نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٤٩..
_______________________________
كان يجلس على فراشهُ يهز قدميه بقوة ينظر لساعة يده من دقيقة لأخرى و يفحص هاتفه لأكثر من خمس مرات في الدقيقة ينتظر مدير أعماله لـيرسل لـه عشر ملايين جنيها.
طُرق بابه لينهض و يفتحه ليجد زين يدلف للداخل يقول:
-في إيه يا سيف أنا مفهمتش منك؟
-محتاج خمسة مليون ليه؟
-محتاجهم وخلاص يا زين، معاك ولا؟
-هتصرفلك ولكن مش قبل يومين.
-أنا محتاجهم بكرة بالكتير.
-طب فهمني.
-غـرام اتخطفت، يا زين.
-غرام!! ومين اللي خطفها؟
-شريف.
-وهو اللي طالب الخمسة مليون؟
-لا خمستاشر، عرفت اتصرف في عشرة حاليا ولسة هيتحولوا على حسابي بليل.
-سـيف، مش المفروض نبلغ البوليس؟
-ساعتها هكون خسرت غـرام اللي زي شريف ده ملهوش أمان.
-أيوه ما هو ممكن يأخد الفلوس و يخدعنا.
عاد ليجلس مرة أخرى على الفراش يشعر بخيبة أمل وأنه مقيد؛ لأنه على دراية بأخلاق ذلك المدعو شريف بالتأكيد سيُؤذيها بعد أن يأخذ الأموال ليحقق اِنتقامه.
-وأنا أعمل إيه يا زين؟
تساءل بنبرة تائهة وهو يشعر بأن كـل الطرق أُغلقت أمامه ولا سبيل للهروب، عقله توقف عن العمل عندما تعلق الأمر بِـها تملكه الخوف والقلق.
_______________________________
كانت تجلس على ذلك المقعد المتهالك وكلا يداها مقيدين على طرفيّ المقعد بحبل ملمسه حاد يؤلمها كانت تشعر بالألم في أطرافها و تحني رأسها للأسفل، شعرت بيده تبعد خصلاتها للخلف لتفتح جفنيها وتنظر لـه بضيق في محاولة منها لإبعاد رأسها عنه ولكنه ثبتها بكلتا كفيّه كان ينظر لتلك الدماء التي تخرج من جرح رأسها الذي أحدثه عندما قام بإختطافها.
-وقعتي بين ايديا من تاني، يا غـرام.
عقبت على حديثه بقولها:
-عارف إيه الفرق بين المرة اللي فاتت والمرة دِ؟
نظر لـها يحثها على الإجابة لتنظر لـه ولأول مرة لا يشعر بذلك الخوف في أعمق نقطة داخلها:
-إني مش خايفة.
-حتى لو قتلتني هنا مش هخاف منك، يا شريف.
-مش هبقى مضطر أقتلك؛ لأن البطل بتاعك جاي ينقذك.
ليتراجع للخلف ويمثل الخوف واضعا يده على فِيه قائلا بنبرة مذعورة:
-تفتكري هيقتلني!
لتتحول نبرته لأخرى ساخرة:
-سـيف أضعف من أنه يمد ايده حتى عليا.
-وأنتِ أضعف من أنك تتصدي ليا.
-أنا مش ندمانة في حياتي على حاجة قد الوقت اللي ضيعته في حبك هي دِ فترة الضعف الحقيقة اللي مريت بيها.
-المُهلة بدأت من النهاردة قدام جوزك يومين.
تركها وغـادر بينما هي أغلقت جفنيها عندما شغرت بذلك الألم يغزوها مرة أخرى بالإضافة لصداعٍ لا يغادرها بالكاد استطاعت التحدث لشريف بعدة كلمات، لتتذكر تلك اللحظة حينما قام بإختطافها كانت أخذت موعدا لإجراء فحص لصحتها؛ فهي تشعر ببعض التعب منذ فترة قليلة لذا أرادت الاطمئنان على صحتها ولكنها لـم تخبر أحد حتى سـيف وما أن خرجت من المشفى واستقلت سيارة أجرة كانت تتواجد أمام المشفى والغريب أن سائقها لـم يسمح لزبون قبلها أن يستقلها ولكنه وافق عليها لـم تفكر بسوء نية حينها حتى بدأ في قيادة السيارة لتشعر بالريبة من نظراته عبر المرآة وهيئته فكان يرتدى قبعة ظنت أنها لحمايته من أشعة الشمس بالإضافة لوشاح خفيف حول عنقه بالإضافة لذقنه قبضت على يدها بقوة تدعو بداخلها حتى وجدته يزيل تلك القبعة و الوشاح لتتفاجىء بِـه انكمشت في مكانها وهي تطالعه عبر المرآة لا تعلم أكان من الصواب فتح الباب والقفز أثناء سير السيارة؛ ففي كلتا الحالتين موت كادت أن تصرخ حتى وجدته يقبض على مسدس ويلكمها بِـه أعلى رأسها شعرت بالدوار والدماء التي خرجت من جرحها ليكرر حركته حتى ليميل رأسها ويتبعه جسدها على المقعد مغشيا عليها.
__________________________________
أتى الصباح، وقام زين بجمع المال على الرغم أنه في المقابل خسر الكثير ولكن لا بأس يكفي أن يُبرد قلب أخيه الخائف والغاضب قام مدير أعمال سـيف بتحويل المال لـه كان الجميع يواجه صعوبة في إحضار ذلك المال خلال يومين، فالأمر مثير للريبة خاصةً موظفي البنك والذين قاموا بإجراء مقابلة شخصية معهم قبل أن يتم صرف المال، فمبلغ كهذا من الصعب إخراجه بين ليلة وضحاها كان يقف بجواره زين أخيه يربت على كتفه ويطمئنه بكلماته التي لـم تؤثر فيه طالما أنها ليست هنا وأمام عينيه.
في المنزل، لاحظ الجميع غيابها خاصةً مالك الصغير الذي أصبح يبكي و ينادي باسمها بالكاد يستطيعون خلدهُ للنوم ساعتين أو ثلاثة على الأكثر ليستيقظ مرة أخرى ويبكي هاتفا باسمها ولكنها لا تستجيب لـهُ.
عاد سـيف للمنزل وهو يشعر بخيبة أمل كبيرة فالبنك لـم يوافق على سحب كل ذلك المبلغ في ليلة واحدة دون إبلاغ.
جلس على تلك الأريكة في إحدى زوايا الحديقة بينما كانت الخادمة تحمل مالك الصغير في محاولة منها لتهدئته ولكنها لـم تستطيع لينهض ويجذبه منها يحمله بين ذراعيه مشيرا لـها أن تغادر ليعود لمجلسه مرة أخرى يضعه على قدميه ليهدأ الصغير ما أن بدأ سـيف في الحديث على الرغم أنه لـم يفهم حديثه ولكنه استطاع أن يشعر بخيبة أمله هو الأخر:
-ليتني أستطيع البُكاء مثلك تعبيرا عن حاجتي لـها.
تنهد بضيق وخنقة بينما الصغير وضع رأسه على صدر سـيف صامتا ليقبّل سـيف وجنته ويعود برأسه للخلف يغلق جفنيه حتى شعر بيدٍ تربت على كتفه لينتفض أثرها حتى وجد مالك يجلس بجانبه وقد ظل كلاهما صامتا حتى قطعه مالك بقوله:
-شريف مش كدة؟
حرك رأسه بالإيجاب لـيتنهد كلاهما بضيق وخنقة مما أصاب العائلة أثر ذلك الشيطان المتمرد والذي غدر بِـهم وقام بإلحاق الأذى بعائلته.
-سـيف.
نظر لـه بصمت ليكمل حديثه:
-غـرام أمانة عندك.
-بلاش تبلغ الباقي عشان محدش يقلق وخاصة أخويا عبدالقادر لو عرف هيحس طول عمره بالعجز وهخسره.
نهض وغـادر حتى لا يرى تلك العَبرات التي تمردت حزنا وقهرا على ما أصاب ابنته وعلى ما سيُصيب أخاه إن علـم بأفعال ابنه.
عاد كلٍ من شاهندا ومُراد للمنزل وهي تحمل ثوب زفافها والتي كادت أن تطير بـه من شدة فرحتها، ابتسمت لأخيها وجرت نحوه لتجلس بجواره بينما خلفها مُراد لتردف قائلة:
-شوفت يا سـيف فستاني.
ابتسم لـها سـيف بينما مُراد أردف قائلا بحنق:
-دلوقتي بس هتطلعي صورته لكن أنا اللي جيت معاكِ وتعبت مرضتيش.
-أنت هتشوفه في الفرح عشان تنبهر بيا.
أردف بتلقائية:
-أنا مُنبهر بيكِ كفاية.
خجلت شاهندا لتنظر لأخيها وقد أخرجت صورة الثوب لتُريها لأخيها وقد انبهر بـأخته وقبّل أعلى جبينها ونظر لـمُراد يقول:
-خلي بالك منها.
-دِ في قلبي.
-أنا هطلع أوري الفستان لـغرام وغزل.
اعترض على الفور مبررا:
-غـرام مش هنا، اطلعي لـغزل وهي لـما تيجي هخليها تجيلك.
تساءل مُراد والذي شعر بنبرة الارتباك في صوته:
-فين غـرام؟
-هتعمل كام مشوار وترجع.
قاطع حديثهما رنين هاتفه ليضعه على أذنه يُجيب وما أن استمع لكلمات الطرف المقابل حتى وضع مالك بين ذراعيّ شاهندا ونهض يتجه للخارج هاتفها:
-اتصلي بزين خليه يجي ورايا.
-في حاجة يا سيف أجي معاك؟
-لا لا خليك أنت معاهم هنا.
-طب لو احتاجت حاجة كلمني.
استقل سـيف السيارة ليُدير محركها ويتجه لمقصده بينما شاهندا بحثت عن أخيها وجعلته يلحق بسيف لتتساءل غـزل عن الأمر لتنفي شاهندا أنها على صِلة بالأمر حتى مُراد، كانت تشعر غزل بقليل من التعب وقد ازدادت بطنها حجما لتصبح بارزة نوعا ما جلست في غرفة شاهندا لتبدأ في ارتداء الثوب وتجربته وترتيب موعد مع خبيرة التجميل من أجل الغد، كانت تشعر بفرحة كبيرة تعتريها لوجود سـيف و زيـن بجوارها تشعر بأن لديها عائلة الآن هي التي كانت تظن أنها وحيدة.
دلفت جليلة للغرفة لتطمئن عليهم وتتساءل عما إن هناك أمرا ينقصهم ولكنها تشعر بانقباض في قلبها تظن أن هناك أمرا لا يسير على ما يرام وخاصة بعد أن رأت كابوسا يجمع غـرام بـشريف قلبها لا يطمئن وظلت في تساؤل مستمر حول غـرام وغيابها حتى جلست على الأريكة تبكي دون سبب.
اجتمع الجميع أثرها ليقترب منها مالك متساءلا:
-في إيه، يا جليلة!
أردف مُراد بمزاح:
-هتلاقيها بتعيط عشان هتجوز متخافيش يا جليلة قاعد على قلبك ومربع.
-غـرام، غـرام فين يا مالك؟
-غـرام بنتي مش موجودة.
-أنا حاسة أنه فيها حاجة.
نظر الجميع حوله بالفعل غـرام ليست في الوسط منذ فترة بينما مالك جلس بجوارها في اِنكسار خوفا من أن يعلم أخوه وخوفا من أن يصيب ابنته أذى.
أردف مُراد في محاولة منه لتهدئتها:
-سـيف عارف هي فين، متقلقيش عليها.
-سـيف هو فين سـيف؟
-معرفش خرج فجأة من غير ما يقول حاجة.
-بنتي حصلها حاجة أنا قولت بنتي حصلها حاجة.
غرست الرعب في قلوبهم جميعا، هي التي يحترث فؤادها على ابنتيها الأولى فارقتها للأبد والثانية لا تعلم مكانها وقلبها يخبرها بأن أمرا سيئا حدث لها.
توقف سـيف أمام مركز الشرطة والتي هاتفته قبل قليل لتخبره بأنهم رصدوا حركة لـشريف داخل إحدى المناطق الشعبية.
-سـيف بيه أهلا بحضرتك.
-أهلا.
-أحنا هنقبض عليه النهاردة بلغ مالك بيه أنه ميقلقش.
-بس هو معاه رهينة، معاه مراتي غـرام.
تفاجىء الضابط المسؤول ليتساءل:
-وحضرتك مبلغتش ليه!
-كان هيأذيها، وطلب مني فدية واضح أنه بيخطط يسافر بره البلد.
أُرسل لـه موقع لمكان غير محدد بالنسبة لسيف يتبعها رسالة نصية "سأنتظرك في تمام الثامنة، لا تنسَ إحضار الأموال".
-هو طلب فدية كام؟
-خمستاشر مليون.
-قدرت تتصرف فيهم؟
-يعني مش كلهم، ولكن معنديش مانع ممكن أتصرف فيهم كلهم ولكن المهم ننقذ غرام.
أتى زين على عجلة من أمره، فأرسل لـه سيف الموقع وأخبره في رسالة صوتية مختصرا الأحداث.
كان يجلس الجميع على أعصابه في تلك الغرفة يفكرون في طريقة للإيقاع بـشريف دون أذية غـرام، بينما على الجهة الأخرى لـم يذق أحد طعم الفرحة بسبب اختفاء غـرام بينما الفرح ميعاده في الغد ولن يستطيع مازن تأجيله من أجل نسمة حتى لا يخسرها مرة أخرى، شعر مازن بالقلق فلا أحد يجيب على اتصالاته سواء كان سـيف أو زيـن ليشعر بأن هناك خطب ما ويقلق أتت لـه أمه تربت على كتفه وتجعله يجلس بجوارها مردفة بدموع:
-خلاص يا مازن كبرت وبقيت عريس.
-مهما أكبر مش هكبر عليكِ يا ست الكل.
-وكمان أنا هأخد الشقة اللي فوقك يعني هتلاقينا أربعة وعشرين ساعة عندك.
-ربنا يخليكم لبعض، متزعلهاش يا مازن.
-نسمة استحملت معاك كتير وبتحبك.
-وأنا بعشقها.
-ربنا يسعدكم.
احتضن مازن أمه بقوة أنه سيشتاق لرائحتها وحضنها كثيرا.
______________________________
كانت تحاول التحرر من قيد يداها ولكن الأحبال قوية ومُحكمة على ذراعيها حتى أنها تركت أثارا حمراء عليهم، سئمت من محاولاتها لتعود بجسدها للخلف تنظر لسقف الغرفة المتهالك والذي يوجد فيه بعض التشققات اجتاحها الدوار مرة أخرى لتغلق جفنيها بقوة في محاولة منها للتحمل، عادت لتفتحهم أثر صوته لتزفر بضيق وحنق:
-واضح أن الشقة عجبتك.
-جدا مقولكش.
-هعرض عليكِ للمرة الأخيرة، تيجي معايا يا غـرام؟
نظرت لـه بذهول وتفاجىء أحقا ما زال يفكر أن هناك فرصة لموافقتها حتى! أردفت قائلة:
-أنت مصدق نفسك! فاكرني هقولك ماشي ويلا بينا.
-أنت قاتل وحقير و زبالة.
-أنت قتلت غدير.
-كانت هتقتلك.
-بس كانت هتفضل عايشة، مكنتش هفضل طول حياتي حاسة بالذنب ناحيتها هي و ابنها.
-هي اللي اختارت.
-وأنا طول عمري بختار غلط ولكن المرة دِ مختلفة، عارف ليه؟
صمت يحثها على الإجابة بينما هي أردفت بنبرة صادقة نابعة من داخلها:
-لأني بعشق سـيف، بعشقه.
-لأنه الوحيد اللي مسك ايدي ومسبهاش رغم إني سيبته.
-أنت عمرك ما هتقدر تقدملي اللي سيف قدمه ليا.
-فكرة إني أسافر معاك انساها أنا عندي أموت هنا ولا إني أجي معاك.
-وأنا متأكدة أنك مصيرك السجن، وأنا وسيـف هنعيش حياة جميلة جدا وسعيدة بعيد عنك ممكن أبقى أجي أزورك في السجن بعيالي إن شاء الله ده لو مأخدتش إعدام.
-عيالي هيشيلوا كنية باباهم سـيف آل قاسم، ولكن أنت اسمك طول عمره هيفضل مُقترن بشرير القصة يا شريف.
ما أن أنهت حديثها حتى صفعها بقوة ليست مرة أو مرتين بل قام بتسديد الصفعات لـها واحدة تلو الأخرى حتى أدمت شفتيها وأحمرت وجنتيها حتى أصبحت جمرة من النار تشعر بحرارتها الشديدة على وجهها.
قبض على ذقنها بقوة يردف قائلا:
-ولأني الشرير في القصة دِ، مش هموت إلا لـما أقتلك أنتِ وهو يا غـرام.
-هقتله هقتله.
دفعها بقوة وغضب وغـادر متجها للخارج تشتعل عينيه كالنيران كلما ترددت كلماتها على أذنيه تزداد اشتعالا، بينما هي ليس في يدها سوى البكاء ألما على وجنتيها و سـيف لتصنع الدماء خطا مستقيما بجانب فِيها بالإضافة لتلك الدماء المتجلطة أعلى حاجبها.
__________________________________
أتى موعد التسليم كان يقف شريف مرتديا قبعة و وشاح على وجهه يقف في تلك المنطقة المهجورة بجانب سيارة قام بسرقتها ينتظر سـيف دون أن يحضر غـرام أي أنه أخلّ بشروط الاتفاقية، حيث اتفق سـيف معه أنه سيحضر الأموال بشرط أن يحضر غـرام معه.
توقفت سيارة خلفه ليغلق جفنيه أثر ذلك الضوء الشديد الصادر عنها، لـم يهبط سـيف من السيارة بينما شريف ظل يحجب الرؤية عن عينيه حتى أُغلقت الأضواء ونظرا للظلام الذي يحيط بتلك المنطقة لـم يستطيع تحديد معالم وجهه، ليهبط من السيارة ويتجه للباب الخلفي يجذب حقيبة جلدية ويُلقيها بقوة أسفل قدميه جرى شريـف بلهفة نحو الحقيبة ليفتحها و يشعر بملمس المال بين يديه وما أن اطمئن للأموال حتى جذب ذلك المسدس الغير مُرخص من خلف ظهره ونهض يصوبه نحوه ليتفاجئ عندما يرى أمامه زيـن وليس سـيف.
على الجهة الأخرى، دلفت رجال شريف لداخل الغرفة يسكبون مادة غازية رائحتها نفاذة في الأنحاء لتتساءل بذعر عندما استنتجت نيتهم:
-أنتوا بتعملوا إيه؟ أنا مش عايزة أموت.
-أرجوكم، كلموا سـيف سـيف جوزي عنده فلوس كتير أكتر من اللي مع شريف.
لـم يعيروها انتباه على الرغم من حديثها أغرى البعض ولكنهم أكملوا عملهم، بدأت في السعال من تلك الرائحة وتترجاهم حتى يتركونها ولكنهم أبوا ليخرجوا جميعا من الغـرفة ويتبقى واحد فقط أشعل عود ثقاب وقام بإلقائه على تلك الستارة الممزقة لتبدأ في الاشتعال وغادر ليغلق الباب خلفه ويغادروا بعد أن قاموا بإشعال النيران أيضا في غرفة المعيشة حتى لا تتبقى فرصة لإنقاذها.
كانت تصرخ بذعر وفزع تترجاهم حتى يرأفوا بـها وتطلب النجدة ولكن لا أحد يستجيب لـها بينما النيران بدأت تأكل كل ما تقابله.
أسفل البناية المتهالكة، ما أن غادروا حتى اجتمعت أفراد تلك الحارة الشعبية وتوقف سـيف بسيارته مع بعض عناصر أفراد الشرطة وما أن رأى الدخان يتصاعد حتى هوى قلبه بين قدميه ليستند بكف يده على السيارة يتمنى ألا تكون تلك البناية المقصود هتف بذعر باسمها:
-غـرام!
كان يتهاتف الجميع حوله مرددين:
-لا حول ولا قوة إلا بالله.
قاموا بمهاتفة رجال الإطفاء حاول الدلوف للمبنى لتوقفه أفراد الشرطة بالقوة بينما هو صرخ:
-سيبوني، سيبوني بقولكم.
-غـرام، غـرام مراتي فوق.
-سـيف بيه أنا مقدر حالتك، ولكن لو طلعت بدل ما نخسر واحد هنخسر اتنين.
قبض على ياقة قميصه بقوة وانفعال:
-أنت بتقول إيه! أنا مستحيل اسيبها فوق أنت فاهم.
-سيبني بقولك.
دفعه بالقوة وصعد للأعلى بـخوف من أن يكون خسرها للأبد بما سيبرر لـمالك أبيها ولـقلبهُ فقدانها، كيف سيتمكن من الصمود بدونها هي التي تجعله مقبّل على الحياة، هي التي حارب الجميع من أجلها وتحدى العالم حتى قلبها من أجل حُبّها كلما اقترب كلما استمع صوت صراخها إنها ما زالت على قيد الحياة.
توقف أمام باب الشقة المقصودة وقد تآكل أثر النار ليحاول ركله بقدمه عدة مرات وقد كُسر لتخرج منه النيران باندفاع جعلته يسقط أرضا تقدم أحد الرجال حاملا غطاء سميك ليضعه بين يديه وقد تحركت مشاعرهُ من أجل قلب ذلك العاشق، وضع الغطاء على جسده ليدخل على الرغم أنه كان تصرف متهور ألا أنه عقله توقف تماما إنه من أجلها يستطيع مصارعة أسد والقفز للنيران.
انقطع صوتها وكانت تقاوم ذلك الشعور لتردد بشفتيها بصوت خافت لـم يصل حتى لمسامعها "سـيف".
استمعت لصراخه باسمها لتحاول فتح جفنيها ولكن بلا فائدة حتى صوتها فقدته أثر صراخها للدقائق السابقة ولكن هوى قلبها إنه أتى من أجلها من أجل إنقاذها، أتى ليفي بوعده لطالما كان يفي بوعوده لـها هو الذي لـم يتخلى عنها لمرة.
سقطت عَبراتها بصمت على وجنتها ولكن فُتِح باب الغرفة على مصرعيه ودلف هو لتسقط تلك المروحة أرضا حائل بينهما وسقطت خزانة الثياب الخشبية المتهالكة بينما هي أغلقت جفنيها وهناك اِبتسامة على وجهها إنها راضية؛ فقط لأنه لـم يتخلى عنها.
سقط الغطاء وأُصيب ذراعه بينما هو لـم يأبه حتى خائف إنها أمامه ولا يستطيع إنقاذها بدأت النيران تأكل في قدميّ المقعد، صرخ باسمها هذا كان أخر ما استمعت لـه آذانها بينما هو كان الأجمل في مُناداتها باسمها "غــرام"؛ إنها غـرامه و مُراده الوحيد في تلك الحياة حتى الحُب لـن يكون كافيا في وصف غـرامهُ لـها.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
__________________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
Diversosيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك