الفصل الرابع والعشرون..

534 20 0
                                    

نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٢٤..
______________________________
ابتعد عنها يطالعها بدهشة أحقا اعترفت لـه للتو!
اعتدلت في جلستها وهي تحكم القبض على الغطاء من حولها لـتقول:
-أحنا هنقضيها نظرات ولا إيه؟
نهضت واتجهت للمرحاض تتركه في صدمته إنها اعترفت له بِحُبها يبدو بأن الحياة فتحت له باب الهوى بعد سنوات، كانت تقف أسفل المياه تفكر في كل ما يدور بحياتها تعرف أنها لن تندم على اختيارها لـسيف ولكن ما يشغلها عما إن كانت ستكون قادرة على إسعاده إن كانت ستستطيع تقديم له الحُبّ؛ إنها فقط تخاف أن تؤذيه.
أنهت استحمامها لترتدي ذلك المعطف الأبيض الذي يُدعى"بشكير، روب الاستحمام" قد وجدته في خزانة مرحاض الفندق أحكمت غلقه واتجهت للخارج لتصطدم به كان ينتظرها أمام المرحاض ليحيط خصرها بذراعيه لتستند على الحائط من خلفها وهي تطالعه بدهشة لِمَا تعلو نظراته أخرى خبيثة وجدته يقول:
-دِ ديما هانم هتفرح أوي.
شهقت بخجل وهي تقول:
-أنت هتقولها!!
-مش هحتاج أقولها هي هتعرف لما يجيلها أول حفيد منتظراه من سنين.
-أنت قليل الأدب، وسع كدة.
ابتعد عنها بينما تعالت صوت ضحكته التي أغاظتها بشدة وتركته واتجهت للغرفة الرئيسية لتقبض على ثيابها وتقوم بإرتدائهم مرة أخرى كانت تقف أمام المرآة تعدل هيئتها لتجذب خصلاتها لأعلى أخرجت من حقيبتها قلم شفاه لتضع منه القليل على شفتيها لترى إنعكاسه في المرآة جذب هو الأخر ثيابه ليخلع الطرف العلوي من معطف الاستحمام لتخرج على الفور وهي تلعنه بداخلها عن ذلك الإحراج.
جلست على الأريكة ترتدي حذائها ليخرج بعد فترة من الغرفة وقد انتهى من تبديل ثيابه و ارتداء حذائه ليقول:
-يلا.
وضعت الحقيبة على كتفها لتنهض وتجده يمد لها يده لتعطيه خاصتها ويغادرا سويا، أنهى سيف الحجز وطلب سيارته لتأتي له ويفتح الباب لغرام التي شكرته واتجه ليجلس في مقعده ويقود السيارة باتجاه المشفى ليفاجئها بسؤاله:
-تفتكري لو كانت الإصابة جت فيا وأنا اللي مُت الأمور كلها كانت هتتحل؟
-سيف، لو سمحت ممكن تبطل التفكير في الجزئية دِ ده نصيبهم وكمان أنا متأكدة إن زين هيبقى كويس.
-وهتبقى علاقتكم أقوى، ولكن فكرة اختفائك مش فكرة كويسة في ناس كتير محتاجاك ديما هانم، شاهندا، وزين.
لتُكمل بنبرة خافتة بالكاد ألتقطتها أذنيه:
-و أنا.
نظر لها بابتسامة لتقابله بأخرى خجولة ليقبض على يدها ويقبّلها برفق توقف أمام المشفى واتجه إلى غرفة زين لتجد غرام أفراد عائلتها تتواجد أمام غرفته فقد هاتفت جليلة ابنتها غزل لتبكي وتخبرها بإصابة زين تعالى رنين هاتف سيف ليتوقف حينما رأى هوية المتصل ليقول:
-هرد على الاتصال وأجي، روحي وأنا جاي وراكِ
اتجهت للأمام بينما هو أجاب على الهاتف ولم يتحدث كان يستمع للطرف الأخر والتي كانت غدير لا تعلم لما أرادت مهاتفته ولكنها تود إخباره بما حدث وتهديد يزيد لها لا يوجد شخص يساعدها سواه لتقول:
-سيف.
-إزيك، يا مدام غدير؟ في حاجة أقدر أساعدك بيها؟
-مالك كويس؟
-أه أه، أنا بس متصلة أطمن عليك أنت وغرام وبابا.
-أحنا كويسين، بس للأسف مش عارف أكلم والدك بخصوص موضوعك حاليا.
-ولا يهمك، أنا.
-أتفضلِ أنا معاكِ.
-ممكن تيجي تزورني أنا ومالك وكمان كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع مهم.
عقد حاجبيه بعدم فهم ما الموضوع الذي قد يجمع كلاهما ولكنه أردف بقوله:
-أنا عندي شوية ظروف مش هقدر أجي الفترة دِ.
قاطعته بقولها:
-حاول معلش بس الموضوع حساس.
-تمام، ممكن أقفل؟
شعرت بالحرج ليغلق سيف المكالمة ويتقدم للأمام حيث توجد غرام التي تحتضن مُراد الذي لم تعد تراه في الآونة الأخيرة وقبّلت يد والدها و وجنتيّ جليلة ثم تساءلت عن حال زين من غزل التي تركتهم وذهبت للاطمئنان عليه.
-سيف عامل إيه؟
-كويس، أخبارك أنت؟
-كويس.
وقف الجميع في الخارج يودّ الاطمئنان عليه ولكن غزل لم تخرج بعد كانت بمفردها تنظر لمؤشراته الحيوية حتى وجدته يستجيب لتنظر له بلهفة وتقبض على يده قائلة:
-زين سامعني؟
ليضغط على كفها برفق دلالة على استجابته ليحاول فتح عينيه ولكن قابلته الإضاءة القوية ليغلقهم مرة أخرى وكرر تلك الحركة حتى اعتادت عيناه على الضوء لتقع عيناه عليها لتقابله بأخرى سعيدة يرى الفرح من خلالهم إنه استيقظ وتلك كانت عمليتها الأولى، قام بإزالة قناع الأوكسجين متساءلا بنبرة خافتة بالكاد سمعتها:
-سيف فين؟
-زمانه جاي.
-ونازلي؟
-في العناية المركزة إصابتها أشد.
-أنا هنا بقالي قد إيه؟
-يوم.
-أنا هقولهم يدخلوا عايزين يطمنوا عليك.
كادت أن تغادر حتى قبض على يدها ليقول وما زالت نبرته خافتة تحمل الكثير من المشاعر:
-مش عايز أشوف حد، أرجوكِ.
شعرت بالحيرة منه ليظهر الألم على قسمات وجهه وتقترب منه مرة أخرى لترفع يدها بتردد إلى رأسه وتقول:
-حاضر، أنت بس طمني حاسس بوجع؟
نفى برأسه لتقول:
-طب هخرج أطمنهم وأجي.
-لو سيف بره دخليه بس.
حركت رأسها بالإيجاب ودنت بإتجاهه تقبّل رأسه بحنان لا تعلم لما تصرفت بذلك الشكل ولكنها تشعر بشيء يجذبها نحوه كل مدى أصبحت تنظر له بنظرة مختلفة وشيئا بداخلها أتحرك نحوه، تركته دون النظر في عينيه من خجلها بينما هو تعجب حركتها تلك لترتسم  ابتسامة صغيرة على ثغره سرعان ما اختفت.
-بقى كويس ولكن ممنوع الزيارات لغاية ما نطمن عليه ونعمل كل اللازم.
اقتربت جليلة من غزل تحتضنها وتقول:
-خليكِ جمب جوزك متسيبهوش.
ابتسمت لها غزل بامتنان وقال مالك:
-طيب نزوره مرة تانية، يلا يا مُراد وصل أمك للبيت وتعالى على الشركة عايزك.
-حاضر يا بابا.
-يلا يا ماما.
-مش هتيجي يا غرام؟
اقتربت غـرام من سـيف وتعلقت بذراعه لتقول:
-هشوف سيف يا أمي الأول.
نظر سيف لغزل التي أشارت له بالنفي ليستنتج رفض زين باستقبال الزيارات، لـيقول:
-هعمل كام مشوار مع غرام وهأجي أتغدى معاكِ يا ست الكل أنتِ تؤمري.
ابتسمت له جليلة و ربتت على كتفه بحب ومن ثم دعت له وغادرت مع كلٍ من مالك ومُراد، لتقترب غزل منهم قائلة:
-عايز يقابلك.
حرك رأسه بالإيجاب ليتنهد بعمق وينظر إلى غرام التي حثته على الدخول ليتجه للداخل بينما غزل ألقت بجسدها على المقعد من خلف غرام، لتتعجب غرام من تفوه غزل ببعض الكلمات المدهشة:
-عارفة يا غرام؟ لـأول مرة أحس بالخوف أوي كدة.
-لما شوفته جاي بنقالة غرقان في دمه حسيت إن روحي اتسحبت، حسيت إني توهت روحت لعالم تاني تخيلت الدنيا من غيره حسيت إني هبقى وحيدة وفجأة لقيت حاجة بتتلف حوالين رقبتي وأنا شايفاهم بيجروه قدامي لغرفة العمليات وأنا واقفة متكتفة.
جلست غرام بجوار أختها تستمع لكلماتها والتي توحي بِـبداية قصة حب جديد من طرف واحد على الأغلب، لتكمل غزل وهي تتساءل:
-تفتكري ده إيه يا غرام؟!
ابتلعت غرام لعابها لتجيب بشرود:
-لقد اُبتلينا بِحُبّ أولاد آل قاسم، ولكن كِلاهما من طرف واحد.
لم تفهم غزل ما تفهوت به غرام لأنها أجابتها بالألمانية ولكنها شعرت بشيء سيء من تعابير أختها، لتشعر غرام بـغزل وهي تبتسم وتنظر لها لتتعجب وتطالعها بتساؤل لتجيبها الأخرى:
-لا بس عجبتيني لما مسكتي في دراع سيف وقولتي لما أشوف سيف الأول.
لتغمز في نهاية حديثها وتتساءل:
-هو في إيه بالظبط؟ صفحة جديدة دِ ولا إيه؟
تنهدت الأخرى بِعُمق وكأنها تخرج كل ما يعتري روحها لتجيب بقولها:
-وكأني بفتح صفحة جديدة مع نفسي كل يوم ولكن الأيام مش في صالحي وترجع الصفحة القديمة تكمل القصة.
على الجهة الأخرى، تقدم سيف من زين وجلس بجواره على الفراش ليحاول زين الاعتدال ليساعده سيف لينظر لـه زين في عينيه ولكن الأخير يهرب بنظراته:
-سيف بُص ليا.
-ما أنا باصص أهو، المهم قولي أنت كويس؟
-أه الحمدلله.
-أنا أسف.
رفع عينيه نحوه ليبتلع لعابه وقد ارتبك قليلا، لا يعلم عما إن كانت ردة فعله ستنال إعجابه بينما زين كان يشعر بالحرج لصمت سيف الذي فاجئه باحتضانه ليبادله الأخر وقد اجتمعت الدموع في مقلتيه ليقول:
-أسف على كل لحظة حرمتني وحرمتك من اللمة.
-أسف لأني كنت حِمل كبير عليك.
-أسف على كل لحظة منعتك عني وعن شاهندا.
-أسف على كل لحظة جت ليا ومستغلتهاش.
-أسف، يا سيف.
انهار زين في البُكاء بين أحضان أخيه ليربت سيف على ظهره برفق ويقول:
-أنت أخويا يا زين كل شيء يتعلق بيك يخصني.
-أحنا أخوات، أنا هنا عشانك.
-أنا اللي أسف ليك على كل شعور بتحس بيه دلوقتي.
-أسف.
قبّل مقدمة رأسه بينما الأخر كان نادما على كل لحظة اختار فيها البُعد بدلا من معرفة الحقيقة.
ابتعد عنه قليلا وقام بإزالة تلك العَبرات لـيقول:
-أنا جمبك.
-عايزك تعرف شاهندا، عشان لو حصلي حاجة.
قاطعه الأخر بحدة:
-زين، أنت بتقول إيه؟
-أنت كويس وهتبقى كويس وهنعيش سوا وهنكبر سوا وشاهندا أنا وأنت هنسلمها لعريسها سوا.
-الحياة هتبقى حلوة.
طُرق الباب وقبل أن يأتيها رده دلفت للداخل لـتقول:
-جيت أطمن عليك وعشان تأخد الدواء.
نظر لها زين بملل بينما سيف أفسح لها المجال لتبتسم له وتزودّ المحلول الخاص بزين ببعض الحقن، ليتساءل سيف عن غرام لتجيب قائلة:
-بره بتتكلم في التليفون.
غادر سيف الغرفة واتجه للخارج ليجدها تعطيه ظهره تضع الهاتف على أذنها وتتحدث بنبرة جادة لا تقبل النقاش، لتصمت بتخشب حينما وجدته يحيطها بذراعيه من الخلف ويضمها له.
لتكمل حديثها باضطراب:
-أكمل أنا معك.
-سأتي عما قريب، لا أريد أخطاء في العمل.
-وإن قام جوزيف بشيئا أخر أخبرني.
-حسنا، اذهب لعملك.
أغلقت الهاتف ونظرت حولها بترقب ولكنها لم تجد أحد لتلتفت لـه وتصبح تقابله وجهها لوجه وما زالت ذراعيه تحيطها لتقول بهمس:
-أنت بتعمل إيه؟
-وسع ممكن حد يشوفنا.
-هو أنا بعمل حاجة غلط! واحد ومراته.
-زين عامل إيه؟
-الحمدلله، كنتِ بتكلمي مين؟
-كنت بشوف الوضع ماشي إزاي في ألمانيا، أنت عارف أنا وأنت مش هناك فبتطمن على الشغل.
-وسع أروح أسلم على زين.
تركها لتهرب منه وتدلف للغرفة تتنفس الصعداء، بينما هو استند على الحائط من خلفه يرفع يده إلى صدره حيث موضع قلبه يتنهد بأنفاس حاره يعلم بأنها تجاهد كثيرا حتى تُحبّه وهذا يكفي لـقلبه.
-حمدلله على سلامتك.
-الله يسلمك.
-هو مازن مش بره؟
-لا.
تمتم بداخله عن سبب اختفاء مازن لطالما كان بجواره في كل الأوقات، شعر بالقلق ولكن حاول تهدئة نفسه مبررا بأنه ربما لديه بعض الأشغال في الشركة.
دلف سيف واستأذن بعدما اطمئن على حال زين و وصى غـزل عليه ليغادر مع غرام، بينما غزل جلست بجواره على الفراش لتقبض على يده وتقول:
-أنا حاسة بيك وبحزنك إن شاء الله طنط هتبقى كويس ا.
جذب يده منها وقال بنبرة جامدة:
-أنا مش حزين ومش زعلان، أنا كويس.
-أنا عايزة أخفف عنك.
-وأنا مش عايز يا غزل في حاجة؟
شعرت بالحرج من معاملته القاسية لها، لتنهض وتقف أمامه تقول:
-أسفة لو كنت تجاوزت حدودي و.
قاطع حديثها تلك الفتاة التي اقتحمت الغرفة بدون مقدمات زادت من دهشة ذلك المُصاب إنها جود قد عادت ليهتف باسمها بهمس "جود".
بينما غزل طالعتها باندهاش إنها فتاة في بداية العقد الرابع ترتدي ثياب باهظة الثمن تتقدم من زين بخُطى ثابتة ومتزنة.
في الخارج، كاد أن يخرج من المشفى هو وغرام حتى وجدها تترجل من السيارة تتقدم للداخل بخوف ولهفة ولكن توقف الزمن حينما تقابلت أعينها بخاصته إنه أخوها سيف لقد حُرِمت منه لسنواتٍ عدة إنها تحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى.
اقتربت منهم بخُطى بطيئة بينما غرام ابتعدت عنه قليلا تفسح لهم المجال للحديث ولكنها باغتتهم باحتضانها المفاجيء لـه.
نظر سيف لـغرام بتِيه لتبتسم له وتخبره بأنها ستنتظره بالقرب من السيارة، بينما شاهندا بكت وهي تقول:
-ليه؟ ليه بِعدت عننا كل ده؟ ليه محاولتش تشوفني؟
-أنا كنت محتاجالك في أوقات كتير.
-متسبنيش تاني.
قبّل مقدمة رأسها وتحرك بها حيث حديقة المشفى بينما هي ما زالت في أحضانه تبكي ليجلس على المقعد المتواجد ويقول:
-المهم إننا مع بعض دلوقتي.
تساءلت بقولها:
-ماما و زين؟
-هيبقوا كويسين.
ابتعدت عنه قليلا ونظرت لـه بحرج لتقول وهي تفرك بيديها بارتباك وتقول بتلعثم:
-غرام.
-مالها؟
-لو عرفت.
قاطعها بقوله:
-غرام قالت ليا إنك عرفتي.
نظرت له بتفاجيء وأردفت:
-دِ قالت ليا مقولش ليك عشان خاطر متحسش إنها قالت سِرك.
تنهد بأنفاس حارة وأعادها مرة أخرى لأحضانه ليتذكر حينما حاصرها بقوة حتى تخبره ما الذي أصاب أخته حتى تسقط مغشيا عليها.
-قولتلك مفيش حاجة.
-غرام أنتِ عارفة شاهندا بالنسبة ليا إيه.
-لو سمحت لو في حاجة أقدر أساعد.
قاطعته:
-متقلقش الموضوع مش كبير للدرجة دِ، هو بس.
نظر لها يحثها على الحديث لتستجيب لإصراره وتلك النظرة العميقة التي تجعلها تغرق فيهم لتقول:
-أنا بلغتها بالحقيقة وإنك أخوها.
صمت قليلا يطالعها بلا تعابير محددة حتى ربت على رأسها وقال:
-وأنتِ زعلانة ليه؟
-عشان أفشيت بسرك وخاصةً إنك بتحب تحتفظ بخصوصيتك وحياتك الخاصة لنفسك ومبتحبش حد يتكلم عنها.
-لو مكنتش واثق فيكِ مكنتش بلغتك بأي حاجة تُخصني.
أفاق من شروده على كلمات شاهندا:
-ممكن تأخدني معاك؟ حاسة إني مش هقدر أشوفهم.
حرك رأسه بالإيجاب ونهض بها يتقدم حيث يركن سيارته في الخارج لمحها من على بُعد تتحدث في الهاتف ويظهر على ملامحها الضيق ليبتسم وتتعجب منه شاهندا وهي تتساءل عن الأمر كاد أن يجيب حتى استمع لحديثها الحاد وهي تركل السيارة بقدمها من شدة غضبها:
-أنتِ مالك ومال سيف! هو من بقية أهلك؟
-أنتِ بتهدديني!!
انتفضت من مكانها حينما وضع يده على كتفها ليهدئها بنظراته بينما هي أغلقت الهاتف بغضب ولكن سرعان ما استعادت توازنها حينما رأت شاهندا لتبتسم لها، بينما هو قبض على يدها وقام بفتح الباب لها لتستقلها ويفتح الباب الخلفي لأخته ويذهب ليجلس في مقعد السائق ويقود السيارة بعدما ألقى نظرة خاطفة على غرام التي كانت تحاول التصرف بطبيعية ولكن كيف وغدير أختها تهددها بإخبار سيف عن تواصلها بِـ يزيد.
كانت تقف تنظر لهم بِـدهشة بينما زين لم يختلف عنها كثيرا إنها أمامه حية تُرزق، كاد أن ينهض من موضعه ولكنه لم يستطع لتجري عليه وتسنده ولكنه أردف بقوله:
-اخرجي يا غزل دلوقتي.
نظرت لـه بتردد لتنقل بصرها إلى تلك الواقفة بِبرود ولكن هناك لمعة قوية في عينيها تتساءل بداخلها عما إن كان من الصواب تركهم؟ نظر لها زين بحدة لتبتعد عنه تدريجيا وتغادر ما أن أغلقت الباب حتى اصطدمت بصديقتها التي أردفت بسخرية:
-المستشفى بقت ليكِ وجوزك ولا ايه؟
-لو سمحت مش فاضية أتكلم.
تركتها وغادرت وهي تتساءل عن هوية تلك الفتاة، اقتربت منه لتجلس على الفراش بينما هو كان صامت يحاول تحديد هوية مشاعره إنها أمامه بعد أن رفض كل النساء من أجلها.
-أنا مش جاية أقولك كلام الأفلام وإنه كان غصب عني وأنا أسفة سامحني.
-أنا جاية أقولك إني لسة بحبك يا زين.
-أنا جود مراتك وحبيبتك.
-وحشتني أوي.
اغرورقت عينيها بالدموع وأكملت حديثها:
-أنا تعبت أوي في بُعدك.
جاءها صوته الخافت بذلك السؤال المتوقع:
-ليه؟
-لأنه كان في أيامه الأخيرة.
-طلبني وأنت عارف كان معارض على جوازنا إزاي روحت ليه وأصر عليا أقعد معاه.
صمتت قليلا وأكملت حديثها:
-ومات من يومين وأول ما رجعت عرفت بالحادث وجيت لهنا علطول.
-أنتِ اتخليتِ عني.
-بس بحبك.
-جود.
-عيونها.
اقتربت منه في جلستها وقبضت على يده تقبّلها أمام عينيه المشتتة وكأنه عاد ذلك المُراهق مرة أخرى، وضعت رأسها على صدره أسفل ذقنه بينما هو اتجه ببصره للأمام إنها هنا بجواره وبين أحضانه ماذا يريد الآن؟
____________________________
غادرت البناية التي تقطن بها حتى وجدته يقف مستندا بجسده على سيارته ليعتدل في جلسته حينما رأها ويقترب منها ولكنها تجاهلته واتجهت إلى سيارة أبيها تستقلها ولكنه وضع يده على الباب يمنعها لتقول وهي تغمض عينيها تحاول تمالك أعصابها المُتعبة:
-لو سمحت يا مازن متعملش مشاكل.
-لـيه؟
-لـيه إيه؟
-لـيه اتخليتِ عني؟
فتحت عينيها ونظرت لـه ليرى احمرار عينيها وتلك الدموع التي تتجمع بداخلهم لـتقول:
-أنا مش عايزة أتكلم.
قبض على ذراعها يقول بحدة:
-وأنا ليا حق إنك تقوليلي سبب الإنفصال، يا نسمة.
-لا أنا اسمي جعفر ولا نسيت يا مازن؟
عقد حاجبيه بقوة لترتخي يده من معصمها ويقول:
-قصدك إيه؟
حاولت فتح الباب ولكنه أعاد سؤاله مرة أخرى:
-قصدك إيه يا نسمة؟
أغلقت الباب بعنف و اعتدلت في وقفتها لتصبح قِباله وتعقد ذراعيها بقوة وتقول:
-عايز تعرف؟ بجد؟
-أنا منفعكش يا مازن لا أنت ولا أي راجل تاني.
-أنا بالنسبة ليك وبالنسبة لأهلي وبالنسبة لأي شخص يشوفني أنا جعفر أنا مستحقش إني أكون بنت.
-مش بلبس زيهم ولا شبههم ولا حتى بعرف أعبر عن حُبّي.
-أنا في حياتك شريكة حياة وبس.
-أنا كمالة عدد في حياتك يا مازن.
-لو خيروك بيني وبين زين هتختاره هو، أنا مش حاسة إني مالكة ده.
أشارت بسبابته على موضع قلبه، لتقول وقد استسلمت لمشاعرها الجياشة وانهمرت الدموع على وجنتيها:
-أنت دايما بتقارني بكل البنات حواليها حتى لو مش بتبين ده، دايما بتشتكي مني ومن كلامي.
شهقت عدة مرات بينما هو كان مصدوما مما تشعر بِـه أحقا كل ذلك خبئته بداخلها طوال سنوات، إنها تعاني كثيرا ولكنه لم يشعر بِـها ولو لـمرة.
ابتلع لعابه بينما هي فتحت الباب واستقلت السيارة لتقبض على المقود بقوة وتنظر للأمام بينما هو ابتعد من طريقها ليفسح لها المجال للمغادرة، ليقترب من سيارته ويجلس بداخلها صامت ظاهريا ولكن النيران تشتعل بداخله.
_____________________________
كان يجلس على الأريكة وهي أمامه بتلك الثياب الكاشفة وتقول بسخرية:
-خطتك الجاية إيه؟ أهو أنت اللي بلعت المخدر واترميت هنا ليومين.
نظر لها بغضب لتضع قدما فوق أخرى وتنظر لها بلامبالاة:
-غـرام هتكون ليا بمزاجها أو غصب.
-فوق يا شريف غـرام مش مِلكك من يوم ما اتخليت عنها في ألمانيا وهي مش مِلكك.
-وأنا متعودتش أعوز حاجة ومأخدهاش.
نظرت لـهُ بسخرية وعلقت عليه بقولها:
-ما أهي كانت قدامك، وكمان ما غدير رجعت محاولتش ترجعها ليك ليه؟
اعتدل في جلسته وقد التمعت عينيه وهو يقول:
-غدير طول عمرها جميلة من صغرنا وهي مكتوبة ليا كأنها كتاب مفتوح ليا.
-أما غـرام عاملة زي الطبق اللي جواه أشهى أكل ولكنه متغطي والغطاء مترفعش إلا لما رجعت لهنا بعد أربع سنين وأنا بقيت هموت وأكل الطبق الشهي ده.
-طب ما تؤمر ناس تخطفها وتخدرها وساعتها أعمل اللي أنت عايزه.
-تؤ، أنا عايزها تيجي ليا بمزاجها وتكون بين حضني قدام سيف.
-ومالك بِـ سيف برضو؟
-سـيف هو اللي اكتشف جمال غـرام وخده كله لـنفسه عشان كدة عايزه يتعلم ميأخدش حاجة مش مقسومة ليه.
كان يتحدث بِـغل وحقد وهو يطالع سيلا الجالسة أمامه والتي كانت في انتظار تنفيذ الخطة باستدراج غرام له ولأحضانه حتى تقوم بتصوير كامل الأحداث ولكن غـرام كانت الأذكى وقامت بتبديل الأكواب سريعا ليسقط مغشيا عليه أمامها.
_____________________________
كان الجميع يجلس على المائدة يتناول طعام الغداء، كان يجلس سيف بين كلٍ من غـرام وشاهندا وأمامه جليلة التي كانت تضع الكثير والكثير من الطعام أمامهم كان مالك يقبض على يد غـرام يطالعها بنظرات لم يفسرها الجميع بينما كلٍ من عبد القادر وإحسان يجلسا بجوار بعضهم البعض ويتسامرون على الرغم من ضيق عبدالقادر من تصرفات ابنه التي تخبره بها إحسان ولكن مالك طمئنه بقوله " نحن أخوة، لا يمكن لأخطاء الصغار أن تفرقنا ".
كانت تنظر غـرام لـ سيف تبادلهُ ابتسامته لتعبس بوجهها على الفور وهي ترى غدير تتقدم من غرفة الطعام تمسك بيدها ابنها وبالأخرى حقيبة ثيابها.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
____________________________

قيود الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن