كانت صدمة هيلين كبيرة عندما أبلغها نيكولاس بقراره بجعلها مديرة لقسم المبيعات بدلا من فاليريا.....التي أخذت مكانها وصارت مساعدة لنيكولاس....
في البداية حزنت كثيرا .... وحاولت أن تفهم السبب منه... لكنه رفض أن تناقشه...... وطلب منها التنفيذ على الفور.... كما لو أنه لا يطيق صبرا للتخلص منها... لكن بعد أن استلمت منصبها الجديد... أحست بشيء من الراحة .... فهي لن تضطر للقلق على جدول نيكولاس...المكتظ او أن ترافقه لاجتماعات في وقت متأخر.... الآن... جل عملها سيكون بالتوازي مع قسم التسويق الذي يديره أوبالدو... وبعض الأقسام الأخرى... الأمر بدا لها غريبا فهي اعتادت التعامل مع كل الأقسام وتلقي تقريرات يومية... لكن الآن... يبدو لها أن دائرة عملها ضاقت.... ومع ذلك... هذا يمنحها راحة أكثر... خاصة أن مرتبها لم يتغير.....
درست بعض الاوراق... وقادها فضولها.... إلى التفكير في طريقة لزيادة المبيعات..... بالتأكيد فبما أنها مديرة القسم الآن.... عليها بدل جهدها للتطوير منه وزيادة مردوديته...
عقدت اجتماعا صغيرا مع اوبالدو ومارلين... ومساعدها الشاب... ارماندو... إضافة إلى دانييل وبعض من الأشخاص الآخرين وشرحت لهم فكرتها... التي تقضي... بإعداد سلسلة من الاعلانات...... كبداية.... وإرسال مندوبين إلى أماكن أخرى غير المحلات المعتادة... وأعجبوا جميعا بالفكرة... لاسيما اوبالدو الذي قال: كما هو متوقع من مساعدة الرئيس السابقة... أتطلع لما سنحققه...
شعرت مارلين بالغيرة... بينما قال دانييل: شغفك بالاعلانات.... يجعلك أكثر شخص مناسب لإدارة قسم المبيعات أعتقد أن الرئيس وضعك في مكانك الصحيح...
ابتسمت لذلك بينما أضاف أرماندو: لكن قبل أن ننفذ أي شيء.... علينا أخذ إذن الرئيس أولا....
أومأت هيلين برأسها: سأطرح الأمر للمناقشة في اجتماع مجلس الادارة القادم..... انا واثقة أنه سيوافق...
أنهوا الاجتماع.... بينما ذهبت هيلين إلى مكتبها رفقة أرماندو.... الذي قال: آنسة هيلين... هناك أوراق أريدك أن توقعيها... ويجب أن يوقع الرئيس أيضا....
أخذت هيلين منه الأوراق ثم راجعتها وهي تقول: أتساءل إن كان الرئيس في مكتبه الآن......
أجابها ارماندو: ربما هو هناك... لأنني رأيت الآنسة ديانا تغادر وحيدة...
نظرت إليه هيلين... بينما انفجر ضاحكا وقال: لست مغفلا... الجميع يعلم أن الرئيس على علاقة بها...
ابتسمت هيلين رغما عنها...وضربته على كتفه وهي تقول: أيها المشاكس... أنت ما تزال متدربا ومع ذلك تقول أمورا أكبر منك....
ضحك كلاهما...... ثم ذهبت هيلين... إلى تانيا... وتحدثتا مطولا... بينما ضحكت تانيا وقالت: منذ أن صرت مديرة المبيعات.... صار بإمكاننا رؤيتك في أي وقت....ابتسمت هيلين وأجابت: هذا صحيح... لقد خف ضغط العمل علي كثيرا... وصار بإمكاني الخروج وفعل الكثير من الأمور الأخرى...
نظرت إليها صديقتها متسائلة وقالت: إذا... أنت في الواقع لا تمانعين... تغيير منصبك.....
هزت رأسها نفيا.... خلال الأسبوعين الماضيين... طرحت على نفسها هذا السؤال مرارا..... من جهة هي حزينة لأنها لم تعد ترى نيكولاس حتى أنها تتواصل معه سواء بالهاتف او من خلال تانيا.... لكن ربما... هذا أفضل... قد تتمكن مع الوقت من نسيان ما تشعر به اتجاهه....
لمحت هيلين فاليريا تخرج من مكتب نيكولاس... فأخذت الملفات... ولحقتها وهي تقول: آنسة فاليريا... رجاء...
التفتت إليها ولمحت الدموع في عينيها.... مؤكد أن شيئا ما قد حدث منذ قليل....
نظرت إليها فاليريا وهي تحاول أن تبدو طبيعية وقالت: أنا مشغولة الآن... المدير في مكتبه... يمكنك تسليمها بنفسك يا آنسة هيلين...
أومأت هيلين برأسها إيجابا..... ونظرت إلى تانيا بتساؤل....
ثم سارت ببطء ناحية مكتب نيكولاس... وهي تتذكر ردة فعلها عندما اتصل بها تلك الليلة وأبلغها بقراره....
انتابتها موجة غضب حادة... وكسرت كل ما وجدته أمامها.... لقد كرهت نفسها في تلك الليلة لأنها سببت الخوف لأخيها أندي... الصغير... وخشيت أن يكرهها... لكن لحسن الحظ... تفهم موقفها وقبل اعتذارها في اليوم التالي.... صدقا.... لقد مرت بضغط شديد.... لكن الآن كل ذلك انتهى......
أخذت نفسا عميقا... وطرقت الباب... قبل أن تدخل...
لم يرفع نظره عن الملفات التي أمامه وصرخ بعصبية: فاليريا... أخبرتك أنني لا أريد رؤية أحد....
ارتعدت هيلين... وقالت: أعتذر يا سيدي... لكن...
رفع نظره باتجاهها.... واتسعت عيناه... لقد مر أسبوعان منذ أن رأى كل منهما الآخر...
أدركت هيلين من خلال مظهره... أنه ليس مرتاحا... أبدا بالعمل مع فاليريا.... لكن هو من أراد ذلك... وعليه تحمل نتيجة قراره...
استعاد نظراته الباردة وقال: آنسة هيلين... ماذا تريدين؟!
سارت ببطء نحو مكتبه... كما لو كانت تخشى الاقتراب منه وهي تقول: سيدي المدير.... أريد منك أن توقع بعض الأوراق....
أخذ منها الأوراق... وألقى عليها نظرة.... حدقت فيه هيلين.... وهي تتساءل... كيف كانت ردة فعله عندما رأى الهدية.....لم تكن لديها الجرأة لتسأل ديانا... فهي تخشى من سماع إجابتها ... انتبهت إلى أنها بمجرد دخول مكتبه... عادت إليها تلك المشاعر الغبية....
كان الصمت مطبقا... على الغرفة... ثم قطعه قائلا: إذا... هل اعتدت على عملك الجديد... ؟!
ابتسمت وردت بحماس: في الواقع... لم أكن أعلم أن قسم المبيعات مثير للاهتمام إلى هذه الدرجة.... لقد أحببت العمل هناك... وجميع الموظفين لطفاء معي.... لقد خشيت أن يرفضوا كوني مديرة لأنني تخرجت حديثا لكنهم تقبلوني.... و...
وقع الأوراق... وناولها الملف وهو يقول: هذا جيد لك...
هل هو منزعج من ثرثرتها.... شعرت بالاحراج وقالت: أعتذر.... لا أظن أنك ترغب في سماع السخافات التي أقولها....
ثم تذكرت شيئا وقالت: صحيح... لقد اجتمعت اليوم مع قسم التسويق... وتوصلنا إلى فكرة من أجل تطوير القسم... وأود أن أطرحها عليك إن لم تمانع...
تفادى النظر إليها وقال ببرود: يمكنك طرحها في اجتماع مجلس الادارة غدا...
شعرت بشيء من الحزن.... لقد كانت متلهفة لإخباره بفكرتها.... وتساءلت إن كان سيكون فخورا بها.. فهي.. قبل كل شيء تعتبره أستاذها.. وقدوتها أيضا...لكنه.... قتل حماسها ببروده ولامبالاته...
خرجت من مكتبه وهي تشعر بالاحباط.... إنه لا يطيق رؤيتها على ما يبدو....
بينما راقبها وهي تغلق الباب.... وشعر بغضب جامح... إنها تشعر بالسعادة في القسم الجديد..... على خلافه تماما...فهو وجد نفسه... بين دوامة من ألاعيب فاليريا وغيرة ديانا... والأهم من ذلك أنه يفتقد وجودها إلى جانبه.... في حين أنها... لم تظهر أي حزن على فراقه....
انتظرت هيلين اجتماع مجلس الادارة بفارغ الصبر.....
ودخلت الغرفة رفقة اوبالدو ودانييل.....شعرت بالتوتر... فهي طالما كانت معتادة على الجلوس بجانب نيكولاس.... لكن هذه المرة.... جلست بين اوبالدو ودانييل... ومقابلها ويليام الذي غمزها وقال: تبدين متحمسة يا هيلين لعرض فكرتك... لقد أخبرني دانييل...
ابتسمت هيلين بينما قال أوبالدو: صحيح أنها فكرة هيلين... لكنني أيضا ساعدت على وضع خطة العمل...
ابتسمت هيلين رغما عنها....والتفتت إليه وهي تقول: سأذكر ذلك للمدير لا تقلق...
ضحك رغما عنه وقال: ليس الأمر و كأنني أغار منك... يا هيلين...
نظر إليه دانييل وقال: آسف... لكن غيرتك واضحة....
ضحك أربعتهم... ثم دخل مدراء الأقسام الآخرين...
ثم دخلت فاليريا.... أولا ليهمس اوبالدو: لقد جاء الشيطان....
بالكاد أمسكت هيلين نفسها من الضحك... وكذلك دانييل.... بينما دخل نيكولاس...ووقعت عيناه على اولئك الاثنان... يبتسمان....رفع حاجبه مستفهما...
وجلس على رأس الطاولة....ثم أعلن بداية الاجتماع....
ناقشوا ميزانية الشركة وكل شيء..... وكادت هيلين تمسك دفترها لتسجل الملاحظات... لكنها انتبهت لذلك.. هي لم تعد مساعدته بعد الآن.... تركت القلم من يدها... ستعتاد على ذلك مع الوقت...
وأخيرا قال نيكولاس محدثا هيلين....: آنسة مورتيمور.... هلا بدأت بطرح فكرتك الآن...
وقفت هيلين بينما تطلع لها الجميع....انتابها الشك فقال دانييل مبتسما: صحيح... لقد كنت متحمسا... وأخبرت الجميع....أن لدينا مخططا لتطوير قسم المبيعات...
نظر له اوبالدو بانزعاج وقال: لقد أفسدت المفاجأة بثرثرتك....
ابتسمت هيلين رغما عنها وبدأت بطرح فكرتها بسلاسة.... وشرحت لهم كل شيء... بينما نظر إليها الجميع بإعجاب.... حدق فيها نيكولاس بينما هي تتكلم... وأقسم لو أنها شرحت له فكرتها بالأمس بهذه الطريقة... كان سيقبلها بالتأكيد... هذه الفتاة دائما تفاجئه......
أنهت كلامها... وصفق لها أعضاء مجلس الادارة....بينما قال مدير قسم المالية: بالنسبة لفتاة تخرجت حديثا... إنها فكرة رائعة....
وقال مدير قسم التصميم: بعد أن نطبق الفكرة أتمنى أن تنتقلي إلى قسمنا... من يدري ربما لديك مواهب أخرى لم نكتشفها...
توردت وجنتا هيلين... بينما رمقتها فاليريا...بغيظ... الجميع ينظر إلى تلك التي تخرجت حديثا بإعجاب...هل يقصدون إهانتها.. فهي المديرة السابقة لذلك القسم.... هل يقولون أن هيلين أفضل منها.....
شعرت بالضيق....ونسيت تدوين أي ملاحظات... بينما قالت هيلين بخجل: في الواقع... السيد أوبالدو هو من قام بمساعدتي على إعداد المخطط... لذلك...
نظروا إلى اوبالدو بينما قال مدير قسم المالية: إذا فقد اكتشفنا موهبتين في يوم واحد...
شعر اوبالدو بالاحراج وأجاب: إنها تبالغ فقط....
نظر إليه دانييل وقال: هل تشعر بالخجل... يا اوبالدو...
ضحكوا جميعا... بينما استغرب نيكولاس ذلك.... إنها المرة الأولى... التي يضحك فيها موظفوه في حضوره...
وكل ذلك بسبب ذلك الشيء الصغير الواقف هناك.....
التقت عيونهما...فابتسم رغما عنه....ولم تعلم لماذا احمر وجهها فجأة...... وأحنت رأسها....
أنهوا الاجتماع....وعاد كل منهم إلى مكتبه... وهيلين تشعر بالسرور بعد أن حصلت على موافقة الجميع... والأهم من ذلك... نيكولاس...
عاد اوبالدو إلى مكتبه وهو يشعر بالغرابة.... لم يتوقع أنه بمجرد العمل معها مدة أسبوعين... تغيرت نظرته لها تماما.... فطالما كرهها كونها تشغل منصبا مهما... وكونها مقربة من نيكولاس... لكنه الآن... لم يعد متفاجئا.... فهي تستحق....مكانتها لديه.... تنهد بعمق... وهو يتذكر كيف حاول... تحريض جده ليطردها... بسبب قصة الطفل في السابق...
شعر بالخجل من نفسه....عندما دخلت مارلين المكتب... واستغربت شروده فقالت: سيد اوبالدو.... هل أنت بخير... سمعت أن الاجتماع كان ناجحا...
اومأ برأسه ثم سألها مترددا: الآنسة هيلين.. كانت زميلتك أليس كذلك يا مارلين... هل يمكنك إخباري أي نوع من الأشخاص هي..... استغربت ذلك... هل يعقل أن اوبالدو....وقع في حب هيلين خلال هذه المدة القصيرة..... أي نوع من السحر تملكه تلك الفتاة مع أنها لا تعتني بمظهرها إلا أن الرجال يتهافتون عليها... تماما مثل الأستاذ كيليان.... والسيد فيتوريو....والآن اوبالدو... شعرت بالحنق لسماع ذلك ودون وعي منها قالت باستنكار: هل انت معجب بها ؟!
أومأ برأسه إيجابا وقال: أعتقد ذلك.... في الواقع...
قاطعته قائلة: هل وقعت في حبها بهذه السرعة؟!...
صدم بما يسمع وقال: لا تكوني سخيفة.... أنا لا أنظر إليها بتلك الطريقة.... أنا معجب بها من الناحية العملية أقصد....أفكارها وإخلاصها في العمل هذا كل شيء..
ثم شعر بالاحراج وهو يضيف: كما أنني أحب فتاة أخرى على الأغلب....
استغربت كلامه عن هيلين... ثم شعرت بإحباط شديد.. عندما أخبرها أنه معجب بفتاة أخرى... خاصة أنها بدأت تشعر بالانجذاب إليه مؤخرا....
استأذنت منه وخرجت من الغرفة... بينما شعر بالضيق... هو لم يشعر بالتردد يوما أمام الفتيات... لماذا يجد صعوبة في الاعتراف لمارلين إذا.... ربما لأنها مساعدته....
في ذلك المساء عادت هيلين إلى منزلها... لتجد والدتها هناك.... استغربت ذلك... وجلست مقابلها ... بينما تنحنحت فلورنسا وهي تقول: لقد ساعدتني كثيرا يا هيلين....بالعناية بأندي خلال الفترة الماضية... شكرا...
استغربت هيلين كلامها بينما قالت: لقد شفي زوجي تقريبا وسيخرج إلى المنزل غدا.... لذلك... أندي سيعود للعيش معي.... شعرت هيلين بإحباط شديد وهي تسمع ذلك.... هذا يعني أن جوانا ستتركها أيضا.... وتعود للعيش وحيدة... حاولت تمالك نفسها وقالت: أين أندي الآن...
ابتسمت الأم بقلة حيلة وأجابت : لقد حزن عندما أخبرته أنه سيتركك.... وحبس نفسه في غرفته....
تنهدت هيلين وقالت: لقد قمت بواجبي اتجاه أخي... ليس عليك شكري....
ثم نهضت متجهة إلى غرفةأندي... طرقت الباب عدة مرات لكنه لم يجب....فقالت: أندي... أنا هيلين افتح الباب أرجوك.....
فتح أندي الباب وقال وهو يبكي: لا أريد... أن أتركك يا هيلين...
احتضنته هيلين بحب وهي تقول: حبيبي أندي... ألست مشتاقا إلى والدك....
أومأ برأسه ورد: أجل... لكن إن ذهبت انت ستكونين وحيدة يا أختي....
ربتت على ظهره بحنان وقالت: أنا سأكون مشغولة بالعمل...لذا لا تقلق علي... كما أنه بإمكانك زيارتي وقتما تشاء....
شعر بحزن عميق.... بينما مسحت هيلين دموعه... وهي تضيف: لما لا ننام الليلة سوية.......
احتضنها بحب.... بينما دمعت عيون السيدة جوانا... فبعد رحيل اندي.... لن يكون هناك داع لبقائها.....
أمضت هيلين ليلة حزينة.. مع أنها بذلت جهدها... كي لا تظهر ذلك لأخيها الصغير.....
في اليوم التالي.... غادر أندي...رفقة والدته... بينما... بقيت هيلين والسيدة جوانا في المنزل... تناولتا العشاء معا... ثم قالت جوانا مترددة: عزيزتي... أعتقد أنه حان الوقت لأغادر أيضا....
شعرت هيلين بحزن عميق وأجابت: أتمنى لو أن بإمكانك البقاء معي..... سأكون سعيدة بذلك....
ابتسمت لبمرأة بحزن وأجابت: لقد تقدمت في السن... كما أنني تقاعدت... منذ وقت طويل... ابنتي... تصر على عودتي للعيش معها...
أومأت هيلين برأسها وهي تقول: أتفهم ذلك... شكرا جزيلا...لقد ساعدتني كثيرا خلال الفترة الماضية... أتمنى أن تزوريني من حين لآخر....
في اليوم التالي دخلت هيلين المكتب وهي تشعر بالاحباط......
نظرت من نافذة مكتبها..... الجو بارد.... والمطر يتساقط..... إنهم الآن في أواخر كانون الأول... وعيد الميلاد يقترب...... الجميع عادة يأخذون إجازة في ذلك اليوم.... ليجتمعوا بعائلاتهم.... ويقضون الأمسية معا....في جو احتفالي....وأكثر ما يفضله الأطفال هو تزيين شجرة عيد الميلاد.... وصنع الكعك.... وتلقي الهدايا.... بينما يجتمع كل أفراد العائلة سوية.... لكن طوال حياتها هي لم تعش يوما مثل هذه الأجواء... إذ أن عيد الميلاد في الميتم كان كئيبا كغيره من أيام السنة ..... وهذه السنة أيضا لن تختلف عن سابقاتها.... وحتى لو أرادت السفر لتمضية الاجازة...في مكان آخر... لا يمكنها ... فديون والدها الوغد التهمت كل ما تملكه....
سمعت دانييل واوبالدو يتحدثان عن أن الجد ديون أصر على أن يجتمع أحفاده... في منزله ليلة عيد الميلاد... كما اعتادوا في طفولتهم.... أصغت إليهما هيلين...وهي تغبطهما.... إذ أن الجد ديون يحب أحفاده كثيرا.....أما هي فلم تملك يوما شخصا يعطف عليها أو يتذكرها.....
تنهدت بعمق مما أثار حيرة مساعدها أرماندو الذي قال: آنسة هيلين.... يجب أن تبتهجي... فعيد الميلاد يقترب..
حاولت أن تكون إيجابية وقالت: إذا... هل ستقضيه مع عائلتك...
أومأ برأسه وأجاب: مع والدي....فقط... لأن أمي توفيت منذ زمن بعيد...
شعرت بالأسى عليه.... بينما....طرقت تانيا الباب ودخلت مترددة... تركهما ارماندو....
وجلست تانيا وهي تقول: هيلين... لقد حدث معي... أمر .. وأريد استشارتك....
تطلعت إليها هيلين...بينما أضافت: دانييل... دعاني للخروج مرات كثيرة من قبل... وقد صرنا مقربين بطريقة ما.... وأكاد أجزم أنه معجب بي... لكنه إلى الآن... لم يقل شيئا... أقصد لم يعترف لي....
لدرجة أنني بدأت أشك في صدق نواياه...
فكرت هيلين قليلا ثم قالت: لم لا تتحدثين إليه بصراحة.... أقصد اسأليه... عن مكانتك بالنسبة له...
شعرت تانيا بالاحراج.... وقالت: لا يمكنني ذلك....
ضحكت هيلين رغما عنها وقالت: في هذه الحالة عليك تحمل ألم الانتظار.....
خرجت هيلين من مكتبها بخطى متثاقلة.... عندما رن هاتفها فجأة.... أجابت... لتسمع صوت أخيها الصغير أندي...
ابتسمت بفرح... وأخبرها عن يومه في المدرسة... وأنه يشتاق إليها.....
أطلقت ضحكة وقالت: أندي هل تريد القدوم للنوم معي الليلة.... سنحظى بوقت ممتع ونسهر حتى الصباح.... أعدك ألا ننام للحظة... ألا تشتاق لحضني...
-....
- حسنا... سأمر عليك في المساء.. ستكون ليلة ممتعة....بكل تأكيد... مع السلامة... أحبك...
أغلقت الخط... والتفتت لتجد نيكولاس وديانا ينظران إليها بصدمة ... بينما وجه ديانا متورد...
استغربت هيلين... تعابيرهما... لاسيما الصدمة على وجه نيكولاس....نظرت إليهما بابتسامة وقالت: طاب يومكما...
ثم استدارت متجهة إلى مكتب ويليام....
احنت ديانا رأسها بخجل شديد وهمهمت: يا إلهي... لم أتوقع أن تكون هيلين... من هذا النوع من النساء... مع أنها تبدو محتشمة... صدقا المظاهر تخدع...
فكر نيكولاس فيما سمعه... لقد كررت اسم اندي... كما في أثينا من قبل... وقد أخبرته أنه أخوها... لكن.. بالتفكير في الأمر من المؤكد أنها كذبت... إذا... هي.. ليست بريئة كما تدعي... بل هي.... من ذلك النوع الرخيص تماما كغيرها....
دخلت هيلين... مكتب ويليام وهي تقول: أين تنوي قضاء أمسية عيد الميلاد....؟
ابتسم وهو يجيب: أمي تعيش في ميلانو... وهي تصر أن أقضي معها الأمسية كل سنة.. ماذا عنك؟!
ابتسمت بقلة حيلة وقالت: على الأغلب... سأقضيه في المنزل وحدي... كالعادة...
نظر إليها بحماس وقال: ما رأيك أن تأخذي إجازة...وترافقيني... إلى ميلانو... أمي لطيفة وسترحب بك....
سرتها الفكرة في البداية لكن بعد التفكير مليا.... لا يمكنها أخذ إجازة... لأن ذلك يعني أنها لن تحصل على تعويض مادي....وللأسف هي في حاجة ماسة إلى المال..
اعتذرت عن قبول دعوته...... وعادت إلى مكتبها وهي تشعر بالحزن.... كل شيء في حياتها أصبح بلا معنى وكل ذلك... بسبب والدها المخبول....
في ذلك المساء.... خرجت هيلين للتمشي رغبة منها في رؤية الناس يعيشون أجواء عيد الميلاد في روما....
الثلوج تغطي الشوارع... المزينة... بالأضواء... والجميع يسارعون عائدين إلى البيوت للقاء عائلاتهم...بينما هي سارت على مهل فهي تدرك تماما أنه ما من أحد في انتظارها....
رأت رجلا وامرأة مع ابنهما الصغير....وقد بدت عليهم السعادة... أفلتت دمعة رغما عنها... هي لم تعش هذه اللحظات يوما.... ثم التفتت لترى الكثير من الأزواج.. يلتقطون الصور بجانب شجرة عيد الميلاد الكبيرة... للأسف... هي لن تحظى بمثل هذه المواقف أيضا...
لأنها.... لأنها تحب شخصا من عالم مختلف تماما عن عالمها......
وأثناء ذلك وردها اتصال من دانييل... الذي تمنى لها ميلادا مجيدا... بينما سمعت أصوات المرح... ديانا هناك أيضا على الأغلب... وكذلك السيدة مارغريتا....
شعرت بألم في قلبها وأغلقت الخط بعد أن شكرته وتمنت له ميلادا مجيدا أيضا...
عادت إلى شقتها...المظلمة...والهادئة..... دخلت بخطى متثاقلة إلى غرفة النوم.....ودون أن تدري انفجرت باكية..... إلى أن نال منها النعاس....
أما في قصر آل فيسكونتي....فقد كان الجميع سعداء... باستثناء مارغريتا... التي انزعجت من وجود ديانا... هدأها زوجها ديميتري قائلا: حبيبتي ... نيكولاس يحبها... إن واصلت إزعاجها قد يكرهك....
تنهدت بعمق وأجابت: إنه عنيد على أية حال ومهما حاولت... لن يتركها....
كان الجد ديون جالسا مع أحفاده الثلاثة وديانا... عبس الجد قائلا: نيكولاس.... لقد طلبت منك دعوة هيلين... لتنضم إلينا.... لم لم تأتي...
أشاح نيكولاس بنظره... بينما استغربت ديانا... لماذا يهتم الجد بشدة لأمر هيلين مع أنها مجرد موظفة....
بينما نظر دانييل إلى قريبه بانزعاج وقال: ألم تدعوها...؟!
تدخلت ديانا قائلة: هيلين قالت أنها لن تستطيع الحضور يا دانييل....
تساءل دانييل بخصوص ذلك... بينما شعر نيكولاس بالضيق... في ذلك اليوم عندما كان نيكولاس ذاهبا لإخبارها أن الجد دعاها لتحتفل رفقتهم... سمعها تتحدث إلى ذلك الشخص بالهاتف.... ازداد غضبه... فخرج إلى الشرفة... لو لم تكن ديانا موجودة معه في تلك اللحظة...كان سيلقن هيلين درسا قاسيا على نفاقها..... لكن لا يهم الآن..... فهاهو يكتشف حقيقتها شيئا فشيئا.... من الجيد أنه لم يتسرع....
لقد أخطأ الحكم عليها تماما.... ثم عادت به ذاكرته إلى تلك الليلة في الفندق.... وضعها على السرير بينما كانت تئن.... فالمخذر قوي جدا عليها ... تأمل وجهها الأحمر... وأثناء ذلك سمعها تقول بصوت خافت: الجو حار جدا... أنا أحترق...
مد يده يتحسس جبينها ثم وجنتها فعنقها... جسدها يغلي من الحرارة.... وتساءل إن كان عليه استدعاء طبيب من أجلها.... إنتبه إلى أنها تتنفس بصعوبة... وأدرك أن الفستان الضيق هو السبب...
شعر بالاحراج... وهو ينزل سحاب ثوبها... ثم خلعه عنها.... أحس هو الآخر بحرارة تغزو جسده... وهو يراها فقط بملابسها الداخلية...
حاول جهده للسيطرة على نفسه.... وأحضر منشفة وماء باردا وساعدها على تبريد جسمها... شيئا فشيئا....
بعد عدة ساعات... ظهر الارتياح على وجهها.... وكان قد وصل هو الآخر إلى أقصى ما يمكن تحمله... ودون وعي منه... انحنى إليها.... وقبل شفتيها قبلة حارة...
استفاق على صوت ديانا.... التي أمسكت يده وقالت: حبيبي.... العشاء جاهز.. الجميع في انتظارك...
اومأ لها ودخلا سوية.... وهو يبذل جهده لإبعاد تلك الذكرى عن مخيلته.....
أنت تقرأ
تناديه سيدي الجزء1
Romanceهي... عالقة في دوامة....مع ديون والدها ... هو مدير لشركة كبيرة... تتسابق النساء للفوز به... ترى كيف ستتصرف هيلين مع مديرها نيكولاس.... هل ستتمكن من إخفاء أسرارها.... وهل سيتمكن نيكولاس من إذابة جليد قلبها.... الجزء الأول الجزء الثاني من الرواية (...