الفصل 26

7.4K 221 1
                                    

في تلك الليلة لم يستطع نيكولاس النوم... وهو يفكر في كلام صديقه ألبرت بعد أن اتصل به.... وأخبره بما يشعر به اتجاه هيلين.... لكن صديقه... أجابه... أن الأمر قد يكون مجرد فضول... أو نزوة عابرة... وأن عليه أن يحذر قبل أن يقدم على أية خطوة.... إذ أنه إن اعترف لها.... ثم تبين فيما بعد أنها مجرد مشاعر عابرة...فهو سيخسرها إلى الأبد....
تقلب نيكولاس في فراشه... وهو يتذكر هيلين... وما قالته على الهاتف...قبل عيد الميلاد... من ذلك الشخص الذي حدثته.... ولماذا تحدثت بطريقة جريئة.... ولماذا قدمت له الشوكولاتة.... ولماذا احتضنته....ولم تمانع... عندما كان سيقبلها..... هناك الكثير من الأمور الغامضة في تصرفاتها... فهي في تارة... تسمح له بالاقتراب... وفي تارة أخرى تصده عنها... هل تستمتع بما تفعله....
تنهد بضيق.....وكثير من الأسئلة تدور في ذهنه... لديه رحلة عمل في الصباح الباكر... لكنه لا يستطيع النوم بسبب تلك الفتاة....
أما هيلين فقد قضت تلك الليلة في منزل والدتها... فقد تغيرت معاملتها لها فجأة... ودعتها لتناول العشاء عدة مرات... والآن أصرت عليها لتنام هناك.....
تحركت في الفراش... بعدم راحة... هي لم تتخيل يوما أن أمها ستعاملها بلطف... هكذا..... لكن صوتا في أعماقها.....يحدثها أن هناك شيئا غريبا يحدث....
أغمضت.... عيناها وهي تحاول ان تغط في النوم لكن بلا فائدة ....
في اليوم التالي اتجهت هيلين إلى الشركة...وهناك كانت ديانا بانتظارها.....
استغربت وجودها.... بينما قالت ديانا : أنا أريد إخبارك بأمر مهم يا هيلين...
تطلعت إليها بينما أضافت والدموع في عينيها: لا أعرف كيف أخبر نيكولاس بهذا... خاصة أننا سنتزوج....
لكن.... هيلين... أنت الوحيدة التي يمكنها مساعدتي...
ثم انفجرت باكية وهي تقول: أنا واثقة أنه سيتركني إذا ما علم أنني لست... عذراء...
صعقت هيلين بسماع ذلك وسألتها: لكن... كيف... هل واعدت شخصا من قبل... أقصد..
أجابتها من بين شهقاتها: لقد تعرضت لحادث.... تذكر التفاصيل  يؤلمني.... نيكولاس لن يصدقني إن أخبرته بذلك... وسيتركني...
شعرت هيلين بالأسى عليها...وربتت على ظهرها بحنان وهي تقول: لا تبكي أرجوك.... إنه رجل متفهم جدا... إن أخبرته الحقيقة.... سيصدقك بالتأكيد...
ولا تقلقي... سأقف في صفك... وأحاول إقناعه إذا ما فتح الموضوع أمامي...
مسحت ديانا دموعها وقالت بامتنان: شكرا جزيلا لك... يا هيلين... وأنا حقا آسفة على ما بدر مني مؤخرا... لكنني... كنت خائفة... ومضطربة... إن تركني نيكولاس فأنا سوف أموت...
شعرت هيلين بالتعاسة وهي تسمع كلام ديانا.... يبدو أنها تحب نيكولاس كثيرا.... وفي المقابل... هيلين..دون أن تخجل من نفسها.... سمحت لنفسها... بمعانقة نيكولاس... وكانت ستتبادل القبل معه... لو لم يأتي أوبالدو.... هي من أحضرت ديانا أساسا... من الفظيع أن تأخذ منها نيكولاس... بعد أن جعلتها تتعلق به وتحبه...
بعد قليل... خرجت ديانا... وهي تمسح دموعها... والتقت بويليام....الذي تجنب النظر إليها بينما قالت: لقد وصلت أمي إلى روما ليلة أمس.... واليوم ستقابل السيد ديون....
ابتسم بحزن وقال: حسنا سأكون أول من يهنؤك...مبارك لك...
ثم تركها... وغادر.... ليس من حقه أن يغضب... فهو من تركها... قبل أربع سنوات.... تركها وحيدة... بعد أن أحبته وتعلقت به....
أسرعت إلى منزلها.... وهي تنتظر المساء بفارغ الصبر....
وفي النهاية اتجهت رفقة والدتها السيدة ماري... إلى قصر آل فيسكونتي ...
رحب بهما الجد ديون بحفاوة رفقة ابنه ديميتري... وزوجته مارغريتا..... التي حاولت ان تبدو ودودة... مع أنها تستشيط غضبا في الواقع....
تناولوا العشاء سوية.... ثم تحدث الجد مع والدة ديانا.... بخصوص إعلان الخطوبة وإقامة حفل كبير...
واعتذر لها عن غياب حفيده الذي كان في رحلة عمل... 
بعد يومين.... دخلت هيلين الشركة...وبدا لها الجميع... متفاجئين.... لاحظت تعابير وجه ويليام الحزينة... وتساءلت إن كان أمرا متعلقا بديانا ونيكولاس...
وقف دانييل بجانبها وقال: نيكولاس... سيتزوج ديانا بالفعل على ما يبدو... مع أنني اعتقدت أنها مجرد نزوة عابرة كسابقاتها....
شعرت هيلين... بحزن عميق...وهي تسمع ذلك.... لكنها حاولت أن تبدو طبيعية... بينما أضاف: لقد تم إعلان الأمر بشكل رسمي... وسيقام حفل الخطوبة بعد أسبوعين.....
في ذلك الوقت كان نيكولاس يستريح في غرفته في الفندق....لقد عمل من دون توقف... خلال اليومين الماضيين... لقد بذل جهده ليعود إلى روما بأسرع ما يمكن.....فهو لا يطيق رفقة فاليريا... التي تحاول التقرب منه في كل فرصة تجدها.... ثم عاد بذاكرته إلى رحلته رفقة هيلين.... التي شعر براحة تامة رفقتها....  ولم تزعجه أبدا....بل على العكس... فقد خففت من حزنه.... واحتضنته بكل لطف .... ذلك الشيء الصغير يملك تأثيرا كبيرا عليه....
قطع حبل أفكاره طرق على باب الغرفة.. وأدرك على الفور أنها فاليريا....
فتح لها.... ودون انتظار إذن منه دخلت على الفور.... وهي ترتدي ملابس مثيرة... شعر بالسخف.... فمحاولاتها واضحة جدا.... بينما.... قالت بابتسامة: هل نشرب شيئا؟!
ابتسم رغما عنه وهو يتذكر ردة فعل هيلين... عندما استأذنها بخصوص الشرب... لقد رفضت قاطعة....
ثم نظر إلى فاليريا وأجاب: لا احبذ الفكرة... أنا لا أريد ان نثمل ونتهور... 
انزعجت من صده لها لكنها لم تمل بينما جلست على أريكة مريحة وهي تقول: ما الذي يعجبك في تلك الفرنسية على أية حال؟!
ثم أطلقت ضحكة وهي تضيف: حتى أن هيلين... أجمل منها... إذا ما أمعنا النظر... 
ابتسم رغما عنه وأجاب وهو يتذكر منظر هيلين في أمسية التخرج: معك حق....هيلين جميلة فعلا...
لم تفهم ردة فعله وقالت بشك: أتعلم.... لو لم أكن أعلم أن ذوقك في النساء مميز... لفكرت في أحيان كثيرة... أنك معجب بتلك الفتاة عديمة الذوق....
ابتسم رغما عنه ورد عليها: من يدري... ربما هي تعجبني في الواقع...
شعرت بالضياع...فهو يبدو جادا بطريقة ما... فابتسمت هي الأخرى... وسارت باتجاهه وهي تقول: هل تقول أن هناك احتمالية... لأن تقع في حب مديرة قسم المبيعات.....بينما... ترفض حتى فكرة الوقوع في حبي....
لوى شفتيه بابتسامة ساخرة وأجاب: سيكون الأمر مثيرا للاهتمام.... إن تحقق ما تقولينه...
اكتفت من غروره وسخريته... فخرجت من الغرفة وهي تقول: سواء كانت ديانا أو هيلين... فإن أيا منهما....لن تجعلك تنسى نيكيتا...
تغيرت ملامحه....عند سماع اسم نيكيتا... وعاد بذاكرته... إلى الماضي... قبل ثماني سنوات تقريبا.....
بعد أن تعلق بهل وأحبها وكان مستعدا لفعل أي شيء من أجلها... حتى التخلي عن عائلته... اختفت فجأة..  دون قول كلمة واحدة....
صدقا فاليريا ماهرة في فتح الجروح القديمة....
في اليوم التالي.... تلقت هيلين اتصالا من والدتها.... التي دعتها لتناول الغذاء معها في أحد المطاعم...
انتابها احساس غريب وهي توافي والدتها إلى المطعم هل... يعقل أنها أدركت أخطاءها... وهي تسعى الآن لتصحيحها... أم أن هناك شيئا آخر.... جاهدت لطرد تلك الأفكار السلبية من رأيها... وقررت الاستمتاع بهذه اللحظات... بغض النظر عن السبب الحقيقي....
تناولتا الغذاء... وتحدثت فلورنسا بمرح... وبعد انتهاء الوجبة... نظرت إليها والدتها وقالت: عزيزتي.... لقد ترددت كثيرا قبل فتح هذا الموضوع معك...
شعرت هيلين بالتوتر بينما أضافت والدتها: أنت شابة في الثالثة والعشرين من عمرك.... كما أنك جميلة جدا يا ابنتي... سأكون سعيدة... إن اعتنيت بمظهرك كغيرك من الفتيات....
أحنت هيلين رأسها بخجل وأجابت: أنت محقة... لكن ما الذي يدفعك لقول ذلك يا أمي...؟!
تنهدت فلورنسا وأمسكت يدي ابنتها وهي ترد: هيلين... كل أم في العالم..... تحب أن ترى ابنتها جميلة في أبهى حلة.... كما أنه من المؤسف أن تهدري شبابك وجمالك... وتصبي كل اهتمامك على العمل وحده...
ترددت هيلين بينما أضافت والدتها: عزيزتي... أنت لم تواعدي احدا من قبل... من حقد أن تعيشي حياتك... كأي فتاة طبيعية... وتتزوجي وتنشئي أسرة... هل أنا مخطئة...
تجنبت هيلين النظر إليها... وردت: لكن أبي.... وديونه... تقف عائقا في طريقي... كما أنني...
قاطعتها الأم وهي تقول: طالما أنت تسددين الديون... فهو لن يتعرض لك بأذى... أنت بالتأكيد... لا تخططين لقضاء حياتك خائفة منه....
هيلين نفسها تدرك أن والدتها محقة... وطالما فكرت في ذلك.....لكنها....على الأغلب فقط كانت تحتاج إلى التشجيع...
ودون أن تمنحها مجالا للتفكير....أخذت يدها وقالت: فلنذهب... لنشتري ملابس جديدة لك... ونغير من تسريحة شعرك...
أمضيا.... بقية اليوم وهما....تتسوقان... وفي النهاية مرتا على صالون رونالد للتجميل....
ابتسم لرؤية هيلين.... وقال: لقد صرت تترددين علي كثيرا...
ابتسمت رغما عنها.... ثم عرفته على والدتها... بينما قالت فلورنسا : ربما الأفضل أن تقص شعرها يا سيد رونالد... وتغير لونه أيضا...
شعرت هيلين بالسوء.... وانتبه رونالد لذلك وقال: أعتقد أن شعرها الأسود جميل يا سيدتي... إنه يحتاج لبعض العناية فقط...  رجاء دعي الأمر لي....
أومأت فلورنسا برأسها إيجابا..... وابتسمت برضى وهي ترى نتيجة عمل رونالد....
ودعتاه... وغادرت كل إلى منزلها... وهيلين.. لا تصدق كيف أن والدتها تغيرت إلى هذه الدرجة... حتى أنها أصرت على دفع ثمن الملابس...
دخلت شقتها... ووضعت الأكياس الكثيرة على الأرض... ثم تأملت شكل شعرها في المرآة.... لقد كانت والدتها محقة.... ليس من العدل أن تخفي جمالها...
وفي اليوم التالي... دخلت هيلين الشركة وهي تشعر بالخجل الشديد....فالجميع ينظرون إليها باعجاب....
أطلق دانييل صفيرة إعجاب فور رؤيتها وقال: هل وقعت في حب أحد يا هيلين...
شعرت هيلين بالخجل... بينما ضربته تانيا على كتفه وهي تقول: عزيزي... توقف أنت تحرجها...
انضم إليهم ويليام وهو يبتسم لهيلين...وقال: أنت تبدين فاتنة يا هيلين...
تجنبت النظر إليهم وقالت: كفوا عن هذه التصرفات....
دخلت مكتبها... ولحقها أرماندو وهو يقول: آنسة هيلين بالكاد تعرفت عليك.... تبدين مختلفة تماما... وأجمل بكثير....
ضربت على كتفه برفق وهي تقول: لم لا تهتم بعملك بدلا من ذلك...
ضحك رغما عنه وقال: حاضر أيتها الرئيسة....
ابتسمت رغما عنها.... صدقا هذا الشاب مليء بالنشاط.... ويتحدث كثيرا.....
قاطعهما دخول اوبالدو الذي قال وهو بالكاد يكتم ضحكته: هل دخلت المكتب الخطأ... أم أنه تم تعيين.. مديرة جديدة للمبيعات...
ابتسمت رغما عنها وقالت: صدقا... ماذا أصاب الجميع؟!
أجابتها مارلين بامتعاض: اطرحي هذا السؤال على نفسك يا هيلين...
ثم ضحكوا جميعا....
أمضت هيلين بقية...اليوم وهي تتلقى المجاملات وجمل الاعجاب.... وهي التي لم تتوقع ذلك يوما.....
جلست في شقتها ذلك المساء... وهي تشعر بشيء من السعادة... امها كانت محقة.... ربما عليها شكرها... على ما فعلته من أجلها.....
عندما وردها... اتصال من السيد ديون.... وأخبرها أنه أرسل سائقه لاصطحابها....
وماهي إلا مدة من الزمن حتى دخلت هيلين قصر آل فيسكونتي.... وقابلت الجد ديون... وفوجئت بتواجد فيتوريو هناك...
نظر كلاهما إليها بإعجاب..... مما أشعرها بالتوتر...
جلست مقابل الجد إلى جانب فيتوريو... بينما قال ديون: كما تعلمان.... فقد بقي أسبوع على حفل خطوبة.... نيكولاس ...
شحب وجه هيلين...وعبثت بيديها في حجرها.... وفهم فيتوريو... السبب... بينما قال الجد محدثا فيتوريو: بني أنت....صديق نيكولاس المقرب والوحيد... إنها فرصة جيدة.... لتتصالحا... فبما أنه قد قبل الزواج من أخرى... فهذا يعني أنه قد نسي الماضي....لذلك أتمنى أن تحضر الحفل....
أومأ فيتوريو برأسه إيجابا وقال: أجل...إذا كان هذا ما تريده فسأفعل...
ثم التفت إلى هيلين وقال: وأنت يا ابنتي.... الأفضل أن تتحدثي مع نيكولاس... لتعودي مساعدته.... إن طلبت ذلك منه مباشرة فهو لن يعارض.... أنا قلق على فاليريا... هي لن تتحمل خبر خطوبة نيكولاس وقد تتهور....
أحنت هيلين رأسها وأجابت: كما تريد يا سيدي.... لكن أشك أنه سيوافق...
تنهد الجد بعمق وقال: أعلم ان علاقتكما مؤخرا صارت سيئة... لكن أقنعيه من أجلي...
ابتسمت بحزن وأجابت: سأبذل جهدي لاقناعه....
بعد ذلك... عرض عليها فيتوريو أن يوصلها.... واستقلت السيارة بجانبه.... وهي بالكاد تمسك دموعها.....
نظر لها فيتوريو... بأسى وقال: إذا كنت تحبينه لما لا تخبرينه فحسب؟!
حاولت المحافظة على هدوئها وأجابت: العلاقة بيننا مستحيلة.... يا سيد فيتوريو.... إن أخبرته...ستتعقد الأمور... ويتأذى كلانا فحسب....
قاد سيارته... وهو يصغي إليها ثم قال: في هذه الحالة... انسي أمره فحسب... وجدي شخصا غيره.... شخصا يمكنك أن تكوني معه... دون ان تخافي من شيء...
ابتسمت بحزن وقالت: لقد حاولت لكنني لم أستطع...
أراد التخفيف عنها... فدعاها للسهر رفقته في أحد النوادي... لم تحبذ الفكرة... لكنها لم ترد أن تؤذي مشاعره.... 
دخلا أحد النوادي الليلية..... وهي تشعر بالتوتر... فقد كان المكان صاخبا.... وفيه أضواء كثيرة... قادها فيتوريو إلى أحد المقاعد .... جلست بقلق... وهي تنظر إلى المكان حولها بخوف انتبه فيتوريو... لذلك فقال مطمئنا... : لا تقلقي يا هيلين... استرخي فحسب...
ابتسمت ابتسامة متكلفة... بينما ناولها كأسا من الشراب... فاعتذرت عن قبوله... وقالت: أنا لا اشرب... سأكتفي بعصير البرتقال... فحسب...
تفهم ذلك... وطلب من النادل احضار طلبها... بينما جال ببصره في المكان وهو يبتسم وقال: هذا المكان كان المفضل عند نيكولاس... عندما كنا في الجامعة... وهو من عرفني عليه...
زال خوفها....وأصغت إلى حديثه عن ذكرياته مع نيكولاس.... في هذا المكان....
ترددت قليلا ثم سألته: هل كانت نيكيتا تأتي إلى هنا أيضا.... ؟
أومأ برأسه....وابتسم قائلا: أجل نيكيتا وفاليريا أيضا... لقد كنا... نسهر هنا.... ولدينا الكثير من الذكريات...
تنهدت هيلين بعمق... بمجرد سماع كلامه عن نيكيتا... شعرت بالضيق... إذا كيف كان شعور فاليريا... التي عاشت كل ذلك بنفسها... إنها تشفق عليها حقا....
قاطع حديثهما.... اتصال من والدة هيلين....التي أخبرتها أن تزورها على الفور إن أمكنها ذلك....
أنهت عصيرها بسرعة.... وأوصلها إلى منزل والدتها....
ابتسمت فلورنسا لرؤيتها ودعتها إلى الجلوس... وأسرع أندي لعناق أخته.... احتضنته بحب بينما قالت فلورنسا: أندي يريد ان يطلب منك طلبا يا هيلين....
تطلع إليها أندي.... بينما أضافت فلورنسا: غدا ستقيم مدرسته... حفلا....سنويا.... وهو يريدك أن تحضري رفقته إن لم تمانعي...
ابتسمت هيلين... ثم استدركت قائلة: ماذا عنك يا أمي ألن تحضري؟!
هزت رأسها نفيا وأجابت: زوجي غائب عن المنزل... وأنا لدي عمل مهم في الغد.... لذلك... أتمنى ان تحضري بدلا منا....
تفهمت هيلين ذلك... وأبلغتهما موافقتها.... لوح لها أندي مودعا وقال: سنلتقي غدا في الحفلة يا هيلين...
لوحت له... ثم ركبت سيارة الأجرة... عائدة إلى شقتها....
وصل فيتوريو إلى منزل عائلته... ووجد جده بانتظاره....وفاليريا التي عادت لتوها.... من سفرها... وقد بدت في حالة سيئة.... بعد أن عرفت بخبر وبة نيكولاس..... شعر فيتوريو بالأسى عليها.... بينما قالت: لما لم تتصل بي يا فيتوريو فور إعلان الخبر....
تنهد بضيق وقال: حتى لو أخبرتك.... فهذا لن يغير من الأمر شيئا..... فاليريا... متى ستفهمين أن نيكولاس لن يحبك أبدا....
نزلت دموعها رغما عنها وهي تقول: فيتوريو..... أنا كنت معه منذ وقت طويل.... وأحببته لن أقبل ان تأتي تلك الفرنسية من العدم وتأخذه ببساطة...
نظر إليها جدها بغضب وقال: فاليريا....  سواء قبلت ذلك أم لا... نيكولاس سيتزوج من تلك الفتاة... أنصحك أن تبحثي لنفسك عن شخص آخر....فحسب...
لم تطق ان تسمع أكثر وأسرعت إلى غرفتها باكية.....
ثم نظر الجد جورج إلى حفيده وقال: لقد علمت أنك قضيت سهرتك رفقة فتاة يا فيتوريو....
انتابه شعور بالغضب ورد عليه قائلا: ألن تتوقف عن مراقبتي يا جدي... أنا لم أعد طفلا.... كما أنني أحب تلك الفتاة... ولن أسمح لك ان تفسد الأمر هذه المرة...
قاطعه الجد قائلا: من تكون تلك الفتاة؟!
نظر إليه بجدية واجاب: هيلين مورتيمور ....
صعق جورج لسماع الاسم وشحب وجهه وهو يقول بغضب: هذه الفتاة خاصة... انسى أمرها...
لم يحتمل فيتوريو سماع ذلك وقال: يستحيل... ان أفعل... ليس هذه المرة يا جدي....
نظر إلى حفيده وقال معترفا: لا يمكنك... لأن تلك الفتاة....هي ابنة عمتك فلورنسا.....إنها ابنة ذلك الرجل الوغد الذي حطم حياة عائلتنا.... وتسبب في وفاة والديك وجدتك....
لم يصدق....فيتوريو ما يسمع....وقال: هل هذا صحيح...؟!... لكن هيلين....
شعر بالضياع وأسرع إلى غرفته....
بينما شعر الجد بالأسى على حفيده المسكين.... هو لن يسامح فلورنسا....الذي ادخلت ذلك الوغد إلى حياتهم.... وافسدت كل شيء.... وكذلك هيلين فهي ابنة ذلك الرجل.... ومن المؤكد أنها تعمدت التقرب إلى حفيده طمعا في أمواله.... لن يسمح لها بإيذاء عائلته كما فعل والدها من قبل...
دخل نيكولاس شقته.... وهو متعب من تلك الرحلة الطويلة.... لقد غادر على عجل.... فور انتهاء العمل... لأنه سئم من ألاعيب فاليريا....
أخذ حماما سريعا.... ثم وجد عدة مكالمات فائتة من مارييت حبيبة صديقه ألبرت... اتصل بها فورا.... فقالت معتذرة: لم أقصد مضايقتك يا نيكولاس في هذا الوقت المتأخر... لكن أريد ان أطلب منك معروفا....
أجابها قائلا: لا مشكلة...  اخبريني.... ماذا هناك...
شعرت بالسرور وطلبت منه أن يرافقها في الغد ٱلى مكان ما.... ووافق على الفور... وأغلق الخط بعد أن تمنى لها ليلة سعيدة... 
لقد كان أسبوعا حافلا فعلا... وأخيرا سيرتاح في شقته بهدوء....
في الصباح التالي التقى بمارييت.... التي اعتذرت مجددا لازعاجه وأكد لها أن مرافقتها من دواعي سروره.... 
وصلا إلى المكان المتفق زيارته.... وقد كانت مدرسة خاصة بينما قالت: أنت تبدو متفاجئا يا نيكولاس.... إنها الذكرى السنوية لإنشاء المدرسة... أنت تعلم أن هذه المدرسة الابتدائية هي ملك لوالدي... وهو متغيب اليوم لذلك سأترأس الحفل بدلا منه....
أومأ برأسه بينما أضافت بحزن: كنت أتمنى لو أن ألبرت هنا أيضا.... لكن لسوء الحظ...
ابتسم نيكولاس وقال: لا عليك.... إنه يتعالج من أجلك.. اليس هذا دليلا على قوة مشاعره اتجاهك...
ابتسمت هي الأخرى وأجابت: أتمنى أن يعود في أسرع وقت....
دخلا المدرسة سوية وهي تخبره ان الحفل سيكون في الأساس لتكريم الطلاب... إضافة إلى بعض الأنشطة الثقافية.....
وأثناء دخولهما مرت بجانبهما هيلين... التي كانت تبحث عن أخيها أندي...
لمحتها مارييت وقالت غير متأكدة: تلك الفتاة تشبه هيلين.....
التفت نيكولاس.... ولم يصدق ما يراه.....إنها هي بالتأكيد ولكنها مختلفة... إنها أجمل بكثير... خاصة بعد أن تخلت عن تلك النظارات... والبذلة العملية....
وارتدت تنورة قصيرة باللون الأسود... وبلوزة من اللون الأزرق الملكي....بأكمام شفافة... ورفعت شعرها على شكل كعكة... مع مكياج خفيف وحذاء أسود بكعب عال....
كانت مشغولة بالبحث عندما سمعت صوتا مألوفا يناديها.... التفت بسرعة... وتفاجأت برؤية نيكولاس... ومارييت رفقته....
شعرت بالتوتر لرؤيته... خاصة.... بعد ان تم إعلان خطوبته.....تراجعت خطوة إلى الخلف... مما أثار استغرابهما بينما قالت مترددة: سيدي المدير....آنسة مارييت صباح الخير....
نظرت لها مارييت بإعجاب: وقالت تبدين أنيقة اليوم يا هيلين... هل أتيت لحضور الحفل...؟!
تجنبت النظر إلى نيكولاس وقالت: أجل... أخي يدرس هنا...
استغرب كلاهما سماع ذلك بينما قالت مارييت متسائلة: هل لديك أخ صغير....
شعرت هيلين بالتوتر من نظرات نيكولاس....المركزة عليها...  وقبل أن تجيب التصق بها أخوها الصغير أندي وهو يقول: هيلين لقد بحثت عنك طويلا.... أين كنتِ...
اجتضنته هيلين بحب... ثم التفتت إليهما وقالت: أعرفكما أخي الصغير أندي......
لمع الاسم في عقل نيكولاس...بينما نظر إليهما أندي...وأضافت هيلين: عزيزي... أعرفك السيد نيكولاس فيسكونتي .. مديري في العمل... والآنسة مارييت تريفانو... صديقتي...
ابتسم لهما وألقى عليهما التحية....واحتضن هيلين مجددا.... ابتسم نيكولاس رغما عنه.... بينما اتجه أربعتهم إلى القاعة الرئيسية.....
ترأست مارييت الحفل وألقت الكلمة الافتتاحية... والتقى نيكولاس بكثير من معارفه..... وحاولت هيلين الابتعاد عنه لكنه أصر على بقائها... ابتسم له أحد الرجال وقال: بالمناسبة يا سيد فيسكونتي... أهنئك بمناسبة خطوبتك...
استغرب نيكولاس سماع ذلك بينما أضاف أحد آخر: لم نتوقع أن تختار فتاة فرنسية... خاصة لعائلة عريقة مثلكم... لكن هنيئا لك...
صدم بما يسمع فكل شيء حدث دون علمه.... ثم حل الغضب محل الصدمة.... حاول ان يبدو طبيعيا... وهو يقبل التهاني... بينما لمحت هيلين الغضب في عينيه ولم تفهم السبب.....وما إن واتته الفرصة حتى أخذها من ذراعها بعيدا...وهو يقول: ما الذي يحدث تحديدا ؟! ما الذي يتحدثون عنه...؟!
لم تفهم سبب انفعاله وقالت: سيدي.... هل أصاب عقلك شيء... إنهم يتحدثون عن خطوبتك من الآنسة ديانا... أنت تعلم... الحفل سيقام الأسبوع القادم....
استوعب كلامها ببطء وقال : أنا لا اعلم شيئا... عن الموضوع... هل يعقل أن ديانا وجدي... رتبا لكل شيء دون علمي...
شعرت هيلين بالأسى عليه... وهي تقول: هذا ما يدو على الأغلب.... اعتقدت أنك تعرف... حتى انهما نشرا الخبر... وتصدرت صورك وصور ديانا أغلفة الصحف والمجلات... يا سيدي....
شعر بالغضب من جده...... وعلت وجهه تعابير غير مفهومة.....وقال: لماذا فعل ذلك...؟ لقد استغل غيابي....
لوضعي تحت الأمر الواقع....
شعرت هيلين بحزن عميق وهي تسمع ذلك....إذا نيكولاس لم يكن يعلم.... لكن حتى لو كان الأمر كذلك... فما حدث قد حدث... وهو سيتزوج ديانا عاجلا او آجلا....
ودون وعي منها مدت يدها تتحسس وجنته وهي تقول: لا بأس.... سيكون كل شيء بخير....أؤكد لك....
حدق في عينيها... اللتين تعكسان ما تشعر به وقال: ما الذي تتحدثين عنه... أنا نفسي لست متأكدا... إن كنت أحبها فعلا أم لا.... أخبرته ان نأخذ الأمر بروية... لكنه...
هزت رأسها نفيا وأجابت: أنت تحبها بكل تأكيد.... أستطيع تأكيد ذلك... بعدما رأيتكما معا عدة مرات...
انزعج لسماع ذلك...وأراد أن يبرر موقفه.... لكن قدوم مارييت قاطعهما.... استغربت الحزن على وجهيهما... ثم أخبرتهما ان التكريم سيبدأ بعد قليل...
لوحت هيلين لأندي....بعد ان تسلم جائزته من مارييت...
وابتسم لها هو الآخر....
بعد انتهاء الحفل.... غادرت مارييت أولا... بينما تمسك أندي بهيلين وهو يقول: اريد أن أقضي الليلة في منزلك يا هيلين....
ربتت على رأسه بحنان وقالت: لا يمكننا ذلك يا اندي... سأعمل لوقت متأخر اليوم... لكن اعدك أن نسهر يوم العطلة سوية... ونلعب ألعاب الفيديو... اتفقنا...
فهم نيكولاس ما يحدث أخيرا.... ولام نفسه على غبائه.... بينما قال أندي وهو ينظر إلى نيكولاس بانزعاج: لقد تذكرت... أختي أليس هذا هو الرجل الذي طردك من قبل وجعلك تبكين....
تفاجأ نيكولاس... بينما شعرت هيلين بالاحراج وقالت: أندي... ليس من اللائق أن تتحدث بهذه الطريقة...
ثم التفتت إلى نيكولاس الذي أومأ لها...ثم ربت على رأس اندي برفق وقال: أعلم... لقد سببت لها الكثير من المتاعب.... وأنا آسف حقا...
ثم رفع نظره إلى هيلين وأضاف: هل ستسامحينني؟!
استغربت النظرة الحانية في عينيه وأجابت بابتسامة دافئة: بالتأكيد... أنا أسامحك....
ابتسم لها نيكولاس وقال: سأذهب لرؤية جدي يا هيلين....وافهم منه كل شيء... ثم سنتحدث بعد ذلك...
لم تفهم قصده.... لكنها اومأت برأسها وراقبته وهو يغادر.....
استقل نيكولاس سيارته..... وأسرع متجها إلى قصر عائلته..... كان جده جالسا في الحديقة رفقة مارغريت.... عندما وصل نيكولاس... سار ناحيتهما... بينما ابتسم له الجد وقال: بني..  أتيت في الوقت المناسب....
حاول نيكولاس أن يحافظ على هدوئه وقال: لماذا أعلنت نبأ خطوبتي دون إذن مني يا جدي؟!
استغربت مارغريتا سماع ذلك....بينما قال ديون بجدية: أنت قدمتها لي بغية الارتباط بها... أليس كذلك... لماذا انت غاضب إذا؟!
نظر نيكولاس في عيني جده مباشرةورد: أجل لقد فعلت... لكنني... لم اكن بعد متأكدا من مشاعري ومما أريده... لقد قدمتها إليك فقط لتتوقف عن الضغط عليّ بخصوص موضوع الزواج.... لكنني لم أقل أبدا أنني مستعد للارتباط في هذا الوقت....
اكتفى ديون من عناد حفيده وقال: هل تقول أنك سخرت مني ببساطة يا نيكولاس....
تجنب النظر إليه بينما أجابه: لم أقصد أن أسخر منك... لكنكم كنتم تخنقونني... بتدخلكم في حياتي الشخصية لقد اكتفيت يا جدي..
ضرب الجد بعصاه على الأرض وهو يقول: أنا منحتك حرية الاختيار... وأنت أحضرت ديانا... وقد تقبلتها... والآن تقول أنك لا تريد الارتباط بها.... نيكولاس... استفق...لما يحدث حولك... انت لم تعد صغيرا أنت في الثلاثين من عمرك الآن...ويجب أن تدرك ان هذه المواضيع ليست للسخرية....
حاول تقبل كلام جده ثم نظر إليه بجدية وقال: أنا لا أريد الارتباط بديانا... لأنني واقع في حب فتاة أخرى يا جدي...
شعر ديون بالضياع...وتساءل إن كانت كذبة أخرى من حفيده....فقال وهو بالكاد يحافظ على توازنه: من هي تلك الفتاة لما لا تعرفني عليها إذا...
تردد نيكولاس وأجاب: لا يمكنني ذلك الآن... لكن...
قاطعته مارغريت وهي ترى تغير ملامح الجد وقالت: نيكولاس.... أرجوك... ان تكون واعيا أكثر... لقد انتشر خبر ارتباطك من ديانا.... وقد حضرنا لكل شيء... هل تريد أن تتسبب بفضيحة لنا ولنفسك.... أنت أحضرتها... والآن لم يعد هناك مجال للتراجع...
أراد نيكولاس الاعتراض لكن جده قال بجدية: ٱن لم تتزوج ديانا سأتبرأ منك.....

تناديه سيدي الجزء1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن