الفصل السابع..

685 27 2
                                    

نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٧..
____________________________
-أنت مدرك أنت هتعمل إيه يا شريف؟
نظر شريف إلى صديقه وجلس على مقعده فهو يعمل بشركة والده، ليجيب عليه بلامبالاة:
-أيوه، أنا عايز أرجع مراتي ليا.
-مراتك!!
-اللي أنت طلقتها زمان وتخليت عنها فاكر؟
-و أهي حليت في عيني وعايز أرجعها ومش هتبقي لغيري.
-أنت اتجننت، دِ بقت متجوزة غيرك.
-ولكنها بتحبني.
صُدم صديقه ليجلس أمامه قائلا:
-أنت بتقول إيه! ومين قالك؟ هي قالتلك؟
-لا، ولكني عارف بقولك إيه لسة بتحبني.
-لسة عينيها بتلمع لما اتكلم معاها.
-ومش مبسوطة بجوازها من اللي اسمه سيف ده.
-لا أنت اتجننت رسمي بقى أنا مش.
قاطعه شريف بصوته الغاضب:
-كمال أنت صاحبي على عيني وعلى رأسي، ولكن قدام رغباتي مبعرفش حد وغرام دلوقتي بقت من رغباتي يعني مش هسكت إلا لما تكون ليا.
على الجهة الأخرى، كانت تشعر بالملل فهي طيلة اليوم تجلس بالمنزل وأمها تركتها لتشرف على الطعام لتجلس مع زوجة عمها و كلٍ من أبيها وعمها بالخارج يا لها من حياة مملة على عكس حياتها في ألمانيا.
تعالى رنين هاتفها لتجد المتصل شاهندا أجابت:
-مساء الخير يا غرام.
-مساء النور.
لتتساءل بقلق:
-هي غزل كويسة؟
-أه قاعدة جمبي أهي.
-طب الحمدلله.
-بقولك أيه أنا متصلة أخليكِ تقنعيها.
-بإيه؟
-بقولها تعالي نخرج تقولي لا.
-أنتِ جيتي في وقتك يا شاهندا أنا قاعدة بموت من الملل هنا.
جذبت غزل الهاتف لتقول:
-ألو يا غرام، وفري كلامك أنا مش قادرة.
-خلاص خليكِ هنخرج أنا و شاهندا خليكِ مع عريسك.
أجابت بنبرة حزينة لا يحزنها أنه يهتم بالعمل فقط حزينة لكونه يعاملها بجفاء على عكسها كان تريد أن تمر الفترة بسلام وتفاهم:
-زين في الشغل.
-هي الرجالة بتحب الشغل دايما، وكمان ما هو لو مشتغلش هتعيشي منين يا عسل.
-يلا قومي أنا بجد قربت أزهق من البيت يلا هجهز ونتقابل.
وافقت غزل في الأخير على طلب غرام و شاهندا ليبدأ كلٍ منهما في تبديل ثيابه و الاستعداد للمغادرة حاولت أن تهاتف سيف ولكنه لم يجيب وكذلك غزل لتغادر المنزل بعدما أخبرت أمها التي وافقت و رحبت بالفكرة لتوطيد العلاقات أكثر.
استقلت سيارة أجرة؛ فشاهندا أخبرتها أنها ستقلهم بسيارتها هي لتقف أمام المنزل وتجد نازلي بالحديقة لتتقدم من غرام قبل أن يأتي كلٍ من شاهندا وغزل لتردف نازلي:
-نورتي يا غرام.
-شكرا لحضرتك.
-ملحقتش أتعرف عليكِ كويس في الفرح.
لم تجيب عليها غرام فقط اكتفت بالابتسامة الصغيرة لتباغتها بسؤالها:
-اتعرفتي على سيف إزاي؟
-أقصد يعني.
قاطعتها شاهندا التي جرت على غرام و احتضنتها كانت شاهندا تحب الجميع واعتبرت كلٍ من غزل وغرام أخواتها لتلقي التحية على أمها وتقبّلها قائلة:
-هنخرج شوية يا ماما.
-تمام يا حبيبتي.
-قولتي لجوزك يا غزل؟
-كلمته مش بيرد.
-لو عايزاني مروحش.
قاطعتها نازلي بابتسامه وهي تربت على كتفها:
-لا يا حبيبتي روحي انبسطي مع أختك وشاهندا وأنا هكلمه.
اومأت لها غزل ليغادروا ثلاثتهم وينطلقوا لتغيير روتينهم الممل.
على الجهة الأخرى، لكمه زين بقوة جعلته يفقد اتزانه ليستند على الطاولة قبل أن يسقط ليحاول تمالك أعصابه متقدما نحو مقعد زين يجلس عليه رافعا قدميه على المكتب مع ابتسامة صفراء تزين شفتيه:
-وحشتني بتاعتك وصلتلي يا أخويا.
كاد أن يهجم عليه مرة أخرى حتى أمسك به مازن وهو ينظر إلى سيف بتحذير، ليردف زين بغضب:
-هقتلك هقتلك ومحدش هيعرف طريقك.
-أنت عايز إيه؟ مش كفاية اللي حصل!
-خدت الشهرة والفلوس والأملاك كلها واتبقت ليا شوية ملاليم.
رفع كتفيه لأعلى بلامبالاة معقبا:
-هو أنا اللي كتبت الوصية!!
-وكمان مش والدتك زورت فيها شوية؟
-أنت كلت حقنا حقي أنا و شاهندا.
-سبني يا مازن.
-يا جماعة اهدوا هنحل الموضوع بس اهدوا أنتوا بس.
-عايزني اهدأ بعد ما بوظ ليا أهم صفقة؟
-أنا شايف مصلحة الشركة فين.
أخيرا تحرر من قبضة مازن ليجري على سيف يهجم على عنقه قائلا بغضب:
-مصلحة الشركة!! وأنت تعرف إيه عن الشركة؟ تعرف كام مرة وقعت و كام مرة قامت تعرف عانيت فيها قد إيه!
-تعرف كنت بشتغل إزاي؟ تعرف أي حاجة عنها.
صرخ سيف بعنف وهو يمسك بقبضتيه:
-أيوه أعرف، أعرف كل حاجة من لحظة وجودك في الشركة لغاية اللحظة دِ أعرفها وممكن قبل كدة كمان.
-وأنت كنت فاكر إن الشركات الوهمية اللي بيخترعها صاحبك دِ مين!
-مين كان بيمدك بالفلوس لما الشركة بتقع! البنك؟
-تبقى حمار وغبي.
-أنا متابعك لحظة بلحظة وممكن مكنتش هتدخل أبدا ولكن لما أشوف أن صفقة زي دِ هتوقعك وهتوقعني وهتوقع اسم عائلة آل قاسم يبقى مش هسكت.
صمت كليهما كل منهما غارق في مشاعره المضطربة وغضبه ليشعر زين بأنه تلقى صدمة قوية زادت بحديث مازن:
-بتقولي إيه؟ حادثة!
-طب اهدئي اهدئي أنا جاي.
نظر له زين و كذلك سيف ليردف مازن بارتباك:
-أسف على المقاطعة، ولكن شاهندا وغزل عملوا حادثة وهما حاليا في القسم.
جرى زين باتجاه مازن يقبض على ياقة قميصه هو الأخر قائلا بخوف:
-شاهندا!
-قسم إيه؟
نظر مازن إلى سيف الذي تقدم منهم هو الأخر وأردف قائلا:
-ومراتك غرام معاهم.
جرى للخارج ليتبعه مازن وزين بعدما لملم متعلقاته ليستقلوا جميعا سيارة واحدة متغاضين عن اختلافهم فالمهم الآن سلامتهم لا غير.
كان يقود سيف ومازن يخبره بمكان القسم و زين يحاول مهاتفة شاهندا التي خافت كثيرا أن تخبره بما حدث حتى لا يغضب عليها هي و غزل ولكنها لم تضع في الحسبان إخبار مازن له.
توقف أمام القسم وصدر عن السيارة صوت احتكاك قوي ليفتح الباب ويتجه للداخل يتبعه البقية.
كان ينظر بعينيه عنها حتى وجدها تقف تستند بظهرها على الحائط تضحك مع شاهندا على أختها غزل الخائفة لتعبس بوجهها حينما وجدته يهتف باسمها جعلها تنتفض من مكانها وهي تنظر له ليقترب منها يجذب ذراعها نحوه ابتلعت لعابها لتشهق غزل التي اقتربت من شاهندا وهي ترى زين يقترب منهم هو الأخر لتردف بخفوت:
-هنعمل إيه!!
-بتعرفي تمثلي!
كان يفحصها بنظره حتى توقف عند ذلك الجرح في عنقها ليرفعه نحوه يتفحصه بعناية حتى أردف متساءلا عن هويته وعن حالها، لتردف بخفوت:
-أنا كويسة.
ليشير إلى الجرح بصمت ولكنها لم تجيب لتنظر إلى مازن الذي جذب شاهندا نحوها يفحصها هو الأخر بقلق لينظر إلى غزل قائلا بغضب:
-أنتِ صاحبة الفكرة؟ مش كدة؟
صمتت لا تعرف بما تجيبه هل سيصدقها إن نفت الفكرة؟، ليجذبها نحوه قائلا بغضب:
-أنتِ إزاي تخرجي من غير إذني؟
أجابته بخفوت:
-استأذنت من ماما نازلي.
ضحك بسخرية على لفظها لأمه ليدفعها قائلا:
-حسابنا في البيت مش هنا.
أردفت غرام بحدة:.
-الفكرة فكرتي و أنا اللي جيت لغاية عندهم وخدتهم نخرج، يعني لما تيجي تحاسب حد حاسبني أنا.
نظر له بطرف عينيه ببرود ليتجه نحوها قائلا:
-مش هحاسب حد ميخصنيش، أنا أعرف إزاي أحاسب أهل بيتي.
كان مازن يفهم الموقف من الضابط المسؤول حتى علم بأن هناك رجل اصطدم بهم بسيارته ليقدمنّ فيه بلاغ.
كان يعتصر ذراع غزل في قبضته وكانت تتألم ولكنها لم تظهر للبقية، ليجذب سيف غرام نحوها قائلا:
-إزاي اتجرحتي؟
لتقص عليه عن سكين الطعام الذي كان بيدها وحينما اصطدم الرجل بسيارتهم جرحها ولكن تلك الكذبة لم تخيل عليه، لتغمض عينيها تحاول نسيان تلك اللحظة حينما اصطدمت بشريف في لحظة مغادرتها للمنزل كم كان وقحا معها وجرحها.
أردف مازن بقوله:
-خلاص يا جماعة، نقدر نمشي.
غادروا جميعا القسم لينظروا إلى تلك السيارة الخاصة بسيف ليردف زين بحدة:
-مازن شوفلنا عربية أنجز.
ابتسم سيف لشاهندا و تقدم من السيارة ليفتح لها الباب قائلا:
-أتفضلِ.
ابتسمت له شاهندا لتتقدم من السيارة ولكنها كادت أن تسقط أثر صراخ زين باسمها وهو يؤمرها أن تتراجع لتتقدم منه ولكن سيف أمسك بذراعها قائلا وهو ينظر إلى زين:
-مش هسيب تلت بنات واقفين هنا مستنين عربية سيادتك لما توصل.
تعجبت غرام من نبرة سيف الغير معهودة لتتقدم باتجاه السيارة وتجلس بالمقعد الأمامي قائلة وهي تشير لغزل:
-اركبي يا غزل يلا يا أستاذ مازن.
تبادل مازن نظراته بين زين وسيف ليهمس لزين بقوله:
-زين مينفعش كدة، عشان شاهندا متحسش بحاجة.
ابتسم سيف لشاهندا التي كانت تنظر لغضب أخيها الغير مبرر ليقول:
-اركبي هيركب متخافيش.
دلفت شاهندا للسيارة لتنظر غزل لزين تنتظره أن يخبرها تستقل السيارة ليصرخ بها بحدة:
-مستنياني اركبك.
غضبت غزل من أسلوبه لتستقل وتجلس بجوار شاهندا في محاولة منها لكتم دموعها، كادت غرام أن تصيح غاضبة في زين حتى وضع سيف كف يده على فمها يمنعها من الحديث ينظر لعينيها مردفا بهمس:
-نتكلم في البيت.
ابتعدت عنه وهي تزفر في حدة غاضبة من معاملة زين لأختها، ليستقل زين بجوار غزل ليحك مازن مؤخرة رأسه وهو يرى السيارة قد اكتملت ليجذبه سيف من ياقة قميصه ويدفعه باتجاه زين ويغلق الباب ليتقدم من المقعد الأمامي بجوار غرام ويقود السيارة باتجاه منزل كل منهما والصمت يعم السيارة.
لتقطع شاهندا الصمت بمرحها:
-كان يوم جميل أوي.
ليتساءل سيف بقوله:
-روحتوا فين؟
-الأول اتغدينا وبعدين روحنا اشترينا كام حاجة و كنا لسة هنروح بس الراجل اب.
صمتت حينما وجدت أخيها ينظر لها بحدة ولم تكمل سبّها لذلك الرجل الذي اصطدم بهم.
لتعود إلى مكانها وتهمس بأذن غزل:
-غزل أنا أسفة إن.
ابتسمت لها غزل لتربت على كف يدها وتهمس بقولها:
-متتأسفيش، بالعكس إحنا انبسطنا.
كان زين غاضب كثيرا يودّ أن يصب غضبه على أحدهم؛ فزيارة سيف له اليوم كانت صدمة كبيرة عليه لا يستطيع تخطاها.
توقف سيف أمام منزل زين ليدفع غزل لكي تهبط، لتفتح شاهندا الباب و تهبط و يتبعها كلٍ من غزل و زين كاد أن يهبط مازن حتى أردف سيف بهدوء:
-هوصلك.
تقدمت شاهندا من نافذة سيف لتشكره على معاملته وتسأله عن جرحه، هبطت غرام من السيارة لتحتضن غزل وهمست بجوار أذنها ببعض الكلمات لتهدئتها لتنظر إلى زين وتقول:
- لو عرفت إنك زعلتها متلومش إلا نفسك.
تركها و غادر لتستشيط غضبا كادت أن تتبعه حتى توقفت أثر هتافه باسمها لتودع غزل مرة أخرى وشاهندا التي ألتقطت تلك الأكياس البلاستيكية واستقلت غرام السيارة وجلست بجواره غاضبة من زوج أختها.
قاد سيف باتجاه الشركة كما أخبره مازن ليوقف السيارة بعد فترة ليهطبا كلاهما كانت غرام تشعر بالإرهاق لترجع برأسها للخلف تغمض جفنيها.
دفع مازن صديقه غاضبا منه معقبا:
-أنت إيه اللي عملته ده يا سيف؟ متفقناش على كدة.
-أنت أكتر واحد عارف زين هيتأذى إزاي.
-كنت عايزني أشوفه بيرمى نفسه في النار و أقعد أتفرج.
-نتكلم بعدين عشان غرام.
تركه وغادر ليستقل السيارة ويجد أنفاسها منتظمة ليعلم بأنها نائمة ليقود السيارة باتجاه منزل مالك، لتميل رأسها نحوه أثر حركة السيارة لتستقر على كتفه توقف ببطء أمام المنزل ليهبط ويفتح الباب، استطاع رؤية ذلك الذي يقف في شرفة غرفته يتابعهم بعينيه ونيران الغيرة تخترق قلبه نظر إلى غرام وتقدم منها يحملها بين ذراعيه لتحيط عنقه بذراعها الأيسر و تستند برأسها على صدره غارقة في نومها أثر تعبها.
دلف بها للداخل ليجد كل من إحسان وجليلة يتقدمن منه متساءلين بقلق عما حدث ليهتف بابتسامة:
-متقلقوش هي كويسة.
-هي تعبت بس من الطريق فنامت عن أذنك أطلعها.
تركهم و صعد للأعلى حيث غرفتهم ليحاول فتح الباب كثيرا حتى استطاع دلف للداخل لتتعثر قدمه و يسقط بها على الفراش لتصبح أسفله.
استيقظت بفزع لتجده أمامها ذراعها يحيط عنقه ويعلوها لتشعر بالخوف وتبتلع لعابها متساءلة بخفوت:
-كنت بتعمل إيه؟
كان تائه يصب كل نظره لعينيها تلك التي تبث بداخله الطمأنينة والأمان، لم يتفوه بحرف يشعر بغصة تمنعه من الحديث وإجابة سؤالها الغير مناسب نهض و ابتعد عنها و لم يكن بالأمر السهل لقد قاوم أفكاره و رغبته كثيرا في الاقتراب منها أكثر ليعبر لها عن حُبّه ويخبرها كم يشتاق لأن تبادله.
اعتدلت في جلستها ليردف بكلمات يائسة و كأن ليس من حقه أن يحملها أو يحتضنها:
-كنتِ نايمة فمرضتش أصحيكِ فاتخبطت وأنا بحطك على السرير فوقعت.
لِمَا عليه التبرير لـِ لمساته لها إنها زوجته و حقه، دلف للمرحاض يستحم بماء بارد لعله يطفىء تلك النيران بقلبه بينما هي نهضت لتبدل ثيابها وعادت مرة أخرى للفراش لتعاود النوم مرة أخرى.
______________________
غادر الغرفة بعدما أفرغ شحنة غضبه بها كم كان قاسيا في كلماته اللاذعة لم يفعل شيء سوى أنه ألقى اللوم عليها وكأنها اخطأت خطأ جسيم.
كان يتحدث بنبرة غاضبة جعلتها ترتجف في وقفتها كم كانت خائفة أن يضربها فهيئته لا تبشر بخير.
تركها وغادر وهو يشعر بالنيران تندلع داخل صدره لم يكن غاضبا بشدة لأجل خروجهم و تلك الحادثة قد وجدها حجة ليفرغ غضبه الشديد من سيف ومما فعله متساءلا بداخله لما جاء!
إنه هرب منه بكل الطرق الممكنة لم يراه سوى مرة واحدة في الصغر ومنع نفسه ليراه حتى أنه لم يكن يسمح لنفسه بذِكر اسمه أو رؤية صورته حتى أو مشاهدة أخباره و شهرته في مجال التصدير.
كان دائما يعمل لإثبات قدرته على العمل بكفاءة أكبر منه ولكن كبر ليرى أبيه اعتمد اعتماد كلي على سيف وكتب له كل ثروته تاركا له وصية رعاية أخيه الذي لم يقبل رؤيته حتى و لو مرة.
تقدمت منه نازلي بابتسامة متساءلة عن سبب غضبه الكبير ولكنه لم يجيب لتحتضنه وتربت على رأسه قائلة:
-حبيبي اللي كبر وبقى عريس.
-زين عايزاك تفهم إني واقفة معاك علطول وفي ضهرك.
-احكيلي إيه اللي مضايقك؟
-مفيش حاجة يا أمي أنا بخير، شوية مشاكل وكمان الحادثة اللي عملتها شاهندا مش أكتر من كدة.
-وطب ومراتك اللي فوق دِ مش لازم تعاملها حلو.
-متنساش أنت متجوزها ليه، مش هنبقى مبسوطين من النتيجة لو مالك بيه عرف معاملتك القاسية ليها هي ملهاش ذنب.
-بعدين بعدين.
-ورايا شغل.
تركها ودلف لغرفة المكتب ليغلق الباب خلفه ويتقدم من الأريكة ليستلقى عليها بجسده واضعا ذراعه أعلى عينيه يحجب عنه الضوء في محاولة منه للنوم ليس قادرا على مواجهتها الآن.
كانت تجلس على الفراش تبكي على عمرها الذي سيضيع هباءا أثر زواج بلا قيمة، كانت فيه ضحية لعائلتها كغرام لتجرب شعور العيش كغريبة.
_____________________________
دلفت تلك الفتاة إلى المنزل تجر خلفها حقيبتها تنظر لأثاث المنزل بعناية لم يتغير تركت الحقيبة حينما وجدت تلك الخادمة تنظر لها ولثيابها كم بدت غريبة بثيابها الغير تقليدية، فهي كانت ترتدي ثوب قصير يمتليء بالريش يصاحبه حذاء على شكل حية لها رأس ومع زينة لنفس الحيوان.
تقدمت إحسان لتجد الخادمة ثابتة لا تتحرك ولم تحيد بنظرها عن تلك الفتاة غريبة الأطوار بشعرها القصير.
-سيلا.
ابتسمت سيلا لتتقدم من إحسان وتحتضنها بقوة لتربت إحسان على ظهرها قائلة:
-جيتي إمتى؟ وخلصتي شغلك هناك ولا لسة؟
-وحشتيني أوي يا سيلا.
-وأنا جيت أهو وهقعد معاكِ.
-وحشتيني.
-بس إيه اللبس ده!
تعجبت إحسان هي الأخرى من هيئتها لتتساءل عن الأمر لتجيب عليها سيلا وهي تدور بجسدها:
-الموضة يا خالتو.
لتنجذب لذلك الرجل صاحب العضلات القوية والخطوات المتزنة وذلك الهدوء الذي يخيم على قسمات وجهه ولم يكن سوى سيف الذي لم يطوله سلطان النوم ليردف بصوته الهاديء:
-لو سمحت فنجان قهوة يا رشا.
اومأت له رشا لتغادر وتتجه تعد له فنحان القهوة، ليلقي سيف تحية الصباح عليهم ويتجه للخارج ولكنه توقف حينما أردفت سيلا:
-انت يا أخ.
اشار على نفسه لتومأ وتتقدم منه تمد يدها نحوه قائلة:
-أنا سيلا، وأنت؟
وضع كلتا يديه في بنطاله ليردف قائلا:
-سيف.
لتشعر بالحرج وتخفض كف يدها كادت أن تكمل حديثها ولكن قاطعتها جليلة التي جرت على سيف تقف أمامه وكأنها تخبئه من عيون سيلا المعجبة، لتردف بابتسامة صفراء تزين ثغرها وهي تحتضن سيلا بعدم قبول:
-نورتي يا سيلا، هتروحي امتى؟
-صباح الخير يا ابني، روح شوف أنت رايح فين قبل ما تأكلك دِ مبترحمش.
لتكمل المقطع الأخير بصوت خافت لم يصل لمسامعهم، لتردف سيلا:
-مين ده يا طنط جليلة؟
-جوز بنتي.
تعجبت سيلا لتتساءل:
-جوز مين فيهم؟
ابتلعت جليلة لعابها ونظرت إلى سيلا التي تنظر له بإعجاب كبير ودهشة كم تخاف أن تخسره غرام لتدعو الله في سرها أن يحفظ لها سيف وابنتها غرام
-غرام يا حبيبتي، جوز غرام.
-متجوزين من أربع سنين وكام يوم وهيكملوا الخمسة.
-ألا أنتِ ليه جيتي يوم الاربع الساعة تمانية الصبح مجتيش مثلا الخميس الساعة خمسة!
شعرت إحسان بالضيق من معاملة جليلة لابنة أختها المتوفية لتردف قائلة:
-سيلا هتقعد هنا يومين طبعا معايا مع خالتها.
-أه أه يا خالتو.
-اومال فين شريف؟
-في أوضته فوق اطلعيله.
اومأت لها سيلا لتنظر لذلك الذي أثار إعجابها لوهلة، لتصعد للطابق الثاني ولكنها لمحت شريف يخرج من غرفة غير غرفته لتتقدم منه بينما هو كان يبتسم بخبث على تصرفات غرام التي تدل على وقوعها في حبه، بينما غرام كانت تقف خلف الباب تضع يدها على قلبها الذي ينبض بعنف متذكرة كيف كان يعتذر لها عن ذلك الجرح الذي سببه لها بالأمس أثر غيرته وغضبه من تواجدها بجوار سيف الذي يحق له أن يلمسها وهو لا لتنفي تلك الفكرة من رأسها غاضبة من نفسها ومما تشعر به إنها لا تستطيع إخراج حُبّه من قلبها؛ فهي تعشقه منذ الصغر.
نظر شريف لسيلا بصدمة تحولت لابتسامة متسعة ليحتضنها ويدور بها في الممر بينما هي قبّلته على وجنتيه قائلة:
-وحشتني.
-وأنتِ أكتر يا بت.
-بقيتي حلوة أوي كدة امتى؟
-من زمان أنت اللي مش واخد بالك.
لتغمز له باليسرى وهي تشير إلى غرفة غرام متساءلة عن ماهية العلاقة التي تجمعهم، ليقول:
-بعدين، عشان الموضوع طويل وشكلك جيتي ليا من السماء.
-ذوقك من امتى بقى وحش؟
-لا ما اللي أن.
قاطع حديثه خروج غرام من غرفتها بعدما أبدلت ثيابها لأخرى نظيفة ومريحة كان ثوب باللون الأحمر يعلوه جاكت قصير باللون الأسود وحذاء أسود، لتشعر سيلا وكأن دلو ماء بارد سُكب عليها كم أصبحت جميلة هكذا وكيف ولما؟
شحب وجه غرام وهي ترى أكثر الناس تنمرا عليها في الماضي تقف أمامها الآن، لتشعر بأنها عادت لنقطة الصفر فقدت ثقتها مرة أخرى لتقبض على مقبض الباب بقوة كادت أن تخلعه من موضعه إنها خائفة تود الهرب الآن من أمامها لا تستطيع نسيان تلك الابتسامة السمجة التي كانت تظهر على ثغرها في كل مرة تهينها فيها لا تنسى كل مرة كانت تحبسها بغرفتها كثيرا متحججة بأن فتاة مثلها لا تصلح للعب و اللهو.
كانوا كلما بقيوا بمفردهم كانت تهينها وتخبرها في كل لحظة ممكنة بأنها لن تكون سوى أداة لتفريغ رغبات الرجال وأنها لن تصلح للحب أبدا.
شعرت بكل تلك اللحظات تمر أمامها في لحظات معدودة يكاد رأسها ينفجر، اتسعت ابتسامة سيلا على ثغرها وهي ترى شحوب وجهها أثر رؤيتها لتعلم بأنها تركت أثرا بداخلها لن يموت حتى و إن أصبحت جميلة أو ملكة جمال العالم.
عاد سيف إلى غرفته بعدما أنهى قهوته وشعر بأن مزاجه عُدل قليلا وأصبح ألم رأسه أقل حدة ليتجه نحو غرفته ليجد زوجته تقف أمام كلٍ من شريف وسيلا شحوب وجهها أخبره بأن هناك أمر سيء يحدث.
وصل لها في خطوات معدودة يحيط بخصرها يجذبها باتجاهه لتتعلق بثيابه وتقبض عليها، شعرت سيلا بالغيرة من وجود واحدة كغرام في قُبحها سابقا بجوار رجل وسيم مثله.
لتحاول سيلا احتضان غرام ولكنها انكشمت داخل أحضان سيف الذي أردف بحدة وصرامة:
-لو سمحت مفيش داعي للكلام دلوقتي أو الترحيب.
-خلاص ولا يهمك يا حبيبتي بعدين.
-يلا يا شريف.
أصبحت ملامح شريف جامدة حينما رأها تتوسط أحضانه على الرغم من تحذيره لها ألا تقترب منه أمامه وألا تُحبّه، بالفعل قام شريف بتحذيرها من حبه وأنها ستكون مِلكه هو فقط هو الذي تخلى عنها في أسوأ الحالات.
دلفت سيلا لغرفة شريف، بينما غرام بدأت تنتفض في أحضان سيف الذي شعر بالحيرة من حالتها والقلق من أن يكون أحدهما أذاها ليعود بها للغرفة يجعلها تجلس على الفراش يجلس كالقرفصاء أمامها ممسكا بيديها متساءلا بنبرة دافئة:
-مالك؟ حصل إيه؟
انهارت في البكاء لتزداد حيرته وقلقه وجلس بجوارها على الفراش ليتركها تستنفذ كل طاقتها في البكاء لتنتهي بعد فترة ليست قصيرة وتنظر له بعيون حمراء برزت عروقها من خلالها لتستسلم لقبّلته المفاجئة ليبتعد عنها قائلا بهمس خافت أثر أنفاسه المضطربة:
-غرام، أنا بحبك.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
____________________________

قيود الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن