مرت بضعة أيام وهيلين تفكر في طريقة لحل تلك المشكلة.... مع أن كل ذلك ليس من شأنها.... تنهدت بضيق وهي تدخل مكتب نيكولاس الذي استدعاها....
نظر لها ببرود... هو ما يزال غاضبا منها بسبب الحادثة الأخيرة.... لكن ما باليد حيلة.... مد يده لها وناولها شيئا.... استغربت وهي ترى تذكرتي سفر بينما قال باختصار: نتائج عملك في قسم المبيعات... بدأت تعطي ثمارها.... لذلك إنها مكافأتك يا هيلين.. رحلة لشخصين... إلى لندن....
سابقا كانت لتفرح بسماع ذلك... فهي طالما كانت تتوق إلى السفر.....وتمضية عطلة.... لكن.. الآن أكثر ما تحتاجه هو المال وليس تذكرتي سفر......
ترددت قليلا ثم وضعت التذكرتين على المكتب وهي تقول: أرجو المعذرة... لكنني لا أستطيع قبولها.....إذا كنت تريد مكافأتي.. أنا أفضل مكافأة مالية يا سيدي..
رفع حاجبه غير مصدق لوقاحتها.... هل كل ما يهمها هو المال.... نظر لها ببرود وقد زادت خيبة أمله بها ورد عليها: لقد منحتك مكافأتك... وأنت رفضتها... انتهى الأمر....
أرادت مناقشته ... لكن نظراته القاتلة أسكتتها.... خرجت من المكتب.... دون أن تنتبه لفاليريا التي كانت تسترق السمع... ابتسمت بخبث... يبدو أن قريبتها... تحب المال كثيرا.... وستستغل هي ذلك لصالحها....
خرج نيكولاس من مكتبه... وهو يشعر بالضيق... ليجد فاليريا واقفة هناك...ابتسمت له وقالت: هل يعقل انك تشاجرت مع هيلين؟!
اكتفى بنظرة أسكتتها وغادر على الفور... بعد أن اتصلت به ديانا...... ذهب للقائها... وجلسا معا في أحد المطاعم في طاولة هادئة.....
بدت له انها تشعر بالقلق بطريقة ما.... وتساءل ما الكلام المهم الذي ستقوله له ....
أنهت وجبتها وشربت كأسها.... وهي مترددة... بينما اكتفى من مماطلتها وقال: لما لا تتحدثين مباشرة يا ديانا....
وضعت يديها على الطاولة بتوتر وقالت: نيكولاس... موعد زفافنا... يقترب يوما بعد يوم.... وهناك أمر أريدك ان تعرفه قبل أن نتزوج....
رفع حاجبه مستفهما.....بينما أضافت وقد استجمعت شجاعتها: نيكولاس.... قبل زمن بعيد.... تعرضت لحادث.... وأنا لست عذراء....
فكر في كلامها للحظات وهو صامت مما زاد من قلقها....نيكولاس... الذي تعرفه كان ليغضب ويصرخ في وجهها.... لكنه الان... يبدو غريبا....
ابتسم بسخرية وقال: صدقا... كل النساء متشابهات... ولا توجد امرأة نظيفة واحدة..... كل ما يهمكن هو المال....ولا تعطين أي قيمة لكرامتكن أو اي شيء آخر...
امتلأت عيناها بالدموع وردت عليه: الأمر ليس كذلك.. أخبرتك أنني تعرصت لحادث....
قاطعها قائلا ببرود: ديانا... لا أريد ان تربطني بك أي علاقة بعد الآن....
تركها وسط صدمتها وغادر على الفور...
استقل سيارة الليموزين.... وهو يفكر... هذه المرة مهما حدث هو لن يعود عن قراره..... حتى لو غضب جده....
لقد كان مغفلا عندما اعتقد أن ديانا ... قد تكون مختلفة.... سواء هي أو هيلين... جميعهن متشابهات....
الأفضل له أن يعود إلى طبيعته... ويتسلى كما اعتاد دائما... دون التورط في علاقة جادة... مع أي امرأة...
عاد إلى مكتبه... سيخبر جده انه يريد الانفصال....قبل ان يتم التحضير للزفاف... إنه ممتن لأنها اكتشف هذا الآن....
رن هاتفه.. وانزعج لرؤية....رقم ديانا... أغلق الهاتف...
ووضعه جانبا.... ثم دخلت هيلين مكتبه....وقالت: سيدي.... لماذا طبتني؟!
تذكر السبب وقال ببرود: لقد تلقيت اتصالا مستعجلا قبل قليل... سيصل أشخاص مهمون بعد قليل لنعقد اجتماعا معهم... إنهم من شركة تجارية....
أومأت برأسها إيجابا.... وبعد لحظات توجهت رفقته إلى قاعة الاجتماعات بعد أن أبلغتهما تانيا بوصول الضيوف....
وفور دخولهما صدمت هيلين وهي ترى.... لوسيانو... جالسا بغرور... وابتسم بمكر فور رؤيتها .....صافحه نيكولاس.... ثم مد يده إلى هيلين... التي شعرت بالضيق....وهي تصافحه... بينما بدت التسلية على وجهه... لو علمت أنه الضيف القادم... لحذرت نيكولاس منه مسبقا... إنه رجل وغد ولا يمانع اللجوء إلى طرق ملتوية...في سبيل الحصول على ما يريد....
انضمت إليهم فاليريا.... وبدأوا الاجتماع... وهيلين تتجنب النظر إلى لوسيانو.... بينما لم يرتح له نيكولاس.... فهو يبدو بطريقة ما....مثيرا للريبة.... ونظراته مستفزة.... انتهى الاجتماع... وقد توصلوا إلى اتفاق يرضي الطرفين... ثم صافحه نيكولاس مجددا وغادر الغرفة بعد أن طلب من هيلين مرافقة لوسيانو إلى الخارج... شعرت هيلين بالضيق...لماذا اوكل إليها هذه المهمة البغيضة...
سارت جنبا إلى جنب رفقة لوسيانو.... ووقفا أمام المصعد ليقول بابتسامة ماكرة: آنسة هيلين... لننزل الدرج هذا أفضل من الانتظار... كما أنني أريد التحدث إليك في موضوع مهم....
أصغت فاليريا لذلك... وقررت اللحاق بهما....
ارتبكت هيلين.... بينما همس لها: ٱن لم تأتي... أنا لا أمانع إخبار رئيسك بالعرض الذي قدمته لي عائلتك.... رافقته مجبرة... وهي تلعن حظها... لم كل هذه المشاكل دفعة واحدة.... ستجعل والدتها تندم على توريطها مع هذا الوغد...
شعرت بالتوتر.... فجميع الموظفين يستخدمون المصاعد.... لذلك فإن الدرج يكون خاليا تماما في العادة....
نزلت الدرجات بهدوء... وهي تشعر بالقلق.....من التزام لوسيانو الصمت....
إلى أن توقف فجأة... بعد أن تأكد أنهما ابتعدا عن الآخرين....
ترددت بينما قال بحقارة: كيف تجرؤين... على رفض... عرضي لك... أيتها الفتاة.... ؟!
نظرت له بانزعاج وأجابت: من تظن نفسك....هل تعتقد أنني سأقبل بمجرد أن تطلب... أنت رجل مجنون...
ابتسم بسخرية وهو يتأملها من رأسها إلى قدميها... واشمأزت من نظراته وهو يقول: مع أنني أخبرتك أنني سأدفع جيدا... مقابل ما تقدمينه لي... حتى أنني.... أتيت إلى هنا فقط من أجلكِ.... أنا لست مهتما بالشراكة... مع رجل أعتبره منافسي....
ابتسمت فاليريا بخبث وهي تسمع ذلك.... معرفة هذا سيفيدها كثيرا.... لتلقي بهيلين خارج الشركة... بعد أن تحرض نيكولاس ضدها.... بينما أضاف: لنحل المسألة بطريقة حضارية.... ولا تنسي أنني لست المذنب... أنت تعرفين المذنب الذي ورطك في هذا جيدا....
تغيرت ملامحها وشعرت بالمهانة وهي تجيب: ما الذي تقصده بأن نحل الأمر بطريقة حضارية...
ابتسم وأجاب: اقبلي دعوتي اليوم على العشاء... وسنتحدث بخصوص ما حدث...
تنهدت بعمق وأجابت: لا مانع لدي ما دمنا سنتحدث فقط ....
ابتسم بمكر وأخبرها بالعنوان...ثم قال: سأغادر الآن...
ابتسمت فاليريا...بعد ان سمعت العنوان... يمكنها الآن أن تحيك خطة محكمة... لينقلب نيكولاس ضد هيلين...
صعدت الدرج بهدوء كي لا يلاحظاها... بينما مد لوسيانو يده لهيلين... لتصافحه ترددت فقال: لنكن أشخاصا متحضرين يا آنسة....
تنهدت بعمق ومدت يدها لها.... فجذبها إليه... ليلتصق جسدها بجسده... صدمت بما يفعل بينما أحاط خصرها بإحكام يمنعها من الابتعاد وقال بحقارة: صدقا كلما زاد صدك لي كلما زادت رغبتي بكِ...
شعرت بحرقة الدموع في عينيها وهي تحاول الابتعاد عنه... وهي تقول: هل هذا هو مفهومك عن التحضر؟!
أطلق ضحكة خافتة... ثم اعتصرها بين ذراعيه وهو يهمس في اذنها: لم أعد مهتما... بسرقة المعلومات من نيكولاس بقدر ما أريدك أيتها الجميلة... انتابها مزيج من الخوف والاهانة... وكل ما خطر ببالها هو نيكولاس....تمنت لو أنه يأتي الآن لينقذها من هذا الرجل المخبول....لكن للأسف ذلك لن يحدث....
حاولت مقاومته وهي تشعر بذراعيه تحيطان جسدها.... إن استمر الوضع هكذا... فهذا المخبول سينال منها بالتأكيد... نزلت دموعها وقالت متوسلة: أتوسل إليك... أنت ستسبب لي فضيحة في مكان عملي...
شعر بالتسلية....وهو يرى تعابيرها... فاقترب من أذنها وهمس: إن تركتك الآن ما الذي يضمن لي أنك ستحضرين مساء ...
نظرت إليه بعيون دامعة وقالت: سوف أحضر... فقط ابتعد عني الآن...
تأمل وجهها ونظرة إعجاب على وجهه ثم همس وهو يداعب وجنتها: إن لم تحضري أعدك... أن يعلم مديرك بكل شيء ... وعندها...
قاطعته قائلة وهي تبكي: أخبرتك أنني سآتي... أقسم لك....ماذا تريد أكثر من ذلك.....
ابتسم بحقارة وهمس وهو ينظر في عينيها: أريدك أن تقبليني...
ثم حول نظر إلى شفتيها.... شعرت بالمهانة....وأحنت رأسها.... يبدو أن قدرها هو أن تعاني..... بينما همس لها: أنا انتظر....
رفعت نظرها إليه...وكل ما ببالها هو نيكولاس... إنه الوحيد الذي قبّلها.... وهي لا تريد أن يلمسها أحد غيره.... ابتسم... لكن سرعان ما اختفت ابتسامته.... عندما سمعا وقع خطوات تنزل الدرج....
أفلتها وهو يقول: أنت محظوظة... لكن إن لم تحضري مساء سأجعلك تندمين...
خرج بسرعة... بينما مسحت دموعها... وهي تشعر بالامتنان..... لكن ما دام ذا الرجل يهددها فهي لن تهنأ أبدا... عليها أن تجد طريقة للتخلص من تهديداته لكن كيف...
التفتت إلى الشخص الذي ينزل للدرج... وشعرت بالامتنان وهي ترى ويليام امامها... استغرب تواجدها هناك وقال وهو يتقدم منها: هيلين... ما الذي تفعلينه هنا؟!
ودون أن تدري ارتمت في أحضانه وهي تقول: ويليام... أنت أنقذتني شكرا جزيلا لك...
لم يفهم شيئا وسط نوبة بكائها...لكنه احتضنها وربت على ظهرها بحنان وهو يقول: لا أعلم ما فعلته لتشكريني.... ولكن يسرني أنني ساعدتك...
استمرت في البكاء لفترة... ثم هدأت بينما ذهبت رفقة ويليام إلى مكتبه... قدم لها كوبا من الماء... ثم أخبرته عن قصتها مع لوسيانو....
شعر بالغضب وقال: لا اصدق ان والدتك قد تفعل أمرا كهذا... هيلين... إنه رجل مجنون... عليك التقدم بشكوى ضده...
تنهدت بعمق وأجابت: ليس لدي أي دليل ضده... كما أنه رجل أعمال معروف وقد يقوم برشوة رجال الشرطة...
ناهيك عن أنني قد أفقد وظيفتي إن تورطت في مشكلة قضائية....
تنهد بضيق ورد عليها: في هذه الحالة الطريقة الوحيدة للتخلص من تهديداته هي بإخبار المدير الحقيقة كاملة....
هبت واقفة وهي تقول: يستحيل أن أفعل... إنها إهانة أن أخبره أن أمي وزوجها يخططان لبيعي لرجل مخبول...أفضل الموت على ذلك...
وقف هو الآخر وقال: لكن أن تنكسري أمام الرئيس أفضل بكثير....من أن تتأذي... لا أحد يعلم ما قد يفعله... خاصة أنه يعرف عنوانك الآن...
أحنت رأسها... فشعر...بالأسى عليها وأضاف: حسنا سنجد حلا ما.... أولا علينا إيجاد شقة جديدة لك... هناك شقق للايجار... في الحي الذي أقيم فيه... سووف أتحدث مع المالك ونرى ما يمكننا فعله... اتفقنا...
شعرت بالامتنان له... وأومأت برأسها إيجابا... ثم تابع قائلا: هل أنت متأكدة...من أنك ستقابلينه اليوم.. أنا لست مرتاحا... خاصة بعدما فعله منذ قليل....
نظرت إليه بحزن وأجابت: أنا مضطرة لذلك.... وإلا سيخبر نيكولاس..... كما أن اللقاء سيكون في مكان عام.... لا تقلق...
أومأ برأسه إيجابا وقال : عموما... إن حدث شيء اتصلي بي وسأكون هناك على الفور...
ابتسمت له بامتنان وقالت: شكرا جزيلا لك... أنت صديق حقيقي يا ويليام....
ربت على كتفها بلطف وقال: لا بأس... المهم أن نجد حلا بأسرع ما يمكن....
انتهى الدوام سريعا... وخرجت هيلين أولا.... أمامها أقل من ساعة على اللقاء... وهي خائفة جدا... لكن ليس أمامها خيار آخر غير الذهاب...
خرج نيكولاس من مكتبه... ليجد فاليريا تبتسم بمكر... رفع حاجبه مستفهما بينما قالت: أعلم أنك ستجد صعوبة في تصديق ما أقوله.... لكن....إنها الحقيقة... هيلين ليست محتشمة كما تعتقد بل هي فتاة رخيصة... تفعل أي شيء من أجل المال...
إنه يعلم أن هيلين تحب المال... وما حدث هذا الصباح خير دليل على ذلك... لكن....
أضافت قائلة: أنا نفسي لم أصدق... عندما سمعتها تتحدث مع لوسيانو.. بعد أن غادرت.... لقد فهمت من حديثهما أن لوسيانو يدفع لهيلين... مقابل خدماتها... حتى أنه.... قال أنه مهتم بها.......
اكتفى نيكولاس من سماع ذلك وقال: فاليريا...قد تكونين محقة.... لكن لا يمكنني أن أثق بك أيضا... بعد سرقت الفاتورة... وكدت تورطين هيلين في مشكلة كبيرة...
ترددت...ثم قالت: أنا أملك دليلا على كلامي... بمجرد أن ترى بنفسك أنا واثقة من أنك ستصدقني... إنها مجرد فتاة رخيصة....
نظر لها بشك ورد عليها: أي دليل تقصدين....
ابتسمت بمكر وأخبرته أن هيلين... ستلتقي لوسيانو في مكان معين.... بعد أقل من ساعة.... فكر للحظات بينما أمسكت فاليريا ذراعه وهي تقول: فلنذهب سوية... وإن كان كلامي كذبا... يمكنك أن تفعل ما تشاء...
استقلا سيارته....وهو يفكر.... الأمر لا يعنيه أساسا... لماذا هو ذاهب... أليس تصرفها هذا الصباح دليلا قاطعا... لماذا هناك صوت داخله يخبره أنها ليست كذلك....
وصلت هيلين إلى ذلك المطعم في الوقت المحدد... كانت ترتدي ملابس عادية....وابتسم لوسيانو بمكر وهو يراها... تقدمت منه ببطء... والخوف يسيطر عليها... لكن ليس هناك ما يمكنه فعله.... المكان مليء بالأشخاص....
جلست مقابله بينما قال: لقد أتيت فعلا... فتاة جيدة...
تجنبت النظر إليه وهي تقول: أنت قلت أننا سنسوي الأمر بطريقة حضارية.... لذا...
ابتسم رغما عنه وقال: لنتناول العشاء أولا... ثم نتحدث لماذا أنت مستعجلة....أيتها الجميلة.....
ابتلعت ريقها بصعوبة... إنه يحاول اللعب على أعصابها على ما يبدو..... وضع النادل الطعام أمامهما....لم ترغب في الأكل... بينما نظر إليها بسخرية وقال: ٱن لم تأكلي... فلن نتوصل إلى اتفاق... تعلمين لا يمكنك التفكير جيدا بمعدة خاوية....
إنه يستفزها بتصرفاته... أما هي فقد صارت كالقشرة الهشة.... إن واصل الضغط عليها ستنفجر إلى مئات القطع....
تناولت لقمة صغيرة.... وشربت كوبا من الماء... وراقبته وهو يستمتع بوجبته... وهي تلعنه في أعماقها... من أين ظهر هذا الرجل المخبول فجأة...
وصل نيكولاس وفاليريا إلى ذلك المطعم..... ودخلا القاعة الرئيسية.... وصدم نيكولاس وهو يرى هيلين جالسة رفقة لوسيانو... بينما قالت فاليريا بابتسامة ماكرة: أرأيت... أنت تصدقني الآن أليس كذلك...؟!
شعر بالدم يغلي في عروقه.... هل يعقل أن هيلين.... هي ذلك النوع من النساء ....
راقبته فاليريا بتسلية وهي تمسك بذراعه...وهمست: لنغادر.... يمكنك محاسبتها غدا...
سحب ذراعه منها... واتجه نحو هيلين ولوسيانو وهو يتوعد لها... سيلقنها درسا لن تنساه... لحقته فاليريا...
لمح لوسيانو نيكولاس... يقترب وابتسم بمكر ثم نظر إلى هيلين... وأخرج صكا بمبلغ كبير وناوله إياها وهو يقول: سأمنحك هذا المبلغ... مقابل ليلة واحدة ما رأيك...
وقف نيكولاس مشدوها... وابتسمت فاليريا... بينما تأملته هيلين... وفي نفسها مزيج من الكره والحقد... رمقته بنظرات احتقار بينما ابتسم وأضاف: إذا كان المبلغ غير كافٍ...يمكنني مضاعفته... بشرط...
صمتت هيلين للحظات... بينما تطلع نيكولاس لجوابها.... وكأنه ما زال في اعماقه... يتمنى أن يكون الأمر كله كذبة.... أما فاليريا... فقد شعرت بالتسلية وهي ترى هيلين في هذا الموقف....
نظرت هيلين في عيني لوسيانو مباشرة وأجابت: لو كنتُ ذلك النوع من النساء... كنتُ سأفضل قضاء ليلة مع مديري... بدلا منك....
صعق لوسيانو بجوابها.... وانزعجت فاليريا... فبعد أن كادت خطتها تنجح... هيلين أفسدت كل شيء... بينما أضافت: في النهاية.... السيد نيكولاس... أفضل منك بكثير.... وليس حقيرا مثلك....
شعر نيكولاس بارتياح عظيم وهو يسمع جوابها....ثم اقترب منهما أكثر.... لتصدم هيلين برؤيته وهبت واقفة وهي تقول بخوف: سيدي لا تسئ الفهم رجاء...
أشار لها أن تصمت بينما نظر إلى لوسيانو بسخرية وقال: أعتقد أن الرد الذي أخذته كان كافيا...
ثم رمقه بنظرات مهددة وأضاف: إياك... والتجرأ على الاقتراب منها مجددا... والأهم من ذلك... اعتبر الصفقة التي بيننا قد ألغيت... وإياك والتفكير في دخول شركتي مجددا....
تبادلا نظرات غاضبة.... وخشيت هيلين أن تحدث مشكلة ما....هي لا تريد أن يتورط نيكولاس بسببها...
أمسكت ذراعه وهي تقول: سيدي أرجوك... فلنغادر....
حاول أن يهدأ ثم أخذها من يدها وغادرا....
بقيت فاليريا مشدوهة....بينما راقبهما لوسيانو... وهو يتوعد لهما.... سيحصل عليها... طال الوقت أم قصر... سيجد طريقة ما بالتأكيد.....
استدعى نيكولاس سائقه ويلكينس..... بينما كانت هيلين تنظر إلى الأرض.... هي لا تستطيع احتمال أن نيكولاس رآها في هذا الموقف المهين.... كل ذلك بسبب والدتها.... لن تسامحها أبدا...
نظر إليها نيكولاس وقال: لماذا... لم تخبريني شيئا...؟!
أحنت رأسها وأجابت بصوت مخنوق: لم أرد... أن ازعجك بمشاكلي الخاصة....
لم يجب على كلامها... وما هي إلا لحظات حتى وصلت سيارة الليموزين.... أخذها من يدها واستقلا السيارة... وانطلقت فورا...
شعرت هيلين بالتوتر.... وهي تجلس إلى جانبه.... وهي تتساءل لماذا لم يقل شيئا لحد الآن...
رفعت نظرها إليه... فوجدته ينظر إليها ثم قال: ألن تشرحي لي شيئا....
لم تفهم النظرة في عينيه...... لكنها أجابت مرغمة: زوج والدتي في حاجة إلى المال وقد طلب المساعدة من لوسيانو... لكنه على ما يبدو لا يفعل شيئا دون مقابل...
نظر لها بلوم وسألها: لمَ لمْ تخبريني من قبل؟! كنت سأساعدك بالتأكيد... لكنّك.... جعلت الأمر يتعقد...
تجنبت النظر إليه وأجابت: يستحيل أن أطلب منك مالا..... حتى أنني لم أسدد ديوني لك بعد...
أمسك يدها وسألها: ماذا تظنينني؟!
قاومت دموعها وأجابت: عندما كان الأمر من أجلي... لم ارفض أخذ مالك.... لكن هذه المرة الأمر مختلف....
حاول المحافظة على هدوئه وهو يقول: ألا تثقين بي؟!
نظرت إليه مباشرة وأجابت: بلى... ولكن لقد قدمت لي الكثير..... أنا لا أريدك أن تعتقد أنني أستغلك يا نيكولاس...
أحاط وجهها بيديه وقال: هيلين... أنا لن أسيء فهمك طالما أنك صادقة معي... ولا تخدعينني.... كل ما أريده منك هو قول الحقيقة... هذا كل شيء...
انهمرت دموعها.... ليت بٱمكانها ٱخباره بكل شيء... لكن في المقابل قد يتعرض للخطر... وعندها لن تسامح نفسها أبدا....
ابتسمت بحزن وهمست: نيكولاس.... أنا لم أكن صادقة في المرة الماضية... أنا لا أعتبرك مجرد مدير.... أنا أعتبرك صديقا.... وأتمنى أن تعتبرني... صديقة أيضا...
مع أنه لا يريد أن تكون علاقتهما مجرد صداقة.... لكن... لا بأس بذلك كبداية...
احتضنها بحنان وهو يهمس لها: أتمنى ألا تمانعي... بما أننا أصدقاء...
شعرت بالتوتر... لكنها أحاطت ظهره بذراعيها وهي تجيب: لن أمانع...
صدقا....طالما تمنت أن تبكي بين أحضانه... لقد كانت خائفة حقا.... لكن الآن... كل ذلك الخوف زال... وتمنت لو يتوقف الوقت....
مرر يده في شعرها وهو يهمس: هيلين... هل أنت واثقة أنك... لا تحتاجين مساعدة مني؟!
أسندت رأسها إلى صدره وهي تجيب: هناك أمر يدور في رأسي.... ٱن لم ينجح... أعدك أن ألجأ إليك...
تشابكت يداهما.... وهمس: هيلين... لقد انفصلت عن ديانا....
اتسعت عيناها ونظرت إليه بينما قالت: لكن... لماذا... أقصد....الزفاف قريب...
تغيرت ملامحه وأجاب: لقد كذبت عليّ.... إنها ليست...
فهمت هيلين قصده وأحنت رأسها... بينما نظر لها بشك وسألها: هل كنتِ تعلمين؟!
ترددت قبل أن تجيب: أجل... هي أخبرتني... قبل فترة... وقالت أنها ستخبرك قبل الزفاف....
نظر إليها بلوم بينما أضافت: لا تسئ الفهم... إنه أمر خاص بها... ولا يمكنني... إفشاء سرها دون إذن منها... خاصة أنها تعرضت لحادث...
قاطعها قائلا: آسف لكنني أجد صعوبة في تصديق ذلك..... وحتى لو كان الأمر كذلك....
انتابها شعور بالحزن وأجابت: ماذا تقصد؟! ربما كانت صادقة.... سيكون من القسوة... أن تعاملها هكذا.. خاصة أنها لم تخدعك... وكانت شجاعة لتعترف لك...
أفلتها وهو يشعر بالغضب وقال: هل تقولين أنني مخطئ... ؟!
هزت رأسها إيجابا وقالت: أجل أنت مخطئ... ديانا تحبك..... وقد فعلت الكثير من أجلك....
لم يصدق ما يسمع وقال: أنا لن...أتزوج امرأة لمسها غيري....
نظرت له بسخرية وردت: لكنك واعدت الكثير من النساء أيضا....
تبادلا نظرات لوم وقاطعهما.... هاتف نيكولاس...
أجاب بضيق وهو يرى رقما مجهولا.... إنها والدة ديانا وقد كانت تبكي.... لأن ابنتها قد حاولت الانتحار... بعد أن انفصل عنها....وهي الآن في المستشفى....
صدم نيكولاس بما يسمع...وعادت إليه على الفور... صورة والدته التي انتحرت... بعد أن هجرها والده....
شعرت هيلين بالقلق وهي ترى شحوب وجهه... أمسكت يده وقالت: نيكولاس... هل كل شيء على ما يرام؟!
نظر إليها وهمس: ديانا حاولت الانتحار بسببي...
صدمت هي الأخرى... وأول ما شعرت به هو شعور قاتل بالذنب... فهي من أحضرت ديانا وجعلتها تتقرب إلى نيكولاس.... إن أصابها مكروه فهي لن تسامح نفسها...
وصلا إلى المستشفى....
ووجدوا كلا من والدتها التي تبكي... ومارغريت التي كانت تخفف عليها... والجد ديون وكذلك ويليام.... شعرت هيلين بالسوء وهي ترى صديقها... رغم انها لم تقصد إلا أنها تسببت في الكثير من الأذى له... مؤكد أنه يكرهها الآن ولن تلومه....
رمق ويليام نيكولاس بكره... وخشيت هيلين أن تحدث مشكلة... فأمسكت ذراع ويليام وهي تهمس: اهدأ رجاء... نحن لا نريد أن تتعقد الأمور...
حاول التحكم في نفسه... بينما خرج الطبيب... وأسرع نيكولاس ناحيته بينما قال: لحسن الحظ لقد أسعفت في الوقت المناسب وقد أجرينا لها غسيلا للمعدة... وهي بخير الآن...
شعر نيكولاس بالارتياح والامتنان لأنها بخير....
وكذلك ويليام....التفتت إليه هيلين لتراه يبتعد مغادرا على الأغلب....ولم تستطع منع نفسها من اللحاق به....
في حين أشار الجد لحفيده بأنه يريد التحدث إليه على انفراد....رمقه ديون بغضب وقال: متى ستتوقف عن أنانيتك يا نيكولاس.... بسببك ديانا كانت ستقتل نفسها... إذا كنت لا تريدها....لماذا خطبتها منذ البداية... ومنحتها أملا وجعلتها تتعلق بك..... ؟!
لم يعلم نيكولاس ما يقول....فكل شيء حدث بسرعة....وهو نفسه لم يفهم سبب تصرفاته... لكن ما هو على يقين منه... هو أنه كان محقا عندما قرر الانفصال عنها....
بينما صدمه جده وهو يقول: أتعلم.... في الحقيقة... بعد ما حدث اليوم... تأكدت من شيء واحد... هو أنك لا تختلف عن والدك....
تقبل نيكولاس كلمات جده... فقد خطر له الأمر نفسه وهو في طريقه إلى المستشفى... ولحسن الحظ أنها نجت....وإلا كان الندم سيلاحقه طوال حياته...
أسرعت هيلين باتجاه ويليام الذي كان في داخله مزيج من الحزن والفرح.. فهو سعيد لأن ديانا نجت... لكنه حزين أيضا.... فلو لم يتركها قبل سنوات... ما كان كل هذا ليحدث.....
شعر بمن يمسك يده فالتفت ليجد هيلين التي قالت والدموع في عينيها: أنا حقا آسفة...... كل ما يحدث هو بسببي....أنا واثقة أنك تكرهني الآن ولا ألومك على ذلك....
نظر لها بحزن وأجاب: لا.... أنا لا أكرهك... ربما أنا ألومك بعض الشيء... لكنني ألوم نفسي أكثر..... فلو أنني حافظت عليها قبل عدة سنوات... كانت الأمور لتكون مختلفة الآن بكل تأكيد....
ربتت على كتفه بحنان وهدأته قائلة: لا أبدا.... مهما حاولنا لوم انفسنا... لا يمكننا تغيير قدرنا... قدركما أن تنفصلا في ذلك الوقت... وتلتقي هي بنيكولاس... وأن تحاول الانتحار أيضا...
هز رأسه إيجابا وهمس: أنتِ محقة..... قدري أن أحبها... وأن أراقبها وهي تخاطر بحياتها من أجل رجل آخر....
مدت ذراعيها إليه واحتضنته وهي تقول: أرجوك ألا تعذب نفسك بهذه الطريقة... أعلم أن الأمر صعب... لكن إن لم تتقبله وتواجهه فأنت لن تتمكن من مواصلة حياتك.....
احتضنها هو الآخر وأجاب: أنت محقة تماما.... لكن الأمر سيتطلب وقتا.... ربما الأفضل أن أبتعد عن روما نهائيا.... كي لا أراها بعد الآن... عندها فقط سأتمكن من النسيان....
بعد ذلك غادر ويليام عائدا إلى منزله.... بينما عادت هيلين لتطمئن على والدة ديانا والآخرين.... ولم تجد سوى مارغريتا.... فالجد عاد لقصره ونيكولاس ووالدة ديانا دخلا للاطمئنان عليها....
رمقتها بلوم مارغريتا بلوم وقالت: كل ما يحدث بسببك أخبرتك أن نيكولاس....مزاجي.... وقد يغير رأيه في أي لحظة... لكنك... أصريتِ ونفذت ما في رأسك... وتسببت بكارثة.... لنا....
شعرت هيلين بالحزن... لكن مارغريتا محقة وهي نفسها تدرك ذلك وتؤنب نفسها..... لكن كل ذلك كان بطلب من الجد ديون أساسا.... لكن بالتأكيد... هي لن تستطيع إلقاء اللوم عليه....
كانت ديانا قد استيقظت لتوها ولم تصدق رؤية نيكولاس.... تركتهما والدتها على انفراد... بينما قالت ديانا وهي تشعر بسعادة... رغم الارهاق الواضح عليها: نيكولاس هل أتيت من أجلي؟!
لم يعلم ماذا يجيبها.... صمت للحظات ثم همس: أنا حقا آسف.... أنا لم أقصد يوما الاستهانة بمشاعرك لكن... بعد ما أخبرتني به اليوم..... لم أستطع تحمل الأمر....لكنني لم أتوقع... أنك قد تصلين لحد الانتحار...
قاطعته قائلة والدموع في عينيها: لأنني أحببتك بصدق يا نيكولاس....ولا أستطيع تخيل حياتي من دونك..... كما أنني كنت ضحية... ما الذنب الذي ارتكبته لأحاسب على خطإ لم أرتكبه.... لقد اعتقدت أن حبك لي سيجعلك تتفهمني.... لكن ما حدث...
لم تستطع كتم شهقاتها..... راقبها بحزن.... وكل ما بباله هو والدته التي انتحرت... كانت ديانا لتلاقي نفس المصير اليوم.... هو لا يريد أن يؤذي أحدا...ولا يريد أن يكون وغدا مثل والده....
تردد قليلا قبل أن يقول: لقد كنت غاضبا.... وقد تسرعت عندما قلت أنني أريد الانفصال عنك.... لكنني بحاجة إلى الوقت لتقبل ذلك.... وأفضل أن نؤجل الزفاف قليلا....
تفهمت موقفه وقالت: لا مانع لدي... المهم أن تكون متأكدا من نفسك عندما نتزوج... لا أريد أن تكون هناك أي شكوك في نفسك... أومأ برأسه ثم تركها ترتاح.... وخرج.... تطلع إلى هيلين... بأسى.... وأشار لها أن تلحقه.....
استغربت الشحوب على وجهه بينما قال: لقد اتخذت قراري... سأتزوج ديانا... بغض النظر عن كل شيء....
شعرت بسكين تغرز في قلبها.... وحاولت أن تتماسك... فهي تعلم أن هذا ما سيحدث عاجلا أو آجلا... وحتى لو لم تكن ديانا ستكون فتاة أخرى بالتأكيد... وبالتالي... فإنه من المستحيل أن يكون لها مستقبل مع نيكولاس... بالنظر إلى الفوارق الشاسعة التي بينهما...
أنت تقرأ
تناديه سيدي الجزء1
Roman d'amourهي... عالقة في دوامة....مع ديون والدها ... هو مدير لشركة كبيرة... تتسابق النساء للفوز به... ترى كيف ستتصرف هيلين مع مديرها نيكولاس.... هل ستتمكن من إخفاء أسرارها.... وهل سيتمكن نيكولاس من إذابة جليد قلبها.... الجزء الأول الجزء الثاني من الرواية (...