الفصل السابع والثلاثون..

441 17 8
                                    

نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٣٧..
______________________________
خلعت حقيبة ظهرها ببطء تحت أنظاره وقدمتها لـه بيد مرتجفة، ألتقطها بعنف من بين يديها وكـاد أن يفتحها حتى اخترقت تلك السكين الجزء العلوي من الجانب الأيمن لـمعدته كانت طعنتها عشوائية لتجذب منه الحقيبة وتستقل السيارة بجوارها لقد رأت المفاتيح بداخلها لتدير محرك السيارة وتنطلق للخارج بينما الأخر سقط أرضا يصرخ متألما من جرحه و تلك الأوراق التي بحوزتها، وقد فـاز سلاحها.
لتأتي الحراس على صراخ زعيمهم بينما هو صرخ باسمها بقوة:
-غـــرام.
-هاتوا بنت الـ.
قام بسبّها ولـعنها، ليلحق بِـها بعض الحراس بينما البقية ظلوا بجانب شريف وقد طلبوا الإسعاف لـه بينما جثة غدير اختفت من مكانها.
__________________________
كان كلا منهما يقف بجوار السيارة مستندين عليها ينظر زيـن إلى ساعتها كل دقيقة متساءلا بداخله عن سبب تأخيرها لـقد أخبرته بأنها ستنفذ تلك المهمة في أقصى وقت وحتى وإن لـم تستطع ستختار حريتها إنها لـن تصبح تحت سيطرة ذلك المُستبد.
شعر  مُراد بالقلق على أخته عـلى الرغم من كونها الأكبر سـنا ولكنه الأكثر مسؤولية يشعر أنه فاشل غير قادر على حمايتها منه.
كانوا على بُعد قريب من منزل مـالك توقفت غـرام أمامهم بـقوة كبيرة صدر عنها صوت اصطدام إطارات السيارة بالأرض الصلبة لتقبض على الحقيبة وتغادر السيارة جرى نحوها مُراد بذعر وهو يرى حالتها المصابة تلك.
-لازم نمشي من هنا زمانهم ورايا.
لـم تمهلهم فرصة للحديث لتجري نحو باب السيارة وتستقلها ليتبعها كلاهما، قـاد زيـن سيارتهُ واتجه بها نحو منزله بينما هي ألتقطت أنفاسها وأعادت رأسها للخلف تغمض جفنيها تهتف بداخلها بعدم تصديق ودهشة أنها تحررت من قيد شريـف ولكن غـدير!!
اعتدلت في جلستها ليبادر مُراد بالسؤال:
-طمنيني عنك؟ إيه اللي حصلك؟ هو اللي عمل كدة؟
-احكي.
حركت رأسها بالنفي لـتقول وهي تنظر لجرح يدها العميق وتتحسس تلك الجروح البسيطة بعنقها:
-غـدير.
فُوجىء كُل منهما وتبادلوا نظرات الدهشة سويا بينما شيء بداخل مُراد انقبض لـمَا يجب عليه أن يتفاجىء كل مرة من أخته الكبيرة والتي لطالما كانت لـه خير عون!
قصت عليهم ما حدث وكيف أنها فاجأتها بقدومها للمنزل وأنها تعاقدت مع شريـف لأخذ المال وكانت تريد قتلها ولـكن شريـف أطلق عليها النيران لتتوقف عن الحديث عند تلك النقطة لتبكي، بينما زيـن كان هادىء ولأول مرة لا يعلم بما سيُجيب ولكنه خُذل مرة من قبل في أمه التي ظن أنها ملاك هبط للأرض من أجله فقط ولحمايته، لقد حرمتهُ من أبيه وأخيه والآن هربت من المشفى لا يعلم لـها طريق ولا يريد أن يعرف عنها أي أخبار بعد الآن ولكن الذي يعلمه جيدا أنها لـن تظل صامتة في مكانها لـفترة طويلة.
إن كانت الأم بإمكانها قتل ابنها ألا تستطيع الأخت فعلها!!
دلف زيـن للفيلا الخاصة بِـه وترجل من السيارة وكذلك مُراد الذي تقدم من باب أخته وساعدها في النزول ليحيطها بكتفه ويدلفا سويا للداخل، كانت غـزل تسير في غرفة المعيشة ذهابا وإيابا على أعصابها تنتظر قدومهم؛ فهي قد علمت الحقيقة كاملةً حينما ظنته يخونها مع أخرى لتجبره على الاعتراف بحقيقة الأمر وقد انتباها القلق والخوف على أختها وحاولت كثيرا الاتصال بِها ولكن في كل مرة كان زيـن يمنعها حتى لا تحدث لـها مشكلة؛ فإن عـلم شريـف بأنها على اتصال معهم حينها سيتخلص منها بالتأكيد لن يترك أحد يشكل خطرا عليه على قيد الحياة لذا قام بإطلاق النار على غديـر وليس حُبّا في غـرام.
جرت غـزل نحو غـرام لتندفع لأحضانها بينما الأخرى كانت تتألم وتتمسك بسترة أخيها؛ فهي على وشك فقدان وعيها لقد خسرت الكثير من الدماء.
لتدفعها غـزل للجلوس وتطلب من الخادمة بجلب اسعافات أولية وقامت بتطهير جرحها والذي احتاج للخياطة لـتقوم بوضع مخدر فجرحها كان عميق وكبير لـن تستطيع التحمل، وعلى الرغم من وضعها للمخدر كانت تشعر غـرام بالقليل من الألم لتبدأ في البكاء بين أحضان أخيها كلما أغمضت جفنيها ظهرت أمامها غديـر وهي تتلقى تلك الرصاصة وتقع أرضا.
كان زيـن يقرأ الأوراق بتمعن وطلب أيضا من خادمته أن تأتي لـه بالحاسوب الخاص بِه ليقوم بتشغيل تلك الفلاشة.
تعالى رنين هاتف غـرام ليخرجه زيـن من الحقيبة ويخبرها عن هوية المتصل والذي كان "يـزيـد"، أغلقه زيـن ولكنه عاود الاتصال عدة مرات ليضعه على الوضع الصامت بينما غـزل أنهت من تطهيرها للجروح وقامت بلـف ذراعها بـ شاش طبي حيث كان الجرح بطول ذراعها تقريبا وجرح أعلى رأسها وجروح أثر السكين على عنقها.
أرسل يـزيد رسالة نصية لتجذب غـرام الهاتف من زيـن وتقوم بتشغيلها ليصدر صوته الساخر:
-"إيه يا حلوة نسيتيني؟ عمتا أنتِ ليكِ عندي حاجة وأنا متأكد إنها مش هتهون عليكِ".
-"لـما تبقي فاضية بقى أبقي كلميني، ولما أنا أفضى أبقى أرد يا حلوة بس صدقيني كُل ثانية هتتأخري فيها حاجتك هتتأذي وأنا مش معايا فلوس أعالج الصراحة".
ما أن انتهت الرسالة الصوتية حتى قامت غـرام بمهاتفته على الفور ولكنه لـم يُجيب لتعاود الاتصال ويجيب في المرة الثالثة ليأتيها صوته الساخر:
-شوفتي رديت عليكِ بسرعة عشان قلبي طيب.
-أنت معاك غـدير، يا يزيد؟
-نبيهة طول عمرك، يا غـرام.
-عرفت طريقها منين؟ وكمان إيه اللي يضمن إنها معاك.
-هو النت ساب حاجة!
وما هي إلا ثوانِ وقد أُرسلت لـها صورة على تطبيق الواتساب الخاص بِها لـغدير وهي مُلقاة على أرض متسخة فاقدة للوعي، لتكمل حديثها مع يزيد وتقول:
-عايز إيه يا يزيد؟
-لسة قايل عليكِ نبيهة.
-وأنا إيه اللي يضمن ليا إنك مش هتغدر بيا زي ما عملت وقولت لـشريف على اتفاقنا من أربع سنين.
-عيب كلمتي وعد.
-وكمان أنا مش هبقى فاضي هأخد مراتي حبيبتي ونقضي شهر العسل طبعا بالفلوس اللي هتجبيها.
-عايز كام؟
-هي أختك ميدفعش فيها كتير الصراحة، نص مليون كويس.
-وأنا أجبلك نص مليون منين!!!
-زي ما اتصرفتي قبل كدة هتقدري تتصرفي دلوقتي، سلام دلوقتي وأختك مش قدامها كتير يعني عقبال ما تفكري وتجيبي الفلوس هتكون ماتت وأنا واطي هفضل مفهمك إنها عايشة وبرضو هأخد الفلوس.
أغلق الهاتف بينما هي قامت بسبّه ولعنهُ، لتجلس على الأريكة مرة أخرى بينما مُراد تساءل:
-قالك إيه؟
-عايز نص مليون جنيه.
تساءلت شاهندا والتي كانت تقف خلف الأريكة التي تجلس عليها غـرام تحاول فهم ما يجرى حولها:
-مين الراجل ده؟
أجابتها غـزل التي تجلس بجوار غـرام خائفة من أن تموت غـدير ؛ فهي ما زالت أختها حقيقة لا يمكن إنكارها.
-طليق غـدير اللي هربت معاه زمان عشان تتجوزه بس في الأخر طردها وطلقها وراح أتجوز شابة صغيرة.
-بس اللي مش قادرة أفهمه عرف طريقها منين.
بينما زيـن كان يفكر في أمر ما ليوجه أنظاره لـغرام ويسألها:
-إيه الاتفاق اللي كان بينك وبينه قبل أربع سنين؟
أدارت غـرام وجهها عنه ليحاصرها الجميع بنظراته بينما هي وضعت رأسها بين قبضتيها ولـم تُجيب، لـيقول مُراد:
-ده مش وقته.
-المهم دلوقتي نتصرف في الحاجات اللي معانا، شريف لو فاق من الوقعة بتاعته هيقتلنا كُلنا مجنون ويعملها.
-أنا جاهز أدفع المبلغ بس أنتوا متأكدين أنكم عايزينها؟
نظرت لـه غـزل بحدة وقالت:
-أنت بتقول إيه يا زين طبعا عايزينها دِ أختي فاهم يعني إيه أختي.
أردف زين بلامبالاة:
-وهي الأخت تبقى أخت بعد اللي هي عملته في غـرام وفي العائلة!!
نظرت غـزل لـغرام وتساءلت:
-أنت قصدك إيه؟ مش شريف هو اللي عمل كدة، صح يا غـرام؟
أردف مُراد بجمود:
-للأسف يا غـزل لا مش شريف يا ريته كان هو كنت قدرت أخد حقها.
صُدمت غـزل بشدة وتركتهم لـتصعد للأعلى حيث غـرفتها تجلس على الفراش الخاص بها مندهشة من قدرة غـدير على إيذاء غـرام لتنهار في البُكاء، بينما زيـن زفر بضيق لا يريدها أن تبكي أو تحزن لذا لـعن غدير بداخله.
-معلش يا زين يا ريت تدبر المبلغ في أقرب وقت عشان ننقلها للمستشفى، شخص زي ده معنهدوش لا ضمير ولا إحساس ومش هيفكر حتى يقدم ليها مساعدة.
نهضت غـرام ونظرت لـشاهندا التي تطالع مُراد ترى الدموع حبيسة في عينيه لتلتفت لشاهندا التي قالت:
-ممكن توصليني لأوضة غـزل؟
حركت رأسها بالإيجاب وتركتها شاهندا أمام غرفة أختها بينما غـرام كانت تشعر بالتعب واستندت على الجدار بيدها تحاول التماسك، ولكنها تماسكت كثيرا اليوم لينهار جسدها مطالبا ببعض الراحة سقطت أرضا ليرتطم جسدها بالأرض الصلبة تغمض جفنيها مستسلمة لذلك الظلام وأخر ما نطقت بِه هو اسمهُ "سـيف" يا ليته كان بجوارها الآن!
____________________________
توقف أمامها يطالع تعابير الإندهاش والتعجب على وجهها، لـها الحق فهو يعرض عليها العمل معهُ بشركتهُ بأي صفة؟
-مونيكا لـن تبقى هنا طويلا؛ فهي تعمل وستبقى مشغولة عنكِ وأنتِ ليس لديكِ أي أقارب هنا.
-و لا تريدين العودة، لذا يجب عليكِ العمل على بناء حياة جديد حتى تمتلكين القوة لـمواجهة عائلتك.
-أبلغيني موافقتك قريبا.
تركها وغـادر بينما مونيكا اقتربت منها تحتضنها وتقول:
-أنا أوافق سـيف في الرأي، يجب عليكِ بناء حياة هنا إن لا تريدين العودة الآن.
تركتها مونيكا بينما ظلت غـرام طيلة الليل تفكر في حديثها وذلك العرض المُغري الذي لـن يتكرر، وفي صباح اليوم الجديد أبلغت مونيكا بموافقتها التي بدورها هاتفت سـيف والذي كان يعلم بتلك الموافقة، لقد بات يفـهم عقلها وأما قلبها يبدو أنه صعب الاختراق.
كانت تسير غـرام مع مونيكا في الطرقات تحاول أن تخفي وجهها؛ خوفا من أن يجرحها أحدهم بحديثها فهي ليست بذلك الجمال الفائق الذي يجعل الجميع يتحدث عنهُ بـل تمتلك ملامح قبيحة حسب قول تلك الأفعى المتنمرة سـيلا سيجعل الجميع يتحدث عنها ولكن بسوء.
قامت مونيكا باختيار ثوب لتخبر غـرام أن تقيسه ولكنها أبت حرجا منها، لتقول مونيكا:
-لقد أخبرني سـيف أن أشتري لكِ كل ما يلزمك للعمل الجديد، لذا يجب علينا الإسراع حتى تبدأي العمل من الأسبوع المقبل.
لـقد زاد إحراجها لترفض رفضا قاطع؛ متساءلة بداخلها بأي صفة يقوم بذلك الأمر؟
أخبرتها مونيكا بأنها مُجبرة على الشراء حتى لا يغضب سـيف ويشعر بالإهانة لرفضها، لتوافق غـرام بضيق وحنق وخجل من ذلك الغريب الذي يساعدها بدون مقابل.
وبعد شراء الكثير من الثياب على الرغم من سعادة غـرام الكبيرة ألا أنها كانت تخجل من تصرف سـيف الإنساني معها، قام بتأمين لـها مسكن مع مونيكا وأحضر لـها عمل والآن يتكلف بشيء لا يخصه.
بعد العودة للمنزل توقفت غـرام أمام المرآة تنظر لشعرها المجعد والذي لا يـليق بوجهها كما ترى كانت تقف مونيكا خلفها وشعرت بحزنها لـتقول بحماس:
-هل تودّين تجربة شيء ممتع؟
نظرت لـها غـرام وتساءلت عن ماهية ذلك الشيء ولكنها لم تخبرها لتقول:
-في الغد سنذهب.
حاولت غـرام معرفة قصدها ولكنها أبت أن تخبرها وتركتها لتنام وتستيقظ في الصباح الباكر لاصطحابها بينما غـرام كانت لا تذوق طعم النوم والراحة تستيقظ ليلا مع مشاعرها المتألمة وقلبها المنكسر؛ فصوت اِنكساره يزداد يوما عن يوم يسبب لـها ضجيج لا تنام بسببه.
في الصباح اصطحبت مونيكا غـرام بسيارتها، كانت غـرام تنظر إلى الناس لقد خُذلت من الأقربون لـها كيف تأتمن الأخرين!!
توقفت مونيكا أمام ذلك المتجر النسائي لتتعجب غـرام وتهبط معها تتساءل عن ماهية المكان ولما هم هنا لتُجيبها مونيكا:
-ألا تريدين الحصول على قصة شعر جديدة؟
نظرت لـها غـرام بدهشة كادت أن تعترض فشعرها لا حل لـه ولكن مونيكا جذبتها بقوة للداخل لتنبهر غـرام وهي ترى الفتيات جميعهن متواجدين يبدو أنه مكان مشهور هناك الكثير والكثير من العاملات والزبائن لتذهب مونيكا لإحدى الفتيات والتي تبدو أنها تعرفها وعرفتها على غـرام لترحب بها تلك الفتاة والتي تُدعى "رولين".
لقد قضت اليوم بالكامل داخل المتجر برفقة مونيكا كان كل ما يظهر على وجهها هو الإنبهار فقط.
لقد تعبت تلك العاملة كثيرا لتحويلها لـفتاة حسنة المظهر لا شيء يُعيبها، كانت تغمض جفنيها بناءا على رغبة مونيكا حتى تتفاجيء.
قامت غرام بفتح جفنيها وهي تتطلع لهيئتها الجديدة كانت ترتدي ثوب أحمر يصل لكاحلها بأكمام قصيرة بالكاد تصل لمرفقها وشعرها أصبح أقل حجما نظرا لتلك الخصلات التي قامت بقصهن وقامت بـفردهُ على ظهرها لترفع يدها نحوه تشعر بِـ ملمسه الناعم بين يديها لقد امتلك لـمعة جذابة؛ فهي قد صبغته من اللون الأسود إلى البني الفاتح يليق بِـلون عينيها التي تلمع في الشمس، وأصبحت بشرتها أكثر بياضا بسبب تلك الماسكات التي قامت العاملة بوضعهن على وجهها لقد كانت متكفلة بكل ما يخص غـرام اليوم لقد احتاجت مجهود وطاقة كبيرة؛ فغرام لـم تكن تعطي لجمالها حيز من اهتماماتها كان كل ما يشغل ذهنها أن تصبح متفوقة كـشريف.
فتحت ثغرها من الدهشة بدون وعي وهي تلقي نظرها على تلك الفتاة الجديدة التي توجد أمامها في المرآة بالتأكيد ليست هي.
تقدمت منها مونيكا وهي تقول وهناك إبتسامة جميلة تزين ثغرها:
-أعجبك؟
حركت رأسها كثيرا بالإيجاب وقد أدمعت عينيها وأدركت حقيقة الأمر لتحتضن مونيكا وتغمض جفنيها يا ليت أبيها كان هنا لـم يكن سمح لمكروهٍ أن يُصيبها.
لتتساءل مونيكا بيأس وحيرة:
-لِمَا تبكين كلما حزنتِ أو فرحتِ!!
ضحكت غـرام وأجابت وهي تبعتد عن أحضانها:
-ليس وحدي، هناك شعب بأكمله.
عادت غـرام مع مونيكا للمنزل وهي تكاد تطير من فرحتها بجمالها الجديد والذي أنساها لوهلة غدر شريف بِها ولكن لم يستمر الأمر كثيرا، فسُرعان ما أتى الليل والذكريات معه لينشبوا بداخل قلبها حريق يخمد مؤقتا في الصباح ويأكل قلبها ليلا.
________________________________
كانت ترقد على الفراش يدها مُعلقة بمحاليل تغمض جفنيها تسبح في ذلك العالـم الوردي الذي لا يزورها سوى في أحلامها لـم تعيشهُ على أرض الواقع سوى بضعة أيام لـم تخلو من قلقها.
استيقظت في صباح اليوم التالي لتجد أختها ترقد بجوارها على الفراش حاولت الاعتدال لتفيق غـزل وتعتدل سريعا متساءلة:
-محتاجة حاحة أجبهالك؟
حركت رأسها بالنفي لترفع يدها حيث رأسها تشعر بالألم يغزوها ولكنها سرعان ما تذكرت يـزيد لـتقول:
-غـدير!
-زين و مُراد أتصرفوا المهم أنتِ ارتاحي.
-ومتعرفيش عملوا إيه في الورق و المستندات؟
-قالوا هيقدموها النهاردة.
نهضت غـرام من الفراش تقول:
-مشيوا ولا لسة؟
-استني بس رايحة فين يا غـرام؟
-هروح معاهم.
أدمعت عينيّ غـزل وتقدمت من غـرام تعينها على الوقوف بشكل صحيح وقالت:
-عشان خاطري أقعدي أنتِ تعبانة مش شايفة حالك؟
جلست غـرام على طرف الفراش وهي ترى دموع غـزل في مقلتيها لتقبض على يدها وتتساءل:
-في حاجة حصلت؟
-هو فعلا غـدير اللي حاولت تأذيكِ وتأذينا كُلنا؟
لتنهار غـزل في البُكاء وتحثها غـرام على الجلوس بجوارها وتقول:
-غـدير أختنا الكبيرة مهما حصل دِ حقيقة مش هتتغير.
-وأحنا المفروض نساعد بعض لما نشوف حد مننا بيغلط ونعلمهُ غلطهُ.
-أصل لو كل الأخوات عملوا كدة الدنيا مش هيبقى فيها خير.
-عشان كدة، إياكِ تكرهيها الحكاية بيني وبينها بس.
-أنا بس اللي من حقي أكرهها أو أحبها وكذلك هي.
-ركزي في حياتك يا غـزل خليكِ بعيدة عن المشاكل أفضل ليكِ.
-وأنا أوعدك في أقرب وقت هبعد زيـن عن كل مشاكلي ومشاكل العائلة وتبدأي تكوني أسرتك السعيدة بعيد عن مشاكلنا.
أنهارت غـزل في البُكاء لتضمها غـرام وتستمع لحديثها وهي تقول:
-وأنا عائلتي متكملش غير بيكوا.
-بابا وماما و مُراد وعمو ومرات عمو وجدو وأنتِ وسـيف وزيـن و شاهندا.
ابتلعت لعابها وهي تسمع اقتران اسمها بسيف، يا لـه من حق تخلت عنه.
طُرق الباب ليدلف مُراد ويتساءل عما يدور ليرى بُكاء غـزل ويجذبها نحوه يحضنها ويقول:
-كل الأمور هتبقى بخير.
-صدقيني.
ابتسمت لـه غـرام وقبضت على يده الحره وهي تؤيد حديثه، لقد أصبح شابا قويا يُعتمد عليه صاحب مسؤولية؛ المشـاكل تصنع من الطفل شيخا تسود علامات العجز في أنحاء وجهها وينحني ظهره من ثِقل الهم.
نهضت لتحضن مُراد الذي ضم كليهما لصدره وقَبّل أعلى رأسهم، طُرق الباب مرة أخرى ليصدر صوت زيـن من الخارج:
-يلا يا مُراد عشان نلحق.
-حاضر جاي.
-أنا جاية معاكم.
-جاية معانا فين هي رحلة؟
-وسعي يا غـرام.
-مُراد لو مأخدتنيش معاكم هأجي وراكم.
-غـرام أفهمي غلط عليكِ وعلى صحتك.
-وخاصةً إن شريف حُر لسة.
-غـزل اتصرفي ليا في طقم من عندك معرفتش أجيب هدومي.
نظرت غـزل لـمُراد الذي تنهد بيأس وتركهم وغادر لتجلب غـزل ثياب لها كانت مكونة من بنطال وتي شيرت باللون الأسود يعلوه قميص مفتوح أكمامه تصل لمرفقها، لتبدل غـرام ثيابها على عجلة من أمرها وأرتدت حذائها الأبيض الرياضي فمقاس قدميها أكبر من قدميّ غـزل لتجذب هاتفها وتهبط لأسفل تجدهم يجلسون على مائدة الطعام يتناولون وجبة الفطور لتتبعها غـزل والتي جلست بعيدا عن زين ليرتفع حاجبي زيـن بتلقائية ويطالعها باندهاش.
-زيـن ممكن توصلني النهاردة معاك؟
حرك رأسه بالإيجاب لتفرح شاهندا؛ فاليوم أخر امتحاناتها وهي تقلق كثيرا إن لـم يأتي معها زيـن.
نهض زيـن و أردف قائلا وهو يشير على غـرام:
-أنا مش هأخدك معايا مش مستعد أخاطر بحياتك.
-شريف لو عرف بوجودك عندنا ده لو مكنش عرف أكيد هيبعت ناس تأذيكِ؛ لأن كل همه حاليا أن الورق ميوصلش للنيابة.
-وأنا مش بعد ما حاربت كل الشهور دِ أقعد في جمب وأتفرج، أنا هحارب لأخر نفس فيا.
كان كلٍ منهما يعـاند حتى وافق زيـن تحت إصرار غـرام الكبير ليردد بداخله متعجبا عن كيفية تحمل تلك الفتاة، ليستقل الجميع السيارة وبعد قليل يتوقف زيـن أمام جامعة شاهندا لتهبط وتودعهم جميعا ليكمل قيادته نحو النيابة حيث ينتظرهم المحامي الخاص بالعائلة هناك.
على الجهة الأخرى، كان يجلس على فراش المشفى غاضبا لقد فرت منه وخدعته هذا لا يهمه بقدر تلك الأوراق المسروقة، ستنكشف هويته وستعود الأموال للعائلة مرة أخرى لا لـن يسمح بالأمر لقد تعب كثيرا لكي يصل لتلك النقطة لن يضحى بمجهوده الذي بذلـهُ لـسنوات.
صرخ بحارسه المُخلص والذي كان يراقب كلٍ من غـرام وسـيف أثناء رحلتهم في الأقصر، دلف ذلك المدعو رامي للداخل واستمع لأوامر سيدهُ و رب عمله ليخرج سريعا من غرفة المشفى بـل من المشفى بأكملها مستقلا تلك السيارة الخاصة بالحراس ليفتح الدرج الأمامي ويطمئن على مسدسهُ ويغادر قاصدا وجهته بعدما عـلم بمكانها من رَجله الذي أمره أن يُراقبها.
كادت أن تهبط من السيارة ولكن أمرها مُراد بحزم ألا تنزل يكفي أنها عاندت لتأتي وخاصةً وهو يرى الإرهاق على ملامحها و وجها أصفر اللون، بالفعل كانت تشعر بالتعب لذا قررت البقاء في السيارة في اِنتظارهم.
تزامنا مع دلـوفهم لداخل المبنى حتى اخترقت تلك الرصاصة زجاج السيارة تكمل طريقها باتجاهها.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
______________________________

قيود الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن