الفصل الأربعون..

489 17 0
                                    

نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٤٠..
___________________________
كان يقف منتظرا في الخارج الطبيبة لتطمئنه عليها وبجانبه مونيكا قلقة هي الأخرى، خرجت الطبيبة بعد مدة قصيرة ليقترب منها سـيف متساءلا عن حالها لتجيب بنبرة عملية:
-فقدت وعيها نتيجة لسوء تغذية يجب الاهتمام بها وتقديم الرعاية الكافية لها، ويبدو أنها تعاني من مشكلة نفسية تؤثر عليها بالسلب يجب أن تلتزم بالدواء والبعد عن أية ضغوطات حتى لا يتصاعد الأمر.
-يمكنكم أخذها في الصباح.
تركتهم وغـادرت وتم نقل غـرام لـغرفة الحجز، بينما مونيكا قررت البقاء بجانبها طيلة الليل ولكن سـيف رفض بقاءهم ليعودا للمنزل ولكنه ترك قلبه مُعلق هناك.
أردف بنبرة بَدت هادئة على عكس داخله:
-لا تفكري، فقط نامي في الغد سنذهب لـها.
تساءلت مونيكا بتعجب:
-ألم تعد تحبها!
نظر لـها و لـم يُجيب دلف لغرفته تاركا مونيكا في حيرتها ولكن ثوانٍ و وجدته يخرج من غرفته ويتجه إلى الباب يقول:
-لا يمكن لكلانا أن نبيت سويا.
تركها وغـادر بينما هي تنهدت وشعرت بالحيرة والعجز من إصلاح علاقتهما.
لا يعلم لما قادته قدماه إليها، ليكرر نفس السؤال لـما لا يستطيع أن يكون قاسي!!
______________________________
كانت تنام غـزل بجانب زيـن وقد تخطى الوقت منتصف الليل بينما هما يتحدثان سويا ويرتفع صوت ضحكات غـزل وهي تصف لـزين كيف كان يبدو حينما أتى لزيارتهم في المرة الأولى، ليقاطعها رنين هاتفها لتتعجب من ذي الذي يهاتفها في ذلك الوقت وما أن قبضت على الهاتف لتفصله حتى قاطعها زيـن بنبرة شك:
-مين؟
-معرفش رقم، هتلاقيه رقم غلط.
لـم يعلق وكذلك هي ليتوتر الجو بينهما لتقول غـزل:
-أنا هنام.
حرك رأسه بالإيجاب وهو يشعر بالحيرة قليلا عن هوية المتصل.
في الأسفل، كانت تقف شاهندا في منتصف الحديقة تطلع لـه بقليل من الدهشة متساءلة بداخلها لِمَا طلب رؤيتها في ذلك الوقت ولِمَا صوته يبدو حزينا؟!
أشارت على الأرجوحة المتعلقة في الحديقة ليذهب إليها كليهما وكانت تنظر حولها لتطمئن بوجود حراس أخيها في المنزل، كان كلاهما صامتا حتى قاطعه بسؤاله:
-هو أنا أخ قاسي؟
آتي إلى هنا ليتساءل عن ذلك الأمر! ولما اختارها هي إذا! ما ماهية الرابط الذي يربطهم!
شعر بتلك الحيرة داخلها ليُجيب على سؤالها:
-متسألنيش اختارتك ليه من كل الناس اللي حواليا، بس عايز أوضحلك أنه معنديش حد أروحله وأشتكيله.
-ولا يهمك.
جاءت عبارتها مصحوبة ببحة في صوتها حاولت التغلب عليها بحمحمتها، لتجيب على سؤاله:
-وأنت مش أخ قاسي، الظروف حواليك وحوالين أخواتك مكنتش ألطف حاجة حاول تجمعهم تاني صدقني هتقدر.
-حتى بعد كل اللي حصل؟
-حتى بعد اللي حصل.
ابتسمت لـه ليبادلها ابتسامتها؛ فابتسامتها الأجمل على الإطلاق ليتفوه بعدم وعي:
-تتجوزيني؟
جحظت عينيها بقوة ونظرت لـه بدهشة لتنهض من مكانها سريعا بينما هو كان يطالعها بعدم فهم حتى وعى لما تفوه به لينتفض من مكانه لا يعلم كيف عليه أن يصحح ما قاله وكيف تمكن من نطقه اللعنة!
اقترب منها بينما هي ابتعدت ليتوقف في مكانه وهو يقول بتلعثم:
-شاهندا أنا.
تساءلت بحذر:
-أنت؟
-أنا معرفش قولت اللي قولته إزاي، أنا أنا أسف.
-محصلش حاجة.
أصبح الجو متوتر بينهما لتبادر هي بقولها:
-تحب تشرب حاجة؟
حرك رأسه بالنفي لتجلس على الأرجوحة مرة أخرى بينما هو بقيّ واقفا ليتساءل:
-لو كان قصدي كنتِ توافقي؟
-وأنت تعرف عني إيه عشان تقرر تخطبني!
-وأنا محتاج أعرف إيه عنك؟
-أنت ناسي أنت جبتني من فين أنا وغـرام قبل كدة!
-فاكر اللي كان هيحصلي لولا تدخل غـرام وسـيف؟
-أنت متقبل ده؟ متقبل فكرة إني تنازلت عن حقي؟
-متقبل فكرة إني تنازلت عن قلبي لواحد رخيص؟
-متقبل فكرة أنه اتلعب بيا؟
-أنت نسيت فعلا ولا بتتناسى؟
اقترب منها يقبض على معصمها يقول بحدة وقد ظهر الجمود على وجهه:
-وأنا في الوقت ده كنت أعرفك أو تخصيني!
-وأنتِ تعرفي إيه عني؟
-تعرفي أنا عرفت كام بنت من قبلك؟
-تعرفي أذيت مشاعر كام بنت؟
-طب تعرفي غلطت مع كام واحدة؟
-طب تقدري تحاسبيني عليه؟
-عمرك ما هتتقدمي طول ما أنتِ في قوقعة الماضي يا شاهندا.
انسابت الدموع على وجنتيها بينما هو أردف بقوله:
-العيش في الماضي هيحرق روحك بالبطيء.
تركها وغـادر بينما هي سقطت على الأرجوحة فقدماها لم تستطيع حملها، تتساءل بداخلها لما انتهى الأمر بينهما سريعا قبل أن يبدأ حتى! ولكنه بالتأكيد لـن يود الارتباط بفتاة مثلها طائشة كادت أن تؤدي بحياتها وشرفها.
لا تنكر قلبها الذي كاد أن يُختلع من موضعه بسبب فرحتها بعرضه حتى وإن لـم يكن واعيا ولكن هذا ما شعرت بها ولكنه كان يعيّ حديثه بالفعل.
_____________________________
في الصباح الباكر، اقتربت من سيارتها وملامحها قد تبدلت تماما وكذلك نظام ثيابها أصبحت أنوثية أكثر من ذي قبل وأصبحت تهتم بجسدها وبشرتها وبما تحبه متناسية حبّها لـه هذا ما أقنعت بِه نفسها بينما هو كان يجلس في سيارته يتابعها كـكل يوم منذ فراقهم ولكنه يائس لا شيء يتغير سواها لن ينتظر أكثر من هذا ترجل من سيارته يهتف باسمها بنبرة حادة أشعلت نيران الغضب في عينيها.
-جعفر.
لم تعييره انتباه كادت أن تفتح باب سيارتها بينما هو قبض على ذراعها يجذبها نحوه بقوة لتهتف بغضب:
-عايز مني إيه؟
-احلوينا أوي يعني!
-عايز إيه يا مازن مش أنا نهيت كل اللي بينا!
-اللي بينا لو انتهى من ناحيتك عُمره ما ينتهي من ناحيتي.
-أنتِ حُبّ سنين.
ضحكت بسخرية وتساءلت:
-حب سنين! أنت جاي تضحك عليا ولا على نفسك.
-أنت عُمرك ما حبتني.
-أنا سبتك براحتك ولكن هتسوقي فيها هأخدك على أقرب مأذون وأكتب عليكِ في ساعتها.
-ليه هي وكالة من غير بواب! فاكرني معنديش حد يوقفلك؟
-أبوكِ مستني اللحظة دِ من زمان، أنه يتطمن عليكِ معايا ومش هيعارض الجوازة.
-أنت عبيط!
-وأنا بقى هسمع كلامك!
-بقولك إيه؟ ما تروح تخلي زيـن يشوفلك عروسة.
-طب أفقعلك عين!
صرخت وقامت بحماية وجهها حينما وجدته مقبل على هذا حينما رفع قبضة يده الحرة نحوها، بينما هو أخفضها مرة أخرى يقول من بين أسنانه:
-طب أسمعي الكلام يا برعي الكلب أنتِ.
-أنا برعي!
-برعي وجعفر وعبسلام كمان.
-أوعي تكوني فاكرة لما تحلوي وتهتمي بنفسك كدة هتلفتي نظري وهموت شوقا يعني وهندم.
-أنا لما حبيتك حبيتك عشان أنتِ نسمة، جيت خطبتك زي ما أنتِ ودخلت البيت من بابه؛ لإنك تستحقي ده تستحقي أتعب عشان أوصلك.
-لا لبسك ولا جسمك ولا جمالك هيخليني أحبك يا نسمة كل دِ شكليات ومسميات مجتمعنا حطها مش أكتر ولا أقل.
-أنا بحبك مهما كنتِ حتى لو كنتِ عورة يا ستي.
عقدت حاجبيها في نهاية حديثه ليكمل حديثه وهو يرى انبهارها وتأثرها بحديثه يتلاشى:
-أنا بحبك عشان أنتِ نسمة عشانك أنتِ.
-ضيعنا كتير من عُمرنا بعيد عن بعض، كفاية بُعد يا نسمة خلينا نتجمع في بيت واحد وساعتها اغضبي وازعلي مني براحتك ولكن وأنتِ جمبي.
تجمعت عينيها بالدموع وكادت أن تلين ولكن هناك شيء بداخلها منعها من هذا الصوت الذي يصدر من عقلها يمنعها منعا باتا بأن تخضع لـه، دفعته بقوة وأردفت بضيق:
-كلامك مش هيخيل عليا المرة دِ، يا مازن.
أغلقت باب سيارتها وصعدت مرة أخرى لمنزلها وهذا أثبت لـمازن بأنها ستخضع لـه عما قريب حينها لن يتركها أبدا ويعلمها الأدب عن فراقها عنه طيلة تلك المدة.
_______________________________
استيقظت صباح اليوم لتنظر حولها ولـم تجده بجوارها كـكل مرة اعتدلت في جلستها وحاولت النهوض للذهاب للمرحاض تحاملت على جسدها واستندت على الفراش بكف يدها حتى تستطيع الذهاب للمرحاض المتواجد في زاوية الغرفة ولكن انتهى الفراش وبقيت مسافة للوصول للمرحاض لا يعينها جسدها أبدا على الذهاب بمفردها؛ فهي تشعر بدوار قوي يجتاحها منذ أن استيقظت.
وجدت الباب يُفتح لترى سـيف أمامها هذا الذي كان يراقبها منذ أن استيقظت من الإطار الزجاجي الخارجي، بينما هي حاولت اصطناع القوة لتخطو للمرحاض ولكن جسدها لـم يساعدها ليحيطها بذراعيه يمنعها من السقوط رفعت رأسها لـه وعادت خصلاتها للخلف تبرز عنقها خاصةً ذلك الجرح والذي لـم يُشفى ولأول مرة يراه سـيف تجاهل الأمر وساعدها على الدلوف للمرحاض تحت إحراجها وظل ينتظرها في الخارج يحاول ضبط أنفاسه، فكلما ظهرت في حياته انقلبت رأسا على عقب.
قام بإعادتها للفراش مرة أخرى وأردف:
-مونيكا ستأتي هنا قريبا، لقد أحضرت لكِ بعض الثياب.
-والطبيبة ستأتي لزيارتك بعد قليل وحينها يمكننا العودة للمنزل.
شعرت بتلك النبرة الجافة في حديثه لا يظهر لهفتهُ عليها كـكل مرة ولا يهتم بأمرها، لـتنهر نفسها لديه كامل الحق فيما يفعله هي من اقتحمت حياته فجأةً وحرمتهُ من أن يعيش حياته طبيعي كـزوج حتى أنها حرمته من حقه في أن يكون أبا وتركته وتخلت عنه دون مبرر بـل جرحته بحديثها والآن تتودد إليه!
أتت مونيكا وهناك ابتسامة على ثغرها وأردفت:
-صباح الخير.
ابتسمت لـها غـرام لتقترب مونيكا منها وتحتضنها وتقول:
-أحضرت لكِ ثيابك.
ساعدتها مونيكا تلك المرة لترتدي ثيابها وتنتظر في الخارج مع سـيف وأيضا الطبيبة أتت لزيارتها، ولكنها تأخرت في المرحاض لتطرق مونيكا الباب وهي تقول:
-غـرام الطبيبة في انتظارك.
فتحت غـرام الباب ببطء وهي تغمض جفنيها بقوة تدعو ربها ألا يراها سـيف فالفستان الذي جلبته مونيكا كانت أكمامهُ قصيرة تبرز ذراعيها وجرح غـدير لها بالسكين ما زال موجودا ممتدا بطول ذراعها كانت تخفي ذراعها وتقدمت من الفراش وفحصتها الطبيبة وأردفت بعملية:
-يجب عليكِ الاهتمام بغذائك، مدام غـرام.
-والدوار الذي تشعرين بِه أمر طبيعي لـن يدوم طويلا.
حركت رأسها بالإيجاب لترى الطبيبة ذلك الجرح وتشير لـه متساءلة:
-ماذا عنه؟
أجابت بارتباك وهي تخفيه خلف ظهرها:
-لا شيء.
-كيف تتركين جرحا بهذا الشكل دون تضميد!!
-هذا إهمال.
-أريني.
رفضت غـرام بينما مونيكا أردفت بقلق:
-عن أي جرح تتحدثين؟
اقترب سـيف بخطوات بطيئة من غـرام يتساءل عن ماهية الجرح الذي تتحدث عنه الطبيبة وقد أثاره الفضول أردف بهدوء:
-أخرجي ذراعك.
نظرت لـه وكادت أن تبكي من الموقف الذي هي بِه، كيف ستبرر سبب حدوث جرح كهذا وأي كدبة ستجري عليهم!
قبض سـيف على ذراعها لتتآوه ليخرجه من خلف ظهرها ليصبح واضحا للجميع وعلامة استفهام كبيرة توجد في عقولهم، لتقول غـرام:
-لقد جُرحت دون قصد.
أتت الطبيبة ببعض المستلزمات الطبية الأولية لـتقوم بتطهيره وتقول:
-لا تتركينه دون تطهير مرة أخرى، جرح السكين يبقى طويلا.
قامت بوضع الشاش على ذراعها بالكامل بينما سـيف صامت هاديء وهذا ما يثير ريبة غـرام لتقترب مونيكا منها وتساعدها في النهوض ويغادروا ثلاثتهم.
توقف سيف بسيارته أمام البناية الذي يقطن بها هبطت مونيكا مع غرام وتساءلت:
-ألن تصعد؟
-لا.
ليغادر سـيف بسيارته ويخرج هاتفه يتصل بأخيه يجب أن يجد إجابة لكل سؤال يدور في عقله، ما هذا الجرح؟ ومن تسبب فيه؟ وما الخطر الذي يحيطها؟ ولما عادت؟ وأين شريف؟ ولما لـم تطلب الطلاق بعد لتبقى مع حبيبها الأول؟ ولـما تغيرت كثيرا وأصبحت عينيها أكثر حزنا عن ذي قبل؟
____________________________
كانت جليلة تجلس بجانب إحسان يتعلق أنظارها بذلك الطفل الذي يلعب في صمت ولا يتحدث لأحد، فقط يكتفي بالتعبير بنظراته والإشارة تشفق عليه تقول يا ليت مالك وافق على زواج غدير بذلك المدعو يزيد ربما كانت الأمور ستسير على نحو أفضل، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن.
ربتت إحسان على فخذها تقول:
-كله هيعدي والحياة هتبقى أحسن من الأول كمان.
-أنا زعلانة، إيه ذنب طفل زي ده يعيش الحياة دِ بعيد عن أبوه وأمه اهي ولا سألة فيه حتى.
-مش عارفة إيه اللي جرا لجيل اليومين دول، مليان مشاكل وعُقد.
-الحياة كانت أسهل من كدة زمان.
-زمان مش زي دلوقتي يا جليلة.
-الظروف اتغيرت.
-ده مش مبرر.
-الجواز هو هو الجواز من زمان، مسؤولية واحترام.
-رابط قوي بيجمع بين الراجل والست.
-الست هي اللي حابة تعمل عقلها بعقل الراجل، الراجل ليه وظيفة وكذلك الست.
-ليه بنتدخل في شغل بعض؟
-والأمومة برضو مبتتغيرش، الجيل الجديد مطلع مسميات كدة اللي هو سنجل مامي إيه سنجل مامي دِ يا حلوة!
-البنات مبقاش عندها حياء ولا أدب.
كانت تتحدث جليلة بضيق وحنق ويقف خلفها كلٍ من مالك وعبدالقادر يضحكان بصمت وكذلك إحسان التي أردفت:
-وهي إيه السنجل مامي دِ يا جليلة؟
-هو أنا عارفة واحدة طالعة تقولك على تطبيق اللي هو توك تيك ده لو عايزة تخلفي ممكن تتجوزي واحد وتتفقي معاه إنك هتبقي أم وبعد كدة يخلع هو.
-فين الحياء! أحنا اللي عقدنا الحياة بالكلام الفارغ ده.
-طب أهدي طيب.
-مش هنأكل؟
انتفضت جليلة من مكانها على الفور أثر سؤال مالك لتقول:
-ثواني والأكل يبقى جاهز، حمدلله على السلامة.
ابتسم لـها مالك لـم يلاحظها سواها لتخجل، فكلما ينظر لـه ترى الحب في عينيه لا يزول أبدا إنها فتاته التي لـم يغيرها الزمن تلك التي عاشت معه في اسوأ لحظاته ورضيت بأن تبدأ معه منذ الصفر تركت أهلها ومنزلها التي كانت تنعم فيهم بالراحة وأتت معه إلى هنا إلى حياة غير معلومة ولـم تشتكي لمرة حتى بـل كانت دوما تعينه على مصاعب الزمن، يا ليت كل النساء مثلها هذا ما كان يردده داخله دوما يراها هبة من الله.
_____________________________
دلـفت للشركة بقدميها وكانت ترتدي ثوب على الرغم من بساطته ألا أنه أعطاها جاذبية تخصها وحدها كانت تغطي ذراعيها بأكمام الثوب ويصل لكاحلها يبرز جمال بشرتها بلونه الزيتوني وذلك الحذاء الأسود الذي زادها طولا، كان الجميع يتحدث عن سبب عودتها ألم تختفي من حياة سـيف آل القاسم دون تبرير وخطب السيد سـيف أخرى.
دلفت لمصعد الشركة على الرغم من خطواتها المتزنة ألا أنها ترتجف من الداخل بأي حق تأتي إلى هنا هذا بالتأكيد أول سؤال سيطرحه عليها.
ابتسمت لذلك الموظف الذي يجلس مكانها والذي منعها من الدخول متساءلا عن هويتها، لتردف:
-غـرام آل قاسم.
سمح لـها بالدخول لتتجه غـرام إلى باب مكتبه وتطرق عليه برفق ليسمح للطارق، أخذت شهيقا وزفرته ببطء لتدلف للداخل وتتقدم منه بخطوات بطيئة بينما هو علـم هوية الطارق الآن من ذلك الهدوء الذي يعم غرفة المكتب وصوت تلك الأنفاس المضطربة ليرفع رأسه نحوها ببطء لقد أصاب حدسه.
تقف أمامه كأول مرة أتت بها إلى ذلك المكان بعدما عرض عليها العمل معه، كانت تقف أمامه بهيئتها الجديدة تنظر أرضا تشبك سبابتيّ يديها ببعضهم البعض تبتلع لعابها الوهمي من حين لأخر في انتظاره ليبادر الحديث ولكنه كان يشاهدها بدهشة، لقد تبدلت لفتاة أخرى بهيئتها الجديدة ولكن أعترف بداخله أنها في كلتا الهيئتين جميلة ضبط أنفاسه وتقدم منها وهو يقول:
-كيف أتيتِ إلى هنا؟
-لقد ساعدتني مونيكا.
أتاه ردها بصوته الخافت ليقول وقد تفهم حرجها:
-حسنا، ستبدئين العمل اليوم مع مساعدتي ريڤا.
-لم تخبرني عن ماهية العمل بعد؟
كانت قد تخلت عن إحراجها قليلا ورُبما تحاول نسيان هجران شريـف لها وتأجيل عودتها إلى والدها بالتأكيد لـن يكون مسرور بعودتها مُطلقة بعد أيامٍ قليلة من زواجها.
-أرى فيكِ مستقبل باهر غـرام، لذا لا تخذليني.
هذة كانت كلماته لـها في أول يوم عمل وتركته وغادرت مع مساعدته تلك التي تُدعى ريڤو واستطاعت في فترة قصيرة أن تثبت نفسها لـه ولم تخذله في العمل بينما هو أصبح يعتاد وجودها الذي أضاف لـحياتهُ.
باغتها بسؤاله:
-لما أتيتِ؟
-لأطلب منك فرصة عمل، لقد سئمت من جدران المنزل حتى أنك لم تعود منذ ثلاث أيام ومونيكا تذهب لعملها لا تأتي إلا ليلا.
-أنتِ لم تعودي لتعيشين حياة الرفاهية مرة أخرى، وإن كنتُ سمحت لكِ بالعودة هنا مؤقتا فهذا من أجل زيـن وليس أنتِ.
-ولكنك لم تخبريني، أين شريـف؟
-لما لا يستطيع حمايتك؟
-موضوعنا ليس شريـف الآن.
عقدت ذراعيها ونظرت بعيدا عنه في ضيق، بينما هو كان يأكله الفضول من الداخل يتساءل عن هوية الخطر الذي يحيطها فعندما هاتف زيـن أخبره بأن الأمر يخص غـرام وحدها؛ هي القادرة على البوح بما يحدث وعن هوية الخطر وأعتذر لـه لأنه أعاد فتح جرحه مرة أخرى بينما الجرح لـم يُغلق.
-تعلمين طريق العودة، أليس كذلك؟
-سـيف.
قاطعها بصوته الحاد:
-مدام مهدي، تجاوزتِ الحدود.
طرقت على المكتب بكلتا يديها وتساءلت:
-هو إيه حوار مدام مهدي اللي أنت طالعلي فيها دِ!!
تقدم منها قليلا بجسده ليصبح وجهه مقابل لوجهها وأنفاسه الغاضبة تضرب وجهه، ليقول:
-ألم تحددي موعد الزفاف بعد؟
أغمضت جفنيها تتحكم في أعصابها هذا ما كانت تخاف منه إنه يناديها باسم ذلك المختل شريـف وليس نسبةً لأبيها، لترفع البنصر في يدها اليسار تقول:
-شايف خاتمهُ منور في إيدي!
لـم ينظر فقط اكتفى بالنظر بطرف عينيه ليلمح الخاتم خاصته الذي اشتراه لـها يوم زفافهم، لماذا تحتفظ بِه للآن؟
-افهمي تلك الكلمات، أنتِ أصبحتِ لا تعنين لي شيئا.
-وطلاقنا سيتم عاجلا أو آجلا؛ في اليوم الذي ستذهبين فيه من هنا لتعودي إلى وطنك الأصل سيتم الطلاق ويقع الانفصال بشكل نهائي.
كانت كلماته تخرج ببطء تصيب قلبها بخنجر تلو الأخر، نعم هي من تمنت تلك اللحظة وأرادتها بقوة ولكنها لـما الآن ترفض وتتمسك بِه أكثر من ذي قبل.
-ولحد ما ده يحصل أنا موظفة هنا في الشركة و شريكة في بيتك باعتباري مراتك والكسبان يضحك في الأخر.
تركته وغادرت والغضب والغيرة ينهشا في قلبها، لن تتركه وحده لن تسمح بالأمر هذا قرارها وتلك الحرب تخصها وحدها قبل أن تخوض تلك الحرب من أجل سيف ستخوضها من أجل التحرر من قيد شريـف.
________________________________
كانت تجلس في حديقة المشفى لتجده يجلس بجوارها ويقول:
-رنيت عليكِ ومردتيش.
نظرت لـه غـزل بعدم فهم ولكن سرعان ما تذكرت هوية ذلك الرجل الذي اصطدمت به قبل أيام ولكنها تساءلت أيعقل أن يكون هو من هاتفها في منتصف الليل من قبل!
-وحضرتك جبت رقمي منين؟
-ولاد الحلال كتير.
-عن أذنك.
-اقعدي متسرعة أوي كدة ليه.
نظرت لكف يده الذي تعلق بذراعها يمنعها من الرحيل بتفاجيء لتجذب ذراعها على الفور وهي تقول:
-ممكن أفهم حضرتك عايز مني إيه؟ علاج وعالجتك وفلوس المستشفى ودفعتها تعويض.
-لكن تتصل بيا في نص الليل وتيجي دلوقتي تزورني بعد ما خلصت علاجك ده كدة يبقى في حاجة.
-هو فعلا في حاجة.
-أنتِ لغاية دلوقتي معرفتيش اسمي علكفرة، أنا اسمي ياسر.
-تشرفنا، حاجة تاني؟
-غـزل.
كان هذا صوت زيـن والذي أتى مفزعا بالنسبة لـها ليقترب منها بينما هي تصوب أنظارها نحوه وكذلك ذلك المدعو ياسر كان يتطلع إلى زيـن يدرس حركاته وخطواته المتزنة، ليقف زيـن أمام غـزل ويجذبها برفق نحوه وقد ألقى نظرة خاطفة لذلك الجالس على مقعد الحديقة وتساءل بهمس:
-ممكن أفهم واقفة بتعملي إيه هنا وسايبة شغلك؟
-ده أستاذ ياسر مريض عندي.
-أهلا وسهلا، هو مش المرضى بيبقوا في أوضتهم ولا هو العلاج أتطور!! وبقوا يخرجوا ويتمشوا مع الدكاترة.
أردفت بضيق:
-زيـن مينفعش كدة علفكرة، هفهمك كل حاجة بس بعدين.
أردف ياسر والذي لـم يستطع الاستماع لحديثهم الخافت:
-هو في حاجة يا آنسة غـزل!
حقا! آنسة! نظر زيـن لياسر بنظرة شاملة وجذب غـزل لتقف خلفه وأردف من بين أسنانه:
-مدام، مدام زيـن آل قاسم.
-أنا أبقى جوز الدكتورة، حضرتك تبقى مين؟
-صاحبها.
شهقت غـزل بقوة ونظرت لـزين الذي ابتسم بهدوء وأردف:
-طب يا صاحبها بقى طرقنا من هنا عشان دقيقة كمان وهساوي وشك بالأسفلت.
-وحضرتك مين؟
تدخلت غـزل لتقف بين كليهما وأردفت بقولها:
-ده زيـن جوزي يا أستاذ ياسر، وده ياسر مريض عندي واتعرفنا من يومين لأن حادثته كانت بسببي يا زيـن.
-يلا بينا يا زيـن، عن أذنك يا أستاذ ياسر.
جذبت غـزل زيـن ولكنه أبى الذهاب لتدفعه وترجوه بعينيها أن يذهب معها ليغادر على مضض بينما ياسر جلس إلى مقعده مرة أخرى والإبتسامة ارتسمت على شفتيه توحي بقدوم الدمار.
-ممكن أفهم إيه ده يا استاذة؟ مين صاحبك ده؟
-ولا صاحبي ولا حاجة.
-حتى اسأل السواق كان معايا لحظة الحادثة.
-أنت مش مصدقني يا زيـن!
-أنا لو مش مصدقك كان زماني كسرت نافوخك.
-إياكِ تقربي منه يا غـزل.
حركت رأسها بالإيجاب وابتسمت لـه لتقبّله على وجنته بينما هو جذبها لأحضانه لينظر من ذلك الزجاج المطل على حديقة المشفى من غرفة غـزل ولكنه لـم يجدهُ.
كان يجلس في سيارته يقودها متجها إلى منزله ليتعالى رنين هاتفه ويجيب عليه، لتقول:
-هتخلص امتى؟
-الأمر مش هيأخد كتير.
-في أقرب وقت هتكون أملاكه كلها عندك.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
_______________________________

قيود الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن