نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٢٠..
___________________________
كانت تجلس في غرفتها تبكي عما يحدث، سيتزوج شريف بأختها بعد غد إنها لا تكره أختها ولكنها تُحب شريف يجب عليها أن تجد حلا لذلك الأمر.
أبدلت ثيابها واتجهت للخارج لتصطدم بشريف الذي أحاطها بين ذراعيه لينظر إلى ملامح وجهها إنها لا تمس الجمال بِـصلة ليبتعد عنها وهو يقول:
-خدي بالك بعد كدة.
حركت رأسها بالإيجاب ليتخطاها ويذهب لغرفته، بينما هي ذهبت لغرفة أختها بعد أن طرقت الباب لتجد أختها تخبيء هاتفها سريعا؛ لو علم أبيها بأنها على اتصال مع رجل أخر وتحبه بالتأكيد لن يعجبه الأمر على الرغم أن يزيد تقدم لخطبتها مرتين من قبل ولكنه واجه رفض قوي في كلتا المرتين.
تقدمت غرام من أختها لتجلس قِبالها على الفراش وتمسك بيدها بينما الأخرى كانت خائفة مرتبكة إنها ستصبح زوجة شريف ذلك الذي تبغضه ويحب التحكم في كل شئونها.
لتنهار غدير في أحضان أختها بينما الأخرى كانت تربت على ظهرها تقول بداخلها بأن أختها لا ذنب لها أن ترتبط بأحد لا تحبه وكذلك هي لا ذنب لها أن تتزوج أختها بحبيبها منذ الصغر.
لتقول بخفوت:
-بتحبيه؟
حركت رأسها بالإيجاب وتقول من بين بُكائها:
-بحبه أوي يا غرام، وهو بيحبني.
لتعتدل في جلستها وتقول بلهفة:
-حتى إني عرضت عليه نهرب سوا ولكنه رفض.
لمعت الفكرة في عينيها وكأنها أتت لها على صحن من ذهب، لتقول وهي تزيل عبرات أختها:
-هتتحل صدقيني.
لتترك أختها بعد قليل من الوقت وتذهب إلى أمها التي تعمل في المطبخ على قدم وساق من أجل عائلتهم التي ستأتي من البلد لزيارتهم؛ فإنه حفل زفاف الفتاة الأولى لـمالك بالتأكيد سيكون أسطوريا.
-غرام اطلعي شوفي غدير و تممي على الفستان.
لتقول غرام وهي تفرك يديها بتوتر:
-ماما أنا مش عاجبني الفستان اللي معايا وكنت عايزة أجيب واحد غيره.
لتقول إحسان وهي تأتي من خلفها تربت على كتفها وتقول:
-ليه كدة يا حبيبتي؟
-طلع ضيق شوية يا مرات عمي.
-ممكن يا ماما فلوس عشان أجيب غيره وكمان عشان ألحق أجرب غيره قبل الفرح.
-طيب يا حبيبتي روحي لباب هتلاقيه قاعد مع عمك في الصالون واطلبي منه.
ابتلعت لعابها بخوف وارتباك لتؤما لها وتتجه للخارج حيث يجلس أبيها إنها تخاف منه ومن أن يكشف مخططها الذي تسعى إليه لتأخذ شهيقا قويا وتتجه نحوه تجلس أمامه وتقول:
-بابا.
-نعم يا حبيبتي؟
-كنت عايزة فلوس عشان فستاني.
-وأنتِ مش جبتيه مع أخواتك ليه؟
أجابت بتلعثم:
-أن أنا جبت بس.
-أصل أصل الفستان طلع وحش وعايزة أجيب غيره وأنت عارف ده فرح غدير و.
قاطعها وهو يقول بابتسامه:
-خلاص يا حبيبتي، عايزة كام؟
-يعني في حدود خمسة وعشرين ألف جنيه.
صُعق كلٍ من عبدالقادر و مالك ليقول مالك:
-ليه بيطير بجناحات؟
ابتلعت لعابها وقالت:
-ده ده في أغلى من كدة كمان بس أنا عاجبني ده.
تنهد مالك وهو يرى نظرة الرجاء في عينيها ليخرج بطاقته الائتمانية ويضعها في يدها معقبا:
-اصرفي براحتك يا غرام أنا واثق فيكِ.
نهضت وقد كُتمت أنفاسها إنها ستخون الآن ثقته بفعلتها تلك يجب عليها التراجع الآن، ولكنها وجدت شريف يحاصر غدير بينه وبين الحائط من خلفها على السلالم يبتسم بخبث وهو يخبرها ببعض الكلمات لا تمس الحياء بِـصلة بينما ظهر الضيق على أختها وهي تخبره أن يبتعد ولكنها قبض على معصمها بقوة ليقرب يدها لثغره ويقبّلها بابتسامة مخيفة لـغدير، لتُصر غرام على قرارها وتتقدم للخارج تستقل السيارة وتقودها برفق اتجاه المطعم الذي ستقابله به كانت خائفة من أن يعلم أحد بحقيقة الأمر وأيضا كانت تقود السيارة بحذر؛ فهي ما زالت متدربة.
توقفت أمام المطعم بعد أن قامت بسحب أموال تزيد عن الخمس وعشرين وجلست على أحد الطاولات تحرك قدميها بعصبية ليأتي لها النادل يتساءل عن طلبها:
-عصير مانجا لو سمحت.
اومأ لها ليغادر بينما هي كانت تحيط حقيبتها التي تحتوي على المال وتخفي وجهها بنظارتها وشعرها المجعد الكثيف، تقدم هو لداخل المطعم ينظر حوله لتتعرف عليه كان رجلا بسيطا لا يمتلك عائلة توفوا جميعا في حادث سير.
ابتلعت لعابها لترفع يدها حتى يراها ليتجه بالفعل نحوها ويجلس أمامها يتساءل عن سر قدومها إلى هنا ومقابلته.
أخذت شهيقا قويا و زفرته لتتساءل باندفاع:
-بتحب غدير؟
مرت لحظات كانت دقائق بالنسبة لها حتى أجاب:
-هيفرق في إيه وهي هتتجوز بعد بكرة؟
ثم أضاف بسخرية:
-وأنا مستوايا مش عاجب حضرة الوالد ومينفعش أناسب بنت أكابر زي أختك.
ابتلعت لعابها وقالت:
-أنا عندي الحل.
لينظر لها بلهفة ويتساءل عن ذلك الحل الذي سيجمعه بـفتاتهُ، لتكمل:
-أهرب معاها.
تراجع للخلف لـيقول:
-هو أنا لاقي أعيشني لما أعيش أختك وطلباتها.
قدمت له حقيبة ممتلئة بالمال و وضعته أمامه:
-خد دول وعيشوا حياتكم.
تبادل النظرات بينها وبين الحقيبة يتساءل بداخله عن الصواب، لـيقول بِشك:
-وأنتِ ليه بتعملي كدة؟
لتجيب:
-لأنكم بتحبوا بعض، وأنا مش هكون مبسوطة لما أشوف أختي حزينة وتعيسة و هترتبط بواحد هي مش بتحبه.
-بس لو وافقت تأخد الفلوس دِ يبقى أنا وأنت مشوفناش بعض أبدا.
نهضت و وضعت حقيبتها على كتفها وغادرت المكان بعد أن حاسبت على طلبها الذي لم ترتشف منه قطرة حتى.
أجابت بـحدة وهي تنظر حولها خوفا من أن يراها أحد:
-نزل إيدك دِ.
ليبتعد عنها ويقول:
-بصي يا بنت الناس، أنا عايز فلوس هتوديني طلبي همشي من سُكات ومش هعمل مشاكل.
أردفت بـحدة:
-وأنت عايزني أساعدك بعد ما طلقتها و رميتها هي وأولادك!
-الاه! هي السنيورة عندكم بقى؟
فتحت حقيبتها بعنف لتخرج محفظة نقودها وتخرج بعض الورقيات وألقتهم في وجهه تقول بحدة:
-قسما بالله لو قربت مني تاني لأعملك محضر يا يزيد.
-سلام يا حلوة، مش المفروض كنت أتجوزك أنتِ عندك طموح مش زي.
قاطعته وهي تدفعه لذلك الممر الجانبي بعدما رأت أخيها مُراد، لتتنفس الصعداء حينما رأته يدلف لغرفة أبيها لتقول و هي ترفع سبابتها في وجهه:
-هتخرج من هنا ومش عايزاك توريني وشك تاني.
تركها وغادر بينما هي اتجهت للمرحاض لتعدل شعرها وهيئتها استنتدت بكلتا يديها على حوض الاغتسال تفكر في تلك المعضلة التي تواجهها ها هو يزيد يظهر أمامها كالشبح وبالتأكيد بأن ذلك المال لن يكفي وسيظهر لها كثيرا في الفترة القادمة حينها ربما ينكشف الأمر يجب عليها أن تغادر في أقصى وقت.
دلفت جليلة للمرحاض لقضاء حاجتها لتجد ابنتها شاردة أمام المرآة لتضع يدها على كتفها بينما الأخرى انتفضت من مكانها لتستعيد توازنها وهي تقول:
-خضتيني يا ماما.
ابتسمت لها جليلة وهي تقول:
-كنتِ بتفكري في مين؟
-مفيش يا ماما شوية مشاكل في الشغل.
حركت جليلة رأسها بالإيجاب لتقضي حاجتها وتغادر مع غرام نحو غرفة مالك، لتتردد جليلة كثيرا من البدء في الموضوع لتقاطعها غرام و هي ترى التردد في عينيها:
-في حاجة يا ماما؟
-الصراحة أه.
توقفت غرام وقد أصبحا على مقربة من الغرفة لتحثها على الحديث، لتقول الأخرى:
-أنتِ وسيف متجوزين بقالكم قد إيه؟
لتجيب الأخرى ولم يطرق على خاطرها الحقيقة خلف السؤال:
-أربع سنين.
-طب هو مش أربع سنين فترة كبيرة يا غرام والمفروض كان يبقى عندكم عيل واتنين.
استندت على تلك القطعة المصنوعة من الألمونيوم والتي تلتصق بالحائط حتى تسمح للمرضى الاستناد عليها أثناء سيرهم، تحاول إيجاد رد مناسب ولكن بما ستبرر رفضها حتى الآن لتقول بجدية:
-ده أمر متعلق بيا أنا وسيف بس يا أمي.
-يا حبيبتي أنا عارفة، ولكني أنا وأبوكِ عايزين نطمن عليكِ ونشوف عيالك وأحفادنا.
-هبقى أشوف الموضوع ده مع سيف.
اتجهت للداخل تهرب من أمها التي تبعتها، تقدمت من أبيها وقبّلته على وجنته و هي تتساءل عن أحواله بينما هو تساءل عن سيف لتقول:
-عنده شغل.
على الجهة الأخرى، دلف للشركة ليصعد حيث مكتب زين ولكن السكرتيرة لم تسمح بدخوله نظرا لعدم تواجد صاحب المكتب بعد ليحترم الأمر و يجلس في الخارج ينتظره حتى أتى مازن وهو يشعر بالضيق لينهض سيف ويتقدم منه يتساءل عن السبب ولكنه لم يجيبه ليقول:
-يسرى دخليه المكتب.
ليربت على كتف سيف ويقول:
-معلش يا صاحبي شوية وجايلك، في مشكلة كدة في الشغل هحلها عقبال ما زين يجي.
اومأ له سيف وعرض عليه المساعدة ولكن مازن أخبره بأنه سيحل الأمر سريعا ويأتي لتفتح يسرى الباب لسيف الذي دلف للداخل بعدما شكرها، وأخرج هاتفه يتفقده حتى يأتي زين أو يعود مازن.
حاول مهاتفة أمه ليطمئن عليها وهو يشعر بالضيق من تقصيره في حقها ليزفر بحنق ولكنها لم تجيب ليقرر معاودة الاتصال فيما بعد، نظر إلى خلفية هاتفه الداخلية كانت تحتوي على صورتها قبل أن يتم تغييرها جذريا بشعرها المجعد ونظارتها ليبتسم عندما تذكرها في الماضي.
لتتساءل بقولها حينما تعرفت على لغته الألمانية، أخذت كورس في تلك اللغة حتى تنال إعجاب شريف الذي لم يعييرها اهتمام حتى:
-أحقا لن تؤذيني؟
-أيجب عليّ تصديقك حينما تردف بتلك اللكمات!
حاول الاقتراب منها ولكنها تراجعت للخلف وهي تصرخ فيه قائلة:
-ابق مكانك.
-كيف أتيت إلى هنا؟ وأين أنا؟
-بمنزلي.
جحظت عينيها لينتقل كليهما ببصره نحو الباب الذي دلفت منه مونيكا للتو لتتعجب مونيكا من سقوط الفتاة أرضا أمام سيف بذلك الشكل وتساءلت وهي تضع الحقائب من يدها بحذر:
-ماذا هناك؟
بينما غرام كانت تشعر بالخوف من كليهما لتتساءل بخفوت وصل لمسامعهم:
-أقمتم باختطافي؟
لتضع يدها على جسدها كـدرع حماية:
-أستقوم بِـبيع أعضائي!
أردفت مونيكا وهي تقترب منها:
-حسنا اهدئي، سأخبرك بكل القصة.
-ولكن أولا يجب علينا التعرف.
-وأن تنهضي لتجلسي على الأريكة.
نظرت لها غرام بحذر لتنهض وتتقدم من الأريكة تجلس عليها بارتباك وأمامها على ذلك المقعد الخشبي في زاوية الغرفة سيف و بجانبها مونيكا تقبض على يدها وابتسامه جميلة تزين ثغرها:
-أنا أدعى مونيكا، وهذا سيف.
-وأنتِ؟
أجابت بخفوت وهي تشعر بالحرج والخوف:
-غرام.
كرر الاسم مرة أخرى من بعدها دون أن يصدر عنه صوت وكأنه يتلذذ جمال الاسم ومعناه.
-حسنا، لمَ يرتجف جسدك؟ اهدئي يا فتاة.
-لقد وجدكِ سيف مُصابة وقد فقدتِ وعيكِ لذا أتى بكِ إلى هنا وقام بإنقاذك ومعالجتك.
-لقد بقيتِ في إغماء لأسبوع كامل وكلما استيقظتِ فقدتِ وعيك مرة أخرى.
-من أين أنتِ؟
-مصر.
تهللت أسارير مونيكا لتحتضنها بقوة وهي تقول:
-يا لها من بلد رائعة!
ابتعدت عنها غرام بحرج وهي تقول:
-أعتذر عن إزعاجي لكم، يجب عليّ الرحيل لشق طريقي.
أنهت كلماتها لتنهض ولكنها بمجرد أن خطت خطوة للأمام حتى فقدت اتزانها وأحاطها بذراعيه يقول:
-أستغادرين بدون حذاء!!
اعتدلت في وقفتها لتنظر إلى قدميها وثيابها المُبدلة وازداد حرجها حرج، لـتقول:
-أنا.
قاطعها وهو يتفهم ما تمر به:
-أين زوجك؟
ابتلعت لعابها وقامت بالضغط على أصابعها حتى صدرت عنهم طرقعة قوية ولم تجيب عليه، لـيقول:
-أخبريني برقمه أو مكان منزلكم ويمكنني مساعدتك.
-أعذريني ولكني أطلعت على جواز السفر الخاص بِك حتى أتمكن من معرفة هويتك ومساعدتك.
أردفت مونيكا:
-سأذهب لتجهيز الفطور حتى نتناوله سويا.
ألتقطت الحقائب التي وضعتها عندما أتت لتدلف للمطبخ وتجهز طعام الفطور، بينما غرام كانت تدور بداخلها عدة أسئلة كيف ستغادر من هنا وإلى اين ستذهب وماذا ستفعل وكيف ستصل إلى شريف؟ بينما سيف لم يَكُف عن سؤالها لتنفجر به باكية.
قاطع حبل أفكاره دخول زين ومعه مازن الذي يخبره عما حدث معه منذ قليل، ليلقي تحية الصباح ويتقدم من المقعد المقابل لـزين الذي رأى في عينيه نظرة غريبة شرسة ليتعجب سيف ولكنه لم يعلق ليبدأ زين وهو يقدم ذلك الملف الذي دلف به إلى هنا له.
-ده ورق تنازل، هتتنازل عن نسبتك مقابل المبلغ اللي هتحدده.
نظر سيف إلى مازن الذي تفاجيء تماما مثله، ليجلس بأريحية على المقعد مستندا بظهره لخلفيته واضعا قدم فوق أخرى يقول:
-كنت فاكرك هتختار الصح، ولكنك لسة عيل على كدة!
غضب زين والذي كان متهورا أكثر من سيف ليقول:
-احترم نفسك ومتغلطش.
-أنت شوفت اللعبة اللي أنت رسمتها عليا، قولت لما أدخل عليه بحتة الحنية يمكن يتأثر ولكنك غلطان.
-أنا مش لعبة في ايدك.
-عندك حق أنت لعبة بين ايديها.
-هتدخل الستات في شغلنا ولا إيه! ولا أنت مش وراك غير حواراتهم.
فهم سيف ما يرمي إليه؛ فقط لأنه يهتم بكل شئونها وما يخصها ويخص عائلتها ابتسم بهدوء لـيقول:
-لو أثبتلك إن والدتك حاولت تقتلني وما زالت بتحاول، هيبقى إيه المقابل؟
عم الصمت في المكان يتبادل ثلاثتهم الأنظار فيما بينهم، لـيقول زين وقد عقد أصابعه ببعض:
-وأنا هصدقك إزاي؟
-لايف صوت وصورة.
-ساعتها هيبقى في كلام غير يا.
-يا أخويا.
نهض سيف و أغلق زر سترته ليقول:
-أسفي على الأمل اللي وهمتني بيه، كنت فاكرك تخليت عن حقدك وغِلك اللي زرعتهم فيك.
اتجه سيف للخارج وتعالى رنين هاتفه برقم غدير ليجيب عليها بعد تفكير دام لثوانٍ إنه لا يحب أن يختلط بها كثيرا حتى لا تشعر غرام بالإنزعاج.
-ألو أزيك، يا سيف.
-خير يا غدير في حاجة؟
صمتت قليلا؛ فهي تشعر بالحرج منه كثيرا لتقول بنبرة خافتة:
-مالك تعبان جدا ف.
أردف بلهفة:
-ليه عنده إيه؟
-معرفش حرارته عالية وبيرجع وأنا خايفة عليه أوي.
-طب أجهزي و جهزيه وأنا جاي أخدكم نروح لدكتور.
اتجه للخارج ليستقل سيارته ويحاول البحث عن طبيب جيد للأطفال؛ فهو لا يعلم الكثير هنا وبعد بحث في وسائل التواصل الاجتماعي استطاع التوصل لكثير من الأطباء ليختار الأقرب والأفضل ليتجه إلى المنزل ولكنه لم يصعد ليهاتفها حتى تهبط له وبالفعل هبطت تحمل مالك الصغير بين ذراعيها واستقلت بجواره في السيارة بعدما ألقت عليه التحية ليقودها بصمت إلى عيادة الطبيب.
على الجهة الأخرى، كان مالك يتناول طعامه وجليلة تجلس بجواره تطعمه بحب، بينما كلٍ من مُراد وغرام يجلسوا على الأريكة أمامهم يتهامسوا عن تلك الرومانسية المفرطة التي ظهرت فجأة.
-طب بذمتك أبوكِ كدة تعبان!
-ده أنا اللي تعبانة.
ضحك كليهما لتلتفت لهم جليلة وكذلك مالك الذي تساءل عن سر ضحكهم في الخفاء.
-لا مفيش كنا بنفتكر أيام زمان.
اومأ لهم مالك وعاد لجليلة وابتسم لها بحب وتناول الطعام من يديها ومن ثم قبلها برفق.
تعالى رنين غرام لتستأذن منهم وتغادر لتجيب على سعد البواب المسؤول عن العمارة التي يقطن بها سيف والتي أخذت منه رقمه من قبل وأخبرته إن أتى سيف أو تقابل مع أخته في الخارج.
-ألو أزيك يا عمو.
-ألو يا بنتي.
-سيف بيه جه هنا والهانم أختك نزلتله بالولد الصغير.
صمتت قليلا غاضبة من قربها له بتلك الدرجة وتلك المدة القصيرة، إنها اعتادت عليه بعد سنوات.
-شكرا يا عمو معلش تعباك معايا.
دلفت للداخل وألتقطت حقيبتها وهي تقول:
-هضطر استأذن عن أذنكم.
-في حاحة تحبي أوصلك؟
-لا لا خليك.
-هروح البيت أغير هدومي، عشان في اجتماع لازم أحضره مع سيف.
-غرام.
-نعم يا بابا؟
-أنا عايز أقبل سيف و زين.
تعجبت غرام من طلبه ولكنها اومأت برأسها لتتركهم وتغادر للخارج وأخرجت هاتفها تتصل به ولكنه لم يجيب لتزداد غضبا و بالفعل عادت للمنزل أبدلت ثيابها لأخرى مريحة وخرجت لتطلب من السائق المسؤول في المنزل أن يقّلها حيث تريد ليذهب حتى يخرج السيارة بينما هي كانت في انتظاره حتى دلف شريف للمنزل وقد امتلىء وجهه بالجروح لتتقدم منه سريعا و هي تقول:
-إيه اللي حصل؟
ربما ستكون فرصة جيدة له يجب استغلالها جيدا، ليشعر بدوران رأسه ويستند عليها لتحيطها حتى حقيبتها سقطت أرضا وهتفت باسم الخادمة التي لم تسمعها في المرة الأولى.
-استحمل.
-تعبان يا غرام.
أحاطته بذراعيه وتقدمت به للداخل بينما هو تمسك بها جيدا، قالت:
-زينة جيبي مطهر وشاش وقطن، يلا بسرعة.
اتجهت الخادمة للداخل لتحضر ما أمرت به بينما هي صعدت به حيث غرفته و وضعته على الفراش لتعدل نومته وتقوم بخلع حذائه وهي تقول:
-اتصل بالدكتور؟
نفى برأسه لتلتقط الأدوات من الخادمة وتؤمرها بالرحيل وإن أتى أحدهم لا تخبره بما حدث، هبطت الخادمة لأسفل متعجبة منها و من خوفها الغير مبرر.
جلست أمامه لتبدأ في تطهير جروحه تحت نظراته الثاقبة لتقاطعه بسؤالها:
-حصلك إزاي؟
-خناقة.
-بسبب إيه؟
قامت بوضع لاصق طبي على جرح أعلى حاجبه الأيسر ليبتسم لها وكم كانت فاتنة، ابتلعت لعابها وقامت بلملمة الأشياء حتى تغادر بينما هو قبض على معصمها ليجذبها نحوه برفق ليعتدل في جلسته بنصفه العلوي ويقربها منه بينما هي سقطت من يدها الأدوات ليهتف بنبرة خافتة أسرت بداخلها القشعريرة:
-أنا تعبان يا غرام من بُعدك.
ليحيط خصرها ذراعه الأيمن يقربها منه أكثر يميل عليها بوجهه يتابع حركة حلقها وهي تبتلع لعابها تنظر لنقطة ما خلفه وكأنها لا تشعر بكل ما يفعله لقد توقف عقلها عند ذلك الحدث فقط، هُجرانه لها.
كاد أن يدنو منها أكثر حتى صفعته بقوة ليدوى صوتها في المكان من قوتها لتقول وهي ترى الدهشة والألم في عينيه:
-أنا مبقتش غرام الطفلة يا شريف، أنا غرام المهدي بنت مالك المهدي و مرات سيف آل قاسم.
-غرام الطفلة اللي كانت بتحبك ماتت وعوضها عنه سيف.
ابتعدت عنه لتفتح باب الغرفة وتغادر لتغلقه بقوة جعلته يزداد غضبا وهو يشعر بالألم في وجنته اليسرى ليتقدم من المرآة لقد أصبحت حمراء ليرفع يده إلى وجنته قائلا بغضب وقد تملك منه لأقصى حد:
-هدفعك تمنه غالي أوي يا بنت مالك.
-أنتِ اللي اختارتي الطريقة دِ.
هبطت على السلالم في لحظات سريعة كانت الرؤية مشوشة أثر دموعها التي احتجزتها بقوة حتى لا تضعف لتهتف بحدة:
-عوض يا عوض.
أتى لها عوض سريعا وهو ينظر في الأسفل خوفا من بطش غضبها:
-نعم يا هانم؟
-فين العربية؟
-جاهزة يا هانم.
-طب يلا مستني إيه؟
ألتقطت حقيبتها التي سقطت منها أثناء مساعدتها لذلك المختل الذي أحبه قلبها يوما، لتستقل السيارة مع عوض وتخبره بعنوان شقة سيف أول مكان أتى على خاطرها كل الأمور تقودها نحوه وله توقف السائق أمام العمارة لتترجل من السيارة وتذهب للداخل لقد أعطاها مفتاحا من قبل لتفتح باب المنزل وتدلف لداخل الشقة لتسقط أرضا تلتقط أنفاسها.
أتى المساء ولم يعود كليهما بينما هي كانت جالسة تهز قدميها بقوة وتضغط على أصابعها مصدرة طرقعة قوية ودلفت لغرفته بعد فترة وجلست على الفراش بإنهاك وتعب.
هبط سيف من سيارته وأتجه لمقعدها ليأخذ منها الطفل ويقبض على ذراعها يساعدها تخرج من السيارة بينما هي تشعر بالدوار واتجهت معه للداخل ليصعد بها للأعلى ويجلسها على الأريكة ويضع بين أحضانها مالك الصغير لـيقول:
-هتقدري تتصرفي لوحدك؟
اومأت له برأسها لـتقول بابتسامة جميلة:
-شكرا لوجودك.
ابتسم لها و ربت على رأس الصغير ولكنه رأى تلك الحقيبة النسائية مُلقاة على الأرض ليحملها ويتعرف على هوية صاحبها وتعجب كثيرا، غرام هنا!
بدأ يبحث عنها حتى رأها تنام على الفراش تحتضن الوسادة اقترب منها و أزال تلك الخصلات التي تحيط وجهها ليشعر بحرارتها المرتفعة بينما هي فتحت جفنيها بثقل وحاولت الاعتدال ولكنها لم تستطع ليحاول مساعدتها حيث أنه اقترب منها يحيط خصرها يجعلها تجلس ولكنها هتفت بقولها:
-سيف.
أصدر صوتا "امم" و هو يضع الوسادة خلفها ولكنها قاطعته بسؤالها:
-بتحبني؟
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
_____________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
De Todoيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك