الفصل 27

7.2K 239 1
                                    

مرت تلك الليلة ببطء على هيلين.... وهي تتذكر مجريات حفل خطوبة نيكولاس وديانا.... لقد كان كل شيء جميلا.... وكان الجميع سعداء...باستثنائها هي وفاليريا... التي لم تتحمل البقاء للنهاية وغادرت في منتصف السهرة.... على خلاف هيلين التي بقيت.... رفقة مارغريت لتحرصا على سير الحفل وفق البرنامج المحدد.... لحظة تبادل الخواتم كانت الاسوأ بالنسبة لها.....
لقد كانت ديانا تبتسم بفرح..... بينما نزلت دموع هيلين رغما عنها ... ولحسن الحظ أن أحدا لم يرها بالتأكيد فكل الأنظار كانت موجهة ناحية العروسين....
دفنت رأسها في الوسادة.... وهي تتذكر ما حدث معها بعد ذلك....فهي حاولت الانزواء بنفسها قليلا عن الآخرين... .....
نظرت إلى السماء التي كانت شاحبة ذلك المساء... حتى انه لا أثر للنجوم.... لفت ذراعيها حول نفسها.... وهي تحاول إقناعها... بأن ما يحدث طبيعي جدا.... فنيكولاس ابن عائلة عريقة... وديانا هي مصممة مشهورة.... إنهما مناسبان لبعضهما.... على خلافها تماما... فهي فتاة تخلى عنها والدها المجرم.... ثم تركتها أمها في الميتم.... وعاشت حياتها وهي تناضل لتعيش... ولولا.... عطف السيد ديون عليها... لما كانت هنا الآن... هي لا تفهم ما الذي دفعه لمساعدتها من بين الجميع... لكن السبب لا يهمها... كل ما تعرفه انها ممتنة له... وستفعل ما بوسعها لرد الجميل له.... ابتسامة السعادة التي كانت على وجهه لحظة تبادل الخواتم.... أزالت عن هيلين حزنها.... هذا يكفي... هي لن تسبب المتاعب للرجل الذي أنقذها....
حاولت ان تهدأ.... عندما سمعت خطوات شخص يقترب منها....التفتت لتجد جورج ديلا فيرا... واقفا أمامها وينظر إليها بنظرات غريبة لم تفهمها... ترددت للحظات قبل ان تقول: سيدي... هل من مشكلة؟!
لم يطق سماع صوتها وقال مهددا: لن أكرر كلامي مرتين.... يا آنسة... ابتعدي عن حفيدي فيتوريو.... وإلا..
فهمت كلامه وابتسمت بسخرية....جميع أولئك الأثرياء يفكرون بالطريقة نفسها..... أساسا.. لقد كانت تحترق من الداخل وتبحث عن طريقة لافراغ غضبها... نظرت إليه بنظرات لم يفهمها وردت عليه قائلة: لا أعلم ما الذي دفعك لقول ذلك.... لكنك مخطئ أنا لست على علاقة بحفيدك....ولا يهمني أمره على الاطلاق...ولعلمك هو من يلاحقني طوال الوقت... وقد سئمت منه...
ثم ابتسمت بسخرية وأضافت: ليست مشكلتي... إذا كنت غير قادر على التحكم في تصرفات حفيدك يا سيد ديلافيرا....
استفزه كلامها.... إنها لا تشبه فلورنسا في الشكل فقط بل في شخصيتها النارية أيضا...
تبادلا نظرات غاضبة ثم قال الجد بابتسامة ساخرة: هل تقولين أنك مختلفة عن والدك... وأنك لا تطمعين في ثروتنا....؟!
صعقت هيلين وهي تسمع سيرة والدها... في تلك اللحظة تدخل ديون فيسكونتي قائلا: جورج... لا تفعل ذلك... هيلين مختلفة عن والدها...
شعرت هيلين بالدوار وقالت محدثة ديون: سيدي... هل تعرف والدي؟!.... لكن كيف... ؟! ما الذي يحدث هنا؟! ولماذا تظاهرت بأنك لا تعرف شيئا؟!
قاطعها جورج قائلا: لقد ارتكب ديون خطأ عندما اعتنى بك... ومنحك ما لا تستحقينه... وأعتقد أنه حان الوقت ليصحح خطأه...
نظرت إليهما هيلين وهي لا تفهم ما الذي يحصل... بينما انفجر الجد ديون قائلا: جورج..... حتى لو لم تعترف بها.... هيلين هي حفيدتك.... شئت أم أبيت...
استغرق منها الوقت لحظات لتستوعب كلامه وقالت: ما الذي تعنيه بأنني حفيدة هذا الرجل يا سيد ديون... أنا لا أعرفه... ولم يسبق أن قابلته...
أجابها جورج قائلا: بالتأكيد... لأنني... تبرأت من فلورنسا... لأنها أدخلت والدك الوغد إلى عائلتي وحطمت كل شيء....
فهمت ما يقوله ببطء.... هي لا تعلم ما فعله والدها تماما.... لكن ما هي متأكدة منه هو أنه رجل وغد وهو مبدع عندما يتعلق الأمر في إفساد حياة الآخرين...
حافظت على توازنها بصعوبة وهي تقول: انا لا علاقة لي بذلك الرجل... إطلاقا.... وأمي كذلك... قطعت علاقتها بي منذ وقت طويل.... لذلك... أيا كانت مشكلتك يا سيد جورج فهي ليست معي... وبخصوص فيتوريو... لقد كان سوء فهم... ولن أقترب منه أبدا...
نظر إليها غير مصدق لتغير موقفها وقال بسخرية: ماذا هل تحاولين الآن... ان تظهري في صورة الفتاة البريئة... بعدما عرفت أنني جدك.... لكن مهما حاولت أنا لن أقبل بك أبدا...
قال ذلك ثم تركهما على الفور... جثت هيلين على ركبتيها.... إنها أضعف من أن تتحمل كل ما يحدث بمفردها.... كل المصائب تأتي دفعة واحدة...
ربت ديون على كتفها بحنان وهو يقول: اهدئي يا ابنتي.... سأشرح لك كل شيء....
رفعت نظرها إليه وهي تقاوم دموعها....وهمست بصوت مخنوق: سيد ديون...لماذا ساعدتني......دون ان تخبرني شيئا... طوال هذه السنوات....
دخلا غرفة هادئة... بعيدة عن الحضور....
ثم بدأ بإخبارها بكل ماحدث... قبل اربع وعشرين عاما... تقريبا.... كانت فلورنسا.... طالبة في الجامعة .... عندما بدأ غوستاف بالتقرب منها..... ومع الوقت وقعت في حبه وقررت الزواج منه....
وقد كان الوقت متأخرا عندما علم والدها جورج بذلك... وعارض زواجهما بشدة... لكن فلورنسا كانت عنيدة جدا وتزوجته غير آبهة لتوسلات والديها وشقيقيها الأكبر منها..... ولم تعلم أنه فقط كان طامعا في ثروتها....
بقي غوستاف مع فلورنسا عدة أشهر.... أملا منه أنه والدها جورج سيسامحها... فهي كانت ابنته المفضلة.... وكان ينوي منحها نصف ممتلكاته... لكن كبرياء جورج وغضبه...  جعلاه يتبرأ من ابنته ويحرمها من الميراث...
عندما سمع غوستاف بذلك.... هجر فلورنسا على الفور... وتركها وهي حامل في الشهر الثالث بعد أن طلب منها الاجهاض.... فهو لا ينوي تحمل مسؤولية الطفل.. خاصة ان خطته لم تنجح... ولم يعد في حاجة لها...
كانت صدمة فلورنسا كبيرة... فحاولت الانتحار.....
توقف ديون عند هذه النقطة... فهو يدرك أن هيلين لن تتحمل أكثر... سماع ما تسبب به والدها من مآسي لتلك العائلة: فعندما سمعت والدة فلورنسا بما حل بابنتها....لم يتحمل قلبها الضعيف ذلك.... وتعرضت لسكتة قلبية وماتت على الفور... في ذلك الوقت كان والدا فيتوريو في السيارة عائدين من المطار....عندما بلغه نبأ ما حل بأمه وشقيقته... كانت صدمته كبيرة ولم  يستطع التحكم في انفعاله... فتسبب في حادث سيارة... ومات كلاهما... تاركين ولدهما فيتوريو وحيدا...
بكت هيلين بحرقة.... وهي تقول: لا أصدق....أن هذا ما حدث مع أمي.... ؟!
انتظرها إلى أن هدأت وقال: هيلين... هوني عليك يا ابنتي....
مسحت دموعها وسألته: لكن لماذا ساعدتني يا سيد ديون؟!
احتضنها بحنان وهو يقول: لأنك بريئة ولا ذنب لك... يا ابنتي...ذلك الوغد أراد ان تجهضك والدتك.... ثم تخلت عنك هي الأخرى وانت طفلة صغيرة... وعانيتِ الكثير.... لم أستطع الوقوف مكتوف الأيدي...  خاصة بعدما علمت أن ديون غوستاف الوغد تلاحقك....
لم أستطع تعريض حياة احفادي للخطر... بالتعامل معه مباشرة... فهو رجل حقير... وهو على علاقة بالمافيا الايطالية.....لذلك... سعيت لمساعدتك كي تسددي ديونه دون ان يشك في شيء... أنا آسف لأنني لم أستطع تقديم الكثير لك يا هيلين....
احتضنته هي الأخرى وهي تقول: لا... على العكس... شكرا جزيلا لك يا سيد ديون... لقد كنت خير عون لي... وأنا مهما فعلت فلن أرد جميلك... أنت منحتني... ما لم يمنحه لي والداي....وأعدك أن ابذل ما في وسعي..  كي لا يصيب أي مكروه عائلتك.....
تقلبت في فراشها في اليوم التالي....ورأسها يؤلمها من قلة النوم...... لقد كان الأمس مليئا بالأحداث السيئة... لكن لحسن الحظ... أنها عرفت الحقيقة من الجد ديون قبل ان تتورط في علاقة مع نيكولاس.... الآن هي واثقة أنها اتخذت القرار الأفضل حين داست على مشاعرها.... خاصة بعد أن عرفت أن والدها متورط مع المافيا الايطالية....
لم تقوى على الذهاب للشركة.... فهي لا تريد رؤية نيكولاس.... أو بالأحرى هي ليست مستعدة لذلك بعد... فهي لم تستطع إلى الآن...تقبل حقيقة ما يحدث... كل شيء يبدو كالحلم... لا بل ككابوس مزعج... تتمنى الاستيقاظ منه.....
أما نيكولاس فقد كان يبذل جهده ليشغل نفسه بالعمل.... لينسى ما حدث معه.... هو إلى الآن لا يصدق أنه أجبر على الارتباط بديانا.... صحيح أنها فتاة لطيفة وتحبه بصدق... وهو لا ينفي أنه شعر بشيء اتجاهها في أحيان كثيرة... لكنه يكره أن يجبر على شيء لا يريده.... كما أنه لا يستطيع إبعاد هيلين عن ذهنه....
لا يعقل أن ما يحدث معه مجرد فضول لمواعدة فتاة محتشمة... لم يسبق أن اقترب أحد منها....
تنهد بعمق.... بينما دخلت فاليريا مكتبه وهي تبكي....
رفع نظره إليها مستفهما....بينما قالت وهي تكتم شهقاتها: نيكولاس...الآن وقد ارتبطت بتلك الفرنسية.... أنا لم أعد أحتمل أكثر....
لم يفهم قصدها....بينما أضافت: قبل ان أتحدث... استدعي هيلين أولا....
لم يفهم ما الذي تريده من هيلين.... لكنه اتصل بها وطلب منها الحضور...
دخلت المكتب مترددة... وتجنبت النظر إلى نيكولاس الذي بدا متوترا هو الآخر.....وقالت: عذرا... هل هناك شيء...
انتبهت إلى وجه فاليريا الملل بالدموع... والتي نظرت إلى كليهما وقالت: نيكولاس ....لقد اكتفيت....
ثم وجهت حديثها إلى هيلين قائلة: الأفضل أن تستعيدي.... منصبك... مساعدة له... أنت مناسبة لهذا العمل أكثر مني ...
شعرت هيلين بالتوتر.... فهي ليست مستعدة لذلك....  ما يجعلها تنسى ألمها هو أنها لا تراه... لكن أن تعود لمرافقته طوال الوقت.... فهذا يعني أن قلبها قد ينتصر على عقلها.... وهذا يعني مزيدا من الألم والمعاناة....
أحنت فاليريا رأسها وهي ترى تردد هيلين وقالت: لقد تعذبت بما فيه الكفاية.... يا نيكولاس.... مع أنني أحببتك وأخلصت لك...إلا أنك... لم تبادلني مشاعري يوما.... لذلك.... أنا اريد العودة إلى قسم المبيعات....أو ربما سأعود إلى فينيسيا .... لست متأكدة بعد.....
تأملتها هيلين جيدا... هذه الفتاة هي قريبتها في الواقع...... وهي الآن تعاني كثيرا.....من المؤسف أن نيطولاس لم يحبها رغم ما قدمته من تضحيات وتنازلات....
نظر نيكولاس إلى هيلين التي بدت متأثرة وقال: هيلين أعتقد أن كلام فاليريا كان واضحا.... ستعود إلى قسم المبيعات... لكنني سأتفهم رغبتك إن رفضت العودة إلى منصب مساعدتي....
هزت هيلين رأسها نفيا وأجابت: لا بأس.... أنا لا امانع... لكن أتمنى أن تسمح لي بالاشراف على خطة تطوير القسم إلى أن يجهز كل شيء....
هز رأسه إيجابا.....بينما نظرت إليها فاليريا بابتسامة حزينة....وقالت: بطريقة ما... أشعر أنكما منسجمان بطريقة مزعجة....
ثم خرجت من المكتب... راقبت هيلين الباب يقفل... بينما همس: سيكون من الصعب تواجدك إلى جانبي من الآن فصاعدا....
لم تفهم قصده بينما ابتسم وأضاف: منذ أن غيرت مظهرك... صرت تبدين فاتنة.... أنا واثق ان شركائي بدلا من التركيز على العمل سيحدقون بك .... كما حدث مع كريستيان سابقا....
احمر وجهها... حتى طريقته في إبداء إعجابه... تثير التوتر في نفسها.... لكن ما لم تفهمه هو تلك النظرة الحزينة في عينيه....
خرجت عائدة إلى مكتبها... عندما.... رن هاتفها فجأة... واتفقت مع والدتها على تناول الغذاء معا....
وبعد انتهاء الوجبة أخبرتها والدتها أن زوجها سيقيم حفل استقبال في منزلهما... وسيحضر إليه أشخاص معروفون وهي تتمنى حضور ابنتها أيضا...
شعرت هيلين بالدفء يلامس قلبها....يبدو أن امها في الواقع تفخر بها.... وأبلغتها موافقتها على الفور....
ثم تذكرت شيئا وقالت مترددة: لقد سمعت... أن غوستاف... طلب منك الاجهاض... لكنك لم تفعلي...
توترت فلورنسا لسماع ذلك وأجابت: لم أرد ذلك.... مهما كان ما فعله غوستاف فأنتِ لا ذنب لك.... أتمنى أن تسامحيني على قسوتي...وعلى تركك في الميتم لكنني كنت مضطرة صدقيني ... يا هيلين...
هزت هيلين رأسها نفيا....وأجابت وهي متأثرة بكلام والدتها قائلة: كنت واثقة من ذلك... شكرا لك يا أمي... شكرا جزيلا...
قاومت دموعها... ثم استدركت قائلة: بالمناسبة... غوستاف قال أنه لا يريد الطفل... إذا كيف سجلني... على اسمه بعد ولادتي؟!
لم تعلم فلورنسا ما تقول ثم أجابت باختصار: أنا أيضا تفاجأت عندما حضر يوم ولادتك... ومنحك اسمه.....ربما الأفضل أن تسأليه بنفسك...
أومأت هيلين إيجابا والفضول يقتلها.... فرغم أن والدها بدا منجذبا إلى صونيا... إلا أنه رفض تسجيل ابنها على اسمه.... لماذا اعترف بهيلين إذا وهو الذي كان يتمنى أن تجهض ...
عادت إلى المكتب وهي تفكر في ذلك....ستتحدث إلى والدها في أقرب فرصة... مؤكد أن هناك سببا ما... إذ لا يعقل أن ذلك الوغد قد يحمل في قلبه شيئا من الرحمة والشفقة ...
اتصل بها نيكولاس... وغادرا إلى أحد الاجتماعات وهي سارحة تماما بأفكارها.... مما أثار استغرابه....
ثم عادا إلى المكتب ليجد ديانا في انتظاره... احتضنته بفرح وهي تقول: سمعت أن فاليريا... لم تعد مساعدتك وقد سرني ذلك كثيرا..... مع أنني لم أكن قلقة فأنا أثق بك وأعلم أنها مهما فعلت... فهي لن تحصل عليك...
ابتسم نصف ابتسامة.... بينما اضافت: لا تقلق يا عزيزي سنجد لك مساعدا آخر..... اترك الأمر لي...
أبعدها عنه بهدوء وأجاب: ألم تعلمي... أن هيلين استعادت منصبها.... ؟!
شعرت بالسوء لسماع ذلك... فهي لم تتوقع ذلك....الآن وقد عادت هيلين إلى جانبه... ستكون مصدر إزعاج كبير لها....خاصة بعد أن غيرت مظهرها وأظهرت جمالها..... وهي خائفة من ان تكون هيلين مصدر تهديد لخطوبتهما....
قاطع حديثهما دخول هيلين التي أبلغت نيكولاس بأن لديه اجتماعا بعد قليل....
نظرت إليها ديانا وهي تمسك ذراع نيكولاس بتملك وقالت: بالمناسبة يا هيلين... مع أنك... حضرت حفل خطوبتنا....إلا أنك لم تهنئينا لحد الآن...
شعرت بحزن عميق وهي تسمع ذلك... بينما قال نيكولاس وهو يشعر بالضيق : لا داعي لذلك...
قاطعته هيلين قائلة بابتسامة متكلفة: لقد كنت مشغولة طوال الحفل لذلك لم أنتبه... هنيئا لكما وأتمنى أن تتوج تلك الخطوبة بالزواج....
ضحكت ديانا رغما عنها وقالت: نحن سنتزوج بعد شهرين يا هيلين... وهذا أكيد الحدوث...
انهى نيكولاس ذلك النقاش الذي اعتبره سخيفا بقوله: عزيزتي... لدي اجتماع الآن... نلتقي في وقت لاحق...
خرجا سوية بينما.... لم تشعر ديانا بالارتياح وقررت التحدث مع الجد ديون بخصوص نيكولاس.... فهو رغم الخطوبة وكل شيء إلا أنه صار يتصرف ببرود معها...
استقبلها الجد بفرح وهو يقول: أهلا بزوجة حفيدي المستقبلية....
جلست بهدوء والحزن باد على ملامحها وهمست: أتساءل بخصوص ذلك.... يبدو أن نيكولاس... لم يعد يحبني كما من قبل....
استغرب سماع ذلك وتذكر كلام نيكولاس عن أنه يحب فتاة أخرى... وقد قدم له ديانا فقط ليكف عن الضغط عليه.... هل يعقل أن الأمر صحيح....
تنهد بضيق بينما قالت ديانا وهي تقاوم دموعها: أنا حقا لا أصدق ما يحدث.... لقد اعتقدت أنه يحبني... لكن... إنه على الأغلب معجب بفتاة أخرى...
تساءل الجد بخصوص ذلك خاصة أن نيكولاس في ذلك الوقت رفض الافصاح عن اسم الفتاة التي يحبها.... فقال مترددا: ديانا من تكون تلك الفتاة التي تتحدثين عنها؟!
ترددت قليلا وأجابت: إنها هيلين..... مساعدته...
استوعب الجد كلامها ببطء... ثم انفجر ضاحكا وهو يقول:  هيلين ونيكولاس ...هذا مستحيل يا ابنتي.... ما تقولينه مثل من يتحدث عن اجتماع الماء والنار....
استغربت ردة فعله....بينما استمر في الضحك... ثم أضاف: أنت تبالغين في التفكير يا ديانا....
تنهدت بعمق... يبدو أن ديون يهتم لأمر هيلين كثيرا... والحديث معه لن ينفع....  ربما عليها التحدث مع هيلين.... مباشرة.... وإن لم ينجح الأمر.... هي تعرف جيدا كيف تبعدها عن نيكولاس... 
انتهى الدوام أخيرا.... وعادت هيلين إلى شقتها في وقت متأخر.... وهي تفكر في الدعوة التي تلقتها من والدتها.... من المؤكد أنه سيكون يوما حافلا....
تذكرت الحديث الذي دار بينهما... فاتصلت بوالدها.... الذي لم يطق سماع صوتها وحددت معه موعدا في الغد.....
منعها التفكير من النوم... وفي اليوم التالي... كانت سارحة طوال اليوم وهي تفكر ولم تركز أثناء الاجتماعات... مما أثار حنق نيكولاس... صحيح أنه يريد تجنب أي خلاف معها... خاصة أنه يمر بضغط شديد.. لكنها تستفزه بتصرفها.....
انتظرت استراحة الغداء بفارغ الصبر..... وخرجت مسرعة....  لاح لها غوستاف جالسا في إحدى الحدائق الجانبية وهو يدخن سيجارة....  اشمأزت من منظره... وتقدمت منه مجبرة... بينما نظر لها باحتقار وقال: ما الذي تريدينه...
أخذت نفسا عميقا وأجابت: لقد علمت أنك طلبت من أمي أن تجهض عندما علمت بحملها.....أليس كذلك؟!
رفع حاجبه مستفهما وأجاب بلامبالاة: صحيح...
نفث دخان سيجارته... بينما أبعدت الدخان ملوحة في الهواء... ثم قالت: لماذا سجلتني على اسمك إذا بعد ولادتي....واعترفت بي...مع أنك كنت قد هجرت أمي....
نظر إليها نظرات لم تفهمها ثم أطلق ضحكة سخرية وأجاب: كيف سأصف لك ما حدث...... ليس الامر وكأنني شعرت بالحنان اتجاهك....
بادلته النظرات نفسها وردت عليه: أنا أدرك أنك لا تملك شفقة....لذلك أنا أسألك عن السبب الحقيقي...
ابتسم بحقارة وأجاب: حسنا.... لعلمك أنا كنت قادرا على إجبار فلورنسا على الإجهاض....أو قتل كليكما ببساطة خاصة أن عائلتها تبرأت منها ولن يهتم لمصيرها أحد... لكنني...لم أفعل...  اسمعيني... أنا مقامر مخضرم كما تعلمين...... وميلادك لم يكن إلا مقامرة أخرى خضتها.....
لم تصدق ما تسمع بينما أضاف: لقد فكرت أنه ربما يغير جورج رأيه بعد ميلاد حفيدته.... خاصة بعد أن أهجر فلورنسا.... وقد يسامحها....وعندها سأعود فيما بعد وأساومه عليك.... بالتأكيد فأنت تحملين اسمي....
شعرت بأنها تحتقره إلى أبعد الحدود....في حين تابع قائلا: لسوء الحظ لم يحدث ذلك... لأن جورج ديلا فيرا رجل ذكي.... لكن....لقد استفدت منك بالفعل... فهأنتِ تدفعين ديوني المتراكمة..... من كان يعتقد....
ثم أطلق ضحكة ساخرة أخرى... وهو يصفها قائلا: أنت مثل البطة التي تبيض ذهبا يا هيلين....
اكتفت من سماع كلامه وصرخت قائلة: أنت أحقر رجل قابلته في حياتي.....
لم يهتم لكلامها....فهو اعتاد على عدم احترامها له... وقال ساخرا: من المفترض أنك ممتنة لي... فقد منحتك اسما.... لقد أنقذتك من عار ان يدعوك الآخرون باللقيطة....  كما فعلت مع غيرك... هل تظنين أنك وفلورنسا أول من تعاملت معهم.....
لم تحتمل أكثر وغادرت المكان على الفور وهي تشتمه في أعماقها... لم تعلم ماهو شعورها... لكن صدرها مليء بالاشمئزاز والاحتقار بالتأكيد...
أي شخص غيرها كان ليبكي.... لكن دموعها لم تتحرك.... حتى أنها تشعر بأن روحها فارغة.....
عادت إلى عملها... وهي شبه مخذرة.... جسدها في قاعة الاجتماع لكن عقلها كان في مكان آخر... لقد سيطرت كلمات غوستاف .. على تفكيرها ولم تستطع إبعادها...
دخل بقية أعضاء مجلس الإدارة ثم دخل نيكولاس... واستغرب شرودها تماما... لا يعقل أنها لم تنتبه لوجوده....
تنهد بضيق وبدأ الإجتماع..... لم يستطع التركيز وهو يراقبها وهي تعبث بدفترها... أيا كان ما تفعله فهي لا تدون ملاحظات بالتأكيد....
انتبه أعضاء مجلس الإدارة لانزعاج الرئيس...... الذي بدا ذهنه مشتتا..... ثم قاطع هدوء القاعة صوت مزعج... أصدرته هيلين.... وهي تعبث بالقلم....بينما كان نيكولاس.... التفت الجميع إليها مستغربين فهذه هي المرة الأولى....التي تتصرف فيها بلامبالاة.... بينما....توقف نيكولاس عن الحديث ورمقها بنظرات أرعبت الحاضرين في الغرفة.... مرت لحظات....عم فيها السكون القاعة.....ليضرب نيكولاس على الطاولة بقوة ثم يهب واقفا... استفاقت هيلين ونظرت إليه بينما صرخ في وجهها قائلا: هيلين... إلى مكتبي فورا....
ثم خرج وهو بالكاد يتحكم في نفسه...
فزع الجميع... بينما ارتبكت هيلين... وخرجت مسرعة خلفه.... على الأغلب لقد نسيت نفسها وسمحت لكلام والدها السام أن ينال منها... 
شعر الجميع بالقلق.... بينما قال أوبالدو: لن أستغرب إن قام بضربها...
توتر الجميع من ملاحظته.... فقد كان غاضبا حقا... هم لم يسبق أن رأوه على هذه الحال.... بينما رد دانييل: يستحيل أن يفعل ذلك... نيكولاس... لن يؤذي امرأة أبدا.... فما بالك إذا كانت هيلين...
همس أوبالدو: مهما كان رجلا رائعا..  بمجرد أن تبدأ نوبات غضبه لا أحد يسيطر عليه... وأنا وأنت ندرك ذلك... فقد كنا شاهدين على ثوراته لسنوات...
استمع ويليام إليهما وهمس: كلامكما يقلقني... ربما الأفضل أن أذهب....لأرى...
قاطعته فاليريا وهي تستمتع بما يحصل: لا أنصحك بذلك... نيكولاس يكره أن يتدخل أحد في أموره... قد تزيد من حدة غضبه لا أكثر....
تنهد بقلق... بينما تعالت الوشوشات.... والجميع كانوا متخوفين مما سيحصل....
دخل نيكولاس مكتبه أولا وهو يغلي من الغضب.... ثم لحقته هيلين... وهي تشتم نفسها وتشتم والدها....
وقفت أمامه وهي تشعر بالخوف... رغم الفترة الطويلة التي بقيتها معه... إلا أنها المرة الأولى التي تراه غاضبا هكذا... وتمنت لو تهرب بعيدا.. لكن قد يجعله ذلك يجن أكثر....  رمقها بنظرات لم تفهمها وهو يقف أمامها مباشرة....ثم تذكرت كلامه عن أنه يصبح مؤذيا عندما يغضب.....إنه يبدو هادئا بطريقة ما... لكنها تدرك أنه سينفجر بعد لحظات.... هل يعقل أن يضربها أو أي شيء من هذا القبيل.... شعرت بالخوف.....وتراجعت خطوة إلى الوراء... لكنه جذبها من ذراعها بقوة... وأحست بألم شديد....بينما قال: إنها المرة الأولى التي يقلل فيها أحد من احترامي يا هيلين.... أنا نفسي لا أعلم كيف تحكمت في غضبي ولم أقم بتحطيم كل شيء في القاعة....
ارتعبت من لهجته بينما أضاف مهددا: صدقيني... لو أن أحدا غيرك  فعل ذلك... كان من الممكن أن أقتله ببساطة...  هل تدركين؟!
التزمت الصمت.... فالخوف أخذ منها كل مأخذ... ومنعها من الكلام.... حتى والدها الوغد لم تخف منه يوما إلى هذه الدرجة الرجل الواقف أمامها.... مخيف أكثر... إنه ليس نيكولاس الذي عملت معه لثلاث سنوات....
حدق في عينيها مباشرة... وأدرك أنها خائفة..... وهي تتألم..... ثم انتبه إلى يده التي تسحق ذراعها....خفف من الضغط على ذراعها..... وهو لا يدري... كيف أنه بمجرد النظر إليها... خف غضبه بطريقة ما...... ربما لأنها خائفة.... أو ربما لأنه لا يحب رؤيتها تتألم أو تعاني.....
مد يده الأخرى إليها.... فأغمضت عينيها بخوف.... وتساءلت إن كان سيصفعها.... لكن... بدلا من ذلك... لمس وجنتها برقة وهمس: أنا آسف لأنني أخفتك...يا هيلين.....
فتحت عينيها غير مصدقة... ونظرت إليه...... بينما أضاف بنظرة حزينة: أنا نفسي... لا أصدق..... لكنك أطفأتِ غضبي...
هذه الكلمات... وهذه النظرة... ولمسته الحنونة.... جعلت دموعها تنهمر بغزارة... ودون وعي منها قفزت إلى حضنه وهي تقول: أنا حقا... آسفة... لأنني جعلتك تغضب....
صدمته ردة فعلها... فلف ذراعيه حول ظهرها واحتضنها بقوة وهو يقول: فقط من تظنين....لقد جعلتني... أترك الاجتماع....وأنفجر غاضبا أمام الجميع... لترتمي في أحضاني ببساطة بعد أن رفضتني....
لم تهتم لكلامه.... فقط أرادت أن تبكي في حضنه الدافئ.... لقد احتاجت ان تفعل ذلك منذ وقت طويل... إنه أكثر ملجأ آمن لها...... أحست به يربت على ظهرها بحنان.....وبكت إلى أن ارتاحت تماما.... 
مسح دموعها بحنان....بينما أجلسها على الأريكة المريحة وهو يقول: هيلين.... ما الذي يحدث معك...؟!
تذكرت ما مرت به.... خلال هذه الفترة وكل ما خطر ببالها ان تقوله هو: نيكولاس... مهما كان والدك شخصا سيئا... فهو بالتأكيد لن يكون أسوأ من والدي صدقني....
استغرب سماع كلامها ورد بقلق: ما الذي تعنينه ما الذي فعله والدك يا هيلين... هل تأذيتِ؟!
هزت رأسها نفيا ولم تعلم بماذا تجيبه وهمست: لقد قال أنه لم يرد إنجابي في البداية....لكنه غير رأيه... لأنه بالتأكيد سيستفيد مني بطريقة أو بأخرى....
أثارت كلماتها الشك في نفسه.... وتساءل عما يحدث.... لم يرد الضغط عليها... وتمنى لو أنها تخبره أمورا أكثر... لكنها اكتفت بالبكاء في أحضانه....
ربت على شعرها بحنان....وهو يقول: أنا أيضا... مررت بالكثير خلال الفترة الماضية...
أصغت إليه بينما أضاف: لقد أخبرت جدي... أنني لست جادا بخصوص ديانا.... لكنه غضب كثيرا وارتفع ضغطه.... وكان من الممكن أن ينتهي الأمر بطريقة فظيعة... وفي النهاية اضطررت للموافقة... لأنني لا أريد أن أسبب الأذى له... فهو كان لي كل شيء بعد وفاة والدتي.....
تفهمت موقفه... إذا هو لم ينسى نيكيتا.... وحتى بالرغم من كونه مرتبطا بديانا إلا أنه ليس سعيدا....
أحاط خصرها وجذبها إليه.... ورفع رأسها باتجاهه وهو يقول: أنا حقا.... بحاجة إليك...
لم تفهم قصده..... بينما التقت عيونهما للحظة... ولمحت شيئا غريبا في نظراته.... انحنى إليها ليقبلها.... بينما بقيت ساكنة... 
لكن أوقفه طرق على الباب... أطلق شتيمة... ثم ابتعد عنها وسمح للطارق بالدخول... ليفاجأ بدخول جده الذي كان قلقا......نظر إلى كليهما ثم قال: هيلين... هل أنت بخير؟!
استغرب كلاهما كلامه.....بينما أجابته: أنا بخير يا سيدي... لكن ما الذي يدعوك لقول هذا؟!
أشاح نيكولاس بنظره عنه... بينما قال الجد بعد أن ظهر الارتياح على وجهه: اتيت للشركة لأناقش نيكولاس في موضوع مهم.... لأتفاجأ باوبالدو ودانييل يخبرانني... أنه تعرض لنوبة غضب حادة وقد يؤذيكِ...
شعرت هيلين بالسوء.... بينما انزعج نيكولاس ورد عليه: جدي... مهما كنت رجلا عصبيا... يستحيل أن أؤذي امرأة... فما بالك بمساعدتي هيلين....
ابتسمت لسماع ذلك بينما جلس الجد وهو يقول: يسرني سماع ذلك... يا بني.... آمل ألا يؤذي أي منكما الآخر يوما...

تناديه سيدي الجزء1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن