الفصل الثاني عشر..

578 29 11
                                    

نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ١٢..
___________________________
كان كلٍ منهما يقود على ذلك الطريق السريع المؤدي إلى طريق الجد يونس، لا أحد يعلم كيف حدث الأمر لقد اصطدم إطار سيارة زين بقوة في ذلك السور القصير في منتصف الطريق لتنحرف السيارة عن المسار تزامنا مع سيارة سيف التي اصطدمت بسيارة زين لتصرخ الفتيات بينما زين حاول السيطرة على السيارة وكذلك سيف لتصطدم بسور حديدي تشبه قضبان السجن تفصل بين الطريق وتلك المياه العميقة.
هبط سيف من السيارة وفتح باب غرام ليحيط وجهها بكفيّه ويفحصها بعينيه متساءلا:
-أنتِ كويسة؟
حركت رأسها بالإيجاب لتتساءل عن حالة أخيها و الذي لم يحدث له شيئا و هبط ليطمئن على سائق السيارة الأخرى ليصرخ باسم زين ليقع قلب سيف بين قدميه خوفا من أن يكون قد أُصيب أخيه مرة أخرى ليجري نحوه تتبعه غرام التي قلقت على غزل التي اصطدمت رأسها بمقدمة السيارة.
هتفت غرام باسمها كثيرا وجلبت زجاجة مياه لتقوم بإفاقتها، بينما زين كان يتألم كثيرا أثر جرحه ليردف سيف بقلق:
-حاسس بإيه طمني؟
قام بإخراجه من السيارة ليسنده بذراعه ويردف قائلا:
-مُراد جيب شنطهم للعربية عندنا.
اومأ له مُراد لترتجل شاهندا من السيارة قلقة على كلٍ من أخيها و زوجته لتتساءل عن أحوالهم:
-متقلقيش أكيد بخير.
ساعدته شاهندا في نقل أمتعتهم لحقيبة السيارة الخلفية ليتساءل عن حالها لتجيبه بأنها بخير ولكنها قلقة على كلٍ من زين و غزل.
كانت تشعر غزل بالدوار و أردفت:
-غرام أنتِ هنا!
-أه يا حبيبتي طمنيني عليكِ؟
وضع سيف زين بسيارته في المقعد الخلفي ليردف قائلا:
-تماسك.
كان يتآوه زين بألم أثر جرحه وقد ظهرت بقعة دم على قميصه، استندت غزل على أختها غرام ليتقدم منهما سيف ويطمئن على حالها لتومأ له أنها بخير ويساعدهم ليستقلوا السيارة وكذاك شاهندا ليتبقى مُراع الذي أردف متساءلا:
-وأنا أقعد فوق العربية ولا إيه مش فاهم؟
ضحكت شاهندا عليه بالرغم من خوفها على أخيها ألا أن غزل كانت تجلس بجواره تضغط على جرحه خلعت تلك الرابطة التي كانت ترتديها تشبه ربطة عنق الرجال وقامت بلفها على جرحه لمنع الدماء وتساءلت:
-غرام في ماية؟
جذبت غرام زجاجة المياه لتعطيها لغزل التي أخرجت دواء مسكن للآلام لزين الذي ألتقطه منها بتعب و أرتشف من يدها بعض المياه ليستند برأسه على خلفية المقعد.
كان كل من سيف و مُراد ينقلوا السيارة إلى جانب الطريق استقلت غرام بجوار سيف في المقعد الأمامي، ليجلس مُراد بجوار أخته غزل التي كانت تجلس بجوار زين ومن الجهة الأخرى شاهندا على الرغم من أن المكان كان ضيقا بعض الشيء ألا أنهم ازدادوا سعادة أثر تجمعهم سويا.
ليقود سيف السيارة وبعد قليل شعر مُراد بالجوع ليطلب من غرام بعض الطعام التي أعدته جليلة لهم لتعطي كل منهم شطيرة لتبدأ في إطعام سيف في فمه لقيادته وعدم تفرغه لتناول الطعام وأفصحت شاهندا إعجابها بالطعام لتبتسم غزل وتقول:
-ماما أكلها حلو أوي.
كانت تطعم غزل زين هي الأخرى والذي كان يعجبه مذاق الطعام ولكنه لم يبوح بالأمر كان ينظر لكلٍ من أسر وغزل وغرام يضحكون بقوة متذكرين أيام الطفولة وذكرياتهم في المنزل الكبير قبل سفر أبويهم.
توقف سيف في استراحة ليقول مُراد:
-تحب أسوق أنا؟
-لا خليك، نشرب حاجة ونكمل.
أخرجت غرام المج الحراري الكبير والذي ملئته جليلة بالشاي لتقوم بصب لكلٍ منهما، كانت رحلة عائلية رائعة سكنت آلام زين ليتفاعل معهم عكس سيف الذي ما زال يشعر بالغضب اتجاه غرام لم يستطيع التجاهل كـكل مرة.
توقف سيف أمام ذلك المنزل الكبير و وجد سيارة شريف وصلت قبلهم بساعات، ترجل من السيارة واتجه إلى مقعد أخيه ليفتح بابه وتهبط شاهندا و يساعد زين هبطت غرام وكذلك مُراد الذي تقدم من ذلك المنزل ليجد أمامه حارسين.
تعرف الأول عليه ليبتسم بفرحة كبيرة قائلا:
-ألف نهار أبيض، نورت يا مُراد بيه.
ابتسم له مُراد ليربت على كتفه إنه رجل اشتعل رأسه شيبا كان يلازمه منذ الصغر ويحميه ليقول:
-المكان منور بيك يا عم سعد.
-اتفضلوا على جوا وأنا وإسماعيل هنجيب الشنط.
تقدموا للداخل ليجد يونس مازال مستيقظا رغم تأخر الوقت ألا أنه ينتظرهم ليطمئن عليهم لينهض حينما رأى دماء زين ليضعه سيف على الأريكة ويجلس بجواره بإنهاك وتعب ليردف يونس:
-أنادي للدكتور؟
أردفت غزل بقولها:
-أومال أنا بعمل ايه يا جدي؟ جيب أنت بس شاش وقطن وأنا هغيرله على الجرح.
اومأ لها يونس ليهتف باسم الخادمة والتي أتت له مسرعة ليخبرها بكل ما تريده غزل ويهتف باسم الأخرى ليجعل كلٍ منهما يصعد لغرفته وينال قسطا من الراحة.
كانت غرام تجلس تغمض جفنيها بتعب حتى غفت بمكانها ليربت سيف عليها في محاولة منه لإيقاظها إنه غير قادر على حملها الآن لقد استنفذت القيادة كل طاقته بالإضافة لتلك الحادثة.
فتحت جفنيها ببطء ليخبرها بخفوت وقد صعد كلٍ منهما على غرفته سواهم:
-تعالي نطلع ننام فوق.
حركت رأسها بالإيجاب بضعف لتنهض وتتقدم بخطوات غير متزنة ليحيطها بذراعه و يصعدا للأعلى لتدله الخادمة على مكان إقامتهم ليشكرها ويضع غرام على الفراش ويلتقط تلك الحقائب أمام الغرفة ويغلق الباب ليجد غرام نامت على الفراش بعشوائية؛ فالتعب يغزو جسدها.
تنهد سيف وتقدم منها ليقوم بخلع حذائها وإلقائه أرضا وقام بإزالة بعض القطع الأساسية من ثيابها لتنام بحرية أكثر ليعدل جسدها ويضع الغطاء عليها اتجه للمرحاض يغسل وجهه و ذراعيه ليخلع قميصه ويستلقى بجوارها متألما من ظهره ليغفو سريعا.
على الجهة الأخرى، كانت تجلس بجوار زين تنظف جرحه حتى لا يتلوث وحينها سيتصاعد الأمر ويصبح أكثر سوءا.
لتساعده على تبديل ثيابه وقد أغلقت عينيها تماما لتسمح له بفحص ملامحها عن قرب لتتساءل بخفوت:
-أفتح؟
لم يجيبها أثر ملامحها التي جذبته نحوها بشكل سحري كانت جميلة بملامح بسيطة و وجه متناسق مع جمال جسدها لتفتح عينيها ببطء وهي تنظر له ليصبح أسيرا لهما كانت تحيطهم رموش كثيفة طويلة تحميهم، ليعود للخلف بجسده على الفراش وهو يجذبها نحوه لتبتلع لعابها خائفة من صمته وتلك النظرات التي لم تميزها.
شهقت حينما انتفض وأبعدها عنه بقوة ليعطيها ظهره يلعنها ويلعن نفسه بداخله إنه غاضب لاستسلامه أردف بنبرة هادئه عكس تلك النيران والغضب بقلبه:
-نامي اليوم كان طويل.
دلف للمرحاض الملحق بالغرفة وشعر بنغزة في قلبه ولكنه تغاضى عن الأمر ليعود وجدها تنام على الفراش تضع الغطاء على جسدها حتى رأسها ربما تحاول منع شهقاتها وبكائها ليستلقي بجوارها يغفو سريعا أثر ألمه.
بينما كلٍ من مراد وشاهندا كليهما حصلوا على غرفة صغيرة بجوار البقية ليغفو كل منهما سريعا؛ فاليوم كان طويل ومتعب.
______________________________
أشرقت شمس اليوم معلنة عن يوم جديد يحمل الكثير بداخله، كانت خادمات المنزل يقفن على قدم وساق لكي يجهزوا فطار اليوم؛ فاليوم سينضم لهم ضيوف لأول مرة كـسيف وزين وشاهندا يجب عليهم ضيافتهم على أكمل وجه.
كانت تجلس الجدة بجوار زوجة ابنها يتحدثان حتى أتت لهم ياسمين وهي تحمل ابنها على كتفها وتلقي التحية عليهم متساءلة:
-هما جم امبارح امتى أنا ملحقتش أشوف غير شريف وسيلا؟
أردفت الجدة مجيبة تزامنا مع شريف الذي هبط على الدرج يمد ذراعيه بكسل للأمام ليقول:
-إيه يا جدة مفيش فطار؟
-جدك بيقول جم الفجر وعملوا حادثة على الطريق، بس جت سليمة.
لتنظر إلى شريف الذي جلس على ذلك المقعد بأريحية وتجيب على سؤاله:
-الفطار بيجهز عقبال مع الضيوف يصحوا.
اومأ لها شريف ليتساءل بقوله:
-هما جم امتى سيف وغرام كانوا ورايا علطول؟
أجابت عليه بنفور وهي تشير لزوجة ابنها لتساعدها على النهوض:
-جم وقت ما جم أنت هتحاسبهم!
كانت غاضبة منه أثر غدره بحفيدتها غرام ولكن ما لليد حيلة؛ فيونس أمر الجميع بنسيان ما حدث بحكم رابط الدماء بينهما.
نهضت ياسمين هي الأخرى لتصطدم بزوجها الذي ألتقط بين ذراعيه ابنه يونس نسبة لجده وقبّله ليلقي التحية على زوجته ويتجه لمجلس الرجال والذي كان به كلٍ من يونس وأبيه ليلقي التحية عليهم بابتسامة ويجلس بجوارهم يداعب ابنه.
في الأعلى، تعالى رنين هاتف غزل والتي نهضت تتعجب من ذلك المتحدث لتجدها شاهندا شعرت بالقلق وأجابت على الفور:
-شاهندا! في حاجة؟
أجابت شاهندا بخجل:
-هو أنا صحيتك من النوم؟ أنا أسفة.
-لا ولا يهمك في حاجة؟
-أجيلك؟
أردفت شاهندا بقولها وهي تشعر بالخجل:
-أصل يعني كنت مكسوفة أنزل تحت لوحدي.
تنهدت غزل براحة لتزيل الغطاء وتتحدث:
-لا يا حبيبتي أنزلي براحتك.
-لا هو أنتِ قدامك كتير؟
-لا يا حبيبتي هلبس هدومي وأنزل معاكِ.
-أسفة يا غزل ولكني مكسوفة عشان عائلتك وكدة.
-ولا يهمك يا حبيبتي.
أغلقت غزل الهاتف لتتجه للمرحاض بينما زين استيقظ أثر تلك الطرقات الخفيفة على الباب لينهض ويفتحه ويجد الخادمة تنظر للأسفل لتقول:
-الفطار جاهز.
اومأ لها لتذهب وتغادر بينما زين كان يشعر بالألم أثر جرحه ليجلس على الفراش لتخرج غزل بعد أن بدلت ثيابها واتجهت نحوه تمد يدها بمسكن ليلتقطه دون أن ينظر لها ويرتشف المياه من ذلك الكوب الكبير بجواره لينهض ويتجه للمرحاض بعد أن ألتقط بعض الثياب له لترتب غزل فراشها وتهاتف شاهندا لتخرج.
خرج زين من المرحاض ليتجه نحو متعلقاته يضعها بجيب سترته ويتجه للخارج وهي تتبعه ليلتقي بأخته التي احتضنته وألقت التحية على غزل التي ابتسمت لها.
لتجد غزل الخادمة تطرق على غرفة سيف و تتحدث ببعض الكلمات خفية لتتساءل عن الأمر.
-غرام هانم مش عايزة تصحى ولا ترد عليا.
-و مراد بيه كمان.
ضحكت غزل وهي تقول:
-لا مراد مبيصحاش إلا بالطبل البلدي.
-حاولي تاني مع غرام.
اومأت لها الخادمة لتتابع الطرق ويهبط ثلاثتهم لأسفل لتجري غزل على ياسمين وتحتضنها وتقبّل يد جدها ليلقي زين التحية عليهم، وتتعرف شاهندا على ياسمين وسرعان ما انشغلت معها.
استيقظت غرام وهي تتأفف من تلك التي تطرق الباب لتحاول النهوض ولكنها صدمت بسيف بجوارها بجذعه العلوي المُجرد من ثيابه لتنظر لأرجاء الغرفة وهي تجد بعضا من ثيابها مُلقاة أرضا لتتجه بنظرها إلى سيف وسرعان مع بدأت في تسديد لكمات ضعيفة له في صدره لينهض بفزع ويحاول تهدئتها حتى أمسك بذراعيه و رفعهم للأعلى ينظر لها بعدم فهم لتلك النظرات الشرسة في عينيها ليتساءل بتمهل:
-إيه اللي حصل؟
لتجيب عليه بحدة وهي تنظر لثيابها وقميصه:
-أنت أنت إزاي.
قاطعها بعدما فهم ما ترمي إليه، ليردف بحدة بعد أن دفع ذراعيها:
-أنا مخلفتش بوعدي يا غرام وعمري ما هخلف بوعدي.
تركها ونهض ليتجه إلى تلك الخادمة التي مازالت تطرق على الباب ليفتحه بانفعال تراجعت الفتاة للخلف بخوف و فزع و هي تراه أمامها بلا ثياب جذعه العلوي ليهتف:
-أحنا نازلين.
أغلق الباب مرة أخرى ليتجه إلى المرحاض و يصفع الباب خلفه بقوة جعلها تنتفض من مكانها لتؤنب نفسها وتلعن نفسها و تسرعها نهضت لتتجه إلى حقيبتها وتفتحها تلتقط منها ثياب مكونة من بنطال وتي شيرت واسع لتجده تأخر قليلا في المرحاض لتتجه نحوه وتطرق عليه بخفة ليأتيها صوته:
-دقيقة وخارج.
ابتلعت لعابها وجدته بالفعل يخرج من المرحاض يبدو أنه استحم ليتجه نحو حقيبته ويخرج منها ثياب له لتدلف للمرحاض وتغسل وجهها لتنظر إلى انعكاسها في المرآة تفكر فيما فعلته وكيف اتهمته بالباطل وسيف يكره أن يراه أحدهم غير مؤهل للثقة.
أبدلت ثيابها لتخرج وتتجه إلى ثيابها الملقاة أرضا وتلتقطهم وتعيد ترتيب الفراش.
أنهى ثيابه وارتدى حذائه الرياضي وكذلك هي لتهتف بخفوت قبل أن يغادر الغرفة:
-أنا أسفة.
لم يعقب على حديثها ليتركها ويغادر وتتجه خلفه لتجد الجميع سوى مراد على مائدة الطعام ليلقي سيف التحية و يؤمره الجد بالجلوس جواره وكذلك غرام.
ليكمل الجميع طعامه ويقاطعهم شريف بقوله:
-ناويين تخرجوا فين؟
أردف حسين:
-تحبوا تشوفوا الأرض؟
حركت غزل رأسها بحماس وأردفت:
-أه ياريت يا حسين.
ضحكت عليها ياسمين لتقول:
-طب مش نأخد رأي الباقي؟
لتجيب عليها شاهندا بقولها:
-دِ أحلى خروجة وأنا نفسي أشوف الزرع والمكان هنا.
لتردف سيلا وهي تتناول طعامها:
-أومال أنتوا اتأخرتوا ليه امبارح؟
أجابها زين بقوله:
-عملنا حادثة بسيطة على الطريق.
-وأنت بخير يا سيف؟
نظر الجميع لسيلا التي كانت تصب بنظرها على سيف ليتناول سيف طعامه في هدوء غير عابئا بسؤالها ولكن غرام جذبت ذلك السكين الصغير و أردفت بنبرة ساخرة:
-لا متخافيش يا سيلا سي سيف كويس.
-تحبي ألفه في هدية تأخديها معاكِ وأنتِ راجعة أمريكا؟
نظر لها بطرف عينيه لتبتسم غزل على أختها وتدعو لها أن تستمر علاقتها بسيف على خير وأن يرزقهم الله بذرية صالحة.
-أومال ابن عمك مصحاش يا حسين؟
-لا يا جدي، زينب خبطت كتير وهو مفتحش.
أردفت غزل بخبث:
-سيبه يا جدو أنا وغرام هنصحيه.
أردفت الجدة:
-سيبي أخوكِ منك ليها.
-هو أحنا عملنا حاجة يا صفصف؟
نهض كل من غزل وغرام ليتقدما للأعلى بعد أن جلبت غزل زجاجة مياه باردة ليصعدا حيث غرفة مراد والذي كان مستغرقا في نومه ينعم بأحلامه الوردية ليصرخ عندما شعر بتلك المياه تضرب ظهره وجسده بالكامل وضحكات مكتومة تحولت لصوت مرتفع لينهض مراد غاضبا وهو يشير على ثيابه المبللة صارخا:
-أنتوا إيه اللي عملتوه ده؟
نظر كل منهما للأخر ليركضوا لأسفل وهو خلفهم يتوعد لهم بالعذاب ليصرخ فيهم حتى يتوقفوا ولكنهم لم ينصتوا له، التفت الجميع ليروا غزل وغرام يصرخان أثر اندفاع مراد خلفهم.
وقفت غرام خلف يونس وهي تتمسك بجلبابه قائلة:
-احميني من حفيدك المجنون ده.
-واللي أنتِ عملتيه مش جنون!
نظرت غرام لغزل لتردف بغضب:
-أنتِ السبب اتصرفي بقى، هيعلقني أنا وأنتِ.
وصل لأخر درجة ليتقدم من مائدة الطعام ينظر لهم بغضب كانت ياسمين تنظر لهم بحماس وسعيدة من علاقتهم وكذلك البقية سوى عدة أشخاص تحمل بقلبها الضغينة لكل إنسان روحه جميلة.
ابتلعت لعابها وهي تراه يتقدم منهما لينهض زين من مقعده ويقف في وجه مُراد قائلا:
-خلاص يا مُراد اطلع غير هدومك عشان متبردش.
-ومين السبب في ده؟
-شغل عيال.
أردفت زوجة عمها وهي تحرك فمها بسخرية:
-هو فعلا شغل عيال، مكملوش كام ساعة وبدأنا لعب أهو.
تركتهم وغادرت لتتبعها سيلا والتي كانت تجيب على هاتفها، كان مُراد غاضب ليجلس على مقعده الفارغ ويتناول طعامه لتشهق الجدة بقولها:
-أنت هتأكل وأنت كلك ماية كدة!! مش هتبرد؟
-لا يا صفصف متشيليش همي.
أردف حسين بحماس:
-مش يلا نخرج أوريكم الأرض.
ليستعد الجميع للمغادرة حتى مُراد الذي أبدل ثيابه بعد أن تناول طعامه، لتجري غرام بين الزرع وهي سعيدة بذلك المنظر الطبيعي لتلمس تلك الوردات الصغيرة مع ابتسامة تزين ثغرها.
كانت غزل تدور حول نفسها بإعجاب؛ فتلك الأرض لم تكن بذلك الجمال قبل مغادرتهم لتسأل حسين عن المحصول وعن كل ما يخص الأرض.
كانت شاهندا تلتقط لها الكثير من الصور مع أخيها زين بينما سيف كان هاديء يتابعها بعينيه يبتسم من حين إلى أخر على أخته التي يفتقدها و هي بجواره تنهد ليتجه بنظره إلى غرام التي قامت بقطف وردة حمراء أعجبتها.
كان الجميع سعيد لتلتقط شاهندا صورة تذكارية مع كل شخص، لتجذب غرام الهاتف منها وتخبرها أن تقف بجوار غزل وزين وسيف لتقف شاهندا بين كل من زين وسيف لتلتقط لهم تلك الصورة وتقص منها غزل لتتقدم منهم وتقف بجوار سيف وتلتقط صورة أمامية لهم.
جذبت شاهندا وغزل لتقرر إلتقاط صورة لكل من زين وسيف بمفردهم ليتوسط مراد الصورة وتلعنه لتهمس لغزل في أذنها:
-خدي مُراد من هنا.
تعجبت غزل منها ولكنها استمعت لرغبتها لتجذب مراد من ذراعه وتتحدث معه.
-متزعلش بقى يا مُراد من الصبح.
-هو أنتِ غلطتي يا أستاذة غزل.
ضحكت غزل لتلكمه بقبضة يدها في كتفه و تقول:
-لما منهزرش مع أخونا نهزر مع مين يعني؟
استطاعت أن تلتقط صورة لهم بمفردهم وأخرى بجوار شاهندا، بالرغم من أنه موقف بسيط وصورة واحدة ألا أنه أسعد قلب سيف كثيرا كان يشعر بنبضات قلبه المتضاربة أثر قرب أخته بجواره تمنى لو أن يأخذها لأحضانه ويعتذر لها عن تلك السنوات التي تركها بها لينظر إلى غرام بامتنان بينما هي كانت تتحدث مع ياسمين وحسين.
في المنزل، كان يقف شريف في شرفته وبجواره سيلا تتساءل عن تلك النظرات بقولها:
-نظراتك مش مطمناني؟ بتفكر في إيه يا شريف؟
-في اللي هيحصل النهاردة.
عقدت حاجبيها لتتساءل:
-إيه اللي هيحصل؟
ألتفت لها ليتقدم منه حتى حاصرها بين الحائط وجسده ليردف بقوله مع ابتسامه خبيثة تعلو ثغره:
-هكون البطل الليلة.
تركها وتقدم للداخل يبتسم وهو يتخيلها بين أحضانه والجميع يهتف باسمه، ليخرج هاتفه ويرسل تلك الرسالة النصية ويستلقى بجسده على الفراش والابتسامة لم تفارق وجهه.
عادا في وقت الغداء ليقضوا بقية اليوم مع العائلة في المنزل يتناولون أطراف الحديث في شتى المجالات ليتناسى الجميع مشاغله و مهامهم لينسجموا في تلك الأجواء العائلية.
تأخر الوقت لتشعر غرام بالنعاس وتصعد لتنام في غرفتها ويتبعها واحد تلو الأخر.
تعالى رنين هاتفها لتشعر بالانزعاج وتفتح عين وتغلق الأخرى وهي تلتقط الهاتف لتجيب دون أن ترى هوية المتحدث ولكنه أغلق الخط لتتجاهل الأمر ولكنها استمعت لصوت في شرفتها حجر صغير يصطدم بنافذة غرفتها اعتدلت في جلستها تفرك عينيها بنعاس لتنظر إلى سيف النائم بعمق لتتنهد وتتقدم من الشرفة تفتحها ولم تجد سوى الأحجار الصغيرة المُلقاة في أرضية الشرفة لتشعر بحركة بالأسفل حيث مكان حيوانات الرعي لتهبط بعد أن جذبت ذلك الشال الخفيف واتجهت إلى تلك الغرفة لتجد الحيوانات نائمة بسلام ولا يوجد شيء مثير للريبة سوى تلك الرائحة النفاذة لم تغيب عن تلك العيون التي تراقبها لتمتد يده تشعل عود ثقاب وتلقيه في تلك الغرفة المليئة بالبنزين في كل مكان.
ثوانٍ حتى اندلع حريق في المكان بأكمله كادت غرام أن تعود ولكنها جحظت بعينيها وهي ترى النيران تأكل في ذلك القش والمكان بأكمله لتستيقظ الحيوانات وتحاول الهرب صرخت بقوة وهي تستنجد بأي شخص يمكنه إنقاذها.
اقترب شريف بابتسامة خبيثة كاد أن يخطو خطوة للداخل حتى رأى النيران وهي تأكل في كل مكان والحيوانات تخرج باندفاع أصبح الأمر حقيقيا، لم يطلب منهم سوى حرق جزء صغير ليتمكن من الظهور أمامها ومساعدتها ليصبح في نظرها البطل ولكن عند التنفيذ تغير الأمر يقف بالخارج ينظر لها وهي تصرخ بالنجدة لتذهب يمينا ويسارا تحاول تفادي النيران.
تراجع بخطواته للخلف يستند بجسده على ذلك الحائط، بينما هي سقط من عليها الوشاح وتصرخ باسم الجميع ليأتي أحد وينقذها أنها خائفة لتتساءل بداخلها أتلك ستكون النهاية؟
هربت جميع الحيوانات للخارج واستطاعت إنقاذ حياتها عداها أنها تقف بمفردها والنيران تأكل كل ما بالغرفة بينما هي العرق يغزو جسدها تبكي على حظها.
استيقظ الجميع على صوت صراخها ليجري الحارس للداخل صارخا بقوة يقول:
-الهانم موجودة جوا النار يا بيه.
نهض سيف من فراشه لم يجد غرام ليتجه للخارج وهو يستمع لحديثهم، تساءل زين:
-مين بالظبط؟ والنار دِ جت منين؟
نظر الجميع لبعضهم البعض حتى صرخت غرام باسمه:
-سيف.
وقع قلبه بين قدميه ابتلع لعابه ليركض للأسفل سريعا ويتقدم لمصدر الصراخ ليجد الحارس والخادمة يحاولوا طفيء الحريق بالمياة بينما هي تتحرك بعشوائية تتفادى النيران وهي تستنجد بهم تبعه الجميع ليحاولوا طفيء الحريق لم يستوعب أحد ما حدث حتى هو تخلى عن عقله في تلك اللحظة، ليقفز لداخل النيران غير عابئا بمقدار الخطر الذي سيصيبه كل ما يجول في خاطره "غرام في خطر، لا بُد من إنقاذها وإن كان الثمن حياته".
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
____________________________

قيود الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن