر بخصوص تانيا...
ابتسم هو الآخر وقال وهو غير متأكد: خلال الأشهر الستة الأخيرة.... تقربنا أنا وتانيا من بعضنا كثيرا... وأعتقد أنني واقع في حبها...... لقد فكرت طويلا... قبل أن أقرر الاعتراف لها.... وأريد أن يكون ذلك..  في عيد الحب بعد بضعة أيام ما رأيك...
ضحكت هيلين وأجابته: دانييل.... أنت رومانسي... جدا... إنها فكرة رائعة...
أشار لها أن تصمت وقال بصوت منخفض: هيلين... اهدئي... لا أريد أن يعلم أحد.... خاصة اوبالدو... إن أخبر والدتي فهي سترفض وتسعى لإفساد الأمر كعادتها....
أومأت برأسها إيجابا وهمست: ما الذي تنوي فعله... سأساعدك بكل تأكيد...
انفرجت أساريره.... وقال: شكرا جزيلا لك... أنت أفضل صديقة على الاطلاق...
وعندما حان وقت المغادرة.... اتصلت هيلين بتانيا.. وغادرتا سوية....
سارتا جنبا إلى جنب عندما.... قابلتا ديانا وأصرت على أن تدعوهما لتناول القهوة معها...
دخلن أحد المقاهي القريبة....وهيلين تشعر بالغرابة من سلوك ديانا مؤخرا....فهي منذ عيد ميلاد نيكولاس... صارت مختلفة عن ذي قبل...
شربت هيلين عصيرها... بينما قالت ديانا وهي تراقب هيلين: أتساءل إن كان لديك حبيب يا تانيا؟!
شعرت تانيا بالتوتر وأجابت... بخجل: نوعا.. ما ... لكن لم يعترف أي منا إلى الآخر....
ابتسمت هيلين... وهي تفكر في المفاجأة التي سيعدها دانييل لتانيا.... انتبهت لها ديانا وقالت: ماذا عنك يا هيلين؟!
هزت هيلين رأسها نفيا وأجابت: لا... ليس لدي حبيب... ولم اواعد أحدا من قبل....
عبثت ديانا بفنجانها وهي تقول بمغزى: لكنك خرجت عدة مرات مع سيزار....وتأنقت من أجله...
انزعجت هيلين لسماع ذلك وأجابت: أنا والسيد سيزار كنا مجرد أصدقاء....
ابتسمت ديانا بمكر وردت: إذا... هل هناك شخص تحبينه؟!
تساءلت... هيلين عن سبب هذه الأسئلة الغريبة.... بينما توترت تانيا هي الأخرى....
فكرت هيلين... إن كانت ديانا تعلم شيئا عن مشاعر هيلين اتجاه مديرها.... بينما انفجرت ديانا ضاحكة وقالت: أنت مملة فعلا يا هيلين... مع أنك في الثالثة والعشرين إلا أنك تتصرفين كما لو كنت في الأربعينات....
انزعجت تانيا من تلك الملاحظة....بينما أضافت ديانا: أنت فتاة شابة... يجب ان تكوني قد جربت شعور الحب الجميل... مثلنا أنا ونيكولاس....
شعرت هيلين بالضيق... ولم تفهم تانيا ما يحدث... وقالت:  آنسة ديانا يبدو أنك سعيدة جدا بعلاقتك مع الرئيس...
ضحكت ديانا وأجابت محاولة مراقبة ردة فعل هيلين: أجل... نحن سعيدان جدا.... إنه يمنحني شعورا رائعا في كل مرة...
احمر وجه الفتاتين.... وشعرت هيلين بألم في قلبها.... بينما أضافت ديانا متسائلة: هيلين....أحيانا...أشعر ان هناك شيئا غريبا حيالك... أقصد أنت وحبيبي نيكولاس...
ثم أطلقت ضحكة وتابعت: حتى أنكما رقصتما معا في تلك الأمسية... صدقا لولا ثقتي بحب نيكولاس.. لي لجزمت أنك تحاولين إغواءه......
شعرت تانيا بالسوء...فمن الواضح أن ديانا.. تعني كل كلمة قالتها.... في حين اكتفت هيلين من مضايقة ديانا لها وقالت وهي تدعي المرح: صدقيني يا آنسة ديانا...
لو كانت لدي رغبة في التقرب من الرئيس... لكنتِ الآن في باريس أؤكد لك....
تغيرت ملامح ديانا وتحول مرحها إلى عبوس وغادرت ما إن أنهت قهوتها.... وهي تتوعد لهيلين....
نظرت تانيا إلى رفيقتها.... بحيرة  وقالت: محاولتها لمضايقتك واضحة جدا...  هل حدث ما يدعوها للغيرة منك...؟!
قاطعتها هيلين بابتسامة : لا فقط كل ما في الأمر أنني... كنت لطيفة معها أكثر مما يجب....
بقي يومان على الفالانتاين.... واتفقت تانيا وهيلين أن تلتقيا... وتقوما بصنع شوكولاتة منزلية.... لتقدمها تانيا إلى دانييل....
دخلتا مطبخ هيلين... وبدأتا بحضيرها... بينما قالت تانيا:... لمن ستقدمين الشوكولاتة يا هيلين...
ابتسمت رغما عنها وأجابت: سأرسلها لأخي الصغير أندي...
ثم تذكرت شيئا وأضافت: ويليام ساعدني كثيرا هذه السنة... لذلك أعتقد أنني سأهديه واحدة أيضا...ثم تذكرت صديقها ألبرت... الذي يتعالج في الخارج... في البداية كان يتصل بها بشكل دوري... لكن مضى أكثر من 3 أشهر على آخر اتصال له....
ترددت تانيا قبل أن تقول: ماذا عن الرئيس... ؟!
هزت رأسها نفيا وأجابت: لا.... لن أمنحه شيئا....
ودون وعي منها....
سالت دموعها بغزارة... مما فاجأ تانيا....التي هدأتها وهي تقول: أنا آسفة... إن قلت ما يضايقك... انسي الأمر فحسب...
هدأت بعد لحظات... بينما قالت تانيا مترددة: لقد لاحظت منذ فترة... أنك.... تنزعجين كثيرا.. كلما تحدثنا عنه.... هل فعل ما يغضبك...
استعادت هيلين نفسها وأجابت:... لا شيء محددا... لكن أعتقد أنني مكتئبة قليلا فحسب...
أنهيا إعداد الشوكولاتة.... وقامتا بتغليفها.... وابتسمت تانيا بفرح....وهي تقول: أنا واثقة أن دانييل سيحبها بالتأكيد....
ودعتها هيلين عند الباب... ثم دخلت المطبخ... وحملت بيدها قطعة من الشوكولاتة...إنها ممزوجة مع القهوة... ولا أثر للطعم الحلو بها... تماما كما يحبها نيكولاس ... لكن كيف... ستقدمها له وهل سيقبلها... لكن ماذا لو أساء فهمها... وحاول التقرب منها مجددا.... تنهدت بحزن..... وذهبت لتستريح في غرفتها....
حل اليوم الموعود أخيرا...... كان دانييل ينتظر حلول المساء بفارغ الصبر..... ليخبر تانيا بمشاعره اتجاهها....
أما ويليام فقد كان حزينا جدا... وهو يرى أن علاقة ديانا ونيكولاس ستؤول إلى الزواج حتما.....
كان نيكولاس في مكتبه... عندما دخلت فاليريا....  بخطوات متباطئة وهي تحمل علبة في يدها.... رفع نظره إليها بينما قالت مترددة: أعلم أنك تحب تلك الفرنسية.... وأنك لن تحبني مهما فعلت.... لكن أتمنى ان تقبل مني... هذه الحلوى... إنها خالية من السكر كما تحب تماما....
شعر بالأسى عليها.... لكن لا يمكنه أن يجبر نفسه..ومع ذلك فقد قبل هديتها وابتسم لها قائلا: شكرا جزيلا.. يا فاليريا....
خرجت من المكتب وهي تشعر بالحسرة... إنها تدرك أنه قبل الهدية منها....فقط بداعي الشفقة....
أما هو فقد تنهد بعمق.... وهو يحدق في تلك العلبة.... الأمر أصبح عاديا جدا بالنسبة له..... فكثيرات هن من يتوددن إليه....  لكن.... فتاة واحدة رفضته.... غضب من نفسه لأنه عاد للتفكير بها... رغم ما عرفه عنها.... وحاول إبعادها عن ذهنه بالتركيز على العمل الذي أمامه....
ابتسمت هيلين وهي تتذكر ردة فعل أخيها الصغير أندي.... عندما التقته في مدرسته هذا الصباح وقدمت له الشوكولاتة.... احتضنها بحب... وشكرها عدة مرات....
صدقا.... إنه صبي لطيف جدا.....ثم خطر لها فيريو.... أخوها الصغير الذي افترق عنها.... قبل أشهر... لاشك أنه لم يعد يذكرها الآن......بعد أن كان يعتقدها أمه....
لقد انقطعت أخبار صونيا وطفلها فور سفرهما... ومهما سألت والدها غوستاف فهو لا يجيبها....
تذكرت أمرا وذهبت مسرعة إلى مكتب ويليام....لتجد ديانا هناك رفقته.... نظرت إليهما.... كان ويليام حزينا... لكن ديانا كانت طبيعية.... جدا.... استأذنت لتغادر لكن ديانا ابتسمت لها وقالت: لا... أنا سأغادر... يمكنك البقاء يا هيلين....
راقبتها وهي تغادر.... ثم جلست مقابل ويليام وقالت: هل حدث شيء آخر؟!
تنهد بعمق وأجاب: لقد أخبرتني أن السيد ديون دعا والدتها... للحضور إلى روما من أجل... مناقشة موضوع خطوبتها من نيكولاس....
انتابها إحساس...وكأن سكينا دست في أحشائها.... إذا... فالأمر صار حقيقيا....إذا... في الماضي تقبلت كون ديانا حبيبته..... لكنها لم تتخيل يوما أنهما قد يتزوجان...
شحب وجهها فجأة.....وقالت: أنا أدرك مقدار ألمك يا صديقي.... أكثر من أي شخص آخر...
رفع نظره إليها.... وقال: أتساءل بخصوص ذلك... لكن شكرا لك...
انتبهت لنفسها....وقدمت له لوح الشوكولاتة وقالت ودموعها تسيل رغما عنها: تفضل هديتي لك....للرجل الذي ساعدني كثيرا..... والذي تسببت في جرح مشاعره في المقابل....
التقت عيونهما للحظة ولمحت لمعان الدموع في عينيه بينما قال بابتسامة حزينة: سأقبلها منك.... بكل سرور .. شرط أن تتوقفي عن لوم نفسك... اتفقنا...
أومأت برأسها... بينما مسح دموعها وقال: أنت الآن مديرة قسم مهم في الشركة... ويجب ان تكوني قوية جدا.....لأنه من الآن فصاعدا ستتحملين المسؤولية وحدك.... ولن تكوني محمية في ظل الرئيس....
ابتسمت لذلك وأجابت: سأتذكر كلامك جيدا...
خرجت من مكتبه....وهي تفكر..... على ما يبدو ويليام تقبل الأمر.... وهي أيضا عليها فعل الأمر نفسه... أساسا.... حتى لولم تكن ديانا فستكون فتاة أخرى مكانها.... ومهما كانت هذه الفتاة فلن تكون هيلين أبدا... فهي تدرك حجم الهوة التي بينهما هي ونيكولاس.. أخذت لوح الشوكولاتة التي صنعتها من أجله.... وأسرعت إلى مكتبه... بما أنه غير موجود... ستترك  اللوح في مكتبه... ولن يعرف أبدا أنه منها....
دخلت المكتب بهدوء.... وسرية تامة... ووضعت اللوح على المكتب......
كانت ديانا متجهة إلى مكتب نيكولاس.... وهي تشعر بالضيق... فقد التقت فاليريا قبل لحظات... وسخرت منها لأنها أحضرت شوكولاتة حلوة لنيكولاس....
فتحت باب المكتب....وصدمت برؤية هيلين هناك...
ارتعد جسد هيلين للحظة... فقد خشيت أن يكون نيكولاس....لكنها ارتاحت وهي ترى ديانا أمامها....
رمقتها ديانا بانزعاج لاسيما بعد أن لمحت لوح الشوكولاتة...على المكتب.... وقالت: ما الذي أتى بك إلى هنا يا هيلين؟!
حاولت هيلين أن تبدو طبيعية... وقالت: لقد كنت أريد مقابلة المدير... لكنه ليس موجودا.... لذلك... سأعود في وقت لاحق...
خرجت هيلين مسرعة.... خشية أن يأتي نيكولاس في أي لحظة....
بينما نظرت ديانا إلى الشوكولاتة التي أعدتها هيلين.... إنها تعلم ما يحبه نيكولاس جيدا.... لذلك... مؤكد أن هذه الشوكولاتة ستنال إعجابه... تماما مثل هدية عيد ميلاده....
أخفت هديتها في حقيبة يدها... وأخذت الشوكولاتة التي أعدتها هيلين..... وانتظرت قدوم نيكولاس الذي جاء بعد وقت قصير... ابتسم لرؤيتها... بينما قبلته بحب وقالت: لقد أعددت لك شيئا مميزا بمناسبة الفالانتاين....
سلمته لوح الشوكولاتة..... وهي تقول: إنها كما تحب... أنا واثقة ...
شعر بالتردد.... قبل أن يفتح الغلاف... ويأخذ قطعة صغيرة....ويتذوقها.... ابتسم رغما عنه وقد أعجب بطعمها كثيرا.....وقال وهو يلف ذراعه حول كتفيها: كما هو متوقع من حبيبتي...
ثم قبل شفتيها قبلة صغيرة وهو يقول: أعتذر لأن لدي اجتماعا مهما الآن... لكن أعدك أن أكافئك على هديتك عندما أعود.....
ودعته وهي تشعر برفرفة في صدرها.....بينما.... حضر نيكولاس الاجتماع مع قسم المالية... وطلب منهم القيام بحساب ميزانية السنة الماضية....من أجل إعداد خطة لميزانية هذه السنة....
خرج أولا....ثم لمح ويليام مارا.... وتذكر أنه سيرتبط بديانا.... ويجب أن يخبر ويليام بذلك....فهو تحداه من قبل....
شعر ويليام بالحزن وهو يرى نيكولاس الذي قال: هل لديك الوقت لنتحدث في أمر شخصي؟!
فهم ويليام ما يريد قوله على الفور...ثم دخلا مكتب ويليام وهو يشعر بالاختناق....
حاول نيكولاس أن يكون منصفا في حق ويليام وقال: أنا وديانا....سنرتبط... بصفة رسمية....
لم يبدو ويليام متفاجئا وقال: هنيئا لكما يا سيدي....
ثم أضاف بقلة حيلة: سأعترف لقد كنت أحمقا عندما تحديتك.... في النهاية....أي امرأة غيرها كانت لتفضل المدير الثري على أية حال...
شعر نيكولاس... بشيء غريب.... وهو يسمع كلام ويليام.... هل يقصد أن ديانا ما كانت لتتقرب إليه لو لم يكن ثريا.....
تنهد ويليام وقال: لدي رجاء واحد منك... اجعلها سعيدة... من فضلك...
أشاح نيكولاس بنظره عنه.... لتقع عيناه على لوح الشوكولاتة على مكتبه.... إنه نفس الغلاف....مثل اللوح الذي منحته إياه ديانا.....سار دون وعي منه وأخذ اللوح.....ثم نزع الغلاف.... إنه نفس التصميم...... تماما... هذا يعني أن الشخص الذي صنع الشوكولاتة هو نفسه.... كيف تجرأ ديانا على إعطاء....الشوكولاتة لويليام......اشتعل غضبا.... بينما راقبه ويليام.... باستغراب وقال: سيدي المدير.... هل هناك مشكلة ؟!
التفت إليه نيكولاس وعيناه تقدحان شررا وقال: لما لا تكون صريحا وتخبرني.... من منحك هذه الشوكولاتة..
نظر إليه بعدم فهم وقال: هذا.... إنه هدية من هيلين...  لكن لا تسئ الفهم... نحن مجرد أصدقاء....
لم يصدق كلامه وقال: هل تجرأ على الكذب يا ويليام...
اكتفى ويليام.... من عجرفة نيكولاس وقال: ما الذي يدفعني للكذب عليك..... هيلين هي من أعطتني إياه.... وهو ثمين جدا بالنسبة لي....هديتها البسيطة جعلتني أتجاوز صدمة خبر ارتباطك بديانا.... إنها فتاة رقيقة حقا.... وأتساءل كيف استطاعت تحمل قسوتك... كل تلك الفترة.....
استوعب نيكولاس كلام ويليام ببطء... ثم قال غير مصدق: هيلين؟!.... لكن لماذا؟!... اعتقدت أن ديانا هي من صنعتها.... هل تقول أنها كذبت علي؟!
لم يفهم ويليام... شيئا وقال: لا أعلم ما الذي حدث... لكن يبدو أن هناك سوء فهم... الأفضل أن تحله بالحوار....
استقل المصعد... وهو يشتعل غضبا....لا سبب يدفع ويليام للكذب... لقد كان صادقا... على ما يبدو... لكن ديانا كيف أمكنها أن تكذب عليه....... ولماذا صنعت هيلين الشوكولاتة وأعطتها لديانا؟!
دخل مكتبه حيث كانت ديانا بانتظاره... ابتسمت لرؤيته... لكن ابتسامتها اختفت عندما رأت ملامحه الغاضبة.... وقال: لماذا كذبت يا ديانا؟!
تظاهرت بعدم الفهم وقالت: حبيبي ما الذي تتحدث عنه؟!
أمسك ذراعها وهزها بعنف وهو يجيب: هيلين هي من صنعت تلك الشوكولاتة وليس أنت.... أنت تعلمين... أنني أكره الكذب كثيرا....
اكتفت من قسوته وقالت وهي تبكي: لأنني شعرت بالغيرة يا نيكولاس... تلك المساعدة تعرف كل شيء عنك.... بينما أنا لا أعرف شيئا.... إنها موجودة في كل مكان ...  لقد اكتفيت منها....
أفلت ذراعها....وقال: هذا ليس عذرا.... أنا لا أهتم للهدايا وتلك الأشياء الفارغة....أخبرتك أنني أستطيع الحصول على أي شيء أريده.... لكنك خيبت أملي... بكذبك يا ديانا....
أدار ظهره لها....بينما قال: أعلم أن الأمر بسيط.... ولا يستحق أن ننفصل من أجله...... لكن كيف أستطيع أن أثق بفتاة تكذب في مثل هذه الأمور البسيطة....
مسحت دموعها وهي تتوعد لهيلين... كل ذلك بسببها...
ثم خرجت من المكتب مسرعة لتصطدم بهيلين... فرمقتها بغضب وقالت: تبا لك.... أنت دائما تفسدين كل شيء...
اتسعت عينا هيلين... واشتعلت غضبا.... لكن ديانا كانت قد استقلت المصعد بالفعل... 
اتجهت إلى مكتب نيكولاس وهي على وشك الانفجار.... دخلت مكتبه... وقالت وهي بالكاد تتحكم نفسها: لماذا طلبتني؟!
استفزه أسلوبها فقال بالنبرة نفسها: يفترض أنك تعلمين..... أم أنك معتادة على ترك الهدايا دون بطاقة اسم......
لم تفهم قصده.... ولاحظت لوح الشوكولاتة في يده... ثم استوعبت وقالت: ألم... تعجبك ؟!
استشاط غضبا وصرخ في وجهها قائلا: لماذا لم تقدميها لي مباشرة؟! لما كل ذلك الخداع ؟!
رمقته بغضب وصرخت في وجهه هي الأخرى: هل كنت ستقبلها.... ؟! أشك في ذلك؟! حتى أنك غاضب جدا لمعرفة أنها مني....
تبادلا نظرات لوم وغضب..... ثم خطر له شيئا وقال بابتسامة ساخرة: أخبريني... كم رقمي على قائمة الرجال الذين تتوددين إليهم....؟!
نظرت له باستنكار... ثم بادلته النظرة نفسها وهي تقول: في الواقع... مهما كان عدد الرجال الذين أتودد إليهم... فأنت الأخير في القائمة.... وعلى الأغلب سأزيلك منها...
استوعب كلامها ببطء... وهو لا يصدق وقاحتها..... ثم خطفت الشوكولاتة من يده وأضافت: لقد كان خطأ وسأصححه على الفور... كي لا تغضب مني... أيها الرئيس....
اكتفى من غرورها وأمسك ذراعيها بقوة وقال مهددا: فقط... من تظنين نفسك؟! إنه خطئي لأنني منحتك... حرية أكثر من اللازم... حتى أنك صرت تتواقحين... لقد حذرتك مرارا لكن يبدو أنك نسيتي من تكونين... ومن أكون أيضا؟!
الآن وبعد أن قال ما قاله.... بتلك النظرة الغاضبة... أدركت الموقف فعلا... وندمت على وقاحتها... أحنت رأسها... و همست: لا أنا لم أنسى.... لكنني تناسيت أنك المدير وأنني مجرد موظفة... عندما حضرت إلى مكتبك سرا وتركت هديتي.... والآن وقد تذكرت... سأستعيدها.. كأن شيئا لم يكن يا سيدي...
حدق فيها للحظات وقال : ما الذي تريدينه مني يا هيلين.... لقد عجزت عن فهمك.... عندما حاولت التقرب منك  رفضتني.... والآن وأنا أحاول أن أنسى... عدت لتحومي حولي مجددا..... هل تريدين أن أفقد عقلي أم ماذا؟!
أصغت إلى كلامه وهي تلوم نفسها.... هي نفسها لا تعلم لماذا... وضعت له الهدية في مكتبه... مع أنها تقنع نفسها منذ فترة بضرورة الابتعاد عنه... فهذا أفضل لكليهما... خاصة أنه على وشك الارتباط بديانا....
حاولت ان تتمالك نفسها وهي تجيب: أنا لاأريد منك شيئا.... أتمنى أن تسامحني على جرأتي... يا سيدي...
أفلتها وهو يقول: لا تأتي إلى مكتبي مجددا.... يمكنك تدبر أمورك مع تانيا أو فاليريا....
أدار ظهره لها... بينما خرجت من مكتبه... وهي تلوم نفسها ... لماذا.... ألم تقسم على أن تنسى مشاعرها اتجاهه.... لماذا تفقد السيطرة على نفسها في كل مرة...
في المساء.... التقت بتانيا كما كان متفقا....
راقبت صديقتها التي كانت تشعر بالاحباط وهي تقول: لقد بحثت عن دانييل في كل مكان ولم أجده.... لقد حل المساء ولم أقدم له هديتي بعد....
ربتت هيلين على كتفها بلطف وقالت: عزيزتي... لا تحزني... سنذهب الآن إلى مكان جميل جدا....
تنهدت تانيا واستقلت سيارة الأجرة رفقة هيلين.....
وتوقفتا عند نافورة تريفي.... سارتا باتجاهها بينما قالت هيلين: أنت تعلمين... بماذا تشتهر النافورة أليس كذلك؟!
ضحكت تانيا وقالت: طبعا.... إنها تحقق الأمنيات....
ألقت الفتاتان قطعتين نقديتين في النافورة.... وتمنت كل منهما أمنية..... ثم ضحكت هيلين وقالت: لست متأكدة أن أمنيتي ستتحقق... لكن أمنيتك ستتحقق بكل تأكيد...
تنهدت تانيا بحزن وقالت: أشك في ذلك... حتى أن دانييل لم يجب على هاتفه اليوم....
ضحكت هيلين وأجابت: من يدري ربما هو هنا الآن...
أشارت هيلين إلى الشخص الذي كان يقف خلف تانيا...
فالتفتت وشعرت بسعادة غامرة وهي ترى دانييل واقفا أمامها.... حاملا بيده باقة ورود حمراء.... ويبتسم...
انسحبت هيلين ببطء...
بينما استفاقت تانيا من دهشتها وقالت: دانييل... لقد اتصلت بك.. كثيرا... ما الذي أتى بك إلى هنا؟!
أطلق ضحكة وقال وهو يناولها باقة الورود: هذه... لأجمل فتاة عرفتها ...
توردت وجنتاها بينما أضاف وهو يلقي عملة معدنية في النافورة: أتمنى أن تكون هذه الفتاة حبيبتي... هل سيتحقق ذلك؟!
لم تصدق ما تسمع وذرفت دموع الفرح وهي تقول: آه.... بالتأكيد... لقد انتظرت سماع هذا منك طويلا...
احتضنها بحب وهو يقول: تانيا... أنا أحبك....
لفت ذراعيها حول ظهره وهمست: وأنا أحبك أيضا يا دانييل....
عادت هيلين إلى شقتها.... وهي تتطلع....إلى الغد لتخبرها تانيا.... بما حدث معهما.... صدقا...... الحب شعور جميل فعلا...
تنهدت بعمق.... وهي تتذكر أمنيتها عند النافورة... إنها تدرك أن ذلك مجرد تقليد.... ومع ذلك....
دفنت وجهها في الوسادة.... محاولة.... أن تنسى ما حصل معها اليوم.... لكن بلا فائدة.... وبالكاد استطاعت النوم تلك الليلة...

تناديه سيدي الجزء1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن