نكمل روايتنا قيود الماضي
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ١٩..
____________________________
استيقظت شاهندا من نومها لتنهض و تنظر حولها لتجد نفسها في مكان غريب لتنتفض سريعا و لكنها تذكرت أن سيف كان بجوارها ومعها لذا اطمئنت قليلا وقبضت على حقيبتها وجذبتها لتخرج منها هاتفها وتهاتف أحدهم ولكنه لم يجيب لتعاود الاتصال مرة أخرى لتجده أغلق الهاتف لتلعنه وتبدأ في جذب خصلاتها بعنف لتنفث عن غضبها نهضت لتتجه للخارج وتنظر يمينا و يسارا بحذر حتى اصطدمت بغدير التي لتوها خرجت من غرفتها وهي تحمل الصغير الذي استيقظ ابتسمت لها شاهندا بارتباك إنها لا تشعر بالراحة في قُربها ولكنها في منزل سيف إذا بالتأكيد لن تؤذيها لتلمح غرام تجلس على الأريكة تتحدث في الهاتف تبرر لأمها سبب اختفائها هي و سيف.
-تحبي تأكلي؟
نفت برأسها وتقدمت نحو غرام سريعا لتجلس بجوارها أنهت غرام المكالمة مع أمها و ربتت على كتفها برفق لتتساءل عن حالها الآن، لكن فضولها لم يمنعها من السؤال عن سبب اختيارها لها لإنقاذها من المصيبة التي كانت بها نظرت لها شاهندا ومن ثم أجابت بقولها:
-كنت خايفة.
-لو كلمت زين أكيد هيكون في شغل أو في اجتماع و لو كلمت مامي أكيد هتكون مع صحابها أو في الكوافير بتعمل شعرها وبتهتم بنفسها أو في الجمعية في النادي بتديريها.
-وأنا مليش غيرهم و بالنسبة لسيف مش معايا رقمه وأنتِ الوحيدة اللي على صِلة بيه فمترددتش لحظة إني أكلمك.
-لعل سيف يجي وينقذني لعل يحدث طفرة في علاقتنا على الرغم مكنش المفروض تفكيري يبقى بالشكل ده وأنا في أمس الحاجة لعقلي عشان أخرج من الورطة دِ.
-ولكني فعلا كنت محتاجة حد يقف جمبي ويساعدني ولو لمرة في حياتي.
قاطعها صوت سيف الذي هتف باسم غرام، لتزيل عَبراتها بظهر الإبهام وتبتسم لغرام قائلة:
-روحي شوفيه أنا كويسة.
نهضت غرام لتتجه لغرفة سيف لتجده يضع منشفة على كتفه وبيده بعض الثياب ليقول:
-ممكن تشوفي لو الحمام فاضي؟ أنتِ عارفة يعني البيت فيه بنات و.
قاطعته بضيق هي تعقد ذراعيها:
-محدش قالك تخليه ملجأ للي رايح واللي جاي.
-شاهندا أختي.
قاطعته بشراسته وهي تمد سبابتها نحوه:
-أنت عارف كويس مش بتكلم على شاهندا أختك.
-وغدير تبقى أختك.
-الأخوات مبتعملش كدة يا سيف.
-دِ مش أختي ولا تستحق اللقب ده.
تقدم سيف منها وأحاط ذراعها وهو يقول:
-غرام كل واحد مننا بيبقى محتاج فرصة تانية.
-وفي حاجات مبيبقاش فيها رجوع.
-تقدر تمحي ذِكرى جوازي من شريف! تقدر تمحي الأيام اللي عانيت فيها لوحدي!
تنهد بعمق وأطلق زفير بأنفاس حارة وكأنه يؤنب نفسه هو ليقول بضيق:
-لا مقدرش مقدرش يا غرام وده اللي بحاول أعمله معاكِ من أربع سنين.
-ولكني ميأستش ولسة بحاول.
ابتلعت كلماتها وهي ترى تلك النظرة الصادقة في عينيه ونبرته الدافئة كعادته، قاطع شرودها طرق على الباب لتفتحه غرام بعد أن ابتعدت عنه لتجدها شاهندا تشير إلى الباب وتقول:
-البنت اللي كانت هنا خدت ابنها ومشيت وهي بتعيط.
نظر سيف لغرام بلوم وتركها وغادر ليتبع غدير التي كانت تستمع لحديثهم وتبكي لتأخذ ابنها وتغادر على الفور إنها منبوذة من أهلها وحبيبها و زوجها وكذلك المجتمع إنها أنثى فاشلة لم تفعل شيء سوى أنها جلبت العار لأهلها والعار لكل قصص الحب النقية.
ضربت غرام قبضتها بقوة في الحائط وهي غاضبة ليس خوفا عليها ولكنه دوما يضعها في منطقة اللوم والتأنيب كلما حدث مكروه لغدير تبعته هي الأخرى بينما شاهندا كانت تقف لا تفقه شيء ولكنها شعرت بحدة الموقف.
كان يبحث عنها في الشوارع والطرقات بالتأكيد لم تبتعد كثيرا، لمح طيفها ليهتف باسمها بقوة ليقف ثلاثتهم في الشارع.
كان سيف صدره يعلو ويهبط وهو يتنفس بحدة أثر المجهود الذي أصبح يبذله في الآونه الأخيرة، توقفت غدير وهي تعطيهم ظهرها تحمل ابنها الباكي وتزيد بُكائه بُكاء بينما غرام توقفت عن البحث حينما وجدته يهتف باسمها زفرت الهواء براحة حينها.
عمّ الهدوء لتقطعه غدير بصراخها حينما ألتفتت لتجد رجل يأتي من خلف سيف يحمل بيده سكين أبيض وهدفه اليوم قتله دون أي خطأ المهم ألا يبقى على قيد الحياة من بعد اليوم.
هوى قلبها بين قدميها ثبتت قدميها في الأرض لم تتحرك كل ما تفوه به ثغرها بنبرة خافتة:
-سيف.
ألتفت سيف للخلف ليرى الرجل يحيط وجهه بقطعة قماشية سوداء تخفي ملامحه عدا عينيه الغاضبة ليتجه بنظره إلى السكين ويبتعد على الفور ليسقط الرجل على وجهه بقوة أثر اندفاعه و جريّه من مسافة، نظر سيف حوله ليشير إلى غرام صارخا فيها أن تدلف للداخل هي وغدير لتنفذ غدير كلمته بينما الأخرى لم تتحرك لتصبح فريسة لصديق المُلقي أرضا، اقترب سيف من الرجل يقبض على ذراعيه ويقيد حركتهم كان يحاول الفرار ولكن سيف يقيده بإحكام، ليهتف الأخر بعد أن قبض على غرام كـدرع حماية له ولصديقه:
-سيبه وأنا أسيبلك القمورة دِ.
ابتلعت غرام لعابها وهي ترى السكين في منتصف عنقها وأي حركة منها ستكون النتيجة إيذائها، تبادل سيف النظرات بين كلٍ من الرجل الذي تحت قدميه والأخر الذي يقف بجوار غرام التي تغمض جفنيها بقوة تتمنى ألا تموت.
لحظات واستمعت لصراخ بالقرب من أذنها وذراعها حر وليس أسيرا لذلك البغيض، فتحت عينيها ببطء لتتضح لها الرؤية ما زال الرجل أسيرا لسيف ألتفتت بجسدها للخلف لترى الرجل مُلقي أرضا وخلفها البواب المُدعو سعد وهو يحمل بيده عصا خشبية سميكة وخلفه كلٍ من شاهندا وغدير.
هتف سيف بنبرة حادة وهو يلكم الرجل الذي يحاول الفرار من بين قبضتيه ويحرك رأسه كثيرا وبشكل عشوائي:
-اتصل بالشرطة يا عم سعد، بسرعة.
اقتربت شاهندا من غرام التي فقدت اتزانها وسقطت بين ذراعيها أرضا تشعر بدوران لقد كان يوما عصيبا بكل ما تحمله الكلمة قتلت رجلا والآن أخر يحاول قتل سيف ألن تنتهي تلك الحياة الغير طبيعية!
ضربت على وجنتيها برفق وهي تهتف بقلق و تنظر لسيف الذي قلق هو الأخر:
-مش بتنطق.
كانت تستمع لكل ما يحدث حولها كلماته ونبرته القلقة وهو يدعو سعد لتقييد حركة الرجل وخطواته التي اقتربت منها، ليأخذها من بين ذراعي شاهندا ويضرب وجنتيها برفق هاتفا باسمها عدة مرات حتى استطاعت فتحهم مرة أخرى لتنظر له، ولكن لِمَ ترى خلف سيف شريف وهو يبتسم تلك الابتسامة المخيفة وبجواره الرجل الذي قامت بقتله كما تَدعي وتلك الفتاة التي تأتي لها دوما ويداها مُلطخة بالدماء لتنظر إلى يدها بفزع وتجد الكثير من الدماء لقد امتلىء الشارع بالدماء لتصرخ بفزع وتنتفض من مكانها لتنظر حولها وتجد العرق يغرقها وثيابها أصبحت مبللة أثره لتنظر إلى كفيّ يدها وتشعر بالراحة إنه مجرد حُلم.
فُتح الباب لتدلف غدير وهي قلقة أثر صراخها لتتساءل عن السبب، لتجاوبها بسؤالها عن سيف:
-فين سيف؟
-راح مع البواب عشان يسلموا المجرمين اللي حاولوا يقتلوه.
-أه صحيح هما مين دول؟
نهضت غرام وهي غاضبة لتقول:
-لو مكنتيش مشيتِ مكناش هنضطر نقابل موقف زي ده.
-غرام، أنا رجعت هنا عشان خاطر سيف لكن لو فضلتِ تتكلمي معايا بالنبرة دِ أنا همشي فعلا، وكمان مش كفاية اللي حصلي كمان أنتِ!
-أنتِ ليكِ عين تتكلمي!
-شوفي مين السبب في كل اللي بيحصلنا وبسببك بابا في المستشفى وشريف سابني بعد فرحنا بيومين واضطريت أتجوز سيف عشان ميتقالش البنت العار رجعت وعشان كلام الناس في بلاد الغرب.
-أنتِ كل اللي عانيتيه أنا عانيت أضعافه.
-شكرا يا ست غرام، ولما يجي سيف لينا كلام تاني.
اغتاظت غرام بشدة منها لتتركها وتغادر الغرفة وهي تبحث عن هاتفها حتى وجدته لتقوم بمهاتفة سيف مرتين حتى أجاب لتباغته بسؤالها:
-أنت كويس؟
-أه سلمنا الراجلين وهيتم استجاوبهم ونمسك الفاعل، المهم أنتِ خلي بالك من شاهندا وغدير.
زفرت الهواء بحدة وهي تراه يهتم لغدير هو الأخر حقا أصبحت الآن هي المُلامة والمنبوذة! لتقول:
-ترجع بالسلامة يا سيف.
على الجهة الأخرى، كان يقف أمام الرجلين قد طلب مقابلتهم بمفرده ليوافق الضابط تحت إصراره الكبير، ابتلع الأول لعابه وهو يراه يجلس واضعا قدم فوق أخرى بينما الأخر يتأفف من حين لأخر.
أردف بنبرة هادئة وهو ينظر لهم بملامح جادة لا تقبل النقاش:
-أنا عارف مين وراكم، وعارف كويس طلبه.
-وعارف كمان أنكم عندكم عيال وبيت عايزين تحافظوا عليه.
أجاب ذلك الرجل متأفف:
-وإيه لازمة الكلمتين دول عايز تشترينا!
-أنت عارف محاولتك لقتلي هتأخد فيها كام سنة؟
انحنى الرجل الأول أمام قدمي سيف وهو يقول بفزع:
-أرجوك يا بيه أنا عندي عيال وكوني إني وافقت على الشغلانة دِ فعشان أكل عيش.
-بالحرام!
ابتعد سيف عنه ونهض ليسند الرجل ويوقفه ليصبح قِباله ويقول وهو ينظر للذي خلفه:
-أنا عندي استعداد أخرجك من هنا بس تبلغني بكل حاجة.
-أما أنت بقى فخليك هنا يمكن تساعدك.
ابتلع الرجل لعابه وتقدم منهم ليقف بجوار زميله:
-إيه المطلوب يا باشا؟
بعد قليل، كان الرجل يقف مرتبكا وهو في انتظارها حتى تجيب على مكالمته لتجيب بعد المحاولة الثالثة قائلة:
-إيه يا زفت مش قولتلك أنا هبقى أتصل بيك؟
-يا هانم ما أهو أصل أصل.
قاطعته بتسائل:
-أصل إيه! أنتوا منفذتوش اللي قولتلكم عليه؟
ألتقط سيف الهاتف وأغلق مكبر الصوت ليهتف قائلا بصوته الهاديء:
-اخترتي أطول الطُرق.
بينما الأخرى لجمتها الصدمة لتصمت وقد بدأت يدها ترتعش حتى تعابير وجهها تحولت للخوف، لتقول بتلعثم:
-مم ين؟
-سيف آل قاسم، إيه دلوقتي نسيتيني؟ ولا.
قاطعته بحدة:
-عايز إيه يا سيف؟
-مش أنا اللي عايز أنتِ اللي عايزة.
-تفتكري لو زين عرف هيكون ردة فعله إيه؟
صمتت تفكر في سؤاله بالتأكيد سيقلب حياتها رأسا على عقب، ليجيب هو بدلا منها:
-هيهد كل اللي بتحاولي تبنيه بقالك سنين.
-نتقابل؟
-والمقابل؟
-لما نتقابل.
-تمام، أخر الأسبوع ده.
أغلق سيف المكالمة ونظر للأمام بشرود يفكر كيف سينهي تلك العداوة، تنهد و ألتفت للرجل ليعطيه هاتفه ويتنازل عن المحضر ويعود مع سعد للمنزل ليتركه ويصعد للأعلى بعد أن شكره كثيرا عما فعله.
طرق على باب المنزل لينظر لساعة يده وجد الباب يُفتح وأمامه غدير تبتسم له وهي تقول:
-حمدلله على سلامتك.
-شكرا، فين غرام وشاهندا؟
-نزلوا.
شعر بالقلق ليتساءل بقوله:
-راحوا فين؟
-معرفش.
لتكمل حديثها بنبرة حزينة التمسها سيف:
-أنت عارف موقف غرام مني وإنها مش بتتكلم معايا.
-تمام.
دلف للداخل وأبدل ثيابه لأخرى نظيفة بدلا من تلك التي عليه وغسل وجهه عدة مرات ليلتقط ساعة يده وهاتفه وغادر لتوقفه غدير وهي تقول:
-أنت مأكلتش حاجة من الصبح حرام عليك تعمل في نفسك كدة.
-معلش مشغول مش فاضي.
وقفت أمامه وهي تقول بنفي:
-وأنا مش هسيبك تنزل من غير ما تأكل.
ليوافق سيف تحت إصرارها متناسيا غياب غرام ويبدأ في تناول طعامها الشهي ليُبديء إعجابه به.
ليتساءل عن مالك وأمور حملها، لتجيبه:
-مالك نايم وأنا أهو قاعدة لا حول ليا ولا قوة.
-مالك بيه لما يستعيد صحته هكلمه في موضوعك.
تحمست غدير لتبتسم وتضع يدها على ذراعه لتقول بعدم تصديق:
-بجد.
تزامنا مع دلوف غرام إلى المنزل ومعها شاهندا التي هاتفت أخيها زين وأخبرته بأنها تبيت عن زميلتها ليوافق تحت إصرارها الشديد؛ فهي تريد الاستمتاع بكل لحظة بجوار أخيها سيف ربما لن تراه مجددا حينما يعود إلى بلده.
دلفت للداخل وهي تضحك مع شاهندا ليعبس وجهها حينما رأتهم سويا، كادت أن تخرج غضبها على كليهما ولكن توقفت عند تلك النقطة بأي حق، بأي حق ستمنعه من قربه من أختها ولِمَا لا تمتلك تلك الرخصة حتى؛ فليفعل ما يشاء.
دلفت لغرفتها وأغلقت الباب من خلفها، لينهض سيف ويتقدم من شاهندا متساءلا عن سبب خروجهم لتبتسم له شاهندا وهي تخرج تلك العلبة من حقيبتها:
-عشان اشتري ليك دِ، شكرا لأنك جيت.
ابتسم سيف ابتسامة دافئة ودّ لو أن يأخذها بين أحضانه الآن غير عابئا بتلك الظروف التي تمنعه من البوح لها بالحقيقة، تقدمت غدير من خلفهم لتقول:
-الله حلوة أوي.
-ذوق غرام هي اللي قالتلي أنك بتحب الساعات.
نظر ثلاثتهم إلى غرام التي تفتح الباب بعنف وتتقدم من باب المنزل تقول وهي تعطيهم ظهرها:
-أنا هرجع البيت عشان أطمن على ماما زمانها لوحدها.
قبضت على المقبض ولكنه منعها من المغادرة حينما قبض على ذراعها يقربها منه يهمس:
-مينفعش تمشي.
نظرت لكلٍ من شاهندا وغدير كيف يراقبن المشهد لتحاول تحرير ذراعها وهي تقول من بين أسنانها:
-ليه هو حضرتك ناقصك حاجة! من ساعة ما جيت لهنا وأنت مهتم بِـكل حاجة إلا أنا.
توقفت الكلمات بحلقها لتجحظ عينيها وهي تدرك ما تفوهت بِه، صرخ الطفل حينما سقط من الفراش لتجري له غدير وتبعتها شاهندا التي كانت تقبض على هاتفها تنظر له من حين لأخر.
كانت تنظر لأسفل تتحاشى النظر له بينما هو اعتلت ثغره ابتسامة رائعة حاول إخفائها ولكنه لم يستطع ليستعيد توازنه مرة أخرى ويقول:
-كل حاجة أنا مُهتم بِيها تُخصك.
كَـكُل مرة يغلبها بكلماته باغتها بقبلته على وجنتها اليسرى وهمسه بجوار أُذنها:
-شكلك حلو وأنتِ غيرانة.
ابتعدت عنه لترفع سبابتها في وجهه وتقول:
-أنا مش بغير، ولكن الأمر زاد عن حده وخاصةً أنها أختي.
لتزيد كلماتها من اتساع ابتسامته على ثغره وتركها ودلف للداخل وهو يقول:
-بكرة الصبح هوديكِ تطمني على مالك بيه وست الكل.
-ممكن ندخل ننام بقى؟
تقدمت لداخل الغرفة لتضع حقيبتها على الأريكة وهي تلعن لسانها الذي يستحق القطع يا لها من حمقاء كيف تمكنت من تفوه تلك الكلمات اللاذعة، إنها لا تغير ولكن توقفت قليلا ولكن ماذا؟ ما تفسيرها إذا لم تكن تغير عليه.
ماذا تعني الغيرة؟ حُبّ، تقدمت من المرآة سريعا تنظر لنفسها لترفع يدها إلى موضع قلبها تستمع لنبضاته السريعة حالتها تشير لأمر سيء؛ كـالوقوع في حُبّه، حُبّ سيف آل قاسم.
___________________________
توقف بالسيارة أمام منزلهم ليحثها على الهبوط ويتبعها هو الأخر ليجد المنزل فارغ حتى أمه ليست هنا ليسأل عنها الخادمة التي أخبرته بأنها في غرفتها بعد أن أخرجت كل عصبيتها على الجميع وعلى أتفه الأسباب حتى أنها لم تتناول طعامها بعد أن أتت لها مكالمة هاتفية تركهم زين ليجذب غزل له ويصعد للأعلى لتتساءل بخفوت:
-مش هتطمن عليها؟
رفع يدها لوجنتها ليقول وهو يمرر إبهامه عليها:
-أي حاجة تخصني يا غزل أتمنى متدخليش فيها.
تركها ودلف لغرفته لتتبعه بدون وعي إنه يسيطر عليها بأبسط لمسة منه، استعادت توازنها لتخرج لها ثياب وتذهب للمرحاض الملحق بالغرفة بينما هو خرج للشرفة يستنشق بعض الهواء لعله يخفف عنه ذلك الضيق الذي يعتريه وهو ينظر لنافذة أمه يتساءل بداخله أيا منهما على صواب؟
خرجت غزل وهي سعيدة بأنها ستبدأ عملها في صباح الغد لتضع رأسها على وسادتها وسرعان ما سقطت أسيرة لسلطان النوم.
تفقد هاتفه وبحث عن رقمه كاد أن يهاتفه ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة ليعود للداخل ويبدل ثيابه ويذهب ليستلقي بجوارها يضع ذراعه على عينيه يفكر مرارا وتكرارا في مقابلة غد مع أخيه ولما يشعر بانجذاب شديد نحوه وأنه لا يجب أن يُعامل بقسوة كما أخبرته أمه هناك جزء ناقص.
___________________________
ظلت جليلة بجوار مالك طيلة الليل ليوافق الجميع تحت إصرارها وخوفها الشديد عليه، نظر مالك لزوجته النائمة وابتسم عليها ليفكر بجدية عن ذلك الذي حاول قتله في مساء أمس طلب التحدث إلى سيف فمازن أخبره بأن لا أحد لديه علم بما حدث سوى هو وكلٍ من زين وسيف حتى أنهم لم يخبروا مُراد.
حل الصباح عليهم وما زال مستيقظا يفكر حتى أرهقه التفكير ونظر لجليلة التي بدأت تتحرك في نومها دلالة على قُرب استيقاظها لتستيقظ بالفعل بعد دقائق وتنهض من مكانها وهي تلقي تحية الصباح وتقول:
-هو الدكتور مر ولا لسة؟
-لسة بدري.
-طالما لسة بدري صحيت ليه من دلوقتي أنت لازم ترتاح.
-النوم مطالش عيني من امبارح.
ضربت بكف يدها على صدرها بتلقائية، لتتساءل بقلق:
-ليه تعبان حاسس بوجع؟
-لا لا أنا كويس عايز أروح.
-فين ابنك ولا أزواج بناتك؟
-مراد شايل الشغل مكانك أنت وعبدالقادر وسيف مع غرام مختفيين من امبارح بتقولي شغل أما غزل جت شوية امبارح لما نمت أخر النهار كدة اطمنت ومشيت.
اومأ لها برأسه حتى أتى الطبيب ليفحصه بعملية ويكتب موعد خروجه.
على الجهة الأخرى، كان سيف يجلس في سيارته وبجواره غرام وفي الخلف شاهندا بينما تركوا غدير في الأعلى مع ابنها، ليتوقف سيف أمام منزل شاهندا ويحثها أن تهبط لتودعها غرام بابتسامة تزامنا مع خروج غزل و زين دون أن يلقي التحية على أمه التي لم تخرج من غرفتها بعد.
ليميل زين بجسده على نافذته ليقول:
-هتيجي الشركة ولا تحب تتقل شوية كمان.
أجابت غرام سريعا لعلها تلين قلبه قليلا على سيف:
-أصل امبارح حد حاول يتهجم عليه تاني وكان في القسم فأكيد مكنش فاضي.
نظر لها سيف بحدة لترتبك بينما بالفعل ظهرت تعابير القلق على ملامح الأخر ليتساءل:
-وأنت كويس حصلك حاجة؟ واتصرفت إزاي؟ ومين الناس دِ؟
-بعدين لما نتقابل.
-هوصل غرام الأول.
-طيب وأنا هوصل غزل.
لوحت غرام بيدها لغزل التي كانت تبتسم لها و وقفت لتتحدث قليلا مع شاهندا قاد سيف سيارته مبتعدا عن المنزل بينما زين اقترب منهم يسألها كيف أتت مع سيف، لتجيب بتلعثم:
-اتقابلنا صُدفة فعرض عليا فوافقت.
نظرت غزل لساعة يدها وهي تقول بحماس:
-يلا يا زين هنتأخر.
اومأ لها مندهشا من حماسها الكبير ليخبر شاهندا أن تلزم المنزل اليوم وتدرس بجد.
أردف سيف بحدة:
-وأنتِ ليه تقوليله من الأساس؟
-أنت مشوفتهوش كان قلقان إزاي عليك!
-وأنا أخليه يقلق ليه! وكمان أنتِ متعرفيش حاجة يا غرام عشان كدة أرجوكِ بطلي تدخلي في حياتي الشخصية على الأقل اللي بيني وبين زين؛ لأن اللي بيني وبين زين مُعقد مُعقد أوي.
-أنا أسفة.
اعتدلت في جلستها لتنظر إلى الأمام بملامح عابسة متهجمة ليتوقف أمام المشفى وتترجل من السيارة تتركه وتغادر بصمت ليدير محرك السيارة ويقود باتجاه شركة زين ليهاتف مازن حتى يحضر ذلك الاجتماع الذي سيُعقد بين كليهما.
اتجهت للداخل لتسأل عن غرفة أبيها؛ فحينما هاتفت أمها في الصباح أخبرتها بأنه تم نقله إلى غرفة عادية بدلا من غرفة العناية.
في طريقها لهناك توقفت أثر نداء أحدهم لها، ألتفتت لتراه أمامها حاولت الحفاظ على أنفاسها ولكن كيف وهي ترى أمامها رجل يشبه المتشردين تعلو ملامحه نظرة شريرة خبيثة تخيفها.
-حضرتك تعرفني؟
-الفقر بيغطي على الملامح أوي كدة!
-أنا يزيد جوز أختك أو خلينا صريحين طليقها.
أجابت بحدة وهي تقبض على حقيبتها بقوة:
-وعايز مني إيه يا سي يزيد!
-فلوس عايز فلوس.
أجابت بحدة وهي تبتعد عنه:
-وبصفتك مين! روح شوف جمعية تشحت منها أو أقعد على الرصيف واتصعبن شوية هتلاقي ألف من يساعدك.
قبض على ذراعها بقوة لتشهق وهي تراه يقترب منها بأنفاس كريهة وفم غير نظيف قذر أثر الطبقة المتدنية التي أصبح منها، ليهتف بنبرة خبيثة:
-وعايزاني أزعل منك ليه يا حلوة!
-ده أحنا دفنينه سوا.
-ولا أنتِ ناسية مين جالي لحد عندي و وداني فلوس عشان أهرب مع أخته.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك
.
.
يتبع
_____________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
De Todoيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك