الفصل الثاني والثلاثون..

420 20 2
                                    

نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٣٢..
_____________________________
توقفت السيارة أمام المنزل بعد طريق طويل وشاق، تساءلت بخفوت وقد اعتدلت في جلستها تنظر حولها بريبة:
-وأنت هتبرر وجودي معاك بإيه؟ بابا مستحيل يوافق.
ابتسم بسخرية وترجل من السيارة يتقدم من بابها يفتحه ويجذبها من مرفقها لتقف أمامه بينما هي تبتلع لـعابها بخوف لقد تذكرت للتو مواجهتها مع عائلتها وكيف ستبرر لـهم جذبها خلفه وتقدم للداخل بينما هي هوى قلبها بين قدميها تفكر عما إن كانت سلكت طريق الصواب بعيدا عن درب قلبهُ قلب سـيف آل القاسم.
دلفت للمنزل وجدته خالي عدا الخادمة زينة، تساءلت مرة أخرى:
-فين ماما وبابا وعمو ومرات عمي ومُراد؟
تقدمها لـيقف في منتصف المنزل ويفرد ذراعيه يقول بابتسامة نصر:
-أرحب بيكِ في بيت شريف المهدي.
ألتفتت لـه والدهشة تحتل ملامحها تحاول تفسير كلماته ولكن ليس هناك سوى تفسير واحد وتتمنى ألا يكون صحيح.
أردفت زينة بانكسار:
-شريف بيه خد أملاك البيه الكبير وطردهم.
طالعها شريف بنظرات نارية كادت أن تحرقها في مكانها بينما زينة نظرت مرة أخرى لأسفل وهي تبتلع لعابها خوفا من طرده لـها، بينما غـرام شعرت بالفراغ من حولها أحقا حبت وتزوجت ذلك الحقير من قبل!
-البيت هيعمر بيا وبيكِ وبولادنا، بس تتطلقي من اللي اسمه سيف.
هناك رغبة بالهروب تسيطر عليها، لقد ندمت على وجودها هنا بجوار ذلك المختل وليس بجوار سـيف تمسك بيده يغادرا تلك البلدة سويا.
نظرت لـباب المنزل وسرعان ما جرت نحوه ولكنه كان الأسرع حيث أحاط خصرها بذراعه يرفعها من الأرض يقول بغضب:
-تهورك هيخليني أقتلك وأقتله مع بعض.
حاولت ضربه بـكوعها ولكنه لم يتأثر، ليخفضها أرضا ويجذب خصلاتها بين يده مشيرا للخادمة أن تذهب يسندها على الحائط يقول بهمس:
-أنا مجبرتكيش يا حلوة تيجي لـهنا، أنتِ جيتي بمزاجك.
- ندمك اللي أنتِ حاسة بيه دلوقتي تبليه وتشربي مايته أنتِ اختارتيني وأنا مش هسمحلك تروحيله ولو خليتِ باتفقنا ابقي اقرأي الفاتحة على روحه.
أردفت بقولها وهي تحاول التحرر من قبضته:
-بابا مش هيقبل.
-هو مش الحلوة متجوزة قبل كدة يعني يجوز تجوز نفسها.
-وكمان بنتنا عاقلة وكبيرة وعارفة فين مصلحتها، عائلة المهدي هتخلص بالبطيء.
ارتكز بنظراته على شفاها وأكمل حديثه مشددا على أخر كلمة:
-ومش هيبقى فاضل غيري أنا وأنتِ و ولادنا.
لاحظت نظراته الثاقبة لتدفعه بعنف مستحيل أن ترى نفسها بين أحضان أخر سوى سيف، هو مالكها الوحيد حتى وإن أدركت ذلك مؤخرا.
ابتعد عنها قليلا لـتردف بحدة:
-أنت مش هتطول شعرة واحدة مني يا شريف.
-كان قدامك الفرصة ولكنك رفضت، وأنا ممتنة ليك  ولرفضك ساعتها كنت هعيش طول حياتي كارهه نفسي وجسمي.
-هتطلقي من سيف امتى؟
أجابت بضيق:
-لما يكتشف الحقيقة ولكنه مش هيكون فاضي ليا وقتها؛ لأن والدته مريضة.
-بتماطلي يا بنت مالك.
-لحد موعد طلاقك يا بنت مالك لو لعبتِ من ورايا كدة أو كدة أو لاحظت حركة غدر منك صدقيني مش هرحمك ولا وهرحمه ولا هرحم عائلتك كلها.
-أنت إيه! مش بني آدم!
-أنت طردت عمك وأبوك، أنت الحقد عاميك للدرجة دِ! أنت مش إنسان.
-أنا عشت حياتي بسعى لـحاجتين يا غـرام.
-الأولى المال.
وأشار على المنزل من حوله، مكملا حديثه:
-وحصلت عليه.
أردفت بـاندفاع:
-بالخداع.
تجاهل كلمتها وتقدم منها يقبض على خصلة من خصلاتها يستنشق رحيقها هامسا بجوار أذنها بينما هي شعرت بِثقل في جوفها أثر قربه المهلك، إنها تشعر بالتقزز من لمساته وأنفاسه الكريهة.
-والجمال، ولحد ما كنا في ألمانيا مكنتش شايفه.
حرك أصبعيه الوسطى والسبابة على ذراعها الأيمن هبوطا لأصابعها يقبض عليها، يكمل حديثه بقوله:
-وأنا بحظى بالجمال أهو قدام عيني.
حرك رأسه لأسفل ولأعلى يقول بابتسامة لم تروق لـغرام:
-أيوه أنتِ عجبتيني لما شوفتك جميلة وبقيت حابب امتلكك.
-وأدوق الشهد اللي رفضته في الأول.
-تبقى في اِيدك وتقسم لـغيرك، وترجعها تاني لإيدك.
غمز لـها باليسرى بينما هي كانت تشمئز منه وابتعدت عنه تتجه للأعلى حيث غرفتها يا لـه من أرعن مُستغل.
أتى صباح اليوم التالي، بينما غـرام تحتجز نفسها داخل غرفتها مع تلك الصورة التي وجدتها على المنضدة بجوار فراشها والتي قد أُلتقطت من قبل أثناء مكوثها عند جدها يونس في الحقل كانت لـها ولسيف ترى الانبهار والصدق في عينيه تتمنى ألا ينتهوا ولكن كيف لقد انتهكت حقوقه كاملة، إنها أذته وتؤذيه وستترك ندبة بداخل قلبه لن يمحوها الزمن أبدا هي التي وثق بها وتحدَ الجميع من أجلها حتى أمه.
فقط تتمنى أن ينتهى ذلك الكابوس، ، يقولون إن لم تستطيع تخطي الماضي تأقلم معه ولكنها ما زالت قابعة في المنتصف وكأن حريتها كانت حُلما ترويه لـنفسها ولكن في الحقيقة لا سبيل للنجاة.
تتمنى أن تسمع صوته، تستمتع بـلمساته الرقيقة، واِبتسامته يا ليته كان هنا يا ليته بجوارها حينها لم تكن ستحمل همًا أبدا.
انتفضت من مكانها أثر ذلك الصراخ باسمها ذلك الصوت تعرفه جيدا لقد استمعت لـه لأكثر من أربع سنوات تعلم تلك النبرة جيدا، نهضت من مكانها تتجه للنافذة لتراه أمام بوابة المنزل يمنعه حراس ذلك الأحمق من الدخول حتى يأذن رب عملهم بينما هي اِزداد نحيبها وهبطت الدموع من مقلتيها مرة أخرى رُبما فرحا بعودته لقد أتى من أجلها لم يسافر و يدير لـها وجهه، ارتفعت وتيرة أنفاسها وهناك اِبتسامة شقت طريقها لـوجهها ولكن سرعان ما اختفت أثر ذلك المتطفل الذي فتح باب غرفتها يقبض في راحة يده على تفاحة حمراء اللون يأكل منها يثبت نظره عليها ولكن لفت نظره تلك الصورة على الفراش التي تركتها عليه لـترى عما إن كان سـيف اتجه لـها يمسكها ويرى الصورة اِبتسم بسخرية ليلقيها بقوة بعيدا لتصطدم بالحائط وتسقط أشلاء بينما هي اِنفطر قلبها أثرها لتجري نحوها بلهفة وتحاول جمع الزجاج لتنجرح يدها ولكنها لم تتوقف عن الجمع حتى أردف:
-سـيف هنا جالك غريبة مش أمه مريضة؟
-تحبي تروحي معاه؟
نظرت لـه بلهفة لـعله يكون عاد لصوابه، لـ يغار من تلك اللهفة في عينيها يجب أن تكون متلهفة للبقاء معه هنا في ذلك الثراء الفاحش ومعه هو فقط.
خطى نحوها بضعة خطوات يقول:
-معنديش مانع بس ابقي اتصلي بالإسعاف عشان تأخد جثته.
ابتعد عنها بعنف بينما هي شعرت بالإحباط وما زال صوت ذلك العاشق بالأسفل يهتف باسمها متعجبا من عدم وجود مالك و جليلة، متساءلا عما إن كان أصابها أذى تلك اللهفة في عينيها ليلة أمس لا تدل على إرادتها في هُجرانه.
وقف أمام مرآته يشعر بالحسرة وألم في قلبه يغزوه، حاول تجاهلها وكأنها لم تكن ولكن كيف يستطيع تجاهل أربع سنوات من عُمره إنه بالتأكيد مُخطىء أنها لا تهجرهه بذلك الأسلوب القاسي رفع رأسه للمرآة ليرى اِنعكاسه ينظر لـه بـلوم وعتاب هو من وضعهم في ذلك المأزق.. "الحب إهانة وقلة كرامة فقط لا غير" هذا ما تفوه بِه اِنعكاسه بينما سـيف كان لقلبه رأي أخر كاد أن يتفوه حتى قاطعه اِنعكاسه:
- لقد سئمنا من تلك اللعبة، الجري خلف غـرام والسعي لـقلبها حقا!!
-لقد ظلمتنا يا رجل.
كان يتحدث باِسم عقله و روحه التي شبعت من ذلك الأذى، حُبّ غـرام لعنة على قلبهُ.
استعاد توازنه لتسيطر عليه عاطفة القلب بقولها:
-غـرام لا تُؤذي.
استقل أول رحلة قطار ذاهبة للقاهرة حيث منزل مالك المهدي، إنها لا تنتمي لـمكان أخر.
كانت تسيل الدماء من يدها تتناسب مع لـون ثوبها الأحمر الذي اشتراه سيف لـها، جذبها لـه بعنف يجبرها على النظر في عينيه يقول بغضب وحدة:
-أنا وأنتِ بمثابة اتنين لسة متجوزين يعني بينا كل الحب والشوق واللهفة.
- عايزه يتحسر ويتقهر عايزه يكره نفسه ويندم أنه اتجوزك وعرفك، عايزه ينسى مين هي غـرام ولو افتكرك تبقى بِذكرى ملعونة.
-فاهمة؟
كانت شاردة الذهن أحقا ستكون قادرة على إيذائه بتلك الصورة أم سترتمي في أحضانه عندما تقع عينيها عليه؟ إنها اختارت الهجران حتى لا تؤذيه بينما هو يطلب منها أن تؤذيه إيذاء أشد وأقسى.
دفعها لـتسقط أرضا بينما جُرِحت قدميها أثر الزجاج أسفلها وصرخت عندما اخترقت زجاجة كبيرة بحجم راحة يدها مرة أخرى ليكتم صرختها ويخبرها ألا تصدر صوتها سوى بضحك أو كلمة تجرح سـيف فقط.
جحظت عينيها وهي تستمع لذلك الخائن أمامها ليتركها ويهبط لأسفل يسمح لحارسيه أن يدخلوه بينما هو جلس على الأريكة واضعا قدم فوق أخرى على ثغره اِبتسامة مريضة، دلف سيف للداخل ينظر حوله يبحث عنها كان مندهش من شريف الهادىء هذا ليس طبعه ولكنه لم يعييره اهتمام وتساءل:
-فين غـرام؟
-جت هنا؟
-غـرام اتصلت بيا وأنتم بتقضوا شهر العسل.
كان يشدد على كلماتهُ يقولها بتمهل لتجرح كل كلمة قلبه بِـشرخ صغير، بينما سـيف تصنع اللامبالاة يعلم جيدا ما يحاول فعله وهو إثارة أعصابه.
لـيكمل:
-وقالتلي إنها بتعاني كل لحظة معاك، و إنها ندمانة على كل لحظة قضتها في بيتك وسلمت نفسها ليك.
-وإن حبي لسة جواها.
-وأنا مترددتش لحظة إني ارجعها لحضني من تاني.
وتيرة أنفاسه اضطربت، لـيقول بهدوء فاجيء شريف:
-طب ممكن هي تيجي بنفسها تقول الكلام ده.
استمع لخطواتها لـيرفع رأسه يرى أمامه زوجته بثوبها الذي اقتناه من أجلها خصيصا ولكن هناك شيء ناقص، إن عينيها حمراء أثر البُكاء أنه يعلم كل تفاصيلها ويديها ترتعش.
لِماذا؟ كان يسأل بعينيه بينما هي تتحاشى النظر لـه، تهبط على الدرجات ببطء وتمهل تتمنى ألا تصل لـه أبدا ولكنه كان الأسرع جرى نحوها ليتوقفا في منتصف السلم يتابع شريف المشهد بِـملل.
قبض على كف يدها لتشعر بالألم أثر جرحها لم يكن هنالك متسع من الوقت لتضميدها، كان كلاهما صامت هو يطالعها يحاول تصديق عينيه تلك اللهفة لا تغيب عنه بينما هي لا تريد إهانته كما يريد شريف تتمنى أن تبقى لـه ذِكرى حلوة يتذكرها بِـها ولكن كيف وهي من هجرته!
أزالت يده بعنف ورفعت رأسها لـه ويا ليتها لم تفعل، لطالما كانت ترى خير العالم في صدق عينيه.
نظرت لـشريف الذي كان يطالعها بتحذير لـتعود بنظرها لـسيف وهي تقول:
-جيت ليه؟ مش قولتلك.
كان يفصل بينهما درجتين ليقتحم واحدة ويثير ارتباكها والثانية حتى أصبح لا يفصل بينهما سوى بعض إنشات.
-جيت ليه؟
-عشان أعرف إن كنتِ واعية للي عملتيه.
-قصدك إيه؟
-لهفتك اللي في عينيكِ، لمساتك ليا، اعترافك ليا بِـ حُبك، اِبتسامتك اللي أنا عارفاها و نادرا ما بتظهر.
-أفسر كل ده بإيه؟
كان يصعد درجة تلو الأخرى بينما هي تتراجع في المقابل حتى انتهت الدرجات واستندت بيدها على السور تجيب عليه:
-كان كذب.
-هو في ممثلة شاطرة أوي كدة؟ لو كل البنات بيمثلوا زيك يبقى خير الدنيا كله هيخلص.
كان يتحدث بِـحدة، لـتلين نبرته قليلا ويقول:
-غـرام، في حاجة مخبياها عني؟
أردفت بإنفعال:
-وأنا هخبي عليك حاجة ليه؟ أنت مش قادر تتقبل أنك خلاص بقيت على الرف بالنسبة ليا كنت كوبري أوصل بيه لأحلامي، ما أنا مش هطلع فاضية من المولد.
-إيه مستغرب من اختياري ليه بعد كل اللي عمله فيا؟ لو كنت قدرت تشيل حبي من جوا قلبك كان زماني قدرت أشيل حبه.
-ده حبيبي، حبيبي الأول أنت بتقارن نفسك بيه!
-سـيف آل القاسم المثالي، اللي الكل بيحبه وبيحترمه وبيقدره لو يعرفوا أنك بتمشي ورا واحدة ست مش عايزاك ولا قابلاك احترامهم ليك هيقل.
-أنت خسرت الحق فيا يا سيف.
-أنا بجد كنت بقعد مع نفسي كتير بقول إزاي كرامته هاينة عليه أوي كدة، إزاي بيحب اللي مبتحبهوش وليه بيجري وراها.
-أنا إزاي استحملتك كل الفترة دِ و استحملت غزلك اللي كنت بسمعه منك.
لم يعي أحد منهما طرق الباب و دلوف مُراد مع زين اللذان أتيا لـشريف للتحدث معه ظنا منهم بأن كل من سـيف وغـرام في الأقصر بعد، تعجب مُراد من حالتهم وتساءل بداخله كيف سمح شريف لـهما بالبقاء ولما؟
فاق من أفكاره على حديث أخته التي كانت تجرح قلبها قبل قلبه وهي تقول:
-أنا بقرف من لمستك يا سـيف، حاولت أنساه بيك ولكني معرفتش مقدرتش.
توقفت الكلمات بِـحلقه، أتلك غـرام؟ حبيبته الأولى والذي لطالما طلبها من ربه وباستماتة ابتلع لـعابه ليرطب حلقه الذي جف يحاول الحديث ولكن ما هي الكلمات المناسبة في ذلك الوقت؛ لأول مرة يشعر بالخذلان هو الذي لم يكسر بخاطر أحد أبدا بل لطالما كان يسعى لـراحتها و راحة الجميع.
نظر لـها تكمل حديثها وكأن دهشته وصدمته لا تعني لـها شيء:
-يا ريت تطلقني في أقرب وقت عشان أقدر أتجوز بـشريف، وياريت تنسى أنه كان في حد في حياتك اسمه غـرام.
-اسمي حتى مُحرم عليك يا ابن جابر.
تركته واتجهت للدرجات تهبط عليها لتتجه إلى شريف ولكنها فُجِئت بأخيها، أيجب عليها كسر أخيها كـسيف لحماية كِلاهما!
قبض على ذراعها بغضب يجذبها نحوه يقول:
-إيه اللي سمعته ده يا بنت مالك؟
رفعت وجهها لـه وقد اصطنعت البرود:
-سمعت إيه؟
-شريف إيه اللي هتتجوزيه! شريف اللي طرد أبوكِ وأمك وأخوكِ! وطرد أبوه وأمه وهيطردك أنتِ كمان.
-أنتِ إيه؟ أنتِ ألعن من غدير وأحنا مكناش واخدين بالنا!
-اطلعي اعتذري من سـيف يلا.
-وأنت مالك؟ أنت هتتحكم فيا!
-وأكسر رقبتك كمان.
-أنا أخوكِ.
-وأنا أختك الكبيرو، لو عايز تعمل أخ تعمل كدة على غـزل مش عليا.
صفعة قوية دوت في المكان بالكامل على وجنتها اليمنى، بينما زينة تقف برعب تشاهد ما يدور ودّت لو أن تخبرهم بالحقيقة والتي استمعت لـتهديد شريف عبر الهاتف لـغرام ولكنها خافت، بالتأكيد سيأمر بقتلها ذلك الإنسان الشيطاني سيتخلص من جثتها بالتأكيد بعد أن يقطع لسانها أولا.
قبض على خصلاتها يجذبها مرة أخرى لـه يقول:
-لو مالك نسي يربي هربيكِ من أول وجديد.
هتف شريف بصوت مرتفع نسبيا:
-حراس.
نظر لـه الجميع وإلى حراسه الذين اقتحموا المنزل يحاوطون كلٍ من زين ومُراد، ليتقدم شريف من مراد يجذب غـرام نحوه ويقول:
-الكل يسمع.
نظر لـسيف الذي ما زال يقف بمكانه لا يستوعب حديثها الجارح، تلك الغـرام لا تؤذي ولكنها أذته هو الذي سخر لـها كل سُبل الراحة والأمان انتبه لـشريف وهو يقول:
-مجرد ما تنتهي عِدة غـرام هتكون مراتي وعلى ذمتي، ومن هنا ورايح غـرام متخصش حد.
-وعن أذنكم عشان عايزها في كلمتين، البيت بيتكم طبعا.
ومن ثم أشار بعينيه لحراسه ليجذبوا كلٍ من مُراد وزين وكذلك سـيف يطردونهم خارج المنزل، بينما هي ما أن خرجوا حتى توقفت عن السير معه ليطالعها باستفهام وتقول بنبرة غريبة عليها أثارت ريبته:
-أنا مستحيل أبقى معاك بأي شكل من الأشكال، أنا كدبت كدبت على أكتر إنسان صادق في الدنيا دِ.
-ولو مكنتش هبقى لـسيف يبقى مش هبقى لـغيره.
تركته واتجهت حيث المطبخ لتجد زينة تقف وتنظر لـها برعب بينما هي جذبت تلك السكين ولم تفكر لـثوانٍ حتى قامت بشق طريقها لمعصمها تجرحه بقوة وتنظر لـشريف وهي تقول:
-حتى لو حصلت على جسمي يا ابن المهدي، عقلي و روحي وقلبي متعلقين فيه ودِ معركة أنت خسران فيها.
-وبالنسبة لـ المال والجمال مفقودين يا ابن العم.
كانت تغمض جفنيها وتعود لـفتحهم والدماء تتسرب للأرض، لـتكمل حديثها بقليل من التلعثم:
-أنا هنا معاك حماية لهُ، وتفيد بإيه محاولتي لحمايته وأنا أذيته بِبشاعة.
لـيقول بـبرود:
-يستحق.
صرخت فيه تقول:
-اللي زي سيف يستحق الأذية ليه؟
-حماني ودافع عني وجابلي بيت وشغل واتجوزني وحبني وقدم ليا كل اللي أنت مقدمتهوش، و زرع ورد يلاقي شوك ليه!!
حاولت التماسك بثبيت كف يدها السليم على منضدة المطبخ ولكنها انزلقت لتحيط بها تلك السحابة السوداء وتسقط أرضا أسيرة للمجهول.
في الخارج، كان تائه لم يجرب شعور الخذلان من قبل، ولكنه يبدو أنه الأسوأ على الإطلاق تساءل بداخله فيما أخطأ حتى يُعاقب بذلك الشكل المؤذي أحقا هو المذنب؟ ألقى على قلبه اللوم يا لـه من ضعيف ودّ لو أن يعتصره في قبضة يده لـعله يكُف عن حُبها ولكن كيف، وكل الطُرق تقوده لـها مهما حاول الهرب يعود مرة أخرى وكأن لا سبيل سواها.
-لازم نمشي يلا بينا.
وافق مُراد رأي زين، ولكن سـيف أردف:
-أنا لازم أسافر أطمن على والدتي هي في المستشفى.
-وأنا مش هسامح نفسي لو حصلها وأنا مكنتش جمبها.
كفى لقد ضيع وقت كبير بحثا عن راحة غـرام ونسي بأنها لم ولن تُحبه أبدا، يجب أن يذهب لأمه يعتذر لـها عن مكوثه بعيدا عنها طوال تلك المدة حتى عندما كانت غـرام موجودة كانت دوما لـها الأولوية؛ فأمه لا تحتاج مجهود كبير لإرضاءئها فهي كلما رأته تخبره بأنها راضية عنه وتتمنى أن يبقى بنقاء قلبه للأبد على الرغم من حنقها من غـرام ولكنها بالتأكيد ستكون سعيدة لـعدم عودتها وطلاقه لـها.
أردف مُراد وهو يشعر بالخزي من أخته:
-سـيف أنا أسف.
-الإعتذار مش كافي يا مُراد، وكمان قصتي مش معاك أنت أخ ليا ولو محتاجني أنا معاك وفي ضهرك.
استقل كلٍ من زين و مُراد السيارة ليغادروا، بينما سيف كاد أن يغر هو الأخر حتى استمع لـصراخ شريف على حارسه يقول:
-جهز العربية بسرعة لازم ننقلها المستشفى.
كان يحملها بين ذراعيه ويصرخ على كل من يقابله يتمنى أن يصل في أقصى سرعة لـينقذها لن يسمح لـها بإنهاء حياتها قبل أن يأذن.
بينما سيف أخفض بصره عنها ولم يرى جرح يدها حيث أن معصمها المُصاب في الجهة الأخرى من مرمى بصره.
استقل سيارته وقاداها سريعا لا لن يستمع تلك المرة لـفؤاده لن يذهب لـه ولن يسأل عنها هي التي هجرته وجعلته بلا قيمة أمامهم جميعا، بالتأكيد سيعود لـحياته سابقا قبل أن تظهر لقد كانت حياته هادئة طبيعية مليئة بالمغامرات الطيبة والتي تسعد النفس، بينما مُراد غادر بِـقلب ينزف حزنا على شقيقته التي خدعته وظهرت على حقيقتها في تلك اللحظة، كيف تمكنت من كسر خاطر وقلب كـسيف!
استأجر زين شقة لـمُراد لـيسكن فيها وأخبره عندما قام بتوديعه ألا يخبر أمه أو أبيه بما حدث اليوم حتى يمسكوا كُل الخيوط بيدهم، ليكمل قيادته حيث منزله وما أن دلف للداخل حتى وجد شاهندا تقفز على ظهره وتضحك قائلة:
-النهاردة عيد ميلاد مين؟
ابتسم زين وأنزلها لأسفل ليربت على وجنتها برفق ويقول:
-دايما فاكراني يا شاهندا؟
-مش أنا لوحدي علفكرة.
غمزت باليسرى وهي تطالع شيئا ما خلفه لـيعلم هويتها دون أن ينظر، ألتفت ليراها ترتدي ثوب أسود رائع يبرز مفاتنها يصل لـكاحلها بينما حمالاته شفافة بالكاد تُرى اقتربت منه بابتسامة رائعة تزين ثغرها بينما هو غرق في التفكير.
إنها من أبناء مالك المهدي كيف يتأكد بأنها لن تكن كأختيها، بالتأكيد هي شبههم و رُبما ستتخلى عنه هي الأخرى!
أفاق من شروده على حضنها لـه وهي تقول:
-كل سنة وأنت طيب، كلمت سـيف وغـرام عشان يجيوا بس تليفوناتهم مغلقة طول اليوم.
-حصل خير.
أردفت شاهندا بحزن:
-كان نفسي ماما تبقى موجودة.
احتضن زين كلتاهما وقبّل جبينهما وهو يقول:
-يلا نقطع التورتة.
اتجه ثلاثتهم لـتقطيع حلوى عيد الميلاد تحت ضحك كل من شاهندا وغـزل بينما زين ظل شارد، أردفت شاهندا:
-هطلع أنا.
اتجهت للأعلى بينما غـزل جلست بجوار زين وأردفت:
-مالك يا زين؟
-أنتِ ممكن تسيبيني؟
اعتدلت في جلستها لتنظر لـه مليا وتقول:
-قصدك إيه؟
-جاوبيني يا غـزل.
-لا يا زين، بس فهميني في إيه حصل؟
-خايف تطلعي زيهم يا غـزل.
-زي مين؟
-أخواتك.
ظنت بأنه يقصد غدير لـتقول:
-غدير كانت حالة استثنائية، عميتها مرآية الحب عن الأصول والعادت والتقاليد.
-واضح إن بيتكم كله معمي عن الأصول والعادات والتقاليد.
-قصدك مين؟ وليه بتتكلم بالألغاز؟
تنهد زين وقص عليها كُل ما صدر من شريف وما حدث اليوم في المنزل من غـرام وجرحها لـكبرياء سيف وكرامته أمامهم، بينما هي شهقت و وضعت يدها على فِيها بصدمة تستوعب ما يتفوه به زين أحقا أختها غـرام فعلت كما يقول إنه بالتأكيد مُخطيء غـرام لا تؤذي أحد هناك أمر ما ناقص ستكتشفه بالتأكيد.
أردف زين بتحذير:
-إياكِ تبلغي عائلتك بحاجة أو تلمحي إنك عرفتي حتى، فاهمة؟
حركت رأسها بالإيجاب وتطلعت الفراغ من حولها بينما هو نهض واتجه للأعلى كاد أن يخلع ثيابه حتى تعالى رنين هاتفه وكان طبيب المشفى ليجيب على الفور.
-أستاذ زين.
-في حاجة يا دكتور؟
-والدة حضرتك فاقت النهاردة الصبح.
-تمام.
-أقدر أجي أشوفها امتى؟
ارتبك الأخير وأردف بتلعثم:
-ولكنها مش موجودة، اختفت.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
________________________________

قيود الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن