٢ نُوڤَمبِر ١٩١٦
_______قَد مَر وقتَاً طويِل مُنذ أن رَأيتُ عَائِلَتي
أُمِي، يَاسمِين، العَمه أميِره أيضَاً
لَم أُخطِط لِلعَودَه فِي عُطلَة الشَهرَيِن المَاضِيَيِن
لَكنَنِي الاَن عَائِد، وَ بِصفَتِي أنتَهِيتُ مِن خِدمَتي العَسكَريَه
أي لَا أبتِعَاد عَن القَرِيَه مَره أُخرَى!
أنَا عَائِد، وَ بِكُل ذَرةِ حُزنِاً قَد مَلأت قَلبِي الهَشْ
أنهَا الخَامِسه صَباحَاً
الشَمسِ أوشَكت عَلى الشُروقِ، كشرُوقِ السَعادَه بِي حِينَ خَطت أقدَامِي تِلكَ القَريَه الهَادِئَه
رَكضتُ بِسعَاده بَين الحَقل، مُتنَاسِيَاً جَميِع مَا مَررتُ بِه طِيلَة تِلكَ الأشهُر المُمِيتَه
بَقيتُ أركُض وَ أركُض حَتى وَصلتُ حَيثُ أمَام ذَلِكَ البَابِ الخَشبِيّ
وَ الذِي وَرائُه كَانت تَعُم الضَجه الصَاخِبَه
سَمِعتُ، أستَنتجتُ أنَ مَن بِالدَاخِل هُم عَائِلة وَالِدتي العَزِيزَه
تَراجعتُ خُطوَتِين إلَى الوَراء قَبل أن أدخُل، لَا أُرِيد مُقاطَعة سَعادَة تِلك العَائِلَه الدَافِئَه
لِذَا رَجعتُ حَيثُ الحَقلِ، رَميتُ الحَقِيبَه أرضَاً وَ جَلستُ بِجَانِبهَا
أستَنشقتُ ذَلِك الهَواء طَيب الرَائِحَه، رَائِحَةِ الحَقل التِي لطَالَما كَانت أفضَل مَا يَستَنشقهُ أنفِي
ثُمَ بَقيتُ ألعَبُ بِحَباتِ الرَملِ المُتناثِرَه نَحوِي
تِلكَ الحَباتِ الصَغِيرَه، أسَاكُون بِهَا عِندَ مَماتِي؟
نَقلتُ نَظرِي نَحو كُل شَئ، عَدا مَنزِل حَاسِنة المَظهَر
أنَا خَجِل، خَجِل مِن مُقابِلَتُها مُنذُ أخِرَ رِسَاله
بَقيتُ أُفَكِر كَثِيرَاً بِهَا، مُبتَسِمَاً
فِي قَدر خَجلِي لِمُقابِلتِهَا، فِي قَدر إشتِيَاقِي لِتأمُلهَا خِفِيَه
ظَللَتُ مُبتَسِمَاً لِدقَائِق وَ هيَ كُل مَا يُسَيطِر عَليّ الأن
تُرَى مَاذا تَفعَل الأن، أهِيَ نَائِمَه أم مُستَيقظَه حَتى
أنتَفضتُ مِن شُرودِي حِينَ سَمعتُ صَوت شَئ يَقع بِجَانِبي
رَفعتُ نَظرِي إلَيهَا، دَامِعَاً
أنَها أُمِي، تَنظُر لِي بِدَهشَه مُقتَرِبَه مِني بِخطَواتً بَطِيئَه
أستَقمتُ بِدَورِي مُتجِهَاً لَها بِسُرعَه
لَم ألبَث ثَانِيتَان، وَ قد وَقعتُ بَين أعمَاقِ حُضنَها بَاكِيَاً بِصُخب
لَفت ذِراعِيهَا عَليّ بِقوُه، صَوت ضِحكَاتِهَا أندَمج مَع شَهقَاتِهَا
أُرِيد أن أحكِي لَها كُل مَا حدثَ لِي فِي بُعدِي عَن دِفئَهَا، أُرِيد إخبَارَها كَم أن العَالَم قَاسِيَاً لِلغَايه، أُرِيد أن أُخبِرهَا أنَنِي لَا شَئ بِدوُنَها
أبعَدتُ رأسِي عَن عُنقَهَا بَعد دقَائِق طَوِيلَه مِن الصُمت، شَاعِرَاً بِذَلِكَ البَردِ الذِي شَلْ أطرافِ وَجهِي
حَركَت يَدِيهَا عَلى وَجهِي، مَاسِحَه تِلكَ الدُموع التِي تَنهَمِر عَلى وَجهِي
أخبَرتنِي لِمَا لَم أدخُل الَى الدَاخِل، لِمَا بَقيتُ بَعيدَاً عَن إحتِضانَهَا لِدقَائِق بَينمَا أنَا أبعُد عَنهَا عِدَة أمتَار قَلِيلَه
أخبَرتُهَا أنَهُ لَيسَ مِنَ الَلائِق دُخول دَخِيل غَرِيب عَلى عَائِلَه مُجتَمِعه سَوِيَاً
______________________________
أنت تقرأ
1914
Short Storyبدأ فِي عَام ألفِ وَ تسعةِ مِائه وَ أربعةِ عَشر تَنالُ مِني الحَياه، وَ ما أنَا سِوى ضَعيفَاً مُستَنجِد أسَمعِتَ يَومَاً ما عن اكتِئابِ مَا بَعد الحَربِ؟ "فَـ مَالِي لَا أستَطِيع إنتِشَالِك مِن أسفَلِ التُرابِ حَتى حُضنِي" جَ.ج.ك. الروايه ذات فصول ق...