نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٢٦..
___________________________
عاد بجسده للخلف يستمع لـكلمات مراد والذي يخبره بأن هناك أمرا سيء على وشك الحدوث وأن الأمور لا تسير على ما يرام في الشركة هناك نقص كبير في الأموال والعمل أصبح متدني.
-مالك بيه عرف بالموضوع؟
-يعني وضحت ليه الأمور ولكن مش بصورة كبيرة، فهمته إننا نقدر على الأزمة دِ.
-وأنا لجأت ليك عشان عارف إنك ذكي وهتلاقيلها حل.
حرك رأسه بالإيجاب و ربت على كتفه:
-متشيلش هم أنا معاك.
-بس متتعبش نفسك أوي كدة في الشغل لازم ترجع بيتك وترفه عن نفسك شوية.
-نفسك ليها حق عليك.
-عايز أكون قد المسؤولية يا سيف، عايز بابا يكون فخور بيا بابنه.
-هو فخور بيك علطول.
-وكمان أنا واثق فيك.
ابتسم مراد لـسيف بامتنان لـوجوده منذ أن أتى وهو يحل كل الأمور وكأنه نعمة ربنا لـهم، نهض سيف يستأذن منه للمغادرة.
اتجه سيف لـسيارته واستقلها يقودها إلى مشفى أخيه في طريقه للداخل رأى غزل تجلس في الحديقة و تنساب الدموع على وجنتيها بحزن اتجه لـها يقف أمامها بينما هي سرعان ما نهضت تحاول إزالة عَبراتها ولكنه قبض على معصمها يمنعها وهو يقول:
-ليكِ كامل الحرية تعبري عن حزنك.
ابتلعت لـعابها تنظر لـه وعادت لتبكي مرة أخرى ليجلس بجوارها على المقعد المتواجد صامت ينتظر أن تفرغ شحنة الحزن الخاصة بـها حتى انقطعت عن البُكاء وأصبحت تطالع الفراغ وجدها تتحدث وتقول:
-هو أنا وحشة؟
ابتلع لـعابه يتذكر تلك الجملة جيدا حينما كانت مُنهارة وتخبره بأن زوجها تخلى عنها لتباغته بذلك السؤال عما إن كانت سيئة! لـطالما نظن بأننا نحن السيئون لمجرد أن يغادرنا أحدهم ويتركنا وننسى حقيقة بأنهم السيئون ونحن ضحاياهم.
أجابها برفق وهو ينظر لـها:
-لا، أنتِ أجمل بنت.
-طب هو أنا متحبش؟
-لا، أنتِ تستاهلي كل الحب والتقدير اللي في العالم.
-أومال ليه؟ ليه محبنيش؟ وليه اختارها هي؟
عقد حاجبيه بعدم فهم ليتساءل بحذر:
-مين؟
-جود.
فسر الأمر كله الآن، جود عادت لـه حبيبته الأولى إنه ما زال تحت تأثيرها بعدما غادرته بلا سبب واضح و هو ظل على ذِكراها حتى الآن.
ربت على كتف غزل لـيقول:
-واثقة من حُبك؟
نظرت لـه بعدم فهم ليعيد لـها السؤال:
-واثقة إنك بتحبيه؟
لم تُجيبه لـيبدأ في تفسير حديثه:
-اللي واثق في حبه بيتمسك، وبيتعلق، وبيحارب لأخر لحظة.
-ولكنه مش بيحبني.
-وأنتِ بتحبيه يبقى في سبيل لـقلبهُ و هو حُبّك.
نظرت لـه بتِيه بينما هو نهض وقال:
-هطمن عليه، وأنتِ روحي عشان شاهندا بايتة في البيت لوحدها.
اتجه حيث غرفة أخيه وجده نائم لذا غادر دون أن يقلق راحته، واستقل سيارته يقودها للمغادرة.
__________________________
نهضت من مكانها واتجهت نحو أختها تتساءل:
-أنتِ قصدك إيه بكلامك يا غدير؟
-اللي سمعتيه، يزيد جه ليا معرفش عرف طريقي منين وكان عايز مني فلوس وقالي لغاية ما أقدر أقابل أختك.
-أنتِ بتتهميني!!
-أنتِ عارفة أنتِ بتقولي إيه؟
دخلت جليلة للداخل تنظر لكلتهما ترى الغضب في عينيّ غـرام لتقف بينهما و تقول بابتسامة:
-إيه يا بنات اتصافيتوا؟
أجابت غدير وهي تربت على كتف غرام:
-غرام مش راضية يا ماما.
-ولا هترضى.
دفعت غرام يدها بقوة و هي تقول:
-خلي اليومين اللي هنقعدهم أنا وسيف هنا قبل ما نسافر حلوين ويا ريت ولا تختلطي معايا ولا تجيبي سيرتي في جملة مفيدة.
صمتت غدير بينما تساءلت جليلة بقولها:
-هتسافروا فين؟
-هرجع أنا وجوزي لألمانيا نعيش حياتنا بعيد عن كل القرف اللي بيحصل هنا.
-ولو سمحت أتفضلِ بره.
تبادلا النظرات تحت حزن جليلة لِمَا أصاب عائلتها وابنتيها لتقول بابتسامة وهي تجذب كلتاهما لأحضانها:
-أنتوا بناتي وبنات جليلة عمرهم ما يطلعوا بره أحضان بعض، الكُره و الحقد مش موجود في ولاد مالك المهدي.
جلست على الفراش تكمل حديثها:
-خيركم لبعض مش لغيركم.
-أحنا عائلة واحدة وإيد واحدة، الحزن بيضيع الوقت على الفاضي.
-يا بخت من عرف قيمة الأهل وأستغل كل لحظة في قُربهم.
تنهدت غرام بضيق بينما غدير نظرت لأختها ولكن بنظرة مختلفة تماما شردت في ملامح غرام التي أصبحت اكثر جمالا عن ذي قبل بينما هي تشوبها الجروح في كامل جسدها وإلى زوجها التي تُحسد عليه رجل بـكل ما تحمله الكلمة ربما إن كان زوجها كانت حبسته ولا تخرجه أبدا على عكس تلك الزيجة التي أُبتلت بها وذلك الرجل الذي كان يستعبدها ليلا ونهارا؛ على الرغم من كونها الضحية ألا وأن كل العوض أتى لـغرام وهي الأحق بـه.
تعالى رنين غـرام لترى هوية المتصل والذي كان سيف ابتعدت عن أحضان أمها وأجابت عليه بصوت خافت بالكاد يصل لمسامعهم:
-ألو، أنت فين؟
-في طريقي للبيت.
-المهم اسمعيني.
-نعم.
-اجهزي هعدي عليكِ ونخرج شوية.
-بجد!
ابتسم لحماسها وأجاب عليها:
-أيوه بجد.
-يلا اجه.
قطع حديثه حينما حاول تفادي تلك السيارة ليستخدم فرامل السيارة قبل أن يقع الحادث، استمعت لتلك الضجة من حوله وهتفت باسمه بخوف و ذعر لـتتساءل:
-سيف.. سيف، أنت كويس؟
-سيف، سامعني؟
أتاها رده بنبرة صوت غير طبيعية حيث كان يلتقط أنفاسه التي سُلبت منه للحظات أثناء تفاديه للحادث:
-هكلمك تاني.
أغلق الهاتف بعدما أشعل نيران الذعر والخوف في قلبها لـتشعر بأنها على وشك السقوط نهضت جليلة تتجه لابنتها حينما رأت حالتها و وجهها الذي لا يُبشر بخير تساءلت بقلق:
-في إيه؟ ماله سيف؟
-معرفش شكله عمل حادثة.
اتجهت لأسفل سريعا تقبض على هاتفها بقوة تنتظر ان يهاتفها وأن تعلم عما إن كانت إصابته بالغة، أخذت الصالة ذهابا وإيابا وهي تدعو ربها أن ينجو منها زوجها تشعر بضيق شديد في صدرها كلما خُيِل لها أنها قد تفقده.
كانت جليلة تذكر ربها كثيرا تدعو أن يعيده سالما بينما غدير ربما كانت للجميع هادئة ولكن هناك نيران اشتعلت بداخلها.
كانت إحسان تقوم بتهدئتهم وهي تحاول مهاتفة ابنها الذي لم يعود للمنزل لأكثر من يومين إنها تخاف عليه كثيرا بعدما احتل الحقد قلبه.
ترجل سيف من سيارته ولحسن ظنه استطاع أن يوقف مكابح السيارة قبل أن تصطدم بالأخرى، اقترب من السائق الأخر والذي لم يُصاب هو الأخر ابتسم لـه سيف وأعتذر لـه ليتفهم الأخير ويعفو كلٍ منهما الأخر وينطلق كلاهما إلى مقصده.
لم يهاتفها عمدا ليرى نظرة الخوف عليه في عينيها، أصبحت تصرفاتها في الآونة الأخيرة تروق لـه لطالما سعى لتلك اللحظة لأكثر من أربع سنوات أصبحت غـرام مِلكا لـهُ بإرادتها.
أتت الخادمة مهرولة تخبر غرام بوصول سيف، لتجري للخارج إنها تريد الاطمئنان عليه توقفت في بداية الممر المؤدي للبوابة وهي تراه يتقدمها وخلفه شريف ولكن لأول مرة تشعر بفتور اِتجاهه لتعيد بنظراتها إلى سيف الذي قطع نصف المسافة لتتقدم منه وتحتضنه بقوة تحت أنظار الجميع لتهتف إحسان باسم ابنها بـلهفة بينما هو كان يطالع ما يحدث أمامه بِـدهشة أحقا لا تعير مشاعرهُ اهتمام ربما يجب عليه التدخل في أسرع وقت لتصبح مِلكهُ.
ابتعدت عن سيف وكانت تفحصه بعينيها تنفست الصعداء حينما لم ترى أي جرح ليلثم جبينها بينما هي أردفت:
-طمني في حاجة حصلت ليك؟
-لا، الحمدلله.
-الحمدلله.
تقدمت جليلة منهم و ربتت على كتفه وهي تقول:
-حمدلله على سلامتك يا حبيبي كنا ميتين من الخوف عليك، الحمدلله.
-تسلمي يا ست الكل.
قبض على يدها وقبّلها، لـيقلده شريف حيث انحني يقبّل يد أمه هو الأخر ساخرا منه و من فعلته تلك لتضيق عينيّ غـرام و كورت يدها على هيئة قبضة تودّ لكمه وبشدة بينما الأخير وقعت عينيه على غدير ليتساءل متعجبا:
-بنت مالك الكبيرة شرفت!!
-عايز إيه، يا شريف؟
-حمدلله على سلامتك، يا سيف.
اكتفى بالابتسامة بينما شريف أردف بسخرية:
-نسيتِ تربي يا أم مراد.
-الأولى هربانة يوم فرحها مع واحد والتانية ظبطت أمورها بألاعايب تحت السلم.
نظر لـها بمغزى وكأنه يخبرها بأنه اكتشف سِرها لترتبك ويكمل هو حديثه:
-وراحت جابتلنا واحد من الشارع، أما بنتك التالتة عاملالنا فيها ست الدكتورة ومحسساني وكأن جوازتها كانت أحلى جوازة يعني.
-أما بقى لابنك الراجل اللي ماشي يلف على حل شعره مع واحدة شكل كل يوم.
أنهى حديثه وهو يطالعهم باحتقار وسخط بينما جليلة صُدمت وشعرت بالحرج أمام زوج ابنتها، طالعته إحسان بِـدهشة أحقا ذلك النموذج الحقير ابنها!!
حاول سيف التغاضي عن الأمر حتى لا يدخل في نقاش مع جاهل كـشريف، لتباغتهم غـرام بصفعة قوية دوى صوتها في المكان على وجنته اليمنى كانت الصدمة الأكبر من نصيب شريف حيث أنه وضع يده على وجنته يطالعها بِـدهشة وتعجب وألم، أحقا قامت بصفعه!!!
كاد أن يرفع يده ليعيد لـها ضربتها حتى وجد يد فولاذية قوية تقبض على معصمه يحيل بجسده بينه و بين زوجته من خلفه التي كانت تطالع شريف بتحدي، ليهتف سيف وهو يركز ببصره على عينيّ ذلك الوقح:
-متخلقش لسة اللي يرفع إيده على مراتي، مرات سيف آل قاسم.
-أحفظ الاسم ده كويس عشان لما تفكر تعمل حاجة تأذيها تتراجع، وفي مِثل بيقول أتقي شر الحليم إذا غضب.
دفع ذراعه وجذب غرام لـه ودلف للداخل ينظر لـها بلوم وعتاب رأته لتبتلع لـعابها وكادت أن تتحدث لتبرر فعلتها حتى منعها بقوله:
-كلامنا في أوضتنا.
أتت من خلفه جليلة وهي تقول:
-أحضرلك العشاء؟
-لا يا ست الكل تسلمي.
-عن أذنكم عايز غرام.
قبض على معصمها وصعد للأعلى تحت نظرات غدير الثاقبة، بينما في الخارج كانت توبخه بشدة على تصرفاته وكلماته السيئة الذي يلقيها على مسامع الجميع بينما هو أردف:
-أهو ده الحال وإن كان عاجبكم.
-ده بيتي وأقعد فيه براحتي مش هيجي واحد غريب زي ده يطردني منه ومش هيخليني أخد راحتي فيه.
تركها وغادر بينما شعرت بأن ابنها ليس على ما يرام لقد تبدل طفلها الصغير لوحش مخيف سيقوم بفتك كل من يقابله، تنهدت بقلة حيلة وهي تدعو ربها أن يزيل تلك الغمامة من على عينيّ ابنها وحاولت مهاتفة عبدالقادر لعله يجد حلا لذلك الأمر ولكنه لم يجيب لترجح بأنه على وشك الوصول وحينما يعود ستحادثه في سوء أخلاق ابنها والتي تزداد يوما عن يوم.
كانت تجلس على الفراش تنقر بأصابعها على فخدتيها تنظر له وهو يخلع قميصه ويرتدي أخر قطني مريح، وأتجه للفراش يجلس على طرفه بعيدا عنها لتلتفت لـه وتقول:
-ممكن أعرف سبب تحولك عليا كدة؟
رفع كتفيه لأعلى بتعجب ساخر وهو يقول:
-ليه هو حضرتك بتعملي حاجة وحشة!!
اغتاظت منه وهي تراه يجذب الغطاء من أسفلها ويستعد للنوم حيث أنه أعطاها ظهره لتنهض وتقترب من الطرف المقابل لـه تنام عليه هي الأخرى تتطالع السقف بتنهيدة حارة لم يأتيها النوم بعد؛ فهي نامت في منتصف النهار.
نظرت إلى سيف ثم عاودت النظر للسقف حتى شعر سيف بيد تحتضن خصره و أنفاس حارة تضرب أذنه ليشعر باضطراب ويفتح جفنيه يطالعها بنظرة تأملية بينما تبادله بأخرى خلابة جعلته يشرد بِعينيها وما زاد اضطرابه حتى كادت أن تختفي أنفاسه أثر ابتسامتها التي برزت على ثغرها وهي تقول:
-أسفة.
لم يفيق من شروده و هو يتبادل النظرات بين عينيها وثغرها، صرخ قلبهُ مطالبا عينيها أن تَكُف عبثا بِـه إنها تبعثر كيانهُ منذ أن رآها ألن تَكُف بعد؟
أعاد خصلاتها التي تمردت على وجهها وخاصة عينيها ليعيد النظر مرة أخرى لـهم، أحاط وجنتها اليمنى بكف يدها وقربها منه مقبلا جبينها وهو يقول:
-ولا يهمك.
وضعت رأسها على صدره بينما هو اعتدل في نومته ليجعل لـها المساحة كاملةً ويده تعبث بخصلاتها يا لها من راحة لطالما سعي لتحقيقها، إنها بين يديه وحضنه بإرادتها حلم قام بتحقيقه بعد أربع سنوات يشعر بـلذة الانتصار تلك اللحظة التي يذكر بـها شعور الراحة ولكنه لا يذكر قدر الألم الذي شعر بـه في كل ليلة رآها تبكي على رجل هجرها، وفي كل مرة كانت تخسر فيها نفسها رغم مضيها قدما، وفي كل ليلة كانت ترفضه إحياءًا لـحُبّ قلبها الأول، وكل نظرة شوق؛ لهفة؛ حُبّ كانت تطالع بها غيره والمزيد من الألم الذي كانت تصنعه في قلبه دون قصد ولكنه صبر من أجل عينيها التي آسرته من الوهلة الأولى، وقلبها الذي تلوث باسم الحُب ولكنها ما زالت تحافظ على براءته.
وما الهوى سوى حبيب و صبر !
_____________________________
نام طفلها بينما هي جلست على الفراش بجواره تنظر لـه بِـكُره تودّ الانتقام من يـزيد فيه ولكن حتى وإن قتلته أمام عينيه لن يلين قلبه إنه ناقم على نعمة ربنا، لقد رزقه الله ابنا حسن المظهر موعظةً لـه ولكنه زاد في طغيانه وظُلمه لـغدير ولـنفسهُ.
أُدير مقبض الباب لتجد شريف يدلف لغرفتها ويغلق الباب خلفه نهضت بفزع ونظرت لـه بحذر وهي تتساءل عن سبب مجيئه إلى هنا، بينما هو اقترب منها يقبض على خصلاتها بقوة يدفعها على الفراش ويعتليها قائلا بغضب:
-بقى أنا تتخلي عني يوم الفرح يا بنت مالك!!
-ده أنا هقتلك وأشرب من دمك.
-أبعد عني، لو مبعدتش هصوت وألم عليك الناس.
-هو أنتِ ليكِ عين!
-شوفتي أخرة الحب وسنينه يا حلوة؟
صفعها بقوة على وجنتها لتنظر لـه بصدمة ودهشة من صفعته لها ولكن الحقيقة أن شريف كان يودّ أن يفرغ غضبه أثر صفعة غرام لـه أمام الجميع في أحدهم حتى وجدها فرصة مناسبة إنه يراها غـرام بخطيئة غدير صفعها عدة مرات لم يصل صراخها لأحدهم في الخارج الجميع كان منشغل وهي خافت من الفضيحة.
ابتعد عنها وهو يتلقط أنفاسه بحِدة غاضب من فكرة صفعها لـه أمام العائلة سيُذيقها من العذاب ألوان، سيجعلها تتمنى لو لم تتزوجه قط ستندم على رفضها لـهُ لقد مر الكثير وبقيّ القليل.
تركها وغادر بينما هي اعتدلت في جلستها تنظر لإنعكاسها في المرآة المقابلة للفراش بدهشة.
في الأسفل، أتى كلٍ من مالك وعبد القادر ومراد لتستقبلهم جليلة بابتسامة كبيرة على ثغرها وقد احتضنت مراد وقبّلته بينما هو انحني يقبّل يدها كما يفعل سيف دوما، ابتسم لـها مالك ونظر لـها بحُبّ ولهفة لم يغيب عنها إنه زوجها وحُبّها الأول مهما مرت السنين يبقى الحُبّ الحقيقي ويدوم.
جلسوا على مائدة الطعام وأنضمت لهم إحسان ليتناولوا العشاء ويصعد كلٍ منهما لغرفته لـنيل قسط من الراحة، رأى عبدالقادر وجه إحسان العابس ليحيط وجنتيها قائلا:
-مالك في إيه؟ متضايقة ليه؟
-ابنك، ابنك يا عبده باظ باظ على الأخر.
-قال كلام مينفعش يتقال و كل ما يشوف خلقة غرام أو غدير يقعد يقول كلام وحش أوي.
-ابنك لازم نلمه أكتر من كدة مش بعيد يبيعنا أحنا كمان، معرفش إيه اللي غيره.
-أنا خايفة نكون أحنا السبب يا عبده، مع إني والله من صغره وأنا بعرفه الصح والغلط من ساعة ما دخل الجامعة وهو حاله اتغير.
-لازم نجوزه يا عبده، نجوزه واحدة بنت ناس محترمة.
-وكدة كدة غرام مسافرة مع جوزها، المشكلة هنا في غدير.
كان يستمع لحديثها بإنصات مخاوفها هي مخاوفه أيضا لقد تبدل حال شريف كثيرا إنه يخاف أن يضطر لـخسارة أخيه من أجل ابنه يا لها من معضلة كبيرة، أجاب مُعلقا على حديثها عن غدير:
-ده بيتها وبيت أبوها يا إحسان.
-عارفة يا أخويا عارفة، طب خلاص نجوزه ويسكن بره مش مهم المهم نبعد عن المشاكل دِ.
-ابنك بقى صعب أوي.
ربت على كتفها وجذبها لأحضانه يقبّل جبينها بحنية وأردف قائلا بعدما ابتعد عنها قليلا ولكنه ما زال يحيط وجنتيها:
-مش عايز أشوفك زعلانة تاني، وابنك أنا هتصرف معاه بس في مشكلة صغيرة في الشركة هنحلها وساعتها هفوق له.
-أنتِ ميلقش ليكِ الحزن يا ست البنات.
خجلت إحسان من زوجها وتساءلت بتعجب:
-ست البنات! إزاي يعني؟
-مهما كبرتِ هتفضلِ إحسان البنت الصغيرة الجميلة واللي حبيتها أنا واللي لسة بحبها وبعشقها كمان.
ابتعدت عنه سريعا وقد ازداد خجلها وهي تقول:
-مكبرتش على الكلام ده يا عبده!!
-وأنا هكبر ليه وأنا في حُبِك واقع.
نظرت لـهُ بحب رغم احمرار وجنتيها خجلا ألا وأنها تشعر وكأنها عادت لتصبح تلك الطفلة الصغيرة التي تستمع لـكلمة أحبك لأول مرة.
قبّل جبينها واتجه إلى الفراش لتتبعه وتجلس بجواره يقبض على يدها ويقول بابتسامة:
-متقلقيش كل حاجة هتبقى كويسة.
وما يكفيني سوى أنت عن الجميع.
_____________________________
استيقظت غزل من نومها فقد عادت للمنزل كما أخبرها سيف تزن كلماته وتفكر بهم، نهضت لتبدل ثيابها لأخرى رسمية وحملت حقيبتها لتتجه للخارج وتجد الخادمة تضع الأطباق على مائدة الطعام وشاهندا تجلس على أحد المقاعد لتجلس بجوارها وتلقي تحية الصباح لتُجيبها الأخرى بخفوت.
-أنتِ راحة المستشفى؟
حركت رأسها بالإيجاب وهي تتناول الطعام لتكمل شاهندا حديثها بقولها:
-زين عامل إيه أقدر أشوفه؟
-أه، تحبي نروح سوا؟
وافقت شاهندا لينهوا طعامهم ويغادروا سويا إلى المشفى مع سائق زين، دلفت غزل للداخل ومعها شاهندا لتسأل غزل موظفة الاستقبال عن أي زيارات تمت لـ زين:
-أه يا دكتورة من نص ساعة كدة واحدة ست.
أومات غزل وقد علمت هويتها على الفور لتتجه مع شاهندا حيث الغرفة وتتوقف وهي تقول:
-أدخلي.
-وأنتِ؟
-هعمل حاجة وأجي.
حركت رأسها بالإيجاب ودلفت للداخل بينما غزل كانت تهرب إنها تشعر بأنها ليست على استعداد لمواجهته ولكنها طبيبته، كان يتبادل النظرات بين باب غرفته و جود التي تجلس بجواره تتحدث في عدة مواضيع شتى لا يستمع لها فقط يطالع الباب باهتمام استمع لأحدهم يحاول فتح الباب وما أن رأى أخته حتى شعر بالإحباط إنه قلق عليها يودّ فقط رؤيتها كان يؤنبه قلبه طيلة الليل على بروده وجفائه معها، تقدمت شاهندا من أخيها واحتضنته ولكن اعتلت ملامحها الدهشة من تلك الجالسة فسرت سبب عدم دخول غزل الآن.
طُرِق الباب ودلفت هي وقد ارتدت قناع الجمود والعملية لتتقدم منه وتلقي تحية الصباح وقبضت على جدول الملاحظات تقرأ ما بِـه وتقدمت منه بينما هو كان يطالعها بلهفة يفحص ملامحها وخاصةً عينيها لقد بكت من أجله، كانت تفحصه وهي تشيح بنظراتها عنه حتى ابتعدت عنه وهي تقول بعملية:
-الحمدلله، حضرتك يومين كمان وهتخرج من هنا.
-حمدلله على سلامتك.
تركتهم وغادرت وما أن أغلقت الباب استندت على الحائط تشعر بأنها على وشك الانهيار لقد استنفذت كل طاقتها لتُبدع في تمثيل الامبالاة بينما هو كان ذهنه معها فقط لا يستمع لشاهندا أو جود وكانت شاهندا تشعر بالضيق من جود و وجودها الغير مُبرر، لـيعلم بأنه خسرها ولكن ردد في داخله بأن ذلك الأفضل من أجل كليهما.
________________________________
استيقظت غـرام صباح اليوم التالي واعتدلت في نومتها لتجلس مستندة على ظهر السرير من خلفها وتلتقط هاتفها تتصفحه بنظرة خاطفة حتى يخرج سيف من المرحاض؛ فهي استمعت لصوت المياة المنهمرة بالداخل.
وجدت رسائل مُرسلة لـها عن طريق رقم غير معروف لـتقوم بفتحها لتجد رسائل قامت بتحميلها وأثناء انتظارها للتحميل دلفت تتصفح هوية المُرسل وعلمت من الصورة التعريفية أنه شريف لتتعجب وتعود لصفحة الدردشة وتطالع الصور لتعقد حاجبيها باستنكار لتقوم برؤية بقية الصور ليتحول الاستنكار لـدهشة وصدمة احتلت ملامحها وقد شحب وجهها.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
_____________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
Ngẫu nhiênيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك