الفصل 40

7.2K 227 6
                                    

Vote + comment

سر الجد ديون كثيرا بنبأ عودة الفندق.... وأدرك أن حفيده لم يقل كلاما فارغا... بل كان جادا تماما بخصوص استعادة الفندق.... واعتذر أوبالدو ودانييل من نيكولاس لشكهما فيه ..... كانت أجواء من السرور تعم الشركة.... بينما كان نيكولاس يفكر في كلام لوسيانو سابقا.... ولم ينتبه لدخول صديقه ألبرت....
وضع بطاقة أمامه وقال: بماذا انت سارح يا نيكولاس؟!
استفاق واخذ البطاقة... ارتسمت ابتسامة على وجهه.... إنها دعوة لحضور حفل زفاف ألبرت ومارييت....
هنأ صديقه من كل أعماقه.... بينما قال ألبرت: أتمنى ألا تطول امورك أكثر من ذلك... وتتزوج في وقت قريب...
خاصة أنك حللت مسألة الفندق....
تنهد نيكولاس وقال: أنا عازم على ذلك...  لكنني متردد قليلا.... عندما ظهرت نيكيتا مجددا... هيلين قالت كلاما غريبا.... قالت أنها ربما أجبرت على الابتعاد....وعادت الآن لتشرح موقفها.....ماذا لو كان الأمر صحيحا....أقصد ماذا لو أن جدي قام بتهديد نيكيتا... كما فعل مع حبيبة والدي من قبل....
شعر ألبرت بالأسى على صديقه.... من الواضح أنه ما يزال يحب نيكيتا... رغم كل ما حصل... ويحاول إيجاد مبررات لما فعلته....لكن من جهة أخرى هيلين ستعاني كثيرا....
فكر قليلا وأجاب: لذلك.... أخبرتك ألا تتسرع.... إذا كانت نيكيتا ضحية....عندها ليس من العدل أن تتخلى عنها خاصة أننا لا نعلم ما عانته طول هذه السنوات... وأين كانت؟! تفهمني....
انتابه شعور بالضياع... بينما اضاف ألبرت بجدية: لا يهمني إذا كنت ستعود إلى حبيبتك السابقة.... كل ما يهمني... هو أن تكون هيلين بخير... تذكر ذلك....
آلمه سماع ذلك.... فكلما فكر في هيلين..... ينتابه شعور غريب..... إنه يحبها بكل تأكيد....أو هذا ما يعتقده....
لكنه يخشى أن يضعف عندما يقابل نيكيتا وجها لوجه... في النهاية لقد جمعهما حب كبير.... ولم يستطع نسيانها حتى بعد مرور ثماني سنوات .... لكن إذا حدث ذلك... وعاد قلبه لينبض لنيكيتا كما في الماضي... عندها ما الذي سيحل بهيلين.... كره نفسه للتفكير في ذلك....
لقد وعدها أنه سيعوضها عن كل ما عانته ويجعلها سعيدة..... لكنه الآن يجهل ما ينتظره ولم يعد متأكدا من مشاعره....الطريقة الوحيدة ليبقى بجانبها هي بطلبها للزواج بأسرع ما يمكن عندها.... لن يتمكن من تركها حتى لو اراد ذلك....
أخذ هاتفه واتصل بها وأخبرها انه يدعوها إلى العشاء الليلة....وأنها ستكون مناسبة خاصة.... لكليهما....
شعرت هيلين برفرفة في صدرها.... وهي تغلق الخط.... فقد وجدت الخاتم في جيبه قبل أيام.... ونقش اسمها في الحيز الداخلي له...على الأغلب نيكولاس سيطلبها للزواج الليلة.....
قفزت فرحا... وأثناء ذلك.....دخلت فاليريا مكتبها.... حدقت كل منهما في الأخرى بينما قالت فاليريا بكره: أرى أن أموركما تسير على ما يرام....
ابتسمت هيلين بمكر وأجابت: هذا صحيح... كل ما قلته كان كذبا.... نيكولاس يحبني.... وحتى بعد عودة نيكيتا.... لم يهتم للأمر ..والليلة أنا أترقب خبرا سارا...
فكرت فاليريا قليلا... ثم بادلتها ابتسامة ماكرة وقالت: لما لا نتحقق من صدق كلامك يا هيلين.... إليك التالي....
__________________________________________
في وقت متأخر من تلك الليلة......دخلت هيلين الشقة وهي تقاوم دموعها.... فقط عندما ظنت أنها وجدت السعادة أخيرا.....عودة نيكيتا خربت كل شيء .... هذا ليس عدلا..... وهي التي اعتقدت أنه نسيها كل ذلك الحب والمشاعر كانت كذبا... هو لم ولن ينساها....
لكن ماذا عن هيلين .. التي منحته كل شيء... حبها وجسدها... وكرامتها.... 
جلست على الأرض وبكت بحرقة.... عندما رأت الخاتم في جيبه هذا الصباح... اعتقدت أنه يحبها واغترت بنفسها....ماكان عليها ان تستسلم لغرورها وتحاول مجاراة فاليريا وتنفذ رغبتها..... عادت إليها صور مما حدث.....
التقت بنيكولاس كما كان متفقا.... وقد كان كلاهما سعيدا.....وبعد ان حظيا بعشاء رومانسي...وعبر لها عن حبه...في اللحظة التي أخرج فيها الخاتم ...وتأهبت هيلين لسماع عرض الزواج.... ظهرت فاليريا امامهما ورفقتها نيكيتا ..... اتسعت عينا نيكولاس ... وترقبت هيلين ردة فعله بقلب ممزق ..... نظرت نيكيتا إلى نيكولاس بصدمة....ثم نظرت إلى فاليريا بعيون دامعة وقالت بصوت مخنوق:لماذا لم تخبريني أننا سنقابل نيكولاس؟!
أشاحت فاليريا بنظرها.... بينما نظر نيكولاس إلى نيكيتا بحزن.... وكذلك فعلت هي.... وفجأة.... خرجت من ذلك المطعم راكضة... دون أن تقول كلمة واحدة....
شعر نيكولاس بشيء من الألم... ثم نظر إلى هيلين نظرة أخيرة.... وتركها ليلحق بالفتاة الأخرى.... ازداد بكاءها.... وهي تتذكر النظرة التي كانت على عينيه...
صدقا ماذا تكون هي بالنسبة له... مجرد امرأة يتسلى بها في سريره......
لم تعلم كم استمرت في البكاء... إلى أن غلبها النعاس وغفت على أرضية الرواق.... كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحا عندما عاد نيكولاس إلى الشقة وهو يشعر بالتوتر الشديد.... فبعد أن ترك هيلين... أسرع بحثا عن نيكيتا...لكنه ليس متأكدا مما يريده منها تحديدا...هل يريد أن يسألها عن سبب رحيلها فقط.. أم أنه في أعماقه ما زال يحبها ويرفض أن يكون مع غيرها...
فتح الباب وشعر بالأسى وهو يرى هيلين نائمة على الأرض.... انحنى إليها....وحملها بين ذراعيه.... من الواضح أنها بكت طويلا.... هذه الفتاة المسكينة.... ما الذنب الذي ارتبكته لتتورط مع رجل مثله... رجل لا يستطيع نسيان ماضيه....
أخذها إلى السرير... وبذل جهده كي لا يوقظها وهو يخلع ملابسها.... ثم وضعها برفق على السرير... واحتضنها بين ذراعيه..... وغط هو الآخر في نوم عميق....
فتحت عينيها في الصباح.... وأحست به يحتضنها بقوة....  لقد اعتقدت أنه لن يعود للمنزل... ويقضي الليلة بحثا عن فتاته....
إنه يبدو كالطفل وهو نائم.... صدقا... ما حدث ليس ذنبه.... فقد تم إبعاد المرأة التي يحبها عنه..... لذلك إذاكانت قد عادت فعلا.... فالأفضل أن تسمح لهما بتحقيق أمنيتهما بأن يجتمعا أخيرا.... مع أن مجرد التفكير في ذلك يؤلمها....
نزلت دموعها رغما عنها.... فنهضت بسرعة ودخلت الحمام...... فتح عينيه ... وشعر بالذنب.... لقد جعلها تبكي... بسبب تسرعه..... لكن ماذا لو انه ما يزال يحب نيكيتا فعلا.... وأنها لم تتركه بإرادتها.... ما الذي سيحدث لهيلين عندها....
غسلت وجهها وارتدت ملابسها.... واستقبلته بابتسامة على الفطور.... وهي تبذل جهدها لكي تبدو طبيعية أمامه.... راقبها بحزن.... إنها حزينة ومع ذلك تدعي اللامبالاة.... وهذا يؤلمه....
تنهد بعمق وقال: حبيبتي أنا آسف لما حدث أمس.... لقد...
قاطعته قائلة: تناول قهوتك قبل أن تبرد.... واستعجل قليلا لدينا اجتماع بعد ساعة من الآن....
فهم أنها لا تريد مناقشة الموضوع.....فأسرع بتناول فطوره...
وأوصلهما السائق إلى الشركة......
مضت بضعة أيام وكلاهما يشعر بالتوتر....خاصة أن نيكيتا لم تظهر منذ ذلك اليوم.... وقد شعر ألبرت بالسوء عندما أخبره نيكولاس بما حدث تلك الليلة وقال غاضبا: أخبرتك الا تتسرع... كنت واثقا أن الأمور ستسير على هذا النحو.... نيكولاس... عليك أن تترك هيلين وشأنها... إنها تحبك.... وان استمريت في تخييب أملها.... فهي ستتحطم بكل تأكيد.... لا تكن انانيا....
تنهد نيكولاس بحزن وقال: أعلم أن تصرفي كان حقيرا قي حق هيلين... لكن من جهة أخرى ضع نفسك مكاني... في اللحظة التي كنت احاول فيها إقناع نفسي بأنني أحب هيلين ...وعلى وشك ان ابدأ حياة جديدة معها...  رأيت نيكيتا أمامي فجأة....
أشاح ألبرت بنظره عنه وأجاب: أنت تعلم رأيي... أنا لا أعارض عودتك إلى حبيبتك...إذا كانت لديها أسبابها للرحيل.... لكن...لا اريد لهيلين....أن تعاني... هي لم تتذوق السعادة طوال حياتها.... ليس من حقك... إفساد حياتها أكثر من ذلك....
كانت هيلين في مكتبها تفكر في المأساة التي حلت بها... صدقا قدرها ان تكون فتاة تعيسة..... ربما إن سلّمت بذلك.... وتوقفت عن محاولة تغيير قدرها... عندها ستنعم بالسلام النفسي على الأقل....
قاطع أفكارها طرق على الباب... وانزعجت لرؤية فاليريا....
جلست مقابلها وهي تقول: أعتقد أنك الآن تفهمين المعاناة التي مررت بها طيلة هذه السنوات يا هيلين...
تجنبت هيلين النظر إليها بينما أضافت: الوحيدة التي يحبها نيكولاس هي نيكيتا..... رغم كل الجهود التي بذلتها هو لم ينظر إلي يوما.... والأمر نفسه بالنسبة لك.... لا علاقة لهذا بالخلاف الذي بيننا... لكن لم اردك أن تتعلقي بأمل كاذب وتفعلي ما فعلته.... أنا الآن في الثلاثين من عمري وقد ضيعت الكثير من الوقت والفرص على خلافك أنت في الرابعة والعشرين.... وأمامك الكثير لتجربيه..... انسي نيكولاس فحسب....
فكرت هيلين في كلامها.... إنها محقة في كل شيء.... لكن... ترددت هيلين وأجابت: أشكرك على نصيحتك... انت محقة تماما.... لكن أنا لا استطيع ترك الأمور غير مكتملة... سواء في العمل او في حياتي.... إذا كنت سأترك نيكولاس... فذلك بعد ان اتأكد أنه سعيد تماما وكل أموره على ما يرام.....
لم تفهم فاليريا قصدها... بينما خرجت هيلين من المكتب وأسرعت بالذهاب إلى قصر آل فيسكونتي.... استغرب الجد ديون زيارتها في هذا الوقت.... بينما جلست مقابله وقالت: سيدي.... هناك امر اود مناقشته معك.... إنه بخصوص السيد نيكولاس والآنسة نيكيتا...
تنهد بعمق وقال: ألن تيأسي من الحديث في هذا الامر يا هيلين؟!
شعرت بالسوء وأجابت: ربما تعتبرني وقحة للتدخل في أمور عائلتك... لكن إن لم أتكلم.... فأنا... سوف انفجر بكل تأكيد...
اشار لها ديون ان تتكلم فقالت بحزن: لقد تقابل نيكولاس ونيكيتا قبل بضعة أيام.... صحيح انهما لم يتكلما لكن....عيونهما قالت كل شيء .... حتى بالرغم من كل ما حدث نيكولاس مازال يحب تلك الفتاة ولا احد يستطيع تغيير ذلك.... ارجوك... حاول تفهم ذلك وامنحهما فرصة... وإلا حفيدك سيقضي بقية حياته تعيسا.... هل هذا ما تريده....؟!
نظر إليها بغضب.....وأجاب: هيلين انت لا تعرفين شيئا... تلك الفتاة ستكون سبب تعاسة حفيدي.... وستحطمه وستحطم عائلتنا.... لذلك... توقفي عن قول امور لا معنى لها....
شعرت هيلين بالحزن ووقفت وهي تقول: لم اكن أعلم أنك قاسٍ إلى هذه الدرجة يا سيدي....
شعر بالأسى وهو يراها تغادر وهي حزينة... طوال حياته لم يرفض لها طلبا....لكن هذه المرة الأمر مختلف.... لا يمكنه السماح لحفيده باتخاذ قرار متهور...
عادت هيلين إلى الشركة... وهي عازمة على تنفيذ قرارها ... حتى بالرغم من معارضة السيد ديون.... دخلت مكتب نيكولاس الذي تفاجأ برؤيتها.... وقالت: نيكولاس يجب ان تقابل نيكيتا وتتحدث إليها بصراحة.....
صدمه كلامها بينما اضافت: أنت تحبها أليس كذلك... إذا من واجبك الاصغاء إليها قبل ان تحكم عليها...
وقف قبالتها وهو يقول: ما الذي تتحدثين عنه... هل تطلبين مني الذهاب إلى حبيبتي السابقة بكل بساطة... وأنتِ تدركين مشاعري اتجاهها...
انتابها شعور بالحزن وأجابت: لا اريدك ان تكون معي وعقلك مشغول بفتاة أخرى يا نيكولاس... لن أكون سعيدة بذلك .... لذا اريدك أن تنهي مسألة نيكيتا أولا... وعندما ينتهي ذلك ... سأكون حرة في الوقوع في حبك دون القلق من اي شيء...
أحاط وجهها بيديه وأجاب: هل أنتِ طيبة ... أم أنكِ فتاة غبية.... أم انك تختبرينني يا هيلين؟!
هزت رأسها نفيا وأجابت: لست أيا من ذلك... انا فقط أثق بك.... لقد وعدتني ان تجعلني سعيدة....لذلك .. سأصدقك....وأنتظر عودتك إلي....
احتضنها بحب وأجاب: صدقا أنتِ فتاة حمقاء يا هيلين...
راقبته وهو يغادر بعد ان أعطته عنوان نيكيتا.....
وأفلتت دمعة... من عينيها.... حتى وهي تدعي الصلابة... هي لا تطيق فكرة أنه ذاهب إلى الفتاة التي شغلت فكره لسنوات.....
بعد نهاية الدوام.... التقت هيلين بفاليريا.... في أحد المقاهي.... شربت فاليريا قهوتها وأجابت: أنتِ فتاة غبية.... لماذا وافقت على طلبي قبل أيام.... كان بإمكانك ان ترفضي... وكان من الممكن انك تحضرين الآن لحفل زفافك بسعادة....
ابتسمت هيلين بسخرية وأجابت: أين السعادة في الزواج من رجل عقله وقلبه ملك لفتاة أخرى.... الحب من طرف واحد هو أكبر حماقة يمكن أن يقع فيها المرء.... أفضل البقاء وحيدة ... على ذلك النوع من العذاب....
صحيح فنيكولاس خلال هذه الفترة لم يحاول مقابلة نيكيتا لأنه كان خائفا على مشاعر هيلين.... على الأغلب هو لا يحبها.... فقط يشعر بالشفقة اتجاهها... ويتوق إلى حبه القديم ....
بادلتها فاليريا الابتسامة وقالت: فعلا.... لم اتوقع أنك قوية إلى هذه الدرجة يا هيلين... مع أنك ما تزالين صغيرة..... صدقا... أنت أفضل مني بكثير .... ربما هوسي بنيكولاس... وغيْرتي منك جعلتني أغفل عن أمور جيدة بك....
تنهدت هيلين وأجابت: يمكننا البدء من جديد إن أحببتِ.... ولا داعي للقلق ... لا نية لي في اخذ اعتراف السيد جورج ... انا مرتاحة بما أنا عليه الآن....
صافحتها فاليريا وأجابت: من يدري ربما يعترف بك في نهاية المطاف.....
في ذلك الوقت كان نيكولاس رفقة نيكيتا التي أخبرته أن جده هو من أجبرها على تركه....مقابل مبلغ كبير من المال وعندما رفضت أخذ المال منه.... هددها بأنه سيتبرأ من نيكولاس ويحرمه من الميراث إن لم تفعل... لذلك اختارت الاختفاء من حياته كي لا تسبب له الأذى....
راقب دموعها وهو عاجز عن تصديق مدى قسوة جده....اراد أن يحضنها... لكن شعوره بالذنب وهو يتذكر هيلين.... منعه.... صدقا ما هذا الموقف الذي وضع نفسه فيه....
ربت على ظهرها بحنان.....وقال: نيكيتا.... سأستفسر من جدي إذا كان ذلك صحيحا....
ابتسمت بحزن وأجابت: لا ألومك إذا كنتَ عاجزا عن تصديقي ....فقد تسببت لك بالكثير من الألم....أنا لا أمانع أن تسأل جدك....ولست متأكدة مما سيقوله... لكنني عندما عدت هذه المرة... فلأنني لم أعد خائفة من شيء.....وأريد قول الحقيقة ولا شيء غيرها....
أومأ برأسه إيجابا.....وغادر شقتها متجها إلى قصر جده.... سوف يطالبه بإخباره بالحقيقة كاملة هذه المرة وهو سوف يقرر بنفسه ما سيفعله....
شعر جده بالضيق وهو يراه بينما قال نيكولاس مباشرة: جدي..... أخبرني بم حدث قبل ثماني سنوات... هل حقا انك هددت نيكيتا لتبتعد عني...
نظر إليه جده بغضب وأجاب: حتى بعد هذه السنوات أنت ما تزال شابا مغفلا يا نيكولاس.... اعتقدت أنك نضجت لكنني كنت مخطئا....
انتابه شعور بالغضب وأجاب: هل افهم من كلامك... ان نيكيتا كانت تقول الحقيقة... وأن كل المعاناة التي مررنا بها.....هي بسببك يا جدي؟!
أشاح بنظره عنه وأجاب: أجل.... الامر كما تقول.... ماذا ستفعل....بعد هذا....
شعر نيكولاس بخيبة أمل وأجاب: لماذا فعلت ذلك بي يا جدي؟! أخبرني؟!
نهض ديون وقال: ليس مهما لماذا فعلت ذلك المهم هو ما ستفعله أنت من الآن فصاعدا.... ستتحمل نتيجة أي شيء ستختاره ولن أكون متساهلا أبدا....
لمح نيكولاس شيئا من الحزن واللوم في عيني جده.... بيننا تذكر ديون شيئا وقال: بالمناسبة بما أنك استرجعت الفندق.....والدك يريد العودة مديرا له....ما رأيك ....؟!
تجنب نيكولاس النظر إليه وأجاب: يستحيل ان أقبل ذلك..... لا أريد ان اراه مجددا...
ابتسم جده بمرارة وأجاب: ياله من قرار حكيم.... أتمنى فقط أن تكون قادرا على تحمل تبعات قرارك يا بني....
قال الجد ذلك وصعد إلى غرفته ...
راقبه نيكولاس وهو يشعر بشيء من الريبة.... الامر يبدو وكأن جده يخفي عنه شيئا.... هل كان يتمنى منه ان يسمح لوالده بالعودة كأن شيئا لم يكن....
كان الوقت متأخرا عندما عاد إلى الشقة.... تساءل إن كانت هيلين تنتظره.... لكنها كانت قد نامت بالفعل....
تنهد بعمق وهو يراقبها.... هيلين لا ذنب لها في كل ما يحدث......مرر يده على شعرها.... وهو يتساءل.... كيف عليه أن يتصرف الآن..... يمكنه ان يكون أنانيا ويعود إلى نيكيتا.... لكن قلبه لن يطاوعه لترك هيلين.... كما يمكنه البقاء مع هيلين فهي زوجته رغم كل شيء... وينسى أمر نيكيتا ... لكن المسكينة عانت كثيرا بسبب ما فعله جده....
فتح عينيه في الصباح ولم يجد هيلين بجانبه....شعر بالضيق.... وأسرع بالبحث عنها... كانت تحضر الفطور... فتنهد بارتياح وهو يقول: لم انتبه إليك عندما غادرت السرير....
حاولت ان تبدو طبيعية وأجابت: لم اتوقع منك ان تعود الليلة الماضية....
تجنب النظر إليها وهو يجيب: لقد تحدثت مع نيكيتا.... ثم واجهت جدي.... ولم ينكر شيئا مما قالته....
ابتسمت بمرارة بينما سألها ونظرة جادة على وجهه: هيلين.... كلنا فكرت في كلامك سابقا.... أدرك انك كنت تعلمين حقيقة ما فعله جدي... من البداية....
تنهدت بعمق واجابت وهي تنظر في عينيه: صحيح... لقد كنت أعلم.... لذلك... عندما عادت نيكيتا.... شعرت بالذنب ... وأردت أن امنحكما فرصة لتكونا معا مجددا...
نظر إليها بغضب وجذبها من ذراعها وهو يقول: هيلين... لماذا تتصرفين هكذا؟!
لم تفهم قصده بينما اضاف بلهجة غاضبة: لماذا تدعين أنك لا تهتمين لما يحدث....وتبذلين جهدك لجمعي بنيكيتا....
أطلقت ضحكة وأجابت بعدائية: حتى لو بكيت وصرخت... ماذا سيفيد ذلك...هل ستنساها وتبقى معي....
رمقها بغضب وأجاب: ألم تقولي أنك تثقين بي؟!
تجنبت النظر إليه وردت: لا....أنا لا أثق بك.... هل تنكر انك ما تزال تحبها؟!
نظر بعيدا وهو يجيب: لا انكر ذلك....لكنني أحبك أيضا.... وقد وعدتك أن أبقى معك دائما...
دفعته عنها وهي تقول: لست في حاجة إلى رجل تشاركني فيه امرأة أخرى يا نيكولاس...
حدق فيها للحظات وهو يرى الغيرة في عينيها.... هذا يمنحه شعورا جيدا..... رن هاتفه فجأة.... ورأى رقم نيكيتا.... راقبته هيلين وهو يتحدث إليها ثم أغلق الخط وقال: هيلين ... حضري نفسك نيكيتا تنتظرنا في الشركة....
رفعت حاجبها مستفهمة وأجابت: أنت لم تخبرها عن علاقتنا أليس كذلك؟!
انزعج من كلامها وأجاب: لا ارى داعيا لإخفاء الأمر ..
هزت رأسها نفيا وأجابت: فاليريا وعدتني انها لن تخبرها وانا لا اريدها ان تعلم بذلك يا نيكولاس ..
نظر إليها بنفاذ صبر وقال: كما تشائين... لكن سترافقينني؟!
تساءلت لماذا... يريدها أن تأتي .. حبيبته عادت من اجله... لماذا يريدها أن تتعذب برؤيتهما سوية ....لكن لن تظهر له تأثرها مهما حدث....
وصلا إلى الشركة.... ولمحت هيلين القلق في عيني دانييل....
دخل كلاهما إلى مكتب نيكولاس....  ابتسمت نيكيتا لرؤيته.... وشعرت هيلين بالتوتر....
نظرت إليها نيكيتا متسائلة فقالت هيلين: أنا ... هيلين مورتيمور ... مساعدة السيد نيكولاس....
استغربت نيكيتا وجود مساعدته.... بينما دعاها نيكولاس للجلوس وقال: نيكيتا....لا تقلقي انا أثق بالآنسة هيلين كثيرا.... يمكنك قول ما لديك....
ترددت قليلا قبل ان تقول: في الحقيقة... بالأمس لم أخبرك بكل شيء....
تطلع إليها نيكولاس بينما أضافت: في الواقع عندما تركتك.... أنا كنت حاملا وَ....
صدم نيكولاس بكلامها.... بينما تقبلت هيلين سماع ذلك برحابة صدر.....لقد توقعت ذلك.... بينما اضافت نيكيتا بحزن: أنا أحببتك كثيرا ... ولم أستطع التخلي عن طفلنا...لذلك انجبته ... ابننا أليكس الآن في السابعة من عمره.... لذا....
شحب وجه هيلين..... بينما شعر نيكولاس... بأن قلبه يتمزق عليها.... عندما أحضرها معه إلى هنا .. كان يريدها ان تكون شاهدة على كل ما يحدث بينه وبين نيكيتا.... لكي لا تتهمه بخيانته لها..... لم يتخيل أبدا... أن لديه طفلا ...من نيكيتا ....
حاول نيكولاس تمالك نفسه وأجاب: لقد فاجأني سماع ذلك.... انا لم أتوقع شيئا كهذا....
شعرت نيكيتا بالحزن وردت: أقدر موقفك.... خاصة بعد
هذه السنوات ... ولن استغرب إن لم تصدق....
لم يعلم نيكولاس ماذا يقول....فتدخلت هيلين قائلة: يمكننا... إجراء الفحص والتأكد من صحة كلام الآنسة نيكيتا....
لم تعلم لماذا.....لكن كان هذا الأمل الأخير الذي تمسكت به هيلين.... إذا لم يكن الطفل ابن نيكولاس.... فهذا يعني أن نيكيتا لا تقول الحقيقة .... عندها لن يعود إليها نيكولاس أبدا....
فكرت نيكيتا قليلا وأجابت: نيكولاس ..  أنت تثق بالآنسة هيلين اليس كذلك... لذا..... أتمنى ان تكلفها بهذه المهمة ....
اومأ نيكولاس برأسه إيجابا وقال محدثا هيلين: آنسة هيلين.... هل توافقين على ذلك؟!
هزت رأسها إيجابا وقالت: أنا موافقة يا سيدي ....
غادرت هيلين رفقة نيكيتا.... وشعرت بالتوتر وهي ترى الطفل الصغير....
ابتسمت نيكيتا لابنها وهي تقول: أليكس...هذه الآنسة .. هي هيلين ...مساعدة والدك يا صغيري....
ابتسم لها أليكس.... بينما شعرت هيلين بشيء من الحزن.... هذا الطفل يشبه نيكيتا تماما.... وهي لا تبدو قلقة أبدا .... هل هذا يعني أنه ابن نيكولاس ....
اتجهت هيلين إلى أقرب مستشفى..... لإجراء التحليل.... وأخبرتها الممرضة أن النتيجة ستسغرق أسبوعا....
مرت الأيام التالية بطيئة.... لم ترغب هيلين مقابلة نيكولاس خلال تلك الفترة.... وفضلت العودة إلى شقتها القديمة.....
وأخيرا حل اليوم الموعود.... وحصلت هيلين على التقرير الطبي....
دخلت  شقة نيكولاس.... بسرعة وأغلقت الباب خلفها... أخذت الملف ويداها ترتعشان.... حاولت أن تتماسك وهي تفتحه... وتقرأ ما جاء في التقرير..... توقف قلبها للحظة قبل أن ينبض مجددا..... وتحجرت الدموع في عينيها.... أليكس... هو ابن نيكولاس.....  هذا يعني... أن كل شيء... قد انتهى.... قصة الحب التي طالما حلمت بها.... انتهت قبل أن تبدأ...
شعرت بالدوار.... والغثيان وأسرعت إلى الحمام... لتستفرغ.... وتطلّب منها الأمر مدة طويلة حتى استعادت توازنها..... وجلست على الأريكة... وهي تشعر بفراغ داخلها..... الآن نيكولاس... سيتركها بالتأكيد....
أسندت رأسها.... إلى حافة الأريكة.... وخطرت ببالها صور من طفولتها التي قضتها وحيدة في الميتم..... بعد أن تخلى عنها والداها...... إنه شعور مؤلم... مازال يلازمها إلى الآن... وهي لا تريد لأليكس أن يمر بذلك... من حقه أن يعيش مع كلا  والديه كأي طفل آخر..... 
ذلك الطفل البريء... وكذلك المسكينة نيكيتا ... و نيكولاس.... تلك الأسرة الصغيرة... لا ذنب لها في أنانية الجد ديون.... يجب أن يجتمعوا تحت سقف واحد مهما كلف الأمر....
مدت يدها إلى الطاولة التي بجانبها... وأخذت إطار الصورة..... لقد التقطا هذه الصورة عندما كانا في أثينا....  نيكولاس يحتضنها بحب.... ويبتسم.... لمست وجهه بأصابعها.... نيكولاس لن يكون سعيدا إلا إذا كان مع حبيبته وابنه.... لذلك... ستفعل المستحيل من أجل أن يكون سعيدا... حتى لو كان ذلك يعني أن تضحي بسعادتها......
أخذت نفسا عميقا...واتصلت به... وطلبت منه العودة إلى الشقة على الفور... انتابه شعور بالقلق.... هل هي بخير.....
وفور وصوله...تطلع إليها... جالسة على الأريكة بوجه شاحب خال من التعابير.... أسرع باتجاهها وجثا أمامها وهو يمسك يديها وسألها بقلق: حبيبتي... هل أنت بخير....؟!
تأملته.... بحزن بالغ..... سيتركها قريبا....وسيكون مع غيرها إلى الأبد هذه المرة....
سحبت يدها من يده وناولته.... التقرير وهي تقول بصوت جاف: لقد حصلت على نتيجة فحص الأبوة...
اتسعت عيناه... وحدق فيها.... لم يجد داعيا لرؤية النتيجة.... فتعابيرها تقول كل شيء...
بينما آلمها قلبها.... هل يثق بنيكيتا إلى هذه الدرجة...
نهضت من مكانها وهي تقول: عليك العيش مع ابنك... يا نيكولاس ... إنه يحتاجك...
رمقها بغضب وقال: أنا لن أتركك.... وحدك...
التفتت إليه وقالت وهي تقاوم دموعها: ما الذي تتحدث عنه.... لقد عشت حياتي كلها وحيدة.... لقد اعتدت على ذلك....
جذبها من ذراعها بقوة وهو يقول: لهذه السبب لا أستطيع تركك لقد وعدتك أن أبقى معك إلى الأبد....
اكتفت من عناده....  لماذا يصر على جعل الأمر صعبا عليها إلى هذه الدرجة... هل يستمتع بتعذيبها... إنها تعلم يقينا أنه يتوق للذهاب إلى نيكيتا وطفله.... لكن شعوره بالذنب اتجاه هيلين يمنعه....
تبادلا نظرات لوم وغضب بينما قالت : لا تكن أنانيا يا نيكولاس... أليكس...يحتاجك بجانبه..... وكذلك نيكيتا... لقد عانيا الكثير من الحرمان... خلال السنوات السابقة...  
والآن وقد اجتمعتم أخيرا... رجاء حافظ على أسرتك الصغيرة .... أنت بإمكانك أن تكون سعيدا.....
قاطعها قائلا: ماذا عن سعادتك أنتِ.....؟!  هل تقولين أن أكون سعيدا... بينما أتركك وحيدة وحزينة؟!
امتلأت عيناها بالدموع وهي تجيب : أنا سأكون سعيدة عندما أراك سعيدا.... ما فائدة أن تبقى معي وأنت حزين ... وقلق وتفكر في حبيبتك وابنك... أنا لست أنانية يا نيكولاس ...
اخترقت كلماتها قلبه فقال بحزن:  أنت تطلبين مني الذهاب إلى حضن امرأة أخرى.... ألا تغارين علي...؟!
ابتسمت بحزن وأجابت بصوت مخنوق: بالتأكيد أن أغار.... وأحبك بجنون.... لكن.... نيكيتا أيضا تحبك..... وأنت تحبها.... وهناك ثمرة حبكما أيضا....لذلك...
التزم الصمت للحظات ثم ابتسم لها بحزن وقال: صدقا.... أنت امرأة ةستثنائية....
أحنت رأسها وهمست: سأغادر الشقة غدا.... لذلك الأفضل أن تحضرهما للعيش معك....
مد يده يداعب وجنتها وأجاب: يستحيل أن أعيش معهما هنا... بينما أنا أتخيلك موجودة في كل زاوية من هذا المكان....
تطلعت إليه بينما أضاف: أنت ستبقين هنا..... وأنا سأنتقل للعيش معهما في شقة أخرى اتفقنا....
شعرت بألم في قلبها.... ومع ذلك... ابتسمت له وأجابت: أنا موافقة... إذا كان هذا ما تريده....
جذبها إليه وقبل جبينها بحنان وقال: صدقا.... أنت امرأة عظيمة يا هيلين.... شكرا لأنك موجودة في حياتي...
حاولت أن تخفي حزنها وهي ترد: إنه واجبي اتجاه الأم وابنها.... 
وعلى حين غفلة حملها بين ذراعيه وقال: لما لا تؤدين واجبك اتجاهي الآن....
اتسعت عيناها بينما قبل شفتيها بعمق.... هل يعقل... حتى وهما على وشك الانفصال ما زال يرغب بها.... أي نوع من الرجال هو...
حاولت الافلات منه وهو يتجه بها إلى غرفة النوم وهي تقول: أنت لا تسهل الأمر علينا..... يا نيكولاس....
وضعها على السرير وهو يقول : حتى لو أنني ذهبت مع امرأة أخرى..... هيلين... أنت ستظلين ملكا لي لا تنسي ذلك....
اكتفت من أنانيته وصرخت قائلة: فقط من تظن نفسك.... أنت تمنح نفسك حرية الذهاب مع من تريد... بينما تجبرني على أن أكون ملكك...
أحاط خصرها وجذبها إليه وهو يقول: إذا... هل تريدين إبعادي.... لأن لديك شخصا آخر في حياتك؟!
استغربت النظرات التي في عينيه.... لو أن الأمر حدث سابقا... لفكرت أنه يشعر بالغيرة عليها .... لكن...الآن.. وقد قابل نيكيتا....هي لم تعد تفهم... ربما هو مجرد شخص متملك....
تجنبت النظر إليه وأجابت: لا... أنت تعلم جيدا... أنني لست على علاقة بأحد غيرك.... كما أنني أشك في أن هناك من سيرغب بي على أية حال.... خاصة بعد ما حدث بيننا....
ابتسم ببرود... وأجاب: يسرني سماع ذلك.... إياك ومجرد التفكير....في الارتباط برجل غيري يا هيلين....  قد أبدو لك شخصا فظيعا.... لكن عليكِ ان تعلمي أن الغيرة والانانية والتملك جزء لا يتجزأ من الحب....
حدق كل منهما في عيني الآخر .... ثم أجابت والدموع تتساقط من عينيها: لن أكون مع غيرك أبدا.....
أحاط وجهها بيديه....ثم ضمها إليه بحب... لفت ذراعيها حول ظهره واحتضنته هي الأخرى.....طرحها على السرير وهو يقول: إنها المرة الأخيرة يا هيلين....
أغمضت عينيها....كي لا يرى دموعها.... صدقا..... السعادة لم تخلق من أجلها....
استيقظت... في الصباح التالي ووجدت نفسها وحيدة في السرير.... نهضت بخطوات متثاقلة.... لقد غادر نيكولاس الشقة ولن يعود أبدا .... تعالت شهقاتها.... مهما حاولت أن تبدو قوية.... لم يعد بإمكانها تحمل ذلك....

تناديه سيدي الجزء1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن