في اليوم التالي ذهب نيكولاس لزيارة جده.... ناوله جده أوراقا تضم كل ممتلكات العائلة بالتفصيل.... وأخبره ان كل شيء سيكون ملكه... بعد ان يتزوج وينجب طفلا...
تنهد نيكولاس بضيق وقال: اعتقد ان ذلك سيتطلب وقتا يا جدي....
نظر إليه ديون بضيق وقال: لكن يا نيكولاس .. انت قلت انك ستعرفني على حبيبتك.... وأنك ستتزوج في أسرع وقت...
شعر نيكولاس بالأسف وأجاب: أعتذر ... لكنني لم أعد متأكدا مما اريده ... لا اريد أن اخطئ الاختيار ...
شعر الجد بالحزن وأجاب: نيكولاس أريد رؤية أبنائك قبل أن أموت....
انتابه شعور بالذنب وربت على ظهر جده وهو يقول: لا تقل هذا يا جدي... لن أسامحك إن تركتني....ورحلت...
نظر نيكولاس إلى اوراق الملكية وصدم... عندما علم أن فندق بارك بلازا - الذي يديره والده هوارد- هو ملكية للعائلة أساسا.... نظر إلى جده وقال: ما الذي يعنيه ذلك..؟!
أدرك سبب غضبه وأجاب: لا تغضب... لم ارد أن امنح الصحف فرصة للتحدث عن عائلتنا فسمحت له بالاحتفاظ بالفندق....
شعر نيكولاس بأن هناك شيئا... ما لايعرفه... فهو يعرف ان جده هو الآخر لا يطيق هوارد.....
اكتفى من سماع ذلك وغادر.....
كانت هيلين تجلس في منزلها تحضر لامتحانها الاخير في الأسبوع القادم.....
عندما رن هاتفها فجأة... وانزعجت عندما علمت أنه سيزار.... لم ترغب في الاجابة لكن اتصالاته الكثيرة ضايقتها.... فأجابت بانزعاج: ماذا تريد يا سيزار.. الم يكفيك ما فعلته آخر مرة؟!
تفهم موقفها وقال متأسفا: هيلين... ارجوك ان تصغي إلي.... أنا حقا آسف... إذا كنت متفرغة الآن أريد رؤيتك... لن آخذ الكثير من وقتك....
تنهدت بعمق.... بينما توسلها فقالت باختصار: حسنا سأرسل لك عنوان المقهى.... الذي سنلتقي فيه...
حضرت نفسها بسرعة.... وحاولت أن تتمالك نفسها... سيلتقيان في مكان عام ولن يتجرأ على تكرار فعلته...
بعد نصف ساعة دخلت المقهى.. ورأت سيزار الذي وقف فور رؤيتها.... سارت ناحيته بخطى ثابتة.... وجلست مقابله..... وهي تشعر بالضيق....
أدرك... أنها خائفة منه... ولعن نفسه في أعماقه....
التزمت الصمت بينما قال: انا أفهم أنك غاضبة ... وقد كان تصرفي معك في منتهى الحقارة يا هيلين.... لكن رجاء حاولي ان تعذريني.... لقد كنت مشوشا.... وخشيت لوهلة أنك لست جادة بخصوص علاقتنا....
نظرت إليه بأسى.... ثم أجابت: لكنني أخبرتك منذ البداية أنني لا أريد ان نستعجل..... أنا لا أحب أن يجبرني أحد على شيء لا أريده....
تأسف لها قائلا: هيلين.... أنا أعترف بخطئي... رجاء امنحيني فرصة..... لن أكرر خطئي... لنبدأ...من جديد....
أثرت فيها نظراته الحانية والمتوسلة....فقالت: حسنا سأمنحك فرصة أخرى يا سيزار.... لكن عدني أنك لن تحاول لمسي دون إذن مني....
شعر بالارتياح... لسماع ذلك وابتسم لها بامتنان وقال: يسرني سماع ذلك....لقد خشيت أن أسافر إلى باريس وأنت غاضبة مني....
نظرت باستفهام وقالت: ستسافر؟!
أومأ برأسه وأجاب: أجل.... لدي الكثير من الأمور المهمة لأقوم بها هناك.... سأعود في غضون شهرين... وعندها أتمنى ان تكوني قد فكرت جيدا في طلبي السابق... أريدك أن تعملي معي يا هيلين.... ولن أجبرك على تقبل هداياي.... اتفقنا...
اومات برأسها... إيجابا.... وقالت: أعدك ان أفكر في عرضك يا سيزار ... شكرا لك....
ودعته عند المقهى.... وتمشت إلى منزلها.... بهدوء....
وتذكرت أنها في حاجة لشراء بعض الملابس لفيريو... فقد كبر ولم تعد ملابسه تناسبه.... دخلت أحد المحلات التجارية الكبيرة .... راقبت ملابس الأطفال.... وتذكرت أن فيريو سيتركها قريبا.... لقد مرت أربعة أشهر تقريبا.... وقد تعلقت به كثيرا.... كيف ستتحمل رحيله...
خرجت من المحل بعد أن دفعت.... وتذكرت أنها في حاجة لثوب سهرة جديد من أجل الاحتفال أمسية التخرج......
فالجامعة اعتادت تنظيم حفل كبير يحضره الطلاب المتخرجون الجدد...إضافة إلى عدد كبير من رجال الأعمال وهذا من أجل التعارف وتوفير فرص عمل للطلاب... لكنها وكما سمعت ان حظ الفتيات أكثر من حظ الشباب.... فرجال الأعمال يفضلون النساء... خاصة الجميلات منهم.... شعرت بالضيق للتفكير بالأمر لكن ربما تجد فرصة جيدة....وعملا يوفر لها أجرا جيدا كالذي كانت تتقاضاه في شركة نيكولاس....
بحثت طويلا عن فستان مناسب.... لكن كل الفساتين غالية الثمن.... وهي لا تريد ان تنفق الكثير من اموال نيكولاس.... خاصة أن لديها الكثير من الديون... ولا تريد إضافة دين جديد....
جذب انتباهها فستان معين.... وتمنت لو تستطيع شراءه..... وفجأة سمعت صوت فتاة بدا مألوفا لها.... تقول: هيلاري... ما الذي تفعله فتاة عديمة الانوثة مثلك في مثل هذا المحل....
التفتت هيلين....لتصدم برؤية ليسيا.... رفقة رجل في الخمسينات من عمره... وقد كان يحيط خصرها... إنه حبيبها الجديد على الأغلب... إنها على قدر عال من الأناقة كعادتها... لكن مهما ارتدت من ملابس جميلة لا يمكنها تغيير حقيقة أنها امرأة حقيرة تخلت عن زوجها المسكين ألبرت وصارت تتنقل من رجل لآخر... حاولت هيلين تجاهلها بينما أضافت بسخرية مشيرة إلى الثوب الذي كانت هيلين تحدق فيه....وقالت: يالك من سخيفة... هذا الثوب لا يناسبك... كما أنه سعره خيالي بالنسبة لكادحة مثلك....
حاولت هيلين التحكم في نفسها وقالت: هذا ليس من شأنك..... لما لا تستمتعين رفقة صديقك المسن بدلا من ذلك...
اشتعلت ليسيا غضبا لكنها ابتسمت بخبث وقالت: سأعترف لديك ذوق جميل رغم مظهرك الغريب.... لذلك سأشتري هذا الثوب...... وقد أمنحه لك بعد أن أمل من ارتدائه....
رأتها هيلين تدخل المحل... هل ليسيا جادة ؟!
اشتعلت غضبا وأقسمت في نفسها أنها لن تخسر أمامها.... ولحقتها..... وقفت كلتاهما أمام البائعة وهي تطالب بالثوب..... شعرت البائعة بالتوتر.... وقالت: في الواقع هذا الثوب نسخة واحدة... فقد تم إنتاج عدد محدود... من هذا الثوب وتوزعت النسخ على أكبر محلات عواصم العالم.... إنه النسخة الوحيدة في روما وثمنه غال جدا....
ابتسمت ليسيا بمكر وهي تقول: أنا سآخذه..... وسأدفع ثمنه ببساطة....
قاطعتها هيلين قائلة: أنا من ستأخذه مهما كلف الثمن...
نظرت البائعة إلى ثياب ليسيا الغالية.... إنها ثرية مقارنة بهيلين التي ترتدي ملابس عادية....
فهمت هيلين نظراتها فشعرت بالاشمئزاز وأخرجت بطاقة نيكولاس الذهبية وقالت: سأدفع ضعف ثمنه إذا أردت المهم ألا تأخذه هذه المرأة...
ابتسمت البائعة برضى وأدركت انها أساءت الحكم على هيلين... في حين اتسعت عينا ليسيا وقالت: كيف ذلك... من أين حصلت عليها...؟! أي رجل ثري تواعدين؟!
أطلقت هيلين ضحكة ساخرة وقالت: رجاء لا تقارنيني بك.... أنا موظفة لشركة كبيرة هل نسيت... لست في حاجة لرجل عجوز ليصرف علي على خلافك....
وضعت البائعة الثوب في علبة مناسبة وسلمته لهيلين في حين خرجت ليسيا وهي تتوعد لها....
عادت هيلين إلى المنزل وهي تتساءل إن كان تصرفها صحيحا..... لقد دفعت مبلغا كبيرا من أجل الثوب... كيف سترد هذا المال لنيكولاس.... لكن صدقا كانت لتجن لو أن ليسيا أخذته منها....
كان نيكولاس يتناول غذاءه مع ديانا.... عندما وصله اتصال من البنك يخبره أنه تم سحب مبلغ كبير من المال دفعة واحدة من بطاقته المصرفية....
أطلق ضحكة وأخبرهم أنه على علم بالأمر....
استغربت ديانا ذلك... وقالت: عزيزي من النادر رؤيتك في مزاج جيد... هذه الأيام...
ابتسم رغما عنه وقال: لا... فقط... حدث أمر غير متوقع.....
ثم عاد لتناول طعامه... وهو يفكر في ما قاله المتصل... المبلغ الكبير تم تحويله لحساب أحد محلات الملابس الفاخرة....لقد قامت هيلين بشراء فستان باهض الثمن.... لم يتوقع أن تفعل ذلك..... ثم خطر له أنها اشترت الثوب من أجل حفل أمسية التخرج....
ترى كيف يبدو هذا الثوب......
في ذلك المساء... كانت هيلين تحمل فيريو بين ذراعيها وهي تحدق في الفستان الذي اشترته....... وانتابها شعور بالذنب كيف أقدمت على تصرف متهور كهذا... لكن من جهة أخرى إنه ثري جدا... وهذا المبلغ لا يساوي قطرة في بحر ما يملكه.......
قطع أفكارها اتصال من السيد ديون.... جد نيكولاس....
الذي أخبرها أنه يريد رؤية الطفل فيريو.... ويتحدث إليها في موضوع مهم...
وماهي إلا لحظات حتى وصل سائقه الخاص... وغادرت رفقة فيريو....
شعرت بشيء من الفخامة..... فمقاعد السيارة مريحة جدا.... ابتسمت وهي ترى المنزل الفخم يلوح لها من بعيد.... فتحت البوابة الضخمة ودخلت السيارة... عبر الممر الذي يتوسط حديقة خضراء... مليئة بالورود الحمراء.... فتح لها السائق الباب واتسعت عيناها وهي ترى قصر آل فيسكونتي للمرة الأولى عن كثب.... شعرت بقشعريرة في جسدها... وخفق قلبها بشدة.... لقد كان منزلا ضخما... مبنيا على الطراز الفكتوري القديم .... ومع ذلك فقد حافظ على بريقه وجماله.... هذا متوقع من عائلة عريقة..... لاحت لها كبيرة الخدم العجوز..... بثيابها الأنيقة وقالت بوقار: أهلك بك انسة مورتيمور.... السيد الكبير بانتظارك...
أومات برأسها...ودخلت وهي تحمل فيريو... بعدما تمسك بها ورفض الذهاب إلى حضن الخادمة....
ابتسمت وهي ترى الجد ديون جالسا على أريكة مبيحة وجميلة...وحياها بابتسامة... ودعاها إلى الجلوس بعد ان وضع فيريو في حجره وقال وهو يداعبه: لقد كبر كثيرا.... منذ آخر مرة رأيته فيها....
حدقت في الطفل بابتسامة وهي تقول: أجل.... عمره عشرة أشهر الآن... وقد صار يقف إذا ما تمسك بالأشياء... ويحاول المشي....
ربت على رأسه الطفل بحنان وقال: هذا يعيد لي ذكريات قديمة.... عندما كان هذا المنزل عامرا بالسكان.....
تأملت هيلين الصالة الكبيرة ورأت صور عدد من الأشخاص موجودة على الرف.... سارت ناحيتها بينما قال ديون: زوجتي ألدوفيا... وأبنائي هوارد... وديميتري... و ماريو- والد اوبالدو-...وسرعان ما تزوج كل منهم ورزق بالأطفال.... في حين....وصار المنزل يعمه الفرح والسرور.....
حدقت هيلين في الصور.... صورة للجد مع زوجته وأطفاله الصغار.... وصورة لمارغريت وزوجها ديميتري ودانييل الصغير.... وهناك شخصان لم تعرفهما... لكن الطفل هو اوبالدو بالتأكيد....
التفتت إلى الجد وهي تحمل الصورة فقال: إنه ابني ماريو وزوجته مونيكا.... والدا اوبالدو... لقد توفيا في حادثة تحطم طائرة قبل زمن بعيد....
شعرت هيلين بالأسى لسماع ذلك.... هذا يفسر سبب عدائية اوبالدو... فقد عاش المسكين محروما من حنان والديه ....
ثم التفتت وابتسمت لرؤية صورة لنيكولاس الصغير مع والديه....لقد كان طفلا ظريفا بالفعل... ووالدته كانت امرأة جميلة... وابتسامتها دافئة... من المؤسف أنها تزوجت وغدا مثل هوارد.... وانتهى بها المطاف إلى الانتحار....
تنهدت بعمق بينما قال الجد: باولينا - والدة نيكولاس- كانت فتاة طيبة.... وتضج بالحياة.... وقد أحبت ابني هوارد منذ طفولتها.... ولأن والدها كان احد شركائي.. لم أمانع في زواجها من هوارد...
في ذلك الوقت كان هوارد مولعا بإحدى المغنيات الرخيصات..... التي كانت تطمع بأمواله... فهو وريثي...بما أنه الابن الأكبر.... وبعد معاناة طويلة استطعت إقناع تلك المغنية بترك هوارد والسفر بعيدا... بعد أن أخذت مبلغا كبيرا من المال.... وتزوج هوارد من باولينا.... وبعد سنة ولد نيكولاس.... لكن سرعان ما عاد ابني لمصاحبة النساء.... بذلنا جهدنا لكي لا تعلم باولينا شيئا.... وأخفينا عنها تصرفات زوجها لسنوات طويلة...
خاصة أنه كان يعاملها بشكل جيد.... لكن في أحد الأيام صدمها هوارد عندما طلب الانفصال عنها فجأة ليتزوج من حبيبته القديمة التي عادت من السفر.... فقد طمعت في المزيد من المال.... وترك هوارد المنزل... حاولنا معه بشتى الطرق لكن دون فائدة... وتدهورت حالة باولينا النفسية...وانطوت على نفسها ولم تعد تهتم لشيء حتى ابنها الصغير نيكولاس.... وانتهى بها الأمر بالانتحار.... في أول يوم لنيكولاس في المدرسة.... كانت صدمة كبيرة له..... عندما دخل غرفتها ووجدها غارقة في دمائها......
سالت دموع هيلين رغما عنها.... هي الآن لم تعد تلوم نيكولاس على نوبات غضبه.... أن يتعرض طفل صغير لصدمة كهذه.... هذا فظيع حقا....
تنهدت بعمق ثم عادت للجلوس مقابله.... ثم خطر لها شيء وقالت مترددة: سيدي..... انت قلت أنك قدمت المال لحبيبة هوارد مقابل أن تتركه....
أومأ الجد برأسه بينما تابعت: هل يعقل أنك قمت بالأمر نفسه مع نيكيتا؟!
تغيرت ملامحه... وصمت قليلا ثم قال: أجل.... كلامك صحيح.... تلك الفتاة لم تكن تناسب نيكولاس....وإن عادت مجددا سأفعل الأمر نفسه... يجب أن أحمي حفيدي بأي ثمن....
شعرت هيلين بحزن عميق وهمست: لكن نيكولاس... ما يزال يحبها....ولم يستطع نسيانها إلى الآن.....
أومأ برأسه وأجاب: أنا أدرك ذلك.... لكن هذا أفضل له...
لم تستطع تقبل ذلك.... وقالت: لكن يا سيد ديون.... ألا ترى أنك تكرر الخطأ نفسه؟! حتى لو تزوج نيكولاس من فتاة ما فهو لن يكون سعيدا وسيبقى فكره معلقا بنيكيتا.... وهذا سيسبب الحزن لمزيد من الأشخاص...
تنهد ديون بعمق وهمس بحزن: أنا أعلم.... لذلك... طلبت منه أن يختار بنفسه... فتاة يشعر أنه قد يقع في حبها يوما.... الحب يأتي مع الوقت والتعايش معا....
شعرت بالضياع وهي تسمع كلامه بينما أضاف: وهذا هو سبب استدعائي لكِ يا ابنتي.... هل تعتقدين أن ديانا.... فتاة تناسب عائلتنا... وأن نيكولاس قد يحبها؟!
لم تعلم ما تقول.... في النهاية هذا السؤال يجب أن يوجه إلى نيكولاس وليس إليها....
ترددت قليلا قبل أن تجيب بقلة حيلة: لما لا تقابلها وتحكم بنفسك يا سيدي... أعتقد أنك قابلت كل أنواع الأشخاص ويمكنك التمييز..
أطلق الجد ضحكة...وقال: أنت محقة... لكنني لا أريد ان أعارض رغبة حفيدي.... أيضا...
قاطعتهما كبيرة الخدم التي أعلنت عن قدوم نيكولاس رفقة الآنسة ديانا....
فهمت هيلين ما يحدث.... يبدو أن نيكولاس اتخذ قراره باستعجال ولم يسمح للجد بأخذ احتياطاته لإبعاد ديانا في حالة ما إذا لم تعجبه.....
ابتسمت رغما عنها.... من الغريب رؤية أن الحفيد الشاب تغلب على حنكة جده العجوز.....
لاحظت تغير ملامح الجد الذي ابتسم مرحبا بحفيده وديانا اللذان فوجئا برؤية هيلين هناك.... نظرت إليهما هيلين... ديانا في أبهى حلة اليوم... فقد ارتدت فستانا أحمر غامقا... قصيرا يصل إلى ركبتها... وبأكمام شفافة.... مع حذاء أسود مناسب.... وسرحت شعرها الأشقر القصير بشكل متموج.... أضاف لها رونقا خاصا....
نظر نيكولاس إلى جده وقال: جدي.... أعرفك الآنسة ديانا لوبان....زوجة حفيدك المستقبلية....
ثم أحاط كتفي ديانا بلطف وقال محدثا إياها: عزيزتي... أعرفك... جدي ديون فيسكونتي.... كبير أسرتنا... ومالك فروع شركة روايال حول العالم....
ابتسم الجد ورحب بديانا التي منحته انطباعا جيدا... من الوهلة الأولى... ودعاهما للجلوس... بينما أخذت هيلين منه الطفل وقالت معتذرة: إنه نقاش عائلي... ولا أريد المقاطعة....
فاجأهم دخول مارغريتا فجأة... بابتسامة مصطنعة وهي تقول: أوه عزيزي نيكولاس... كيف تحضر حبيبتك للتعرف على الجد ديون دون أن تدعوني...
شعر نيكولاس بالضيق.... فهو يدرك تماما.. ان زوجة عمه تنوي افتعال مشكلة ما... وأدركت هيلين ذلك وقالت بمرح: سيدة مارغريتا.... أتيت في موعدك تماما... في الواقع ... كنت أتمنى أن أقوم بجولة في المنزل هلا رافقتني.. من فضلك...
أشارت لها هيلين بعينيها....وأدركت مارغريتا أن الأوان قد فات فخرجتا معا...
بينما ابتسم الجد رغما عنه... صدقا هيلين مخلصة جدا لحفيده نيكولاس ... ولم تتردد لحظة في ابعاد مارغريتا.... عندما يرى شخصا مثلها قرب نيكولاس... فهذا يبعث السرور في قلبه... قاطع أفكاره....نيكولاس الذي قال: جدي العزيز... لقد فكرت في كلامك... كثيرا... وأعتقد أنه يجب أن أتزوج خلال بضعة أشهر على الأكثر.... ما رأيك... ؟!.
نظر الجد إلى حفيده بابتسامة وهو يتساءل... عن سبب استعجاله فجأة.... هل جعلته ديانا ينسى نيكيتا فعلا....أم أنه يريد لجده ان يرتاح فحسب... أم أن هناك أمرا آخر ..
أومأ الجد برأسه وأجاب: كما تشاء يا بني...
ثم نظر إلى ديانا وقال: ابنتي ديانا... أتمنى أن تبقي للعشاء معنا....
شعرت ديانا بالسرور.... فقد حازت على موافقة الجد.... وهذا يعني أنها لن تستغرق كثيرا للوصول إلى قلب نيكولاس....
جلست هيلين رفقة مارغريت... في الحديقة الكبيرة.... و عبست مارغريتا وهي تقول: لا أصدق أنني فشلت في إفساد علاقتهما....
ابتسمت هيلين رغما عنها وأجابت: الأفضل أن نترك مثل هذه الأمور للقدر يا سيدتي..... وأيضا السيد نيكولاس رجل بالغ...... ويمكنه.... اختيار حياته....
ثم تذكرت أمرا مهما وأضافت: سيدة مارغريت... آمل ألا تتصرفي بالطريقة نفسها التي تصرفت بها مع نيكيتا سابقا... لقد أخبرني السيد الكبير... أنه دفع لها... لتبتعد عن نيكولاس...
تغيرت ملامحها وهي تجيب: لقد كانت فتاة عنيدة... ومع ذلك اقتنعت في النهاية.... بعد أن هددها الجد أنه سيحرم نيكولاس من الميراث إن بقيت....
شعرت هيلين بحزن عميق... هذا يعني أن نيكيتا ابتعدت عن نيكولاس... فقط من أجل مصلحته.... لقد كانت تحبه بصدق إذا... بينما أضافت مارغريتا: وحتى نيكولاس كان عنيدا ولم يتوقف عن البحث عنها.... راقبه صديقه المقرب بحزن وعندما خشي عليه أن ينهار.... كذب عليه وأخبره أنه كان على علاقة مع نيكيتا.... ليكرهها نيكولاس ويعود لحياته الطبيعية....
شعرت هيلين بحزن عميق على فيتوريو المسكين... إنه صديق مخلص....بحق..... لم يمانع أن يكرهه صديقه مقابل أن يعود نيكولاس إلى رشده.... من المؤسف سماع أن نيكولاس خسر شخصين كهذين... فتاة تحبه بجنون.... وصديق مخلص.... وكل ذلك بسبب قسوة جده.... وعائلته.... الأثرياء رغم ما يملكونه من مال إلا أنهم ليسوا سعداء...
قاطع حديثهما سيارة بوغاتي.... التي دخلت ساحة المنزل... وبدت مألوفة لهيلين....توقفت لينزل منها فيتوريو.....كما توقعت..
استغرب وجود هيلين كثيرا في هذا المكان... بينما لوحت له مارغريتا... سار ناحيتهما وألقى التحية ثم قال: لقد علمت أن السيد ديون عاد إلى روما... لذلك رغبت في مقابلته..... لكنني لم أتوقع وجودك هنا يا آنسة هيلين...
شعرت هيلين بالذنب اتجاهه وقالت: إنها مصادفة....
استدار ليدخل المنزل لكن هيلين أوقفته قائلة: سيد فيتوريو.... إن لم تمانع..... لدي ما أقوله لك...
التفت إليها بابتسامة وأجاب: أنا أيضا لدي ما أتحدث بشأنه معك....
تنهدت مارغريت وقالت مودعة: لا فائدة من بقائي هنا على أية حال .. سأعود إلى منزلي الهادئ...
ركبت سيارتها وغادرت... بينما ركبت هيلين سيارة فيتوريو ومعها الطفل الصغير....
انطلق فيتوريو... وخرجوا من قصر آل فيسكونتي... راقبت هيلين القصر وهو يختفي شيئا فشيئا بينما قال فيتوريو.. بعد أن سرق نظرة إلى الطفل: من يكون هذا الصغير؟!.
ابتسمت رغما عنها وأخبرته أنه ابن صديقتها المريضة... وسيعود إلى أمه في غضون شهر....
شعر بالارتياح لسماع ذلك وقال: ابدئي حديثك أولا....
أخذت نفسا عميقا وقالت معتذرة: سيد فيتوريو... أنا حقا آسفة... على ما بدر مني.... لقد أسأت الحكم عليك... وعاملتك بوقاحة... مع أنك في الواقع صديق مخلص.... ما فعلته من أجل نيكولاس دليل على نبلك وشهامتك... لذلك...
قاطعها قائلا وهو يبتسم : يسرني أنك عرفت الحقيقة.....وآمل أن تبقي الأمر سرا عن نيكولاس... سيجن أكثر إن علم أنه أخطأ في حقي....
شعرت بالحزن لسماع ذلك.... بينما قال: حسنا إنه دوري للاعتذار.....
استغربت كلامه بينما أضاف: آسف لأنني أفسدت علاقتكما أنت وصديقتك... لا أعرف اسمها...
أجابته هيلين: كاثرين.... لكن كيف عرفت؟!
أطلق ضحكة وقال: لقد اعترفت بحبها لي.... بأسوأ طريقة ممكنة.... لقد بدا الأمر كشتيمة أكثر منه اعترافا بالحب....
فوجئت هيلين بسماع ذلك.... وتابع قائلا: لست متأكدا من مشاعرها اتجاهي... لكن ما أعرفه أنها حزينة لأنكما لم تعودا صديقتين.... وتتمنى لو تتصالحان...
شعرت هيلين بالسرور لسماع ذلك..... مع ان كاثرين بدت باردة جدا... إلا أنها في الحقيقة.... تحمل قلبا طيبا......
في حين شعر فيتوريو بالمودة اتجاه هذه الفتاة... فبعد أن زال سوء الفهم الذي بينهما.... رأى أخيرا ابتسامتها.... وتساءل إن كانت ستحبه هي الأخرى يوما....
أنت تقرأ
تناديه سيدي الجزء1
Romanceهي... عالقة في دوامة....مع ديون والدها ... هو مدير لشركة كبيرة... تتسابق النساء للفوز به... ترى كيف ستتصرف هيلين مع مديرها نيكولاس.... هل ستتمكن من إخفاء أسرارها.... وهل سيتمكن نيكولاس من إذابة جليد قلبها.... الجزء الأول الجزء الثاني من الرواية (...