الفصل 39

7K 213 4
                                    

Vote + comment

في مساء اليوم التالي عاد نيكولاس من رحلته.... وهو متشوق لرؤية هيلين... صدقا... لم يعد يطيق الابتعاد عنها أبدا.... خاصة أن رحلته أتت بثمارها وماهي إلا مسألة وقت قصير حتى يسمع أخبارا سارة... كانت هيلين تستلقي على السرير بتعب.... وهي تفكر فيما حدث معها بالأمس... للأسف ما خشيته وحاولت تجنبه طوال هذه الفترة.... على وشك الحدوث وهي لن تتمكن من فعل شيء... كانت غارقة في أفكارها ولم تنتبه إلى نيكولاس الذي دخل الشقة.... بحث عنها في غرفة الجلوس فلم يجدها....وأسرع إلى غرفة النوم....  حدق فيها وتساءل كيف لم تنتبه له... حتى قال: هذا مخيب للأمل... لقد توقعت استقبالا حارا منكِ...لكنك لم تعيريني أي اهتمام....
رفعت نظرها إليه... ولمعت عيناها ولم تستطع قول شيء.... ابتسم رغما عنه وأسرع لاحتضانها... حاولت أن تبدو طبيعية بينما قالت: حبيبي أنا آسفة.... لكنني متعبة بعض الشيء....ليس الأمر أنني لا أهتم بك....
زاد من قوة عناقه لها... ودون وعي منها أفلتت صرخة ألم....صدمه ذلك.... وتساءل إن كان عناقه مؤلما لهذه الدرجة.... نظر إليها بينما تجنبت عينيه....
انتابه الشك... وتذكر ان شيئا كهذا حدث في السابق...
ودون ان تدري رفع قميصها.... ليرى الكدمات على جسدها....صدمه ذلك وقال بغيظ: هيلين... ما الذي حدث معك في غيابي.....؟!
ترددت وهي تجيب: لقد وقعت لهذا....
كان جسدها مليئا بآثار الضرب....كان هذا واضحا له ويستحيل أن تنطلي عليه هذه الكذبة... اشتعل غضبا... بينما بدأت أفكار سوداء تدور في رأسه وقال وهو بالكاد يتحكم في نفسه: هل تعرّض لك لوسيانو...أو فيتوريو يا هيلين؟
ساءها سماع ذلك وأجابت: لا.... الأمر ليس كما تعتقد يا نيكولاس....
طالبها بأن تشرح له ما حدث لكنها رفضت الحديث.... واكتفت بالبكاء.... رمقها بنظرات لم تفهمها.... ثم أحاط عنقها النحيل بيديه وهو يقول ببرود: هيلين.... لقد اكتفيت منكِ.... لن أكون متفهما بعد الآن.... ستخبرينني بكل شيء شئتِ أم أبيتِ....
شعرت بالخوف من تعابيره... لاسيما أن يديه تشتدان حول عنقها... أحست بأنها تختنق... فقالت بصعوبة مستسلمة: سأخبرك يا نيكولاس بكل شيء.... أنا أيضا اكتفيت من إخفاء الأمر عنك...
ارخى يديه حول عنقها....بينما همست مترددة: في الحقيقة... أنا لم أبع نفسي للوسيانو.... الذي فعل ذلك هو والدي.... ودون علمي... ثم هرب....بالمال متجها إلى إسبانيا... وتركني لألاقي مصيري....
أصغى إلى كلامها ثم قال بنفاذ صبر: من الذي سبب لك هذه الكدمات...
تجنبت النظر إليه وأجابت: إنه والدي يا نيكولاس... لقد تم الاحتيال عليه.... يبدو أنه كان ينوي دخول إسبانيا بطريقة غير شرعية.... لكن الأشخاص الذين اتفق معهم أخذوا ماله وخدعوه...  لذلك أتى إلي طالبا مني المال بعد أن علم من لوسيانو أنني حبيبتك ... لقد هددني أنه سيؤذيك... إن لم نمنحه ما يريد....
سالت دموعها..... بينما تنهد نيكولاس بعمق وسألها: ما الذي يجعل منه شخصا مخيفا يا هيلين؟!
شعرت بالسوء وهي تجيب: إنه متورط مع المافيا الايطالية.... وأنا أخشى عليك وعلى عائلتك... إن لم نمنحه ما يريد.... لذلك أنا ...
أخذ نيكولاس نفسا عميقا ورد عليها بنظرات باردة: لهذا السبب أنتِ كنتِ ترفضينني لأنك كنت تخشين علي منه؟!
أومأت برأسها إيجابا.... بينما ابتسم بسخرية وأجاب: فقط من تظنينني يا هيلين....المافيا الايطالية... لم تشكل يوما خطرا عليّ.... فأنا واحد منهم....
صدمت بما تسمع وأضاف ببرود: هل خيبت أملك؟! آسف على ذلك... لكنها الحقيقة..... عندما نشأت المافيا الايطالية أول مرة ... كان هدفها حماية السكان والعائلات من الاقطاعيين.... ثم تطورت لتصير عائلة كبيرة.... والآن... إنها تعمل بالتوازي مع الحكومة ورجال الأعمال.... إذ أن هناك مصالح متبادلة بينهم....
استوعبت كلامه ببطء وأجابت: هل تقول أنك من المافيا....؟!
ابتسم بمكر وأجاب: جدي الأكبر كان متواطئا معهم.... فقد كانوا يقدمون الحماية لعائلتنا إضافة إلى خدمات أخرى.... لكن جدي ديون... قلل من نشاطنا معهم.... وكاد الأمر يتحول إلى عداوة... بسبب حماقات والدي.... لكن بعد ان توليت أنا كل شيء ... استعدت علاقتنا الجيدة معهم.... ولم يعد على آل فيسكونتي القلق.... لكن جدي لا يعلم شيئا عن الموضوع....لذلك أبقيه سرا....
اومأت برأسها....وهي لا تصدق ما تسمع.... بينما احتضنها بحنان وقال: سأتصرف مع الوغد الذي تسبب لك في هذا بنفسي.... وسأجعله يندم على الأذى الذي سببه لك يا هيلين....
شعرت بالخوف وهي تسمع كلامه وأجابت: نيكولاس أنت لن تقتله أليس كذلك؟!
ابتسم بمكر وهو يبتعد عنها: إنه الآن حساب شخصي بيني وبينه.....سيدفع ثمن إيذاء حبيبتي....
غادر نيكولاس الشقة.... بعد أن اتصل بألبرت وطلب منه اصطحاب مارييت إلى شقته للعناية بهيلين....
ساعدتها مارييت على وضع مرهم على الكدمات... وناولتها حبوبا مسكنة للألم.....بينما كانت هيلين تفكر في كلام نيكولاس.... إذا.... حتى الرجل الذي تحبه من المافيا....يالها من صدمة غير متوقعة.... لكن من جهة أخرى هو لم يبد لها قاسيا يوما.... هو لا يشبه والدها...
لا بل إن قسوته بدأت تظهر منذ أن وجدها مع لوسيانو.... لم تتحمل التفكير في ذلك.... هي لا تريد أن ترتبط برجل من المافيا... هذا يخيفها...ويرعبها....
ربتت مارييت على شعرها بحنان....وقالت: عزيزتي هيلين....لا أعلم ما الذي حدث معك.... لكن... رجاء كوني حذرة.....
رفعت نظرها إليها وأجابت: لقد كنت حذرة جدا.... ومع ذلك وقعت في نفس الخطأ ....
لم تفهم مارييت قصدها وتركتها لترتاح.... بينما دفنت هيلين وجهها في الوسادة....وهي تفكر.... لقد أقسمت أنها لن تكون مثل والدتها ولن تتورط مع أي رجل من المافيا....لكن الأمر انتهى بها كذلك....
غطت في نوم عميق....وفتحت عينيها في الصباح التالي... على نيكولاس يهمس في أذنها قائلا: حبيبتي... كيف تشعرين الآن؟!
شعرت بشيء من الخوف....وأجابت: نيكولاس... أين كنت ليلة أمس؟!
انتبه لخوفها فاقترب منها أكثر.... وهمس: ماذا... هل أنتِ خائفة مني يا هيلين؟!
تجنبت النظر إليه وأجابت: كلامك صحيح..... في النهاية أنت لا تختلف عن والدي.....يا نيكولاس...
مد يده لها فأغمضت عينيها....بينما قبّل شفتيها قبلا دافئة....وحنونة.... بادلته القبل....وهي تتمنى لو أن هذا مجرد كابوس.... هي لا تريد ان يكون نيكولاس الذي تحبه... مجرما مثل والدها....
احتضنها برفق وهمس لها: حبيبتي.....هل ما زلتِ خائفة مني؟!
هزت رأسها نفيا....وأجابت بحزن: عندما تعاملني بحب... أشعر أن الأمر غير حقيقي.... لكن عندما تغضب... وتعاملني بقسوة... لا أرى فرقا بينك وبين ذلك الرجل...
داعب وجنتها بحب.... بينما رد قائلا: هيلين.... أعترف أنني عاملتك بقسوة... في اوقات كثيرة.... لكنك من أجبرني على ذلك.... لقد قدمت الكثير من التنازلات من أجلك.....وفعلت المستحيل... لأبقيك إلى جانبي....
فكرت في كلامه للحظات ثم قالت معترفة: أنا أدرك ذلك.... لكن خوفي عليك...وعلى عائلتك هو ما دفعني للكذب في أوقات كثيرة.... لقد تسببت لك في الكثير من الأذى وجرحت كبرياءك...
مرر يده في شعرها وأجاب: من الآن فصاعدا... لا أريدك أن تخافي من شيء ما دمت إلى جانبي.... سوف أحميك... من كل شيء حتى من نفسي.... فقط لا تتركيني يا هيلين.... اتفقنا....
أسندت رأسها إلى كتفه وأجابت: بالنسبة لي مقابلتك بدت كالحلم بالنسبة لي.... مقارنة مع الحياة التعيسة التي عشتها في السابق.... فأنا لم أتذوق طعم الحب والحنان أبدا من قبل....لقد تخلت عني والدتي... عندما كنت طفلة في الرابعة... ونشأت في الميتم.... ولك أن تتخيل المعاناة والحرمان اللذيْن تحملتهما ... لذا....
وضع سبابته على شفتيها وهمس: كل ذلك انتهى أعدك أن أعوضك عن كل ذلك يا هيلين.....
احتضنها بحب.... ثم قالت: ما الذي تخطط لفعله مع والدي يا نيكولاس؟!
لم يرد مضايقتها بذلك وأجاب: لنتحدث عن ذلك في وقت آخر....عليّ الذهاب إلى الشركة الآن... ارتاحي جيدا...
طرحها على الفراش ووضع الغطاء عليها ثم قبل جبينها..... وغادر....
دخل مكتبه وهو يفكر ....هيلين رغم ما تسبب به والدها من أذى.... إلا أنها ترجته كي لا يقتله... يبدو أنها لا تكره ذلك الرجل رغم كل شيء....
كيف يمكنها أن تكون طيبة لتلك الدرجة.....
والأسوأ من ذلك... ماذا ستكون ردة فعلها بعد أن تعلم ما حل بوالدها.... فبعد أن خرج نيكولاس ليلة أمس... طلب من جماعته ملاحق. غوستاف وإحضاره إليه.... وفي الوقت نفسه... كانت الشرطة تلاحقه بسبب مسألة الهجرة غير الشرعية ... وانتهى به الأمر بحادث سيارة فظيع... وتوفي على الفور....
تنهد  بضيق.... بينما دخلت فاليريا مكتبه وعلى وجهها ابتسامة ماكرة ووضعت مجلة أمامه وهي تقول: انا واثقة أن الخبر الوارد... سيهمك كثيرا ..  إنه عن تلك العارضة المجهولة... لقد كشفت هويتها أخيرا....
رمقها نيكولاس بغضب وقال: فاليريا ... ليس لدي الوقت لمثل هذه التفاهات....خذي هذه المجلة وغادري فورا ...
صدمتها ردة فعله.....فهي كانت متأكدة أنه يهتم لأمر العارضة.... وقد بنت خطتها على هذا الأساس....
خرجت بغضب وهي تتساءل... هل يعقل أن هيلين... جعلته لا يفكر في شيء سواها.....
سرعان ما انتشر ذلك المقال وصار حديث الجميع سواء في الشركة وخارجها.....
تنهدت تانيا بقلق وقالت: من هذه الفتاة التي تدعي أنها العارضة يا دانييل...؟!
لم يعلم دانييل ما يقول فالأمر يشعره بالاحباط.... بينما أجابها أوبالدو: إنها نيكيتا.... حبيبة نيكولاس....السابقة..
ترددت مارلين وهي تسأل تانيا: أنتِ قلتِ أنها تدعي ذلك... هل هذا يعني أنها تكذب... وأنك تعرفين العارضة الحقيقية ...
ترددت تانيا ولم تعلم ما تقول بينما أجاب دانييل باختصار: حتى لو قلنا أنها تكذب... أنا واثق أن نيكولاس...سيصدق الأمر.... لقد لعبت لعبتها بمهارة .. وعرفت طريقها للعودة إلى حياتنا....
فكر أوبالدو في كلامه وقال: لكن... لماذا عادت الآن... بعد هذه السنوات... والأهم من ذلك... جدي سيتعرض لنوبة قلبية إن عاد إليها نيكولاس ...
تنهد دانييل وأجاب: مؤكد أن هذا ما سيحدث.... آمل ألا يصاب جدي بمكروه....
أصغت إليهما مارلين بقلق وسألت: لما لا نطلب من العارضة الحقيقية أن تظهر.... عندها... ستكون تلك الفتاة نيكيتا في موقف محرج ولن تتجرأ على مواجهة الرئيس ...
تجنبت تانيا النظر إليها وأجابت: العارضة الحقيقية لا يمكنها الظهور.....هذا كل ما نعرفه....
كانت هيلين نائمة في سريرها.... عندما وردها اتصال من صديقتها السيدة فيرونا.....أجابت عليها لتقول: هيلين... ما الذي يحدث من تلك الفتاة... التي تدعي أنها العارضة الحقيقية....حتى أن شركات الموضة تسارع الآن لتوقيع عقود عمل معها.....
استوعبت هيلين كلامها ببطء....وقالت: لحظة واحدة... من أين سمعت بذلك.... 
تنهدت فيرونا وأخبرتها عن المقال الذي نشر هذا الصباح في مجلة فوغ ....
ترددت هيلين... وهي ترى المقال على الأنترنت... فهي لا تعرف صورة نيكيتا... لكن انتابها شعور سيء حول الموضوع.... ترى....كيف سيكون رد فعل نيكولاس....
بعد قليل وردها اتصال من المصور جيوفاني....الذي كان مسؤولا عن تصوير الكتالوغ لكلا الشركتين.... وقد كان غاضبا جدا وقال: هيلين... ما الذي يعنيه ذلك الكلام.... اسمعي... عليكِ تكذيب هذا الخبر فورا....تلك الفتاة أتت من العدم لتسرق جهدك وشهرتك... والأسوأ أن أحدا لم يشك بالأمر....
شعرت بالأسى وهي تتذكر ايام التصوير والجهد الذي بدله كل من جيوفاني ورونالد ودانييل وفيرونا....
لكن لا يمكنها ذلك....إن علم الجميع أنها العارضة الحقيقية... ستلاحقها الصحافة وشركات الموضة... وتتحول حياتها إلى جحيم.... هي لا تريد أن يحدث ذلك لها ...
تنهدت بعمق وأجابت: شكرا لك يا جيوفاني... وأنا آسفة لأنني سأضيع الجهد الذي بذلناه... لكن لا يمكنني فعل شيء... لا أستطيع تحمل الشهرة والأضواء... افهمني رجاء...
تقبل موقفها وأجاب: حسنا... لكن إن غيرت رأيك في أي وقت... سأكون حاضرا...وسأمنحك الصور كدليل فأنا مازلت احتفظ بالصور الأصلية التي يظهر فيها وجهك يا هيلين...
شكرته من أعماقها....وأنهت المكالمة.... استلقت على السرير بتعب.....وهي تترقب عودة نيكولاس في المساء....
كانت غارقة في أفكارها.... عندما....سمعت باب الشقة يفتح... نهضت بصعوبة... وسارت وهي تترقب ما سيقوله نيكولاس....
انزعج من نهوضها من السرير... واتجه بسرعة ناحيتها وهو يقول: حبيبتي.... لماذا نهضت... انت تحتاجين إلى الراحة....
لم ترى فرقا في تصرفاته... وتساءلت... إن كان لا يهتم لقصة العارضة...أم أنه لم يقرأ المقال....
وضعت يديها على صدره وقالت: أردت ان أستقبلك...
منعها من الكلام.... وحملها بين ذراعيه وأعادها إلى السرير وهو يقول: يمكنك استقبالي كما تشائين بعد ان تشفي... لكن لا داعي لذلك الآن...
ابتسمت لذلك وهمست: هل حقا تحبني يا نيكولاس...؟!
استغرب سؤالها وأجابها بقبلة على شفتيها...
احتضنته بقوة.... ثم ابتعدت عنه وهمست: لدي شيء أريدك أن تراه....
ترددت قليلا وهي تريه المقال.... اتسعت عيناه من الصدمة وهو يرى صورة نيكيتا....
شعرت هيلين بالتوتر.... وهمست: إنها العارضة... التي أخفيناها عنك ... لكن من ردة فعلك يبدو أنك تعرفها من قبل....
صمت للحظات وهمس: نيكيتا....هي العارضة!!
صدمت هيلين بسماع ذلك....وأمعنت النظر في الصورة.... إذا... هذه هي نيكيتا حبيبة نيكولاس... لكن كيف...ولماذا تكذب بخصوص كونها هي العارضة... هل يعقل ان فاليريا لها علاقة بالموضوع.... بالتأكيد... فهي تعلم انها عاجزة عن أخذ نيكولاس... لذلك... ساعدت نيكيتا على العودة بطريقة او بأخرى....
راقبت تغير ملامح نيكولاس...  ثم سألته بصوت مقتضب: إذا..... ماذا بعد.... هل ستعود إليها.... بما أنها عادت....؟!
التفت إليها وأجاب: لا تكوني غبية..... هي من تركتني هل نسيتِ....
لم تعلم لماذا ارادت إيذاءه أكثر وقالت: يبدو انك تحبها رغم كل شيء.... فقد وقعت في غرامها.... حتى وأنت لا ترى وجهها.... كان يجب أن أعلم....
رمقها بغضب وقال: هيلين... كفي عن قول هذه السخافات.... حتى لو عادت الآن...لا معنى لذلك....أنا أحبك ولن....
قاطعته قائلة والدموع في عينيها: أنت تكذب.... عيناك كانتا تفيضان حبا لها وأنت تحدق في صورتها قبل لحظات....
تجنب النظر إليها وأجاب: الأمر ليس سهلا عليّ يا هيلين.... ما فعلته نيكيتا... سبب لي جرحا عميقا.... لقد اختفت في الوقت الذي كنت فيه في امس الحاجة إليها.... لذلك...
أمسكت يده وقالت: ماذا لو انها لم تغادر بإرادتها.... ماذا لو أنها أجبرت على تركك طول هذه السنوات.... والآن عادت إليك أخيرا لتخبرك الحقيقة....
شعر بالتوتر وتساءل إن كانت هيلين تعلم شيئا....ثم سألها: أنت لم تكوني تعلمين... أن نيكيتا هي العارضة... لكن دانييل يعرفها جيدا... ومع ذلك كذب عليّ...
شعرت بالتوتر....وأجابت: نيكيتا هي من طلبت ألا نخبر أحدا.... ربما هي كانت خائفة من الظهور....
شعر نيكولاس بالضياع....لماذا في هذا الوقت خاصة... فقط عندما تحسنت علاقته بهيلين وتزوجها...... تظهر نيكيتا من العدم لتفسد كل شيء...وتفتح جروحا قديمة....
راقبته هيلين بحزن... إنها فرصة جيدة لتتأكد من صدقه.... إذا كان يحبها حقا فهو لن يتركها من أجل نيكيتا مهما كانت اسباب رحيلها.... ثم تذكرت كلام فاليريا عن أن نيكيتا كانت حاملا... إذا كانت قد أنجبت الطفل....فهذا يعني أنه سيكون الآن في السابعة تقريبا...  إذا كان ذلك صحيحا... فنيكولاس لن يكون لديه أي سبب ليبقى مع هيلين... وسيسرع إلى حبيبته السابقة وطفله....
كانت على وشك النهوض من السرير لكن نيكولاس تمسك بها.... واحتضنها وهو يقول: ليس مسموحا لك بتركي يا هيلين....
انتابها حزن عميق وهي تفكر....بما أن نيكيتا ظهرت ستأتي لرؤية نيكولاس عاجلا أم آجلا.....لذلك ربما عليها استغلال أيامها الأخيرة معه.....
في اليوم التالي... انتظرت هيلين مغادرة نيكولاس إلى الشركة....وأسرعت بالذهاب إلى قصر جده.... مؤكد أن السيد ديون قلق جدا بسبب عودة نيكيتا ...
استقبلها الجد وقال: ما زلت لا أصدق أن العارضة التي اكتشفتماها أنت ودانييل هي نيكيتا ....
شعرت هيلين بالحزن.... وقالت معتذرة: أنا حقا آسفة لم أكن أعلم أنها هي....
تنهد بعمق وقال: منذ أن قام نيكولاس ببيع الفندق كنت أعلم أن أمورا سيئة ستحدث... لقد كنت قلقا من ردة فعل ابني هوارد.... بالتأكيد هو الآن يخطط لشيء ما .... والآن عادت تلك الفتاة للظهور....أشعر أن كل ما بنيته ضاع سدى....
ربتت هيلين على ظهره وقالت: لكن يا سيد ديون... ربما يكون السيد نيكولاس قد نسي مشاعره اتجاهها....
هز رأسه نفيا وأجاب: لا أظن.... إنه ما يزال متعلقا بها حتى بعد هذه السنوات....
شعرت هيلين بالحزن وهمست: إذا كنت تعلم بحبه لها... لماذا سعيت لإبعادها عنه يا سيد ديون.... لماذا وقفت في وجه حبهما... أليست هذه قسوة منك؟!
أحزنه كلامها.....إنها المرة الأولى التي تنتقد فيها هيلين تصرفاته... لكن لا يمكنه لومها.... فهي لا تعلم ما حدث تحديدا.....والأفضل ألا تعلم شيئا....
مرت بضعة أيام وفاليريا تترقب ردة فعل نيكولاس حيال ظهور نيكيتا..... لكنه لم يبدي أي تصرف....  وكذلك هيلين....فقد صار لا يطيق الابتعاد عنها سواء في العمل او حتى في المنزل....كما أنه يرفض أي حديث تفتحه هيلين بخصوص نيكيتا....
في ذلك المساء جلسا سوية....في غرفة الجلوس يشاهدان فيلما..... كان يحتضنها.... بينما ركزت على قصة الفيلم... وقاطعها قائلا: حبيبتي.... لقد فكرت... نحن لم نحظى بأي وقت خاص...معا....منذ أن عدتِ إلي أريد... أن نحظى ببعض الذكريات الخاصة بنا....
رفعت نظرها إليه وأجابت: ما الذي تقوله.... نحن لا نفارق بعضنا....أبدا....
شابك أصابعه بأصابعها وهمس: لنذهب في رحلة إلى أثينا...في المرة السابقة لم نحظى... بوقت جميل هناك....
ابتسمت بخجل وأجابت: إذا كان هذا ما تريده...أنا موافقة....
أخذ كلاهما إجازة من العمل....وسافرا في اليوم التالي إلى أثينا....
ابتسمت هيلين رغما عنها عندما وصلا إلى الفندق وقالت: إذا... هل سنتشارك الغرفة نفسها؟!
بادلها الابتسامة وأجاب: هل تريدين الانتقام مني أم ماذا؟!
حجز لهما غرفة.... واتجها إليها.... وعند دخولهما ابتعدت عنه وهي تقول: لا أصدق أنك تحبني.... وأنت الذي قلت أنك لن تنظر إلي حتى لو كنت آخر امرأة في هذا العالم...
احتضنها من الخلف وهو يجيب: في الواقع أنا أسحب كلامي....أنت المرأة الوحيدة في حياتي ...
في الصباح التالي... أصرت هيلين على الذهاب إلى الشاطئ.... سارا سوية على شاطئ البحر ....بينما احتضنت هيلين ذراعه وقالت: أحيانا... لا أصدق أننا معا...يبدو الأمر كأنه مجرد حلم....
قرص وجنتها وأجاب: لما لا تستمتعين بهذه اللحظات فحسب... هل يجب.. أن تتذكري الأمور السيئة دائما...
إنه محق.... ربما لانها مرت بالكثير.... تحولت إلى فتاة سلبية... لكن ان استمرت هكذا... قد يمل منها نيكولاس....
التفتت إليه وقالت: أنا لم أقصد أن أعكر مزاجك....
أمسكها من كتفيها وادارها ليريها آثار الأقدام التي تركاها خلفهما وهو يقول: إنه شيء كنت أحب فعله في طفولتي كثيرا.... رفقة والديّ....
احتضنته وهي تجيب: لم احظى بفرصة لفعل هذه الأشياء من قبل....منذ ان ارتبطنا.... عشت أمورا جديدة برفقتك... لم تكن كلها سعيدة....لكنني متأكدة أنني لم أكن لأتجاوز ذلك لو لم تكن إلى جانبي....
نظر إلى آثارهما....ثم همس لها: سأكون مسرورا ... لو كانت هناك آثار إضافية في المرة القادمة... 
لم تفهم قصده... بينما قبل جبينها وهمس لها: أريد طفلا يا هيلين...
احمر وجهها وأجابت: نحن لسنا متزوجين.... كيف سيكون موقف الجميع من ذلك الطفل يا نيكولاس؟! أرجوك .. لا اريده أن يعيش حياة تعيسة ...
تنهد بعمق وأمسك يديها ورد قائلا: أنتِ تقلقين حول أمور غير ضرورية.... الطفل سيكون ابني... ولن أسمح لأي أحد بإيذائكما يا هيلين.... فقط ثقي بي....
أحنت رأسها بحزن....الامر ليس أنها لا تثق به....لكن بعودة نيكيتا واحتمال وجود ابن نيكولاس منها.... الأمور ستتعقد أكثر.....
امضيا الأيام التالية بسعادة ..... وزارا أماكن كثيرة في أثينا...  وأصر نيكولاس على التقاط صور تذكارية لهما معا .... 
في ذلك المساء جلست هيلين في غرفة الفندق تنتظر عودة نيكولاس.... لقد ذهب إلى مكان ما....دون إخبارها... كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساء... عندما دخل الغرفة.... كانت هيلين على وشك أخذ حمام.... ابتسم رغما عنه وقال: هل تحاولين إثارتي أم ماذا؟!
نظرت له متظاهرة بالانزعاج وأجابت: لا أظن أنك قد ترغب في النظر لفتاة عديمة الأنوثة مثلي ...
قالت ذلك ثم أغلقت باب الحمام....
ابتسم رغما عنه... ثم جلس على الاريكة.... وأخرج علبة من جيبه.... لقد اكتفى من كل هذه المماطلة.... وهو يريد....طلب يدها للزواج الليلة..... ثم سيخبر جده... ويضعه تحت الأمر الواقع.... هو لن يحتمل ان يبقي زواجهما سرا أكثر من ذلك....
غاص نيكولاس في أفكاره.... عندما رن هاتفه فجأة... إنه دانييل.... رد عليه....وأخبره أن فندق بارك بلازا الذي تم بيعه للوسيانو قد أعلن إفلاسه هذا الصباح .... وقد تم عرضه للبيع....
ابتسم نيكولاس بمكر.... إذا لقد نجح ما خطط له... ويمكنه الآن استعادة الفندق بثمن قليل جدا.... أخبره أنه سيعود في أقرب رحلة..... ثم أغلق الخط... نظر إلى الخاتم مجددا...  صدقا التوقيت غير مناسب....عليه الانتظار ريثما ينهي مسألة الفندق....
خرجت هيلين من الحمام بعد أن جففت شعرها... نظر إليها نيكولاس بأسف وقال: حبيبتي... سنعود إلى روما... لقد حدثت أمور طارئة في العمل...
أومأت برأسها إيجابا... بينما تقدم منها وقال: لقد أردت ان نبقى هنا فترة أطول.... لكن...
ابتسمت له وأجابت: لا أبدا ... انا سعيدة لأننا قضينا وقتا جميلا معا.... وحتى لو عدنا إلى روما... نحن نعيش معا على أية.... حال....
قبلها بحب.... وما إن حل الصباح حتى عادا إلى روما....
أجرى نيكولاس بعض الاتصالات الضرورية فور وصوله....
واستغرب كيف أن لوسيانو لم يمانع بيعه الفندق .... واخبره أنه سيمر عليه في الشركة ليعيد إليه أوراق الملكية...ويوقع كلاهما....
دخل نيكولاس مكتبه في الصباح ... وهو يتساءل عن سبب تصرف لوسيانو.....
وماهي إلا لحظات حتى وصل لوسيانو وأدخلته تانيا إلى مكتب المدير....
تبادلا نظرات تحدٍ... بينما وضع لوسيانو الاوراق أمام نيكولاس وقال ونظرة جادة على وجهه: لقد فكرت طويلا .... العمل في الفندقة لا يناسبني... لذلك سأغيد إليك ممتلكاتك....
ابتسم نيكولاس وأجاب: كم تريد ثمنه يا سيد بيرتي؟!
بادله لوسيانو الابتسامة وأجاب: لا...أريد شيئا.... إنه لك.... خذه مجانا...
استغرب نيكولاس ذلك بينما أضاف: اسمعني... لقد كنت غبيا... عندما أعدت إليك هيلين مقابل الفندق.... فبعد أن خسرتها لم اتوقف عن التفكير فيها... لقد وقعت في حبها على الأغلب.... لذلك أنا أرفض ان أقوم ببيعها....بتلك الطريقة....
ابتسم نيكولاس بسخرية وأجاب: لا تحلم أبدا بالاقتراب منها.... هيلين صارت زوجتي.... لذلك...
قاطعه لوسيانو قائلا: لا يهمني.... سأبذل جهدي لأجعلها تحبني.... وأنا أعرف كيف أفعل ذلك...
وقع الاوراق.... ثم خرج بسرعة.... شعر نيكولاس بالضيق من سماع كلامه وتساءل..... إن كان قد قال ذلك الكلام فقط ليغيظه.... لكن مهما حصل .. هو لن يسمح لشيء بإبعاده عن هيلين.......

تناديه سيدي الجزء1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن