حياة جديدة ..1

2.2K 74 9
                                    

دخل جمال الى البيت حاملا حقيبة نديم والآخر وراءه يتبعه بتوجس وهدوء .
فتح جمال ضوء الصالة فقد كان البيت مظلم فالساعة تخطت الحادية عشر مساءا وامه واخته لا محال نيام الآن .
خطوات رزينة على السلم اعلمته بنزول امه من غرفتها فهي لن تنام ابدا حتى تطمئن على ولدها . اغلق الباب وراءه ودفع نديم بهدوء الى الامام .ظل نديم على وقفته بمشاعر مختلطة خائف غريب حزين مشتت،
انتفض على صوت امرأة نزلت من السلم في الخمسين من عمرها هكذا خمن. بملامح هادئة وديعة وقفت امامه راقبت سكناته وخلجاته ثم نزلت لمستواه واضعة يدها على كتفه وبصوت مرحب

قالت : اهلا بيك يابني أنا كريمة مامت جمال أخوك .عظم الله أجرك في اللي صار .ماعليش ده قضاء ربنا وقدره .ده بيتك زيك زي اخواتك واعتبرني زي مامتك خد راحتك يابني وكلنا جنبك .

والتفت الى جمال :اهلين يابني شكلكوا تعبانين خذوا حمام انت واخوك على ما بين ما أحضر العشاء .

ابتسم جمال لأمه وأماء برأسه وتوجه لغرفته .مشى خطوات ثم توقف واستدار الى الاخر، في غمرة تفكيره وتعبه نسيه تماما ونسي انه غريب عن هذا البيت .

تحمحم جمال واردف : أحم تعالى ورايا .

التفت اليه بعد ان افاقه من شروده ومشى باتجاهه يتبعه بخطوات ثقيلة خجلة .فتح جمال باب غرفته ودخل ووضع حقيبة نديم على الارض بجانب السرير .
يعلم انه وضع في حالة هو غير مؤهل لها فهو وبعد تلك السنين التي ظن بأنه نسي فعلة ابيه ظهر حزنه وحقده من جديد في الوسط .بينه وبين نفسه يرى ان قدوم نديم الى حياته ماهو الا عبئ عليه وعلى تسلسل خططه في حياته .يمقت اباه ويمقت كل ما يمت له بصلى .يرى في قدوم نديم هو استمرار لطغيان ابيه على حياته .لا يحب اخيه ولا يريد اي صلة به لكن رغم ذلك لا يريد أن يظلمه أو ان يتسبب في أذى له فهو لم يربى على ذلك ويخشى الله ان فعل .حوار طاحن كان يجول بداخله امام انظار الصغير الذي لحد الان لا يعي اي شيء من تسلسل الاحداث السريع بداية من خروج والديه من البيت وعودتهما مكفنين ودفنهما مباشرة ومن ثم ظهور اخيه الذي كان يسمع باسمه فقط سابقا وأخذه معه الى المدينة المجاورة ليعيش عنده مع امه واخته التي لا يعلم عنها سوى اسمها .....

استفاقا من شرودهما على صوت كريمة تحثهما على الاسراع .التفت نديم لجمال ينتظر اي امر منه لا يدري لما فعل ذلك لكن اصبح لديه شعور انه تحت مسؤولية الآخر الكاملة .
التفت اليه جمال وخاطبه بصوت جامد : الحمام بالغرفة اهو تفضل،وعلى ما تكمل انزل على تحت ، ماتتأخرش على العشاء .

توجه الى حمام مباشرة .وخرج جمال الى حمام البيت غسل وجهه ومسح عنه بعض آثار التعب .فهو لم يأخذ اجازة حتى، لكي لا يطالب بالسبب ويتحتم عليه تقبل واجب العزاء على ابيه الذي قد مات في قلبه منذ سنين .

نزل وجد امه في انتظاره ترقب مجيئه بحنوا لطالما اعتزت به بين اهلها وجيرانها فهو ابنها وسندها الذي رعاها اكثر مما فعلت بسبب ماحصل في الماضي وقف معها وبجانبها دائما لم يثقل عليها ابدا كان مراعيا لحالتهم ولم يتعبها ابدا في تربيته .

التفتت اليه : ربنا يخليك لاخوك هو محتاجك جنبه .عارفة المسؤولية عليك كبيرة بس بردو انت قدها واحنا معاك متخفشي .خاف ربنا فيه وراعيه وحيكون سندك كمان زي مانت حتكون سندو .

زفر بثقل وأراد تغيير الموضوع تماما لانه لان لم يتقبل فكرة اخ جديد له .هتف : هي نور نامت هي بخير .

كريمة : بخير ياحبيبي انت تعرف الكلية وتعبها .

في تلك اللحظة نزل نديم على استحياء يجول ببصره في الصالة الى ان حثته كريمة على الاقتراب : تعالى يابني متتكسفش .قرب يا حبيبي .

ابتلع ريقه الناشف واقترب على مضض .جلس على كرسي قريب من جمال .هتفت كريمة : انا طالعة انام دلوقتي .حخليكم تاكلوا واطلعوا ناموا .جمال انا طلعتلك حاجات النوم تبقى تفرشهم لنديم في اوضتك وبكرة نتصرف ..

..كانت تحاول ترك وقت لهم بمفردهم لعل قلب جمال يلين نحو اخيه .تعلم ان الامر صعب فما عانياه من ابيه لا يغفر .لكن يبقى نديم بعيد كل البعد عن مااقترف والده .ذهبت الى غرفتها تصلي قيامها وتدعوا لهم الرحمان بأن يجمع قلبيهما كما جمعهما بعد كل تلك السنين .

التفت جمال الى القاعد بجنبه بعد ذهاب امه وخاطبه بلهجة امرة جافة : كمل اكلك وتعال معايا حتنام في أوضتي اليوم .

توقف نديم عن الاكل الذي لم يتعدى عدة لقيمات بسيطة .التفت الى الجالس يقربه بعدما سمع ماقال ونهض من كرسيه يتبعه باستكانة .

فرش جمال الفراش والاغطية وابعدها عن السرير قليلا حتى لا يخطوا عليه عند نهوضه فجرا لأداء صلاته .

جمال: تعالى غير اواعيك ونام هنا .
استجاب نديم فورا وذهب لحقيبته يخرج منها بيجامته المفضلة وذهب للحمام للتغيير .بعد دقائق ذهب لفراشه و استلقى عليه بعقل شارد و مضطرب الى ان غافاه النوم .
كل ذلك تحت انظار جمال الذي كان يراقبه .يبحث عن شبه به او بوالده لم يجد الا توافقا في لون العين والشعر فملامحهم مختلفة كل واحد فيهم أخذها من أمه .
لم ينم ليلتها يقتله التفكير في الماضي والمستقبل .وما يزيده الما تقبل امه اضطرار كما يظن لذلك النديم ابن ضرتها .
لا يدري أن أمه لديها من الاخلاق والدين ما يجعلها راضية بأقدار الله وقد تكون فرحة ايضا بانضمام اخ لولدها لعله يكون له السند والعون في المستقبل .
--------------
اول محاولة ليا في الكتابة .فبجد اعذروني على اغلاطي واخطائي .
#جمعة مباركة .وان شاء الله تكونوا مانسيتوش قراءة سورة الكهف

إنصاف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن