٢٤ يُونيِو ١٩١٧
______بَاكِي العَينَين، دامِي القَلب
بَين مِئَاتِ الأروَاحِ كَان يَجلِس، مُتعلِقَاً بِـ رَوح وَاحِده فَقط
اليَوم أتَى وَحدهُ بَعد أن كَانَ رِفقَة حَاسِنتهُ، بِطَلب مِنهُ
مُخبِرَاً إيَاها كَم يَكُون وَحِيدَاً، بِكَم الأذَى النَفسيّ الذِي يُراوِدهُ حِينَ يَتحدَث إلَى وَالِدَتهُ دُونَ تَلقِيّ أي رَد
يَشعُر بِقَلبَهُ يَحتَرِق حِينَ يُحاوِل إحتِضَنهُا بَين يَديِهِ، وَلا يَتلَقى سِوى تُرابَاً طَيب يَملِئ يَديِه
«عُودِي، أترَجاكِ!»
نَبسَ مُنهَاراً لِلمَره التِي خَذلتهُ مَشاعِرهُ بِهَا، وَاضِعَاً جَبيِنهُ أمَام قَبرُهَا مُخرِجَاً شهقَاتِه الحَادَه
الحَارِس الذِي تَردَد فِي التَقدُم وَ تهدِأتهُ، وَ فِي النِهايِه نَفى الفِكرَه مِن رَأسَهُ قَائِلَاً أنهُ يَحتاج وَقتَهُ
مَع تِلكَ الرَوح التِي غَادَرتهُ، وَحدهُ فِي ذَلِك العَالِم
ذَلِك الذِي يَنام أمَامِ قَبر وَالِدَتهُ يَومِيَاً دُونَ خَوفٍ، مُقنِعَاً ذَاتِهِ أنهُ بَين أحضَانِهَا وَ لن يَمسهُ ضَرَر
ذَلِك الذِي لَم يَستَطِع عَدم تَركَها يَومَاً مُنذُ وجُودِه، كَيفَ سَيُصَدِق انهَا ذَهبَت بِالفِعل؟
هَدأ مِن نَفسَهُ، شَارِدَاً فِي أسمَها
مُستَشعِراً تِلكَ اليَد التِي وُضِعَت عَلى كَتفِهِ، لِيَتَضِح لَهُ أنَها حَاسِنتهُ
حَاسِنتهُ التِي جَلسَت بِجَانِبهُ، وَاضِعَه يَدِيهَا عَلى وَجنتِيه
تَمسَح بِإبهَامِهَا تِلكَ الدُموعِ العَالِقَه فِي عَينيّ مَن تَهوَى، بَعدما إنحَنت لِقَبر مَن إعتَبرتَها بِمثَابِة والِدَتِها
جَلسَت قَلِيلَاً مُحدِقَه فِي ذَلِك الذِي نَحف وَجهَهُ، بِشَكلَاً مَلحُوظٍ
مُخرِجَه مِن تِلكَ الحَقِيبَه القُمَاشِيه بَعضِ المُعجنَاتِ الخَفيِفَه، تَمِد وَاحِدَه لَهُ
«هَيَا كُل، أتَت لِي غَاليَتك بِالمَنامِ تُعاتِبنِي عَلى عَدَمِ إهتِمامِي بِكَ»
أردَفت بِإبتِسَامَه حَزِينَه، مُنَاظِرَه إلَى إبتِسامَةِ الأخَر الخَفيِفَه
ذَلَك مَا كَانت تَقوُلَهُ نَاسِتيكَا بِالفِعل، حِينَ تَذهَب إلَى العَاصِمَه
وَ فَور رُجوعِهَا تُعاتِب صَدِيقَتها وَ إبنَتِهَا عَلى عَدَم الإهتِمَامِ بِطِفلَها
رُغم أنهُ مَن كَان يَرفُض، حِجَة أنهُ لَا يَأكُل دُونَ مَعرِفة هَل غَالِيَتهُ قَد أكلَت أم لَا
_________________________________
دَعواتكُم لَأهل سُورِيا و تركيَا، و الدُعاء بِالرَحمه عَلى ضَحايَا الزِلزاَل.
أنت تقرأ
1914
Short Storyبدأ فِي عَام ألفِ وَ تسعةِ مِائه وَ أربعةِ عَشر تَنالُ مِني الحَياه، وَ ما أنَا سِوى ضَعيفَاً مُستَنجِد أسَمعِتَ يَومَاً ما عن اكتِئابِ مَا بَعد الحَربِ؟ "فَـ مَالِي لَا أستَطِيع إنتِشَالِك مِن أسفَلِ التُرابِ حَتى حُضنِي" جَ.ج.ك. الروايه ذات فصول ق...