نكمل روايتنا قيود الماضي
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٥٠..
الخاتمة١.
_________________________________
كانت تجلس على تلك الأرض الخضراء بجانبها صندوق يحتوي على أطعمة عِدة وتقوم بصنع بعض الشطائر هاتفة باسمه:
-سـيف.
وجدت من يجلس خلفها يقبّل عنقها بابتسامة متساءلا:
-هل افتقدتينا؟
أدارت رأسها نحوه تبتسم وتقبّله برفق متساءلة:
-أين أدم ومالك؟
-يلعبا سويا هناك، لقد أخبرتهم ألا يأتوا حتى يمكنني الجلوس معكِ قليلا.
ليمرر سبابته على معصمها ويتحدث بينما يداه تنتقل لبطنها البارزة:
-منذ أن أنجبتِ أدم وحملتِ بـفريدة أصبحتِ مُبتعدة عني.
كانت تبتسم لمداعبة يده لـها ونظراته لـها التي لـم تتغير عبر السنين، ما زال يطالعها بنفس الحب والشوق لتبادلهُ بأخرى كانت مليئة بالأمان والطمأنينة والحبّ لقد تخلت عن الخوف منذ أن تحررت من قيدها، ذلك القيد الذي يقيدنا جميعا داخل ذِكرى لـنبقى أَسْرى لـها قد تكون الذِكرى موقف، إنسان، حلم لـم نحققه فماذا إن اجتمع ثلاثتهم يبقى الإنسان ضعيفا وهشًّا يبحث عن ملجأ يلقي عليه عُقدته ويجري هنا وهناك حاملا في قدميه أقْيادٍ من حديد تثقل الإنسان وتُرهقه نتعثر في طريقنا في حُفَر لا نعلم كيف ظهرت رُبما لأننا في طريقنا لـم نلتفت قط للأمام لطالما كنا نطالع ما خلفنا ما ذهب ومضى وبقينا نحن أُسْرى يداخله نطالع نفسنا المحبوسة داخل ذلك القفص على الرغم من أنهُ مفتوح ويمكنها الخروج منه ألا أنها تُفضل المكوث فيه رُبما لأنها تعودت أن تبقى بداخله أو رُبما أنها ظنت أن لا مخرج غيره وإن خرجت ستُهلك.
*"النظر للخلف يُسقطكَ في أول حُفرة تقابلها"*، كلما سقطت في حفرة وجدت من يمد لـها يد العون ليخُرجها ويساعدها من هلاكٍ محتوم ولكنها فضلت أن تبقى مُركزة في الخلف على أن تنظر لجانبها تنظر لـه بتوجس وغرابة لِـما ساعدها بالتأكيد لديه مصلحة معها تتطرق لتلك الفكرة العقيمة بالتأكيد لـن يساعدني دون مقابل أنه يحتاجني، رُبما لأنها تعودّت على التنازل من أجل أحدهم من قبل وغـادرها دون تبرير ظنت أن الجميع مثله، حصرت جميع الناس في شخص واحد هجرها وغـادرها لذا ظنت أنها سقطت في فخ أخر وبدلا من أن تهرب من الفخ الحقيقي وهو الماضي هربت من هذا الذي بجانبها ظنت بأنه هو مُعذبها لـم تدرك قيمته إلا عند فقدانه حينها سقطت في حُفرة ولـم تخرج منها أبدا لـم ترى شعاع النور من بعدها ظلت تنادي وهي في تلك الحُفرة ولكن لا أحد يسمعها هي من اختارت ألا يسمعها أحد وألا يُقدَم لـها يد العون، وجدت من ينتشلها من تلك الحُفرة مرة أخرى الوحيد الذي استمع لأنينها رغم ضعغه، الوحيد الذي لـم تهون عليه بينما هو هان رُبما هي كانت محظوظة بصدق حُبّه، ولكن تلك الفُرص لن تُعاد نظرت لـقيدها وثم لـه إنه لـن يحررها كان مجرد وسيلة لإيقاظها وليس لتحريرها جلست كالقرفصاء تزيل ذلك القيد ولكن ما أن لمسته وما أن أدركت وجوده حتى تلاشى وخرجت شبيهتها من ذلك القفص المفتوح سابقا لقد علمت الطريق وتحول ذلك المكان المهجور المُظلم إلى أخر شمسه قد أشرقت تنعكس على تلك الورود و الأشجار والأعشاب القصيرة الخضراء تبدأ حكاية جديدة.
وضعت رأسها على فخده بينما هو كان يمرر يده اليمنى على بطنها ويبتسم لـها ليأتي لـها كلِ من أدم و مالك ويجلسا بجانبهم لترى أمامها غدير تبتسم لأول مرة تزورها مُبتسمة رُبما لأنها استطاعت أن تتحرر من قيودها على عكسها لقد استطاعت فعل ما لـم تفعله وتوفت ضحية لحُبّ مزيف وشخص ملعون، ابتسمت غـرام بقوة وهي تطالع سـيف يقبّلها بعشوائية و ابنها أدم وأيضا مالك ذلك الذي نال الحب بين ذراعيها والأمان بين ذراعيّ سـيف.
كان ينظر لـها من حين لأخر متعجبا من ابتسامتها التي لـم تختفي قط منذ أن جلبها لـهنا، نهض من جوارها متجها لتلك النافذة ينظر لـجرح ذراعه الذي ضُمِد بشاش طبي ويتنهد بقوة مما أصابه وأصابها وأصاب العائلة بالكامل لـم يهدأ لـهم بال إلا عندما هاتفهم ليخبرهم بأنها معه وأنها بخير، لتبدأ شاهندا في بدأ يومها كـعروس وتأتي خبيرة التجميل لـها وكذلك نسمة في منزلها بينما كلِ من مُراد و مازن و زين جميعهم في غرفة واحدة، اليوم بداية جديدة رُبما للجميع.
رمشت قليلا قبل أن تفتح جفنيها ترفع يدها إلى رأسها لتتوقف عند ذلك الشاش واللاصق الطبي وترفع يدها أمام وجهها لتراها قد ضُمدت لتتساءل بداخلها باندهاش أهي على قيد الحياة؟! حاولت النهوض لتشعر بثقل في جسدها ولكنها تحاملت لتنظر حولها وتتعرف على ماهية المكان لقد كانت غرفة في فندق وقبل أن تخطو خطوة أخرى وجدته يخرج من النافذة وما أن رآها حتى تقدم منها بلهفة يتساءل عما إن كانت تشعر بالألم ولكنها ابتسمت كما كانت تبتسم قبل قليل ليطالعها بتعجب بينما هي احتضنته بقوة استشعرها من قبضة ذراعيها ليبادلها بقوة أكبر ويبتسم مقبّلا رأسها أردف بخفوت:
-حمدلله على سلامتك، وحشتيني.
-أنا بحبك.
-بقينا نقولها عادي كدة!
ضحكت أثره بينما هو جلس على الفراش ليجذبها تجلس بجواره بينما هي كادت أن تتحدث وقد فهم ما ستقوله بالتأكيد ستتساءل عما حدث ليقاطعها بقوله:
-مش مهم، المهم أنك كويسة وبخير قدام عيوني.
-وشري.
قاطعهم رنين هاتفه ليخرجه ويُجيب:
-أيوه أنا سـيف آل قاسم.
-أه، معايا.
تساءلت ليبعد الهاتف عن أذنيه قائلا باستغراب:
-حد من المستشفى بيقول أنه عايزك.
جذبت الهاتف منه قبضته لتضعه على أذنها كاد أن يتحدث حتى وضعت يدها على فِيه لتردف:
-معاكِ مدام غـرام.
-أه، معلش تليفوني اتسرق اتفضلِ سمعاكِ.
تهللت أساريرها عقب ما تفوهت به الممرضة تخبرها بنتيجة التحليل التي قامت بأدائه لقد كانت إيجابية، رُبما سيتحقق الحلم الذي حلمت بِه قبل قليل شكرتها كثيرا وما أن أغلقت معها حتى صرخت بحماس وهي تحضن سـيف بقوة حتى سقط كلاهما على الفراش بينما هو يستغرب تصرفاتها حتى أنها أقدمت على تقبيله ليطالعها بدهشة حقيقية برزت في عينيه و ملامحه.
-مُدينة لي بتفسير.
-ليس الآن.
-حسنا، لِـما كنتِ تبتسمين كالبلهاء في نومك؟
-حلمت بِـك.
-حقا! هل كنت أمثل دور مهرج في الحلم؟
ضربته بقبضتها الصغيرة وهي تبتسم لتردف قائلة بخجل:
-لقد أنجبنا في الحلم.
-تعنين أنك قمتِ بالولادة أم شيئا أخر؟
جحظت عينيها ما أن أدركت مقصده لتلكمه في معدته بينما هو تآوه ليتبعها اِبتسامة برزت على شفتيه وجذبها لـه يحاوط كتفيها بذراعه متساءلا:
-حسنا، أخبريني ماذا كان الحلم؟
لتخبره عن تفاصيله ولـم تغيب اِبتسامتها عنه أو عن وجهها كلما تذكرته وتذكرت تفاصيله وتلك اللمعة في عينيه عند حديثها بذلك الحلم.
نظر لساعة يده وأدرك بأن الوقت قد تأخر لينهض قائلا:
-يلا عشان الفرح.
لتتذكر عائلتها والتي قد نستها بعضا من الوقت وتتساءل عن أحوالهم بينما هو جذبها خلفه للمرحاض وما أن أدركت موقعهم حتى تساءلت:
-إيه؟
-إيه.
-إيه؟
-إيه.
-أيوه إيه أنت؟ جايبنا هنا ليه أنا وأنت؟
-المكان ده لاستخدام شخص واحد.
-بتتكسفي مني؟
-أومال لو مكنتيش حلمتي أننا خلفنا كنتِ هتعملي إيه؟
-سـيف.
-عيونه.
-أخرج بره.
ابتسم عليها وعلى خجلها وغـادر بينما هي أغلقت خلفه الباب وهي تبتسم لتنتقل بيدها نحو معدتها بتلقائية لقد تحقق حلمهُ لطالما كان يحلم بقطعة تشبههُ وتشبهها ابتسمت لتتجه نحو حوض الاغتسال وتستحم تنعم بذلك الدفء على جسدها كم تشعر بالإرهاق أثر العنف النفسي والجسدي الذي تعرضت لـهُ ولكن لـما لا تتذكر ما حدث أخر ما تتذكره هو صراخهُ باسمها ظنا منهما أنها النهاية.
في الخارج، أحضر فستانها الخاص والتي ستُفاجئ بِـه وبلونهُ بينما هو كان يقف أمام المرآة يغلق أزرار قميصهُ ويرتدي حزامه لتخرج وهي ترتدي معطف الاستحمام تتعجب من اختياره لنمط الحُلَّة فكانت تليق أكثر بـعريسٍ أردف قائلا:
-تعالي.
تقدمت منه ليجذبها خلفه برفق ويجلسها على تلك الأريكة وقد أحضر بعض المستلزمات الطبية لتطهير جراحها ليجلس أمامها ويخرج قطن ومطهر ليبدأ في تنظيف جرحها أعلى حاجبها بينما هي تتأمله كم يبدو جميلا من الأمام عينيه بُنية و لحيته تعطيه شكل جذاب بالإضافة لبشرته وملمسها كانت تشعر برغبة في الاقتراب منه ولكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة وهي تنهر نفسها على تلك الأفكار التي تراودها لـم تشعر بالوقت إلا عندما قبّل وجنتها ونهض لترفع يدها لرأسها لتجده ضمد جرحها نظرت ليدها لتجد آثارا عليها وتتجه للداخل تجذب الثوب وتخرجهُ من صندوقه البلاستيكي وتتفاجئ بلونه الأبيض نظرت لـه لتجده يراقبها عبر المرآة تساءلت وهي ترفع الثوب:
-سـيف، إيه ده؟
-حلمي.
اقترب منها يجذبها نحوه برفق ويحيط خصرها بذراعيه ينظر لعينيها ويردف:
-كنت أتمنى أنك تلبسي ليا الأبيض برضاكِ، يا غـرام.
ارتفعت وتيرة أنفاسها وهي تطالعه لا تستوعب كل هذا الدفء تتساءل عما كان يخدعها ولكنه صادق عينيه لا تكذب أبدا ولا تخون، احتضنته بقوة وهي تردف بمزاح:
-هيقولوا إني غيرانة منهم.
-مش مهم.
رفعت رأسها نحوه وهي تهمس لـه:
-بحبك.
بدأت في اِرتداء الثوب ليساعدها فيه كانت تقف أمام المرآة بينما هو يغلق سحاب الفستان كان يكتم أنفاسه من هيئتها الملائكية، كان الثوب يتسم بوسع خفيف ليس كفساتين الزفاف الأخرى والدائرية كان بأكمام طويلة تخفي تلك الآثار الحمراء في يديها حتى ملاحظة كتلك لـم تغيب عنه على الرغم من أكمامه الطويلة ألا أنّ كتفيها بارزان بعظمتيّ الترقوة، ليضع حزام حول خصرها يتكون من حبيبات اللؤلؤ البيضاء متجمعين على شكل ورقيات الشجر الخضراء متشابكين معا ليقوم بمساعدتها في اِرتداء الحُلِيّ وما أثار دهشتها أنه ما زال يحتفظ بتلك السلسلة الفضية على هيئة مفتاح وكأنه يخبرها بأنها الوحيدة التي تمتلك خزائن قلبهُ ليضعها حول رقبتها ويطبع قبلة على عنقها البارز أمامه يغلق جفنيه يستنشق رحيقها يحاول تصديق ذلك الحلم أنها بين ذراعيه وترتدي الأبيض من أجله وبإرادتها، ترك خصلاتها حرة ولكنه عقد القليل منهم من الخلف و قد ترك بعض الخصلات الحُرة المتمردة على وجنتيها كانت تغلق عينيها تستمتع بلمساتهُ الحُرة على وجهها وخصلاتها جلست على الفراش لتهمّ باِرتداء الحذاء ولكنه جلس على إحدى ركبتيه ليضعهم في قدميها كانت تشعر بالخجل منه وهو يساعدها في اِرتدائهم كان حذاء أبيض بكعب متوسط الطول لا يبرز فرق الطول بينهم على وجهته الخلفية قطعة قماش من الدانتيل على هيئة "فيونكة" كما يُدعى مقسمة على هيئة مثلثين بعُقدة من المنتصف.
لينهض ويرتدي سترتهُ الخارجية ويضع منديلا في الجيب الأمامي ويضع القليل من عطرهُ، كان قد خطط لـكل تلك الأمور من قبل ولكنه بدّل الثوب في أخر لحظة من أجل يديها.
كانت صامتة لا توجد كلمات ستصف ما يدور في داخلها بدقة، إنها مذهولة من حنية ذلك الرجل أمامها تتساءل داخلها كم كانت غبية بتفويتها لـفرصة كـسيف، سـيف آل قاسم ذلك الشخص الوحيد الذي اجتمع عليه عقلها وقلبها معا.
_______________________________
كانت تجلس في غرفتها مرتبكة تنقر بأصابعها على فخديها خائفة من تلك اللحظة ليُفتح بابها ويدلف أخيها زين خاب أملها قليلا كانت تتمنى أن يصطحبها كلاهما سـيف و زيـن، تقدم منها وقبّل جبينها ليغمز لـغزل باليسرى فهو من اختار لـها ثوبها كان يتسم بالوسع حتى لا يشعرها بعدم الراحة لبروز معدتها كما أنه أعطاها جاذبية خاصة تخص غـزل المهدي فقط، احتضنت أخيها لتضع ذراعها في خاصة أخيها ويتجها للخارج كانت خائفة من اللحظة الذي سيراها فيها مُراد كيف سيُبدئ إعجابه بها وماذا سيكون تعليقه ولكنها توقفت على أول درجة ولم تجده لتتساءل بداخلها عما إن كان ينتظرها بالخارج لتتعالى الزغاريد أثر جليلة والخادمة ويتجهوا نحو السيارة ولكن مُراد ليس موجودا أيضا تساءلت:
-فين مُراد؟
-عربيته اتعطلت في الطريق.
شعرت بخيبة أمل أخرى لا أبيها ولا أخيها سـيف ولا حتى زوجها المستقبلي ينتظرها ليستقلوا جميعا السيارات متجهين إلى حفل الزفاف والذي سيتم في إحدى الفنادق.
على الجهة الأخرى، كانت نسمة تقف في الصالة تنتظره أن يأتي ولكنه تأخر لتشعر بقليل من الإحباط كانت أمها تحاول تهدئتها وكذلك أبيها و رفيقتها وأيضا خبيرة التجميل، تعالى رنين الباب لتتجه نحوه على الفور وتفتحه ابتلع لعابه وهو يطالع جمالها المخفي منذ زمن لـم يتحدث ظل صامتا، فالكلمات أحيانا تعجز عن وصف الشعور ولكنه يكاد يقسم أنها الأجمل على الإطلاق بتلك الإطلالة خجلت من نظراته بينما هو تقدم للداخل وهو يعتذر بخفوت:
-أسف على التأخير.
كانت ترتدي فستان زفاف يتكون من عدة طبقات بسيط وهادئ عدا الجزء العلوي كان يوجد بها تطريز و رسومات بسيطة تعطي للفستان حياة ولون رفعت خصلاتها للأعلى عدا خصلتين على كلا جانبيها وعلى الرغم من بساطة مساحيق التجميل على وجهها كانت جميلة يراها في هيئة ملائكية؛ لـم يتعود عليها سابقا هكذا لذا حتى في بساطتها سيراها أنثى ناضجة جميلة تجعله يفقد صوابه.
اتجه سالم نحوهما لتقترب منه نسمة وتحتضنه وقد تمردت إحدى عَبراتها إنها تخاف تركهم وحدها، فلطالما يعتمدان عليها في كل شيء إنها فرحتهم الأولى والأخيرة لن يأتي بعدها ولم يأتي قبلها إنها كل حياتهم وكذلك هم إنها تخاف تودّ البقاء معاهم طوال العُمر.
-ابعد يا سالم عايزة أسلم على البنت.
-متأكدة إن دِ أمك، أصل أبوكِ هو اللي عيط.
ضحك الجميع أثر قول منى والدتها:
-ده أنا ما هصدق أخيرا.
احتضنت منى ابنتها وسرعان ما بكت في أحضانها واقترب سالم ليحضن كلتاهما، بينما مُراد أردف بقلة حيلة وضجر:
-يا جماعة الوصلة دِ بتتعمل أخر الفرح، أنا مراتي أنا كمان مستنياني هو مازن بس اللي هيتجوز.
-قول بقى أنك غيران مني لأني شوفت مراتي قبل مراتك.
-طبيعي.
-يلا نلحقها شاهندا هتغير رأيها كمان ثانيتين عايز ألحق أكتب عليها.
ضحك الجميع ليستقلوا السيارات و يتجهوا إلى الفندق المُراد، كان الفرح أسطوريا بعض الشيء فهو يضم ثلاث عائلات بأقاربهم مختلف الأشكال وصلة القرابة بالإضافة لبعض المنافسين لـزين ومالك في السوق.
دلف مازن ونسمة أولا وضعت ذراعها في خاصته بينما هو دنى منها يقول:
-بس الحلاوة دِ كنا مخبينها فين؟
-عند بتاع الحلاوة خليك في حالك.
ضحك مازن عليها عندما تكون خائفة ومرتبكة تقوم بإلقاء بعض الكلمات الغير متوافقة مع الحدث، اتجها نحو مقعدهم بينما الجميع ما زال يصفق لهما.
كان مُراد يجلس على المقعد بمفردهُ يشعر بالضيق لكونها لـم تأتي بعد بينما كان كلٍ من مازن ونسمة يتهامسان ويضحكان سويا ليردف:
-اضحك وانبسط أنت، وأنا أقعد هنا لوحدي مقطوع من شجرة.
ليأتي دور المصور ويقف أمام مُراد ويقوم بتكبير الشاشة عليه وعلى تعابير وجهه الحانقة وما أن انتبه لـه مُراد حتى ابتسم ليظل المصور يقف أمامه مطولا ليردف من بين أسنانه:
-ده وقتك يعني!
أشار لـه بيده غاضبا أن يغادر ويتركه في حاله، عم الصمت في المكان عندما وصلت سيارة العروس لينهض على الفور ويعدل ثيابه وقد ارتسمت اِبتسامة عريضة على ثغره.
في الأعلى، كانت تضع بعض اللمسات البسيطة على وجهها بينما هو تعالى رنين هاتفه ليردف قائلا:
-انتظريني هنا.
-سـيف يا سـيف.
كان قد تركها وغادر دون أن يبرر بينما هي جلست على الأريكة تلمس معدتها بيدها برفق واِبتسامة.
هبط سـيف للأسفل وتقدم نحو باب القاعة بينما شاهندا كانت تقف بجوار أخيها زين تشعر بالضيق؛ لأن سـيف و مُراد ليسوا بجوارها وما أن فُتِح الباب حتى ابتسمت ليتقدم زين من أخيه ويحضنه لـم يروا بعضهم منذ ذلك الحادث.
ما أن رآه شريف حتى صُدم وأخفض مسدسه يقول بغضب:
-هو فين؟
أجاب على نفسه بسخرية:
-راح ينقذ حبيبة القلب مش كدة! بس أنا كنت أذكى وحرقتها قبل ما أجي.
هوى قلب زين بين قدميه خائفا من أن يصيب زوجة أخيه أمرا ما ويدعو بداخله أن يلحق بها سـيف.
-وهقتلك أنت كمان عشان أحرق قلبه، كان نفسي أوصل للست الوالدة بس للأسف معرفتش بس ملحوقة.
-هخليه لوحده معندوش حد.
ضحك الأخير في نهاية حديثه رافعا مسدسه نحو زين بينما خرجت عناصر أفراد الشرطة من مخبئها ليذعر شريـف ويتراجع للخلف ليردف الضابط المسؤول:
-شريف مفيش مكان تهرب لهُ، أنت لابس القضايا لابسها.
-لا لا.
ألقى حقيبة المال أمامهم هاتفا بذعر:
-خدوا الفلوس مش عايزها بس مش هتسجن مش هسمحلكم تأخدوا حريتي مني.
تراجع للخلف وهو يحرك رأسه بعنف وهيستيرية لا يمكن أن تكون تلك النهاية لا يمكن أن يخسر لا يمكن أن يصبح هو الشرير الوحيد في تلك الرواية.
كانت تقترب منه عناصر الشرطة ببطء حتى لا يلاحظ محاولتهم للإمساك بِـه، صوّب مسدسه على زين ليضغط على الزناد ليدفعه الشرطي حمايةً لـه بينما أطلق الأخر عليه ليسقط أرضا يطالع تلك السماء المُظلمة متألما يتساءل بداخله عما إن كانت تلك النهاية سيكون هو الخاسر الوحيد في تلك القصة نسيّ والديه بأنهم الوحيدون الذين سيحيون على ذِكراه منذ الصغر هو الذي لـم يتذكرهم طول حياته ظنا منه أنهم لا يحبونه، اختفى الألم تدريجيا وازداد الظلام ليغلق جفنيه ويستسلم وقد تم نقله للمشفى تحت حراسة مشددة منعا لـهروبه وحتى تتم محاكمته.
على الجهة الأخرى، تدخلت المطافئ على الفور لتبدأ في إخماد النيران ليدفعوا سـيف خارجا ولكنهُ أبى حتى أردف رجال الإطفاء:
-إن كنت تريد إنقاذها يجب عليك الخروج.
ليبدأوا في إخماد النيران في الغرفة قبل أن تصل لجسدها وبدأوا في فك الحبال ليخرج أحدهم ويطمئن سـيف الذي دلف للداخل على الفور يتقدم منها باِندفاع ليجعل البقية يتراجعون ويبعد تلك الحبال عنها وأحاط كلتا وجنتيها يهتف باِسمها ولكنها لـم تستجيب لـه ليحاول الشعور بأنفاسها الساخنة التي بالكاد تخرج لتضرب بشرته، انخفض ليحيط ذراعه أسفل ركبتيها ويحملها بين ذراعيه يهبط للأسفل متجها نحو سيارته بينما في الخلفية كان الجميع يصفق لـه يتساءل بما سيفيد تصفيقهم لـه إن خسرها أو إن لـم يأتي لإنقاذها بالتأكيد كانوا سيقفون في مكانهم بلا حراك.
وضعها في السيارة واستقلها يغادر دون حتى أن يلتفت للضابط الذي أتى معه لـهنا كل ما يجول في خاطره هي، ليذهب بِـها للمشفى ويتم معالجتها على أكمل وجه قد احتاجت بعض المحاليل ولكن لـم يلتفت أحد لنقطة أنها قد تكون حاملا.
لينقلها لـغرفة الفندق وظل يراقبها حتى الصباح.
جذب شاهندا نحوه وقبّل أعلى رأسها يردف قائلا:
-أجمل أميرة في حياتي.
احتضنته بقوة ليتجها للداخل سويا تقدم مُراد نحوهما وقد كُتمت أنفاسه أثرها كانت جميلة بشكل لا يُوصف بثوبها البسيط والهادئ وملامحها البريئة بالإضافة لخصلاتها الحمراء المائلة للبرتقالي إنها حوريته كاد أن يفقد اِتزانه حتى ساعده مازن الذي كان يضحك عليه تساءل بعدم تصديق:
-هي دِ مراتي!
توقف سـيف أمامه بينما شاهندا كانت تبتسم بخجل أثر نظراته التي شرحت كل ما يشعر بِـه نظر لـسيف وزين وأردف:
-أوعدكم هشيلها في قلبي وعينيا.
جذبها نحوه وقبّل يدها و رأسها بعدم تصديق أنها ستصبح مِلكه بعد لحظات.
في الأعلى، وجدت من يطرق بابها لتتقدم من الباب وتفتحه لتدمع عينيها ما أن رأت أبيها بينما هو تقدم منها يقبّل جبهتها أردف قائلا:
-أتمنى تكوني راضية عن اختيارك دلوقتي.
اومأت برأسها بالإيجاب لتبتسم لـه بينما هو أردف يقول:
-خليكِ دايما مُبتسمة، يا غـرام.
-اِبتسامتك بتحيّيني.
وضعت ذراعها في خاصة أبيها وسارت معه في الممر بالكامل حتى توقفت على أولى درجات السلالم المؤدية للقاعة، ليستقر الجميع في مكانه ويعم الصمت للحظات في القاعة أثر تلك الملاك التي طلت عليهم اقترب من السلم ببطء يثبت تركيزه عليها وهي تهبط على الدرجات واحدة تلو الأخرى بينما جليلة في الخلفية تبكي على اِبنتها قرة عينيها وغـزل تحتضن زين زوجها، و مُراد لـم يفلت يد شاهندا منذ أن استلمها من سـيف وكأنه يثبت لنفسه أنه ليس في حلمٍ، مازن ونسمة يتحدثان عن جمال غـرام و سـيف العاشق لـها؛ ذلك العاشق الذي تحدى الجميع بأنه سيفوز بقلبها وحبها وها قد كسب التحدي ينظر لـها وكأنها أعظم اِنتصاراته بـل أنها بالفعل أعظم اِنتصاراته.
توقفت أمامه ليتركها أبيها فلا حاجة لـه أن يوصيه على اِبنته؛ فهو الذي حماها دون أن يُطلب منهُ وصانها في غياب أبيها وأخيها تزوجها وأعطاها اسمه وكنيته وعملهُ وقبلهم كان قلبهُ.
قبض على يدها وقبّلها برفق ومن ثم دنى نحوها يقبّل وجنتها ابتسم لـها وجذبها نحو البقية لتحتضن أمها وأختها حتى إحسان التي بكت داخل أحضانها تعتذر لـها لتبتسم لـها وتزيل تلك العَبرات براحة يدها ليتم عقد القرآن ويصبح سـيف وكيلا لـشاهندا و زيـن شاهد، ليتبعهم عقد قرآن مازن ونسمة ومن ثم رقصة الثُنائيات.
كان يضمها نحوه بينما هي أحاطت عنقه بيديها تهمس بجوار أذنه وقد أغلقت جفنيها وأنهت حديثها باِبتسامة:
-أنا حامل.
الدهشة كانت من نصيبهُ ليتوقف عن الرقص يطالعها بدهشة بينما هي اِبتسمت لـهُ تؤكد المعلومة ليحملها ويدور بِـها في المكان بأكمله بينما ضحكته الجذابة لا تفارق وجهه ليبتعد الجميع عن ساحة الرقص يفصحا لـهما المجال.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
_________________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
Acakيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك