نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٢٧..
_______________________________
خرج من المرحاض بعدما أبدل ثيابه وجلس على الأريكة مُلتقطا هاتفه وقد ألقى عليها تحية الصباح عقد حاجبيه حينما لم يجد ردا منها لينظر لـها وجدها تطالع هاتفها ولكنها سرعان ما انتبهت لـسيف لتغلقه وتقول:
-صباح النور.
نهضت واتجهت للمرحاض بعدما ألتقطت ثياب لها من خزانتها لترتديها، بينما هو لم يعيير للأمر اهتمام فهي عادةً ما تستيقظ بمزاج حاد تقوم بتعديله بفنجان قهوة.
أبدلت ثيابها لأخرى مكونة من بنطال أسود ومعطف طويل جملي اللون و خرجت لتتجه حيث المرآة وتقوم برفع خصلاتها لأعلى تجمعها على هيئة كعكة بينما الأخير كان يتحدث في الهاتف اتجهت للفراش ترتدي حذائها الرياضي تزامنا مع إنهائه للمكالمة أردف قائلا:
-غرام.
-ها؟
-في سفرية تبع شركة زين لازم أحضرها وحابب تكوني معايا فيها.
نظرت لـه وكأن الفرصة أتت لـها على صحن من ذهب ستستغل تلك السفرية للإبتعاد عن شريف ومشاكله، شكرت سـيف بداخلها لـطالما كان يقدم لـها الكثير من الخدمات بـقصد أو بدون.
حركت رأسها بالإيجاب وتساءلت:
-إمتى السفرية دِ؟
-بليل هنتحرك بليل، وهنقعد تلت أربع أيام كدة.
نهضت وهي تقول بابتسامة:
-طيب أنزل هجهز الشنط.
رأى امتناعها عن النزول ليتساءل عن وجبة الفطار:
-لا مش قادرة حاسة إني مليش نفس.
غمز لـها وهو يقول:
-منصور جاي في السكة ولا إيه؟
قبضت على تلك الوسادة من خلفها تلقيها في وجهه قائلة بغيظ:
-قولتلك مش هسمي ابني منصور.
بينما هو ألتقط الوسادة وهو يضحك عليها بينما هي أشارت إلى الباب تهتف بحنق من محاولته لإغاظتها:
-أنزل ومشوفكش قبل بليل.
دفع الوسادة باتجاهها وغادر ولـكن قبل مغادرته للغرفة بشكل كامل وإغلاقه للباب أردف:
-سلام يا أم منصور.
حقا!! إنها بالتأكيد ستفتك بـهِ ولكن الآن عليها التفرغ لـرؤية ذلك الأحمق الذي يقوم بتهديدها قبضت على هاتفها بقوة وغادرت غرفتها تتجه لـغرفة شريف تدير مقبض الباب وتدلف للداخل تغلقه خلفها يستمع ذلك المصطنع للنوم غلقها للباب باستخدام مفتاح الغرفة إنها هنا في عرينه دون أدنى مجهود منه.
اقتربت منه توقظه بهاتفها حيث قامت بنكزه عدة مرات بـهِ، عدّل الأخير وضعية نومه لتستشاط غضبا إنه يرسل تهديدا لها وينام!
هجم عليها بقبضتيه ودفعها لتسقط على الفراش بينما هي كانت تطالعه بصدمة لقد باغتها بفعلته تلك كادت أن تستسلم لذلك الجزء بداخلها وتُضل في عينيه ولكن سرعان ما قفزت صورة سيف أمامها لقد أصبح لـه النصيب الأكبر في قلبها ضربته بقوة في كتفه بهاتفها ليتألم ويبتعد عنها قليلا بينما هي اعتدلت على الفور واقتربت من الباب تستند عليه حتى تكون على بُعد كافي منه.
تساءل بخبث:
-جيتي ليه يا غرام؟
-إيه اللي أنت باعته ده!
تصنع الغباء ليتساءل عما تقصده لتخرج هاتفها وتضع أمام الصور الذي قام بإرسالها كانت في البداية صور تلك الزيارة حينما أخذها معه لشقة سيلا وحاول إعطائها منوم وكان على مقربة منها وهو يقبض على كلتا قبضتيها يرجوها أن تعطيه فرصة أخرى اعتراضها ليس على تلك بينما أرسل أخرى لا أساس لـها من الصحة تضم كليهما في غرفة النوم في أوضاع حتى هدوء وحكمة سيف لن تتغاضى عنهم.
-ما تكملي بقية الصور.
-عايز إيه يا شريف؟
-عايزك.
-وأنا مش عايزاك أنا مش عايزاك.
-روح أتجوز واحدة شبهك.
اقترب منها بينما هي كانت تبتعد ولكن إلى أين المفر وهي في طريق مسدود لا نهاية لـه قبض على عنقها يقول:
-ولما أنتِ مش عايزاني! روحتي ليه لـيزيد تطلبي منه يهرب مع أختك و وديتِ ليه فلوس.
تصنمت بمكانها تطالعه بـدهشة لقد باعها ذلك المختل هو الأخر لـتسبّ يزيد ولكنها اصطنعت القوة والامبالاة وأردفت قائلة:
-وفيها إيه؟ سيف عارف لو بتفكر تهددني بيه.
-أنا ربنا عوضني بسيف ربنا عوضني بـراجل.
لتطالعه بنظرات سخط واحتقار جعلته يشعر بالدنى ليضرب رأسها في الحائط ويقول:
-يا أنا يا سيف بتاعك يا غـرام.
لـيمد يده حيث المفتاح ويديره لليمين ويحثها على المغادرة ولكن قبل مغادرتها:
-هيجي يوم ويصدق الصور دِ، ساعتها متلوميش غير نفسك.
غادرت غرفته وأتجهت لـغرفتها بعدما تأكدت من خلو الممر من أحد أفراد القصر أغلقت خلفها الباب وجلست على الأريكة المتواجدة بجوار النافذة تضع هاتفها على الطاولة تفكر إن كان من الصواب إبلاغ سيف بالأمر إنه يتعامل مع الأمور بحكمة وعقل.
طُرِق الباب واقتحم مراد الغرفة انتبهت لـه لتبتسم وتنهض من موضعها تحتضنه بقوة قبّل جبهتها و هو يقول:
-وحشتيني وحشتيني يا غرام.
-ما أنت اللي متغيب عني، الشغل بقى حلو في عينك من ساعة ما جيت!
أردفت بضيق وعبس طفولي ليضحك عليها و يلقي بجسده على الفراش وهو يصدر أنين خافت أثر تألمه؛ فهو يعمل ليل ونهار يشكر ربه كل يوم لأنه أرسل لـه سيف طوق نجاة لقد تعلم منه الكثير حتى أنه وقف بجواره ربما الأمر كان خلف الكواليس ولا يعلم عنه أحد ولكنه لن ينسى فضله أبدا.
-كويس إنك هنا هجهز شنطتي وأنت معايا.
قطب حاجبيه وتساءل باستفسار لتجيبه:
-في سفرية شغل هروحها مع سيف أربع أيام كدة.
-أه.
غمز لها باليسرى و أردف قائلا:
-شغل برضو؟
-هتقعد بأدبك ولا تطلع بره؟
-أطلع بره.
كاد أن ينهض من الفراش ولكنه عاد مرة أخرى وهو يضحك عليها بينما هي جذبت حقيبة سفر صغيرة وبدأت في وضع ثيابها وهي تتحدث إلى مراد في مواضيع شتى حتى باغتها مراد بقوله:
-سـيف بيحبك أوي يا غـرام.
توقفت عما تفعله وطالعته بـدهشة وتسائل عن سبب تفوهه بتلك الكلمات الآن، ليكمل حديثه:
-عينهُ بتلمع كل ما يشوفك، يسمع صوتك، أو اسمك.
-وأنا بحمد ربنا أنه رزقك و عوضك بسـيف.
لمَ تودّ البُكاء الآن؟ حزنا أم ندما على عدم استغلال تلك السنوات الأربعة في حُبّه أو حتى المحاولة.
-ليه بتقول كدة يا مُراد؟
-لأني بشوف في عينيك دايما حيرة و خوف على عكسه حُبّ، وشوق، ولهفة ليكِ.
ابتلعت لعابها توقفت الكلمات بحلقها هناك شيء يمنعها من الحديث ويقيد أحبالها الصوتية، نهض مُراد ليقترب من أخته وقبض على كلتا يديها بعدما أزال ذلك الثوب من يدها يقبّل جبينها ويقول بنبرة أسى و حزن:
-أسف لأني مكنتش معاكِ وأنتِ مضطرة تعاني لوحدك.
ربتت على كتفه بحنية وتبتسم:
-أنا كفاية عندي تبقوا كويسين، وخلينا نفرح بيك قريب.
ابتسم لـها واستأذن للرحيل بينما هي جلست على الفراش تلتقط أنفاسها حديث أخيها عن حُب سيف لـها يقشعر البدن.
أفرغت من البُكاء بعد مدة لا تقل عن ثلاث ساعات بينما هو استمع لـها دون أن يكل أو يمل كان ممتنا لبُكائها أتاحت لـه الفرصة لتأملها تلك التي سلبت منه جزء من قلبه و ربما تنوي على بقيتهُ، كانت فتاة عادية بـملامح بسيطة دون تكلف ولـكنها أوقدت نارا بـداخله أثر عينيها وضحكتها على الرغم منذ أن قابلها لم يراها تبتسم ولكنه يكاد يقسم أن ضحكتها لن تقِل جمالا عن عينيها وإن لم تكن أكثر.
إنها تضيق عينيها وهي تبكي تقوم بإعادة خصلاتها لخلف مرة كل عشر دقائق إنها تجذبه نحوها بصمت وكأن قلبها يطالبهُ أن يزيل ذلك الصدأ وأن يمسك بيده الصغيرة ويخرجه لـلنور؛ فالفتاة في حُبّها الأول تستنفذ كل طاقتها ومشاعرها في علاقة إحتمالية استمرارها ليس مؤكد.
قصت عليه كل قصتها لم تفهم مونيكا حديثها لأنها تحدثت بالعربية حيث أن سيف أخبرها بكونه مصري الأب لذا ليس عليها التكلف في حديثها، أردف سيف بعدما أفاق من تأمله لـها واحتضان مونيكا لـها تخبرها بأن كل شيء سيصبح بخير أردف بـكلمات مقتبضة جامدة عكس تلك النيران التي لم تُخمد:
-في الغد سأذهب بِكِ لـلسفارة.
شعرت بيده تحيط خصرها لتجده سيف لم تشعر بـه حينما دلف الغرفة و أوصد الباب من خلفه و وقف خلفها ينظر لإنعكاسها في المرآة كانت شاردة ليعانقها وقبّل وجنتها وهو يتساءل عن تلك الحالة التي هي بِـها أحاطت ذراعه الذي يحيطها و أردفت:
-مفيش حاجة مشتاقة لأيامنا زمان بعيد عن المشاكل.
-هو أنتِ فاكرة زمان مكنش في مشاكل!!
عقدت حاجبيها نعم فترة زواجها بِـه كانت خالية من المصائب والمِحن بين كليهما كانت فترة هادئة، ليفسر كلماته:
-أنتِ لوحدك كنتِ مشكلة.
ابتسمت نصف ابتسامة كانت مُرهَقة ألتفتت برأسها فقط لتصبح قِبالته وتقول:
-سيف.
-نعم؟
-شكرا.
باغتها بقبّلة سريعة و أردف بقوله:
-وفري شكرا دِ لـبليل.
-هزور زين وأقابل مازن وأجي بليل أخدك.
حركت رأسها بالإيجاب ليطالها بـحُبّ ها هي بين ذراعيه لـه حق تأملها والتعبير عن حُبّه لـها علانيةً إنها تهلك أعصابه ولكن لا بأس يروق لـه ذلك الحُبّ.
ابتعد عنها وألتقط مفتاح سيارته ومتعلقاته و أردف وهو يغادر:
-أبقي أنزلي لجليلة عشان تأكلي.
-حاضر.
-وخلي بالك من نفسك.
ابتسمت لـه وكررت كلمتها السابقة ليحمحم ويقول:
-ومني.
ابتسمت بخجل وجدته يطالعها في انتظار كلمتها لـتقول بخفوت:
-حاضر.
______________________________
كانت تجلس في الشرفة الخاصة بغرفتها شاردة الذهن لقد مرت أيام ولكن ما زال جرح قلبها ينزف، تمردت الدموع على وجنتيها التي لا تجف أبدا وكأنها كانت تخزنهم لكثير من الوقت وحان وقت البُوح بِـهم.
انتبهت حينما وجدت أبيها سالم يجلس مقابلها على ذلك المقعد ويتساءل بابتسامة لطيفة:
-عاملة إيه؟
-الحمدلله.
أزالت عَبراتها واعتدلت في جلستها تهرب بنظراتها منه بينما هو كان يصب كل تركيزه نحوها حتى شعرت بأن لا مفر من أبيها لتنهار في البُكاء حتى تعالى صوتها مختلطا بصوت بُكائها وهي تقول:
-مكنتش متخيلة إني ههون عليه.
-كان نفسي أحس إنه متمسك بيا.
نهض و اقترب منها يسند رأسها على جسده و يربت على خصلاتها يقول:
-مازن بيحبك.
-مازن عُمره ما حبني يا بابا.
-مازن دايما شايفني واحد صاحبه بيتعامل معايا على ذلك الأساس.
-أنا و زيـن عنده منفرقش وممكن زيـن أهم عنده.
-صُلحه بيا يتلخص في وجبة، ممكن مش ببين بس نفسي أحس إني بنت أنا مش بحس بأنوثتي معاه يا بابا.
-منكرش إني غلطانة ولكنه متمسكش أول ما قولتله أمشي مشي.
-أنا هُونت عليه يا بابا.
تعالى صوت بُكائها وشهقاتها بين أحضان أبيها، حتى صدر صوت من ذلك الغريب الذي يقف على باب الشرفة يحمل بيده باقة ورد حمراء اللون يهتف بقوله:
-إيه الإفتراء ده بقى!
رفعت رأسها سريعا لتراه يقف أمامها بطلته تلك نهضت من مكانها وهي تتساءل بحدة:
-إيه اللي جابك هنا؟
أعطته ظهرها تزيل عَبراتها لن تظهر ضعيفة أمامه يكفي ضعفها أمام قلبها لتجده يقول:
-طلع عندك دموع يا جعفر!
شهقت بقوة وألتفتت لـه سريعا تشير بسبابتها عليه وتقول لأبيها:
-شايف يا بابا.
نظر مازن لأبيها الذي غادر بعد أن ربت على كتفه بينما هي أردفت بقولها:
-أطلع بره.
-مش طالع قبل ما نتكلم.
-وأنا مش عايزة أتكلم.
كادت أن ترحل وتغادر الشرفة حتى دفعها للداخل مرة أخرى وأغلق باب النافذة ليتقدم منها بينما هي تعود للخلف حتى وصلت لـسور الشرفة بينما هو على بُعد خطوات منها يطالعها بنظراته كم ذبلت ليضيق صدره أنه المُخطيء لم يشعرها يوما بأنها تُغنيه عن العالم بأكمله.
-أتفضلِ.
نظرت للورد ومن ثم لـه لـتقول بسخرية:
-مجبتش وجبة ليه زي كل مرة؟
-ما الأكل طلع بيزعلك يا جعفر.
هتف بِـه بشراسة وقد اقتحمت تلك المسافة بينهما:
-أنا مسميش جعفر، أنا اسمي نسمة فاهم نسمة نسمة نسمة.
-أنتِ حبيبتي، وروحي، وعقلي، وقلبي، وكل معنى جميل في الدُنيا دِ حلو كدة؟
-أنت بتتريق يا أستاذ!!
-لا أنا بحبك.
-أنا هُونت عليك، حُزني هان عليك ودموعي كمان.
قبض على يدها يرفعها إلى موضع قلبه يقول بصدق يظهر في عينيه جعلها ترتبك:
-بس مهُونتيش على ده.
-أنت جاي تضحك عليا بكلمتين.
-نسمة، أنا بحبك.
-وأسف لأني مقدرتش أفهم احتياجاتك.
-تعالي نبدأ كتاب جديد فيه حُبّ و ودّ ونسمة بس.
هربت بعينيها منه إنها تشعر بالحيرة ولكنها لم تهون عليه إنه يحبها ويريدها وهي تُحبّه؛ وماذا لو تنازلنا مرة في سبيل حُبّنا!!
-البوكيه ده عامل كام؟
أجاب بـدهشة:
-٢٥٠ جنيه.
-مش كنت تجيب بيهم فرختين ونشويهم!!
نظر لـها بعدم استيعاب حتى ظهرت ابتسامة على ثغره بدأت في الاتساع حتى تعالت إنها لن تتغير أبدا وهذا ما يُحبه في روحها بينما هي قبضت على باقة الورد وأخفت بـه وجهها وهي تبتسم بخجل.
في الخارج، كان يقف سالم بجوار زوجته نهى يبتسمان بحب وكانا يراقبا ما يحدث خفية حتى اتفقت نهى مع مازن أن يأتي وينهي ذلك الخلاف باتفاق مع زوجها سالم وقد رحب مازن بالفكرة كثيرا وخاصةً أن حالته كانت متدهورة لا يذهب للعمل يعتزل في غرفته يضع خاتم خطبتها أمام عينيه.
لـيقول:
-قلبي في بُعدك رمادي يا بنت سالم.
كاد أن يقبّل جبينها حتى تدخل الأب بحزم وحدة ليبتعد عنها بفزع بينما هي جرت إلى أبيها تتوسط أحضانه، أردف قائلا بتلعثم:
-عمي! أنت هنا من امتى؟
-وأنتِ تبيعيني يا بنت سالم! لينا بيت هيلمنا قريب.
-بعد أذنك يا عمي أنا عايز كتب كتاب وفرح أنا بقالي سنتين خاطب بنتكم وحقيقي زهقت.
أردفت نهى وهي تقترب من مازن تؤيد رأيه:
-أه عايزين نعمل الفرح بقى.
نظر سالم إلى ابنته التي أخفت وجهها أكثر في أحضانه خجلا وارتباكا إنها عروس، عروس ذلك المُحبّ.
________________________________
تقدم لـداخل غرفته وجد شاهندا التي نهضت واحتضنته بقوة بينما هو قبّل رأسها وتقدم من أخيه يجلس بجواره على ذلك المقعد الذي قام بـ جذبهُ، سيطر الصمت على الغرفة حتى قاطعته شاهندا باستئذانها لرؤية غزل وتركتهم وغادرت لتسأل عن غزل والتي كانت تجلس في غرفتها لتجلس معها.
-جود رجعت؟
نظر لـه زين بتعجب متساءلا:
-عرفت منين؟
-ناوي على إيه؟
-بقولك عرفت منين؟
-قولتلك أخبارك كلها كانت بتوصلي وأنا هناك، أنت أخويا يا زين.
تنهد الأخر لـيقول:
-جود مراتي.
-قصدك؟
صمت الأخير لا يعلم بما يجيب إنه مضطرب منذ أن ظهرت بالأمس، لا يعلم هوية مشاعره اتجاهها يشعر بأنه مُشتت تائه وخاصةً بعدما رأى اضطراب غـزل هي الأخرى.
-هتسمع مني؟
نظر زيـن لـسيف الذي رأى حيرة أخيه وخوفه، ليحرك رأسه بالإيجاب بينما سيف أخرج من جيب سترته ظرف أبيض مستطيل الشكل وأخرج منه بضعة صور وضع الأولى أمام زين الذي ألتقطها بعدم فهم و رأى بِـها جود وهي تقابل رجل غريب في أحد الأماكن العامة، وأخرى وهي أمام المطار، ومن ثم أخرى في مكتب لـعُقد قرآن إنها تزوجت بأخر حقا!! ولكنها زوجته كيف تم الأمر؟
نظر لأخيه والدهشة تحتل ملامحه إنه لا يفهم من أين عادت لـه ومن أين تركته وغادرت!
زادت حيرتهُ ودهشتهُ، بينما سيف كان يحلل تعابير وجهه ويستشف منها اضطرابه حتى بدأ في تفسير الأمر:
-لما وصلي خبر هجرانها ليك بسبب إن والدها مريض وعلى فراش الموت الفكرة مدخلتش دماغي، مش توصل لدرجة الهجر والسفر من غير علمك وإن الموضوع مش متركب صح.
-خليت شخص يراقبها واكتشفت إنها على علاقة بـواحد تاني.
صمت يرى تأثير الحقيقة عليه بينما زين كان صامت مندهش ربما أوقد كلامه نارا في قلبه ولـكنهُ نظر لـه بهدوء يحثه على تكملة حديثه.
-أتعرفت عليه اسمه أبراهام شاب والدته فرنسية الجنسية هاجرت معاه لـهناك وأتجوزته.
تساءل الأخر بخفوت وعدم فهم:
-إزاي؟
-الأمر ده تسأله ليها، ولكني أرجح أنها خلتك تمضي على ورق طلاق من غير ما تأخد بالك.
ليعود زين بذاكرته بالفعل قبل هجرانها لـه أتت لـه بعدة وثائق متحججة بأنها تريد المساهمة في دار أيتام و وقع حينها دون أن يتساءل عن شيء فقط؛ لأنه أحبّها.
لم يثير الأمر ريبته حينها ولكنه الآن يشعر بأنه تعرض للطعن والخيانة من امرأة قدم لـها قلبه!
-و رجعت دلوقتي تلعب عليك لعبة جديدة.
-حمدلله على سلامتك.
نهض سيف يعدل سترته ويقول:
-ركز على الدهب اللي في إيدك مش هتقدر تعوضه.
-أرجع البيت في أسرع وقت عشان شاهندا مينفعش تقعد في البيت لوحدها، هوصلها في طريقي.
تركه وغادر يجب أن يتركه يواجه الأمر بـمفرده بعد أن علم بحقيقة الأمر، كان يسير في الممر يتجه لـغرفة غـزل حتى يأخذ شاهندا كما أخبرته اصطدم بفتاة تمسكت بذراعيه حتى لا تسقط بينما هو أحاطها وساعدها لتقف بينما هي ابتسمت لـه وأردفت برقة:
-شكرا.
ابتعد عنها حينما علم بهويتها وقام بالابتعاد عنها إنها ملعونة، تقدم لداخل غرفة غزل بعدما طرق الباب ليلقي التحية.
-يلا يا شاهندا.
-حاضر.
-باي يا غـزل.
ودعتهم غزل بينما سيف أردف قائلا:
-زين عايزك.
حركت رأسها بالإيجاب بينما هناك خوف في قلبها يمنعها من تلبية ندائه ولكنها ذهبت على كل حال.
سارت شاهندا مع أخيها حتى وجدته يتساءل:
-أتنازلتِ عن حقك ليه؟
ارتبكت بما ستجيب! كانت تظنه لن يعلم وكذلك مازن؛ لأنها ذهبت للمحامي دون علمهم وأخبرته ألا يفضح أمرها وأنها ستتكفل بـكل أتعابه ولكنه في المقابل يتنازل.
-وكمان طلبتِ نقل من كليتك؟
شعرت بأنها مُحاصرة إنه يعلم بـكل خطواتها أنه يهتم لأمرها إنه أخوها الذي يحبها بالرغم من أنه غريب عنها لأكثر من عشرين عاما ومع ذلك يهتم بتفاصيلها، ألن تندم إن أخبرته؟ ربما إن أخبرت زيـن سيثور عليها ويغضب و رُبما يمنعها من الخروج مرة أخرى.
استقلا السيارة سويا وما زال ينتظر سماع جوابها، بينما هي تطالعه بِـحيرة وتشتت أمن الصواب إبلاغه بما سبق؟
إنه أخيها بالتأكيد لن يؤذيها، أليس كذلك؟
لم تشعر بعَبراتها على وجنتيها وجدته يجذبها لأحضانه ويقبّل رأسها بينما هي عزمت على إخباره.
على الجهة الأخرى، قبض على الصور بقوة ونهض يتحامل على ألمه إنها خانته وعلى الرغم من أن زواجها باطل بذلك الغريب ولكنها قبلت بالأمر إنها تستحق القتل ولكن.
قطع حبل أفكار دخول جود بابتسامة واسعة واقتربت منه تقبّل وجنته تتساءل عن صحته:
-أخبارك إيه دلوقتي؟
-الحمدلله.
طُرِق الباب لتدلف غزل بينما جود زفرت الهواء من حولها بضيق وهي تقول:
-يا ربي مش هنخلص.
شعرت غـزل بالضيق بينما نظرت لـزين وقالت دون أن تنظر لـه:
-سيف قالي إنك عايزني.
شعر بمساعدة أخيه لـها ولكن كيف يستغل وجود غزل فكر قليلا حتى أردف بقوله:
-قربي.
عقدت حاجبيها واقتربت منه ولكنه أشار لـها إلى جواره لتتعجب وتقترب حتى وقفت بجواره لتجد ذراعه يُحاط بخصرها جحظت عينيها ونظرت لـه بينما هو نظر لـجود التي تطالعه بـدهشة هي الأخرى تحثه على تفسير ما يحدث ليقول:
-أقدملك يا جود غـزل مراتي.
هتفت باستنكار:
-مراتك!! وأنا.
-أنتِ طالق.
نطق بـها بسخرية بينما غزل وضعت يدها على كتف زين تقبض عليه إنها تشعر بأنه سيُغشى عليها تتساءل بداخلها عما ينوي فعله.
-قصدك إيه يا زين؟
ألقى بالصور في وجهها وأردف قائلا:
-مش عايز أشوفك قدامي يا جود لعبتك مش هتخيل عليا بعد ما اتحرمتِ من ميراث والدك واللي كنتِ معاه سابك جاية ترجعيلي دلوقتي.
لمحت غزل ما تحتوي عليه الصور ونظرت إلى زين الذي يبدو هادئا ربما يتظاهر ولكنه لما جعلها تأتي إلى هنا، لتشهق حينما وجدته يقول:
-نسيتِ تباركي لينا قريب وهنجيب بيبي، أوعدك لو طلعت بنت مش هسميها جود.
شعرت جود بالدنى من أسلوبه معها بينما هو زاد من احتضانه لـغزل التي كانت تحت تأثير كلماته حقا هل ستُرزق بطفل منه؟ إنها حامل كيف؟ سيطر عليها الغباء لوهلة ولكنها عادت لصوابها تزامنا مع مغادرة جود التي شعرت بأنها غير مرغوب بها لتتوقف جود عندما هتف زين باسمها:
-أبقي عدي عليا في الشركة ممكن أشوفك بقرشين كدة.
غضبت أكتر وصفقت الباب خلفها بقوة بينما غـزل حاولت التحرر من قبضته ولكنه أبى لتقول:
-أنت عايز إيه؟ أبعد عني.
-وكمان بيبي إيه اللي قريب جاي؟ بقولك إيه أنا مش مرتحالك.
ابتسم زين و زاد من قبضته لتتألم و تتوقف عن الحركة وهي تطالعه بنظرات قطة شرسة تنوي الهجوم عليه ولكن ما أن ترك لـها الفرصة.
-هو مش أي اتنين متجوزين بعد الجواز ربنا بيرزقهم بطفل!
فهمت ما يرمي إليه حقا! أيودّ الآن إتمام زواجه بها، لـتقول بِحدة:
-أنا مستحيل أقبل أتجوز بيك.
-أنتِ خلاص دخلتِ القفص.
تعجبت من أسلوبه وقامت بضرب ذراعه في محاولة منه لـفك أسرها ولكنه أقوى منها سئمت من محاولتها لتزفر بحنق وتجده يقترب منها بوجهه حتى اختلطت أنفاسهم لـترتبك إنها على مقربة منه بدرجة كبيرة حتى وجدته يهتف باسمها:
-غـزل.
صدر منها صوت خافت كـ"همم" وأغمضت عينيها بخجل وارتباك لثم جبينها وأردف بقوله وقد أغمض عينيه هو الأخر يشجع نفسه ليأخذ تلك الخطوة:
-أنا أسف.
______________________________
أنتهت من تجهيز حقيبتها وحقيبة سيف ودلفت للمرحاض لتأخذ حماما دافيء وأبدلت ثيابها تستعد لـلمغادرة في أي وقت ارتدت بنطال أبيض اللون يعلوه بلوزة من نفس اللون ومعطف طويل باللون الجملي لتخرج من المرحاض تجد شريف يجلس على الأريكة يفرد ذراعيه على ظهرها ويجلس بأريحية تامة نظرت لـه باستنكار.
عقدت ذراعيها وهي تنظر لـه تقترب من الباب حتى لا يغدر بـها:
-رجلك خدت على أوضتي أوي!
-عايز إيه يا شريف؟
-راحة فين يا بنت عمي؟
أجابت بنفاذ صبر وهي تراه يشير إلى حقيبة السفر التي أعدتها:
-هسافر أنا وسيف شغل عايز حاجة من هناك؟
لمح نبرة السخرية في سؤالها حسنا فلتهذي بما تريده إنه في قمة سعادته الآن لن يعكر صفوه بها، اقترب منها بينما هي قبضت على مقبض الباب تفتحه ولكنه مغلق نظرت لـه وجدته يضع كلتا يديه على الباب يحاصرها أردفت بحدة:
-سيف زمانه جاي ولو جه ولقاك هتحصل مشاكل ليك مش ليا.
ابتسم بسخرية وأردف قائلا:
-ماشي يا بنت عمي.
-أنا جاي أقولك باقي تلت أيام.
عقدت حاجبيها بعدم فهم وتساءلت باستفسار:
-تلت أيام على إيه؟
-تلت أيام وهتكوني معايا وبإرادتك يا بنت عمي.
صفعة قوية دوت في المكان بينما هو طالعها بغضب، وفي اللحظة ذاتها عاد سيف للمنزل وقد استمعت غـرام لصوت سيارته ليهوى قلبها أرضا وتنظر لـشريف تحثه على المغادرة حيث أنها أدارت مفتاح الغرفة ودفعته للخارج ولكن جحظت عينيها عندما وجدت غدير تسير في الممر متجهة حيث الدرج وقد وقعت عينيها على كلٍ من شريف وغـرام.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
_________________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
De Todoيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك